أخباركلنا عباد الله

منظمات دولية تدين تأجيج الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا

انتقدت منظمة العفو الدولية منصات التكنولوجيا الكبرى لتأجيجها الكراهية والعنف العنصري ضد المسلمين بالمملكة المتحدة، وذلك في ضوء سلسلة من أعمال الشعب ارتكبها ضدهم يمينيون متطرفون.

وقال بات دو برون، نائب مديرة برنامج التكنولوجيا في المنظمة، إنه “في ضوء ما يجري وينتشر من هجمات عنصرية وأعمال عنف قائمة على كراهية المسلمين في المملكة المتحدة، ينبغي لنا ألا نتغاضى عن منح منصات التكنولوجيا الكبرى لليمين المتطرف وسيلة فعالة من أجل التحريض على الكراهية والتنظيم”.

جاء ذلك في معرض رده على دور منصات التواصل الاجتماعي وسط العنف العنصري القائم على كراهية المسلمين الجاري في المملكة المتحدة.

وأضاف “يأتي العنف العنصري في المملكة المتحدة الذي انتقلت عدواه إلى الشوارع في أعقاب فترة عمد فيها السياسيون وسواهم إلى تحويل اللاجئين والمهاجرين إلى كبش فداء، من خلال الخطب والسياسات الخطرة”، مضيفا أنه في هذا السياق “ضخّمت خوارزميات التواصل الاجتماعي، بنشاط، خطاب الكراهية ضد الأجانب وصعّدته”.

وتابع أن هذه الخوارزميات “المؤذية” تصب الزيت على نيران الانقسام، والتضليل الإعلامي، والكراهية.

ووفق العفو الدولية فإن هذه الخوارزميات تشكل جزءا لا يتجزأ من النموذج التجاري الساعي إلى جمع المزيد من بياناتنا الشخصية الخاصة، مشيرة إلى أن هذا النموذج مكّن قطاع شركات التكنولوجيا الكبرى المربح من جني أرباح طائلة، “ولكن ترتب عليه عواقب كارثية على المدى الطويل بالنسبة لحقوق الإنسان، لاسيما بالنسبة للناس الأكثر تهميشًا في المجتمع”.

وطالبت المنظمة بوجوب حظر “المراقبة الجماعية المؤذية وشديدة الانتهاك للخصوصية التي تتولاها منصات التواصل الاجتماعي الكبرى وإخضاع خوارزمياتها لإشراف تنظيمي صارم لضمان حماية حقوقنا”.

وفي الإطار نفسه انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية تصاعد أعمال العنف في بريطانيا، واصفة إياها بأنها “أعمال شغب عنصرية ومعادية للإسلام”.

وأشارت المنظمة الحقوقية في منشور على حسابها باللغة العربية في منصة “إكس” إلى أن الهجمات العنصرية التي تشهدها بريطانيا “منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء المملكة”، وتتميز بكونها تستهدف “المساجد ومجتمعات غير البيض والأماكن التي تؤوي طالبي اللجوء”.

وقالت إن هذه الهجمات تأججت جراء سنوات من الخطاب المناهض للمسلمين والمهاجرين في بريطانيا.

عنف عنصري

ومنذ الشهر الماضي، يستمر العنف العنصري عبر أجزاء من المملكة المتحدة مع وقوع صدامات بين مثيري الشغب والشرطة، وفقًا لموقع “الجزيرة نت“.

وشهدت مدن وبلدات بريطانية اشتباكات بين مئات من مثيري الشغب والشرطة حطموا خلالها نوافذ فنادق تؤوي طالبي لجوء من أفريقيا والشرق الأوسط، مرددين هتافات منها “أخرجوهم” و”أوقفوا القوارب”؛ في إشارة إلى الذين يصلون إلى بريطانيا في قوارب صغيرة.

ووفقًا لوكالة “رويترز” فقد ظلت الشرطة البريطانية في حالة تأهب اليوم الخميس بعد أن حال وجود أمني مكثف واعتقالات سريعة ودعوات للوحدة من قبل الناس في جميع أنحاء بريطانيا أمس الأربعاء دون تكرار أعمال شغب واسعة النطاق تضمنت هجمات عنصرية تستهدف المسلمين والمهاجرين.

وبعد نشر الشرطة بكامل قوتها وخروج الآلاف من المحتجين المناهضين للعنصرية إلى الشوارع مساء الأربعاء، لم تتحقق تهديدات التجمعات الواسعة النطاق من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة.

لكن الحكومة قالت إنها لا تزال حذرة بعد أيام من أعمال الشغب التي اندلعت بسبب منشورات كاذبة على الإنترنت حددت بشكل خاطئ القاتل المشتبه به لثلاث فتيات صغيرات في هجوم بسكين في 29 يوليو في ساوثبورت، شمال غرب إنجلترا، على أنه مهاجر إسلامي.

تم اعتقال أكثر من 480 شخصًا في جميع أنحاء البلاد حتى الآن، مع توجيه الاتهام إلى ما يقرب من 150 شخصًا. وقد صدرت أحكام بالفعل على العشرات مع تسريع القضايا من خلال نظام العدالة.

وقال ضابط الشرطة الأقدم في بريطانيا، مفوض لندن مارك رولي، إن العديد من المعتقلين لديهم خلفيات إجرامية.

وبالنسبة لرئيس الوزراء كير ستارمر، المدعي العام السابق، يعد هذا أول اختبار رئيسي لرئاسته للوزراء منذ فوزه في انتخابات 4 يوليو التي سلطت فيها الحكومة المحافظة السابقة الضوء على الهجرة باعتبارها قضية رئيسية.

ورفض رولي التلميحات بأن أعمال الشغب كانت سياسية. وقال رولي “أي تلميح بأنهم وطنيون أو لديهم قضية… هو هراء”، وأضاف “إنهم مجرمون”.

لماذا اندلعت الاحتجاجات؟

يوم 29 يوليو/تموز الماضي، قُتلت 3 فتيات تتراوح أعمارهن بين 6 إلى 9 سنوات خلال هجوم على حفل راقص للأطفال في بلدة ساوثبورت الساحلية في شمال إنجلترا، وأصيب 8 أطفال واثنان من البالغين، وفقًا لتقارير إعلامية.

وألقت الشرطة القبض على فتى أيرلندي يبلغ من العمر 17 عاما، ولكن معلومات كاذبة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أفادت بأن المشتبه به مهاجر ينتمي إلى التيار الإسلامي، مما أدى إلى احتجاجات عنيفة مناهضة للمسلمين في ساوثبورت في اليوم التالي ومحاولة مهاجمة مسجد البلدة.

ووجهت السلطات لمنفذ الهجوم تهمتي القتل والشروع في القتل. وقالت الشرطة إنه وُلد في بريطانيا، ولم تعتبر الهجوم جريمة إرهابية.

أين وقعت أعمال الشغب؟

في اليوم التالي لاضطرابات ساوثبورت، تجمع عدة آلاف بالقرب من مكتب رئيس الوزراء كير ستارمر في داونينغ ستريت (وسط لندن)، واعتقلت السلطات أكثر من 100 شخص عقب اشتباكات مع الشرطة.

واندلعت بعد ذلك أعمال شغب في أكثر من 20 موقعا متفرقا في شتى أنحاء بريطانيا، من سندرلاند في شمال شرق إنجلترا ومانشستر في الشمال الغربي إلى بليماوث في الجنوب الغربي وبلفاست في أيرلندا الشمالية.

وشارك في معظم الاحتجاجات بضع مئات من الأشخاص استهدفوا المهاجرين أو المسلمين وأحرقوا مركبات للشرطة وألقوا حجارة وزجاجات على المساجد وضباط الشرطة. وتعرضت متاجر، بما فيها تلك المملوكة لآسيويين، للتخريب أو النهب.

وفي روثرهام بشمال إنجلترا، تعرض فندق كان يؤوي مهاجرين للهجوم، وحُطمت نوافذه وأُشعلت النيران في حاوية قمامة كبيرة أمامه.

من وراء أعمال الشغب؟

اتهم ستارمر أقصى اليمين بالتسبب في أعمال العنف. وروّج نشطاء مناهضون للهجرة والمسلمين للاحتجاجات عبر الإنترنت، وفي مقدمتهم ستيفن ياكسلي لينون المعروف باسم “تومي روبنسون”.

واتهمهم الساسة ووسائل إعلام بترويج معلومات مضللة لتأجيج التوتر. وقال روبنسون إن وسائل الإعلام نشرت أخبارا كاذبة عنه.

واتهمت الحكومة شركات وسائل التواصل الاجتماعي بعدم بذل ما يكفي من الجهد لوقف انتشار المعلومات المضللة، في حين قال معهد الحوار الإستراتيجي إن خوارزميات وسائل التواصل لعبت دورا مهما في تضخيم المعلومات الكاذبة.

وقالت الشرطة إن المتورطين في الاشتباكات كانوا -في أغلب الأحيان- من مثيري الشغب من أقصى اليمين الذين ينشطون خارج مجتمعاتهم المحلية، ولكن في بعض الحالات انضم إليهم أشخاص لديهم مظالم محلية أو شبان يسعون إلى المشاركة في الفوضى.

كما كان هناك عدد كبير من المتظاهرين شاركوا في احتجاجات مضادة، فضلا عن تجمعات لجماعات مناهضة للفاشية وأخرى لرجال آسيويين في مناطق شهدت احتجاجات أو كان من المتوقع أن تُنظم فيها.

لماذا يحتج الناس؟

يصف عديد من المشاركين أنفسهم بأنهم وطنيون يرون أن المستويات القياسية من الهجرة غير الشرعية تقوض المجتمع البريطاني.

ويقول نشطاء من أقصى اليمين عبر الإنترنت إن الهجرة تغذي العنف والجريمة، بما في ذلك الاعتداءات على النساء والفتيات، وإن الساسة وفروا للمهاجرين مساكن وأحسنوا معاملتهم. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هذا ببساطة غير صحيح.

كما يتهم البعض من تيار اليمين الشرطة بمعاملة المتظاهرين “الوطنيين” بأسلوب أكثر صرامة من ذلك الذي تعاملوا به مع أشخاص شاركوا، على سبيل المثال، في مسيرات مؤيدة لفلسطين في الآونة الأخيرة أو مظاهرات “بلاك لايفز ماتر” (حياة السود مهمة) عام 2020.

ورفضت الحكومة والشرطة هذا التوصيف لأسلوب حفظ الأمن في بريطانيا، ووصفه مفوض شرطة العاصمة مارك رولي بأنه “هراء”.

وتقول جماعات مناهضة للعنصرية إن نهب المتاجر والهجمات على الشرطة والمساجد تكشف الدافع الحقيقي وراء أعمال العنف التي اندلعت في عديد من الاحتجاجات، مضيفة أن شعارات الوطنية تستخدم غطاء للتطرف.

وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوجوف، قال 3 أرباع المشاركين إن مثيري الشغب لا يمثلون آراء بريطانيا ككل، في حين قال 7% إنهم يؤيدون العنف.

إجراءات الحكومة البريطانية

قال ستارمر إن الحكومة ستستخدم كل وسائل إنفاذ القانون للتصدي لمرتكبي أعمال الشغب والسيطرة على حالة الفوضى. وزادت الحكومة سعة السجون لتستوعب نحو 600 نزيل إضافي، مع الاستعانة بضباط متخصصين في التعامل مع الاضطرابات.

وحكمت محكمة “ليفربول كراون” الأربعاء على رجل بريطاني، يبلغ من العمر 58 عاما، بالسجن 3 سنوات بتهمة إثارة أعمال شغب وعنف، في واحد من أول الأحكام التي صدرت بشأن أعمال الشغب.

وتوعدت الحكومة بملاحقة ليس مثيري الشغب فحسب، بل أيضا الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج الاضطرابات. واتُهم رجل باستخدام لغة تنطوي على تهديد أو القيام بأفعال بهدف إثارة الكراهية والعنصرية في منشورات على فيسبوك.

وعقد وزير العلوم البريطاني بيتر كايل اجتماعا مع ممثلين لشركات “تيك توك” وميتا وغوغل وإكس لنقل رسالة مفادها أنهم مسؤولون عن المساعدة في وقف التحريض ونشر المعلومات المضللة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى