كيف يؤثر نقص التستوستيرون على صحة وخصوبة الرجال؟
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
التستوستيرون هو هرمون جنسي، ويعد هرمون الذكورة الرئيسي لدى الرجال، وهو يلعب دورًا مهمًا في تطوير الصفات الذكورية، وإنتاج الحيوانات المنوية، والرغبة الجنسية، وتوزيع الدهون، وحجم العضلات وقوتها، وإنتاج خلايا الدم الحمراء.
للتعرف أكثر على هرمون التستوستيرون وأهميته وكيف يؤثر نقصه في الجسم على صحة الرجال وخصوبتهم استضافت الإعلامية ليلى الحسيني، خبير الخصوبة في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية، الدكتور فائق نيكولاس شما، وطرحت عدة تساؤلات من بينها: كيف يتم اكتشاف نقص هرمون التستوستيرون؟، وكيف يؤثر نقصه على خصوبة الرجل؟، وما هي أهميته في الوظيفة الإنجابية لدى الذكور؟، وماذا يحدث إذا كان لدى الرجل انخفاض في هرمون التستوستيرون؟، وهل يسبب له العقم؟، وكيف يتم علاجه؟، وهل هناك مخاطر في استخدام هرمون التستوستيرون نفسه كعلاج؟، وما هو العامل الأكثر أهمية في خصوبة الرجال؟
الإجهاض والحياة
* وسط احتدام التنافس على الوصول إلى البيت الأبيض؛ يتزايد الحديث حول ملف الإجهاض، فهل إذا ما فاز الرئيس السابق دونالد ترامب ستواجه النساء خطرًا بعدم القدرة على التحكم بأجسادهن؟
** هذا سؤال سياسي بعض الشيء، وكل ما يمكنني قوله في هذا الصدد أن على الجميع النزول للتصويت في الانتخابات المقبلة، واختيار المرشح الأنسب. النقطة التي أودّ الإشارة إليها أيضا هي أن الرئيس ترامب قد أعلن مرارًا أنه يشجع الإخصاب خارج الجسم أو (In Vitro Fertilization – IVF) المعروف أيضا بالتلقيح الاصطناعي، باعتبارها أحد أكثر العلاجات انتشارًا بين علاجات الإخصاب المتقدمة.
بالنسبة لقدرة النساء في أمريكا، وفي ولاياتنا ميشيغان، على التحكم في أجسادهن، فأنا دائما رأيي وبحكم عملي هو أنني أشجع النساء على إنجاب الأطفال، وأشجع على الحياة وليس العكس، وبشكل عام فإن القوانين التي تصدر في مسألة الإجهاض هي جميعها قوانين محلية تخص كل ولاية.
ومن باب الذكر، فإن لدينا قانونين في ميشيغان يقللان من المشاكل لدى النساء فيما يخص مسألة الإجهاض، القانون الأول منهما هو “Reproductive Health Act” الذي تم توقيعه منذ عام، يمنح النساء كل الحق في الإجهاض ويزيل كل العراقيل أمامهن للوصول إلى الإجهاض. وفي عام 2022، كان لدينا قانون آخر يسمى “Michigan Proposal 3” وهو يمنح الحرية الإنجابية للنساء، وهو تعديل دستوري تم التصويت عليه في ميشيغان.
هرمون التستوستيرون
* يعاني كثيرٌ من الرجال من نقصٍ في هرمون التستوستيرون الذكري، وينصح الأطباء الرجال بإجراء الفحوصات عند ملاحظة أي أعراض لنقص في هذا الهرمون، بدايةً ما هرمون التستوستيرون، وكيف يُنتَج؟
** هرمون التستوستيرون هو هرمون ذكري، وهو السبب الأول لجعل الذكور على شكلهم الحالي، وقد تم اكتشافه للمرة الأولى في عام 1935م ومن ثمَّ تم إنتاجه وأصب بإمكاننا استعماله وفحصه كذلك.
هذا الهرمون يُنتج عند الرجال من الخصية، وعند الناس يكون من المبيض، كما يُنتج أيضا من الغدة النخامية، ويتم إنتاج هذا الهرمون عند الرجال من الخصية لأن بها نوعين من الخلايا؛ خلايا تنتج التستوستيرون وخلايا أخرى تنتج النطف أو السائل المنوي الذي يمكنه تلقيح البويضات عند الجماع.
إذا لم تنتج الخصية هذا الهرمون أو لم يصدر الدماغ إشارته للغدة المسؤولة لإنتاجه، فإن هذا يؤدي إلى التأثير السلبي على قدرة الخصية على إنتاج النطف، وكذلك تأثيرات سلبية على عضلات الجسم والاكتئاب وقدرة التفكير، وهناك تأثير سلبي أيضا على الدم وقدرة القلب.
* ما هي النسبة الطبيعية لهذا الهرمون عند الرجال؟
** الرجال بعد سن الثلاثين؛ يقل لديهم هذا الهرمون بمعدل 1% عن كل سنة تقريبًا، و45% من الرجال فوق عمر الت 45 عامًا و7% من الرجال تحت سن الأربعين لديهم نقص في إنتاج هرمون التستوستيرون، وهذه نسبة كبيرة.
من المؤسف إنه مع تقدم الرجال أو حتى النساء في العمر، يصبح لديهم سمنة زائدة، مما يزيد من نسبة الهرمون النسائي، لأن هرمون التستوستيرون يتحول إلى الإستروجين، وهذا يؤثر سلبيًا على قدرة الرجال على الإنجاب، ومن ثمَّ على التفكير والكآبة والشعور بالتعب. التدخين أيضا من العوامل السلبية المؤثرة على إنتاج هرمون التستوستيرون.
أعراض نقص التستوستيرون
* ما هي الأعراض التي يجب أن ينتبه لها الرجل حتى يدرك أن لديه نقصًا في إنتاج هذا الهرمون؟
** أول شيء هو الشعور بالتعب والإرهاق، كما أنه يشعر بأنه لا يُحسن التفكير بشكل جيد، كما تتأثر عضلاته بشكل سيء، وفي النهاية تتأثر قدرته على الجماع والإنجاب.
من المؤسف أن هناك انتشار واسع بين الشباب والرجال لاستعمال أدوية بدون وصفة طبية من الأطباء، من أجل زيادة عضلاتهم، للأسف استعمال هذه الادوية يؤثر سلبيًا على قدرتهم على الإنجاب، وهناك 3 مليون رجل في الولايات المتحدة يستعملون هذه الأدوية، التي تؤثر سلبيًا على الإنتاج الطبيعي لهذا الهرمون، ونحن لدينا أسبوعيًا في المركز الكثير من الحالات بسبب هذه الأدوية.
للأسف هناك حوالي15% من الشباب في الجماعات يستعملون هذه الأدوية كي تصبح عضلاتهم ضخمة وكبيرة، و30% ممن يذهبون إلى الصالات الرياضية (الجيم) يتعاطون هذه الأدوية أيضا، ومعظم هؤلاء لديهم مشكلات مرتبطة بالإنجاب.
مشكلة الأدوية المنشطة
* هل تُحَل المشكلة إذا توقف هؤلاء الأشخاص عن تعاطي تلك الأدوية؟
** هذه الأدوية قد تكون بوصفة طبية للأشخاص الذين لديهم مشكلة في إنجاب الأطفال نتيجة وجود نقص في إنتاج التستوستيرون، حيث يصف الطبيب لهم جرعات محددة من التستوستيرون ومن ثمَّ يجربون إنجاب أطفال، ففي هذه الحالة لا مشكلة من تناول هذه الادوية لأنها تكون لأسباب طبية واضحة.
الخوف دائما ممن يأخذون هذه الأدوية بدون استشارة طبيب، وبدون الحاجة إلى أخذها من الأساس، فهذه الأدوية لها تأثير سلبي على الدم والكبد والكلى وحجم البروستاتا، ناهيك عن تأثيرها على الشعر حيث تؤدي إلى حدوث الصلع، وأحيانا تحدث جلطات بالقلب وقد تؤدي إلى الوفاة.
في حالة توقف الشخص عن هذه الأدوية فإنه يستغرق من 4-6 أشهر وصولًا إلى سنتين، حتى يعود السائل المنوي إلى حالته الطبيعية السابقة، لذا في إطار مساعدتنا لهؤلاء الأشخاص أننا نبدأ بالعمل على جعلهم يتوقفون تماما عن تعاطي هذه الأدوية، وأحيانا نعطيهم هرمونات من نوع آخر تزيد من التستوستيرون بالدم ولكن في نفس الوقت لا تؤثر سلبًا على إنتاج التستوستيرون من الخصية وكذلك على عدد النطف التي تنتجها الخصية.
* ما العلاجات التي يمكن اللجوء إليها للتخلص من تأثيرات الأدوية المنشطة تلك؟
** بالنسبة للأشخاص الذين كبروا في العمر، هؤلاء يمكنهم الحصول على استشارة طبية للحصول على جرعات محددة من التستوستيرون، أما بالنسبة للأشخاص دون سن الأربعين ممن لديهم نقص في التستوستيرون لأي سبب من الأسباب، فهؤلاء نعالجهم من خلال الـ “TRT Therapy” وذلك من خلال التستوستيرون بكيمة قليلة، حوالي 50 مجم كل 3 أيام، ومعه يحصلون على هرمون آخر يفرزه الدماغ وهرمون آخر يغلف التستوستيرون في الدم.
عادةً عندما يتم إعطاء هذه الهرمونات الثلاثة بجرعات قليلة، فإن الحالة تتحسن، ومعها يتحسن عدد الحيوانات المنوية المنتجة، هناك أيضا علاج آخر متوفر ولكنه باهظ الثمن يمكن إعطائه لمن يتدرب في الجيم وكان يأخذ أدوية منشطة ثم قرر التوقف عن هذه الأدوية ويريد إنجاب أطفال، جرعات هذا الدواء أيضا تكون أكبر من الهرمونات الثلاثة السابقة لفترة 6 شهور، ومع هذا الدواء يحصلون على دواء آخر لتعزيز هرمون آخر ينتجه الدماغ.
عندما يقرر أخذ أدوية بها هرمون التستوستيرون، فإن هذا لا يؤثر سلبيًا فقط على إنتاج الخصية للتستوستيرون، ولكن التأثير السلبي يطال خلايا الخصية نفسها، وهذه المشكلة قد لا تتحسن حتى مع بدء رحلة العلاج التي ذكرناها سلفًا، صحيح أن أغلب الحالات يمكن مساعدتها طبيًا على إنتاج التستوستيرون مجددًا، ولكن بعض الحالات للأسف لم يمكن مساعدتهم حتى لو توقفوا عن الأدوية.
تأثيرات نقص الهرمون
* هل هناك علاقة أو تأثير لنقص هرمون التستوستيرون على الجماع والعملية الجنسية؟
** نعم، بالتأكيد، فعندما يكبر الأشخاص في العمر فإن إنتاج هذا الهرمون يقلّ، ناهيك عن الأمراض الأخرى المصاحبة والتي تؤثر على قدرة الرجال؛ مثل الضغط والسكري، والابتعاد عن التدخين.
وبالمناسبة فإن زيادة هرمون التستوستيرون بشكل زائد يجعل الرجال عدوانين بصورة أكبر، وهذه مشكلة سلبية أخرى كبيرة. ويمكن لبعض الرجال التعايش مع نقص التستوستيرون دون مشاكل.