سخرية أولمبياد باريس من لوحة العشاء الأخير تثير غضب المسيحيين والمسلمين حول العالم
أثار حفل افتتاح أولمبياد باريس يوم الجمعة الماضي غضب المسيحيين والمسلمين حول العالم بسبب السخرية من لوحة “العشاء الأخير” والسيد المسيح عليه السلام.
ولوحة العشاء الأخير هي أشهر لوحات الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، وتصور مشهد ما يعرف بـ”العشاء الأخير” الذي يتوسط فيه المسيح (عليه السلام) تلاميذه وأتباعه وحوارييه، ويخبرهم أن أحدهم سيخونه، حيث يصور دافنشي في هذه اللوحة ردود أفعال التلاميذ.
ولأن هذا المشهد له قداسة كبيرة عند المسيحيين حول العالم، فقد عبروا عن غضبهم بشدة مما اعتبروها سخرية منه ضمن أحد مشاهد افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بالعاصمة الفرنسية باريس.
مشهد مسيئ
وفي المشهد الذي أثار الغضب ظهر رجل يرتدي ملابس نسائية ويضع مساحيق تجميل ضمن محاكاة ساخرة للوحة “العشاء الأخير”، وشارك في المشهد مجموعة من الفنانين المتحولين جنسيا، وكذلك المغني فيليبي كاترين الذي ظهر عاريًا ويجسد الرب الإغريقي ديونيسيس ضمن نفس المشهد.
ولم يقتصر الغضب على المسيحيين فقط بل امتد إلى المسلمين حول العالم أيضًا، وفي هذا الإطار أدان الأزهر الشَّريف هذه المشاهد التي تَصَدَّرتْ افتتاح دورة الألعاب الأولمبيَّة بباريس، وأثارت غضبًا عالميًّا واسعًا، وهي تُصَوِّرُ السَّيِّدَ المسيح عليه السَّلام في صورة مُسيئة لشخصِه الكريم، ولمقام النُّبوَّةِ الرَّفيع، وبأسلوبٍ همجيٍّ طائشٍ، لا يحترم مشاعرَ المؤمنينَ بالأديان، وبالأخلاق والقِيَمِ الإنسانيَّة الرفيعة، وفقًا لموقع “اليوم السابع“.
صادم ومهين
ولأن المشهد أثار حفيظة المسيحيين حول العالم، كتب رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، قائلًا في تدوينة عبر حسابه على منصة إكس: “كان الاستهزاء بالعشاء الأخير الليلة الماضية صادما ومهينا للمسيحيين في جميع أنحاء العالم الذين شاهدوا حفل افتتاح الألعاب الأولمبية”.
وأضاف: “إن الحرب على عقيدتنا وقيمنا التقليدية لا تعرف حدودا اليوم. لكننا نعلم أن الحق والفضيلة سوف ينتصران دائما”، واختتم تغريدته باقتباس من إنجيل يوحنا: “والنور يضيء في الظلام، والظلام لم يدرك النور”.
https://twitter.com/SpeakerJohnson/status/1817229481972473922
ومن بين المنتقدين أيضا كان رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك الذي وصف المشهد بأنه لا يحترم المسيحيين، وغرد قائلًا: “إذا لم يكن لدينا المزيد من الشجاعة للدفاع عن ما هو عادل وصحيح، فإن المسيحية سوف تهلك”.
https://twitter.com/elonmusk/status/1817273263761817710
ومع تصاعد واستمرار مشاعر الغضب قررت شركة الاتصالات الأميركية “سي إسباير” (C Spire) إيقاف التعاقد الإعلاني مع الأولمبياد وإزالة جميع إعلاناتها منه، وكتبت في حسابها على فيسبوك قائلة: “السخرية من العشاء الأخير خلال افتتاح الأولمبياد أصابتنا بصدمة، سنسحب إعلاناتنا من الألعاب الأولمبية”.
اشتعال منصات التواصل
وما أن تم بث المقطع على القنوات الناقلة للحدث حتى اشتعلت منصات التواصل غضبا وجدلا في فرنسا والعالم ككل، وفقًا لموقع “الجزيرة نت“.
وتساءل أحد المغردين معلقا على العرض “نحن نتساءل حقا عما إذا كان هذا العرض مرتبطا بالألعاب الأولمبية، وعن الرسالة التي من المفترض أن ينقلها مثل هذا العرض”.
https://twitter.com/AlexForbesUK/status/1816939223858995504
كما انتقد الصحفي والسياسي اليساري الفرنسي جون لوك ميلانشون المشهد، وقال في مدونته “لم يعجبني الاستهزاء بقضية العشاء الأخير للمسيح وتلامذته، والتي تمثل أساس العبادة المسيحية. ولا أقصد هنا طبعا انتقاد من هم ضد الدين. هذا لا يهم الجميع، لكني أتساءل: ما فائدة جرح مشاعر المؤمنين؟ حتى إذا كنا ضد الكنيسة، فقد كان يجب الانتباه إلى أننا كنا نتحدث إلى العالم أجمع ذلك المساء”.
https://twitter.com/PhdeVilliers/status/1816938825316467092
كما علقت النائبة في البرلمان الأوروبي الفرنسية اليمينية ماريون مارشال على اللقطة عبر حسابها على منصة إكس قائلة: “إلى جميع المسيحيين في العالم الذين يشاهدون حفل باريس 2024 وشعروا بالإهانة من محاكاة ساخرة، اعلموا أن فرنسا ليست هي التي تتحدث، لكن أقلية يسارية مستعدة لأي استفزاز”.
https://twitter.com/MarionMarechal/status/1816925819077296174
وكتب أحد الفرنسيين قائلا: “حفل افتتاح الألعاب الأولمبية شيء مخجل، نحن نكتب انتحار بلدنا أمام العالم أجمع. عرض لوحة العشاء الأخير مع مشاهد الشذوذ وتشخيص مشهد إعدام الملكة ماري أنطوانيت هو أمر يجمع بين العار والقبح. فرنسا ماكرون والحداثيون لم تعد فرنسا”.
https://twitter.com/docshayji/status/1817233303721660669
اعتذار الأولمبياد
وبعد ثلاثة أيام من الانتقادات، ظهر رد فعل رسمي من منظمي حفل أولمبياد باريس، عبروا فيه عن أسفهم لكل الجدل الذي أثير، ونشر حساب أولمبياد باريس على منصة إكس موضحا أن “العرض كان تفسيرا للإله اليوناني ديونيسوس، لجعلنا ندرك عبثية العنف بين البشر”.
ونقلت صحيفة “A BOLA” البرتغالية اعتذار آن ديكامب، المتحدثة باسم دورة باريس 2024 والتى قالت: “من الواضح أنه لم تكن هناك أي نية على الإطلاق لعدم احترام أي جماعة دينية، على العكس من ذلك، أعتقد أننا مع توماس جولي (مخرج الحفل)، حاولنا حقًا الاحتفال بتسامح المجتمع”.
وأضافت: “بالنظر إلى نتائج الاستطلاعات التي شاركناها، نعتقد أن هذا الطموح قد تحقق، إذا شعر الناس بالإهانة، فبالطبع نحن آسفون جدًا جدًا”.
كما أوضح توماس جولي، مخرج الحفل موقفه قائلًا: “رغبتي ليست أن أكون تخريبيًا، ولا أن أسخر أو أصدم أحد، قبل كل شيء، أردت أن أبعث برسالة حب، رسالة اندماج وليس تقسيم”.