مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران بعد فوزه على منافسه المتشدد سعيد جليلي

أسفرت نتائج جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإيرانية عن فوز المرشح “الإصلاحي” مسعود بزشكيان، على منافسه “المحافظ” سعيد جليلي، ليصبح بزشكيان بذلك الرئیس التاسع للجمهورية الإيرانية.

ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) فقد أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات الإيرانية، محسن إسلامي، صباح اليوم السبت، عن نتائج الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية في دورتها الرابعة عشرة.

وأظهرت النتائج حصول مسعود بزشكيان على 16 مليونا و384 ألفًا و 403 أصوات، فيما حصل سعيد جليلي على 13 مليونًا و538 ألفا و179 صوتا، بعد فرز 30 مليونا و530 ألفا و157 صوتا من مراكز الاقتراع في البلاد وخارجها.

وبلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 49.8 بالمائة، وجرت يوم أمس الجمعة 5 يوليو في أنحاء البلاد وفي نحو 100 دولة في العالم لانتخاب الرئيس الإيراني التاسع خلفًا للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي لقي مصرعه مؤخرًا في حادث تحطم مروحيته الرئاسية.

وكانت الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة الإيرانية قد جرت يوم الجمعة 28 يونيو بين المرشحين الأربعة؛ سعيد جليلي ومسعود بزشكيان ومحمد باقر قاليباف ومصطفى بورمحمدي، ولم يستطع أي منهم الفوز بالغالبية المطلقة مما استوجب خوض جولة ثانية بين المرشحين الحائزين على أعلى عدد من الأصوات وهما بزشكيان وجليلي.

أول تصريح للرئيس الإيراني

وفي أول تصريح له بعد فوزه توجه الرئيس الإيراني المنتخب “مسعود بزشكيان” إلى الشعب الإيراني بتغريدة على منصة إكس قال فيها:”عزيزي الشعب الإيراني، الانتخابات انتهت، وهذه مجرد بداية لطريق مشاركتنا معا”. وأضاف: “أمامنا طريق صعب، ولا يمكن تجاوزه إلا بتعاطفكم وثقتكم وتعاونكم”. وتابع: “أقسم بشرفي، بأنني أمد يدي إليكم، ولن أتخلى عنكم، وأسألكم أيضًا أن تكونوا إلى جانبي في هذا الطريق”.

ووفقًا لشبكة CNN فقد تعهد بزشكيان بـ”مد يد الصداقة للجميع”، وقال بعد إعلان فوزه: “سنمد يد الصداقة للجميع؛ نحن جميعا أبناء هذا البلد؛ يجب أن نستخدم الجميع من أجل تقدم البلاد”. كما وجه بزشكيان الشكر للناخبين الذين صوتوا في الانتخابات الرئاسية.

من جانبه أكد المرشد الإيراني علي الخامنئي على توظيف الرئيس المنتخب كل إمكانيات البلاد من أجل رفاه الشعب وتقدم البلاد.

وأضاف خامنئي في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا): “الآن وقد انتخب الشعب الإيراني رئيسه، أهنئ الشعب والرئيس المنتخب وكل الناشطين في هذا المشهد الحساس، وخاصة الشباب المتحمس في المراكز الانتخابية للمرشحين، وأوصي الجميع بالتعاون والتفكير الجيد من أجل تقدم الوطن وزيادة كرامته. ومن المناسب أن يتحول التنافس خلال الانتخابات إلى صداقات وأن يبذل الجميع قصارى جهدهم من أجل ازدهار إيران”.

كما أوصي خامنئي الرئيس المنتخب بالتطلع إلى المستقبل المشرق ومواصلة طريق الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي وتوظيف كل إمكانيات البلاد ولاسيما الشباب الثوري والمخلص من أجل رفاه الشعب وتقدم البلاد ورفعتها.

ووجه الشكر لجميع المرشحين والناشطين الانتخابيين الذين لعبوا دورًا في هذه المرحلة الحساسة والحرجة، وكذلك وسائل الإعلام الوطنية والأجهزة الأمنية في البلاد وكل من ساهم في إنجاح هذا العملیة الانتخابية.

من هو مسعود بزشكيان؟

جدير بالذكر أن مسعود بزشكيان (70 عامًا) هو طبيب وسياسي إصلاحي إيراني من مواليد 1954 في مدينة مهاباد بمحافظة أذربيجان الغربية شمال شرقي ايران من أب آذري وأمّ كردية، وفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

أنهى دراسته الابتدائية في مهاباد ومن ثم التحق بمعهد الزراعة في مدينة ارومية وحصل على دبلوم في مجال الصناعات الغذائية هناك. وقام بأداء الخدمة العسكرية في مدينة زابُل الحدودية  بمحافظة سيستان وبلوجستان عام 1973.

وأثناء هذه الفترة اهتم بالعلوم الطبية حصل على شهادته الثانية في مجال العلوم التجريبية وتم قبوله في المجال الطبي بجامعة تبريز للعلوم الطبية عام 1975. وأكمل دورة الطب عام 1985 وبدأ العمل في كلية الطب مدرسًا لعلم وظائف الأعضاء.

وفي عام 1990 حصل على تخصص الجراحة العامة من جامعة تبريز للعلوم الطبية، ثم في عام 1993 حصل على تخصص في جراحة القلب من جامعة إيران للعلوم الطبية في طهران، وتم تعيينه في مستشفى الشهيد مدني للقلب في تبريز، وفيما بعد أصبح رئيسا له.

وهو رئيس تحرير مجلة أبحاث القلب والأوعية الدموية والصدر، التي ينشرها مركز أبحاث القلب والأوعية الدموية بجامعة تبريز للعلوم الطبية.

حياته السياسية

مع بدء الحرب الإيرانية العراقية عام 1980، كان بزشكيان مسؤولًا عن إرسال الفرق الطبية إلى جبهات القتال، ونشط في العديد من العمليات مقاتلا وطبيبا. وفي عام 1994 عيّن رئيسا لجامعة تبريز للعلوم الطبية، واستمرت رئاسته حتى عام 2000.

وتولى منصب نائب وزير الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي “محمد فرهادي” لمدة 6 أشهر  في حكومة السيد محمد خاتمي الأولى.

وبعد ذلك، في الولاية الثانية لرئاسة السيد محمد خاتمي، شغل بزشكيان منصب وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي من 2001 الى 2005، وبعد فترة تمت مساءلته من قبل البرلمان، ومن ثم ترك منصبه.

ومنذ عام 2008، يمثّل بزشكيان مدينة تبريز في مجلس الشورى الإيراني . وفي عام 2016 انتخب نائبا لمجلس الشورى الإيراني في دورته العاشرة التي كان يرأسها علي لاريجاني .

الانتخابات الرئاسية

سبق لـ بزشكيان أن سجل مرتين للترشح للانتخابات الرئاسية في الدورة الحادية عشرة (2013) والثالثة عشرة (2021)، إلا أنه في عام 2013 وقبل إعلان أسماء المؤهلين، انسحب لصالح آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني، بينما في عام 2021 لم يحصل على موافقة مجلس صيانة الدستور لعدم توفر أهليته لذلك.

وللمرة الثالثة، في 1 يونيو 2024 ترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ14 وتم إعلان اسمه كأحد المرشحين الستة المؤهلين من قبل مجلس صيانة الدستور للانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة.

ودخل في منافسة الانتخابات الرئاسية الـ14 بشعار “من أجل إيران” وأعلن أن من أهم خططه وبرنامجه الرئاسي هو العمل على تحقيق “العدالة” و”الوحدة والتماسك” في المجتمع وتنفيذ بنود “خطة التنمية السابعة” .

كما وعد خلال الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية انه وفي حال فوزه في الانتخابات سيشكل لجنة لمراقبة اعمال الحكومة وستكون هذه بمثابة جسر بين الشعب والحكومة .

وقال بزشكيان: أعدكم أنه إذا وصلنا الى السلطة بتصويت الشعب، سأكون مسؤولا وجاهزا للمساءلة أمام ممثلي الشعب (البرلمان الإيراني) في مختلف الطبقات كل بضعة أشهر.

السياسة الخارجية

يرى بزشكيان بأنه لا يمكن حل المشاكل الداخلية في إيران دون حل المشاكل مع العالم الخارجي. ويؤكد أن إدارة البلاد تقوم على التعامل البناء مع العالم على أساس الحوار والتفاوض مع مختلف الدول.

ويدعو بزشكيان إلى تحسين العلاقات بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها أمريكا على أساس الأركان الثلاثة المتمثلة بـ”العزة والحكمة والمصلحة”.

وأعلن بأنه سيضع في أعلى سلم أولويات حكومته إحياء الاتفاق النووي الذي هو من مصلحة إيران ولو لم يكن كذلك لما انسحب منه ترامب.

كما يعتبر أن من مصلحة إيران الانضمام إلى “FATF” (مجموعة العمل المالي الدولية) من اجل تطوير وتسهيل التجارة مع الدول الأخرى.

السياسة الاقتصادية

شدد بزشكيان على انه سيضع حدا للخلافات بين القوى السياسية التي يقول إنها “السبب الرئيسي لمشاكل” البلاد والاستعانة بأفضل الخبراء والمتخصصين. ووعد بأنه سيتابع مشاكل العمال والمتقاعدين والموظفين والعمل بطريقة تقضي على الفقر والتمييز والفساد في البلاد.

كما شدد على ضرورة التعامل بصدق مع الجمهور وعدم اعطاء وعود فارغة واكد بأنه سيشرك كل الناس في إدارة البلاد وليس فئة معينة . كما وعد بالتعاطي الإيجابي مع قضايا المرأة وحرية الوصول الى الإنترنت وحقوق القوميات الدستورية والحريات السياسية والاجتماعية.

تعليق
Exit mobile version