أخبارأخبار العالم العربي

مشاهد موثقة تؤكد استخدام إسرائيل أسرى فلسطينيين كدروع بشرية في غزة

بثت قناة “الجزيرة” مجموعة من المشاهد التي تُظهر استخدام الجيش الإسرائيلي أسرى فلسطينيين كدروع بشرية خلال توغلهم العسكري في غزة.

وأظهر الفيديو الذي بثته القناة إجبار جنود الاحتلال أسيرين على البحث عن متفجرات وأنفاق، بالإضافة إلى تثبيت كاميرات على أجساد الأسرى والتحكم في حركتهم عن بعد.

وفي لقطة أخرى كشف الفيديو عن إجبار جنود الاحتلال أسير فلسطيني على دخول نفق بعد ربطه بحبل وتثبيت كاميرا على جسده. وظهر في مشهد آخر استخدامهم لأسير جريح كدرع بشري وإجباره على دخول منازل مدمرة في غزة.

وكشفت المشاهد التي عرضتها قناة الجزيرة عن وجود جثث لفلسطينيين ملقاة على الأرض أثناء إجبار جنود الاحتلال أسرى على دخول منزل. كما وثّق الفيديو إجبار جنود الاحتلال الأسرى على ارتداء ملابس عسكرية أثناء استخدامهم كدروع بشرية.

وسبق أن حصلت الجزيرة على صور تظهر استخدام قوات الاحتلال لأحد الأسرى كدرع بشري في أحد شوارع حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وفي الضفة الغربية، أظهرت مقاطع فيديو ربط أسير جيح على مقدمة آلية عسكرية إسرائيلية خلال اقتحام مدينة جنين، خوفا من رصاص المقاومين .

انتهاكات مستمرة

وفي الثاني من مايو الماضي، عرضت شاشة الجزيرة مشاهد ملتقطة من مُسيّرة إسرائيلية كانت قد أسقطت في غزة في ديسمبر 2023. وأظهرت اللقطات فلسطينيا يجوب شوارع حي الشجاعية الخاوية بمدينة غزة، ويمر قرب جثة لفلسطيني مجهول، ثم يفتح أبواب صفوف مدرسية (بحثا عن أسرى أو متفجرات على الأرجح) تحت رقابة لصيقة من مسيّرة إسرائيلية كبيرة، وأخرى أصغر حجما، تتبعه كظله.

وتوثق هذه اللقطات بالصوت والصورة جريمة استخدام الجيش الإسرائيلي مدنيًّا لم تُعرف هويته (كان رهن الاعتقال على الأرجح) كدرع بشري في خضم حرب يزعم مهندسوها أن جيشهم هو الأكثر أخلاقية في العالم.

وفي سياق متابعتها لهذا النوع من جرائم الحرب الذي سبق لمنظمات حقوقية بينها “بيتسلم” الإسرائيلية أن أكدت حدوثه في الضفة الغربية منذ عام 2005، عثرت “الجزيرة نت” على وقائع استخدام الجيش الإسرائيلي مدنيين دروعًا بشرية في غزة خلال الحرب المتواصلة منذ 8 أكتوبر 2023.

شهادات موثقة

ونقلت قناة الجزيرة شهادات موثقة لمدنيين وأسرى فلسطينيين استخدمتهم إسرائيل كدروع بشرية، من بينهم محمد أبو السعيد (42 عامًا) المقيم في خان يونس، الذي قال إن الجنود الإسرائيليين أخرجوه عنوة من منزله وهو يرفع راية بيضاء، ثم أجبروه على دخول عشرات المنازل وغرف مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لتفتيشها والبحث عن المقاومين الفلسطينيين قبل اقتحام الجيش تلك الأماكن.

وأوضح الرجل أن الجيش استخدمه كدرع بشري على مدى 15 يومًا، إذ كان يبدأ يومه عند الساعة السادسة صباحًا وينتهي في الساعة السابعة مساءً.

ويعدّ أبو السعيد واحدا من عشرات الشبان الذين استخدمهم جيش الاحتلال الإسرائيلي دروعا بشرية، وأجبرهم على تفتيش منازل وآبار مياه الصرف الصحي وغرف مستشفيات.

وفي الإطار نفسه قال الشاب الفلسطيني مسعود أحمد (36 عامًا) أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقله خلال هجومه على مدينة خان يونس بداية ديسمبر الماضي وأجبروه على دخول جميع غرف مجمع ناصر الطبي، وتفتيشها والتأكد من خلوّها من العبوات الناسفة أو وجود مقاتلين فلسطينيين، والمخاطرة بحياته بدلًا من حياة الجنود.

وقال مسعود للجزيرة نت “استخدمنا جيش الاحتلال كدروع بشرية، إذ وضعوا على أجسادنا كاميرات مثبتة كانت تصوّر كل شيء بالغرفة التي ندخلها، وبعد العودة من تفقد تلك الأماكن يقومون بتفريغ المشاهد التي تم تصويرها، ونعود في اليوم التالي للمهمة الخطرة نفسها”.

ومن أصعب ما أُجبر عليه الشاب مسعود، كان مطالبة جندي إسرائيلي له بفتح غطاء لفتحة مياه صرف صحي والنزول إلى داخلها، والمشي لأكثر من 15 مترا داخل ممر الصرف الصحي والعودة مرة أخرى لإعطائه الكاميرا ليتأكد من خلوه من أي مقاتلين فلسطينيين.

وفي شمال غزة، وضع جنود الاحتلال الإسرائيلي الشاب راشد البابا فوق ظهر دبابة ميركافا، وأطلقوا منها النار والقذائف وهو على متنها.

وتجولت الدبابة في شوارع حي الزيتون جنوب مدينة غزة وهو على سطحها الفولاذي برفقة قريب له، وكان مهددا بالموت في كل لحظة إذا تم استهدافها من قبل المقاومة، أو من حمم القذائف التي يطلقها المدفع كل ثانية.

ولم يكتفِ الجنود باستخدام راشد البابا درعا بشريا وتعريض حياته للخطر وتروعيه، بل اعتقلوا زوجته وطفله لأكثر من 50 يومًا، إضافة إلى اعتقاله هو الآخر لمدة 55 يومًا.

جريمة حرب

وفي تعليقه على هذه الجرائم، يؤكد صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) أن دولة الاحتلال تكرر توثيق استخدام المدنيين دروعا بشرية، خلال حرب الإبادة الجماعية، بوضعهم أمام دبابات الجيش داخل مناطق مختلقة في قطاع غزة.

ويقول عبد العاطي في حديثه للجزيرة نت “تم وضع مدنيين داخل المنازل مع جنود جيش الاحتلال، واستخدم آخرين أيضا في المرور مع الجنود لضمان حمايتهم، والضغط عليهم لتشكيل حماية للجنود”.

ويوضح أن استخدام جيش الاحتلال لمدنيين فلسطينيين دروعا بشرية في قطاع غزة يعدّ جريمة حرب يحظرها القانون الدولي الإنساني لاسيما أحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر استخدام المدنيين دروعا بشرية.

وتستوجب الجرائم المتكررة التي يقوم بها جنود جيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وفق عبد العاطي، المساءلة والمحاسبة الدولية، علاوة على تسريع المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات الاعتقال بحق القادة العسكريين والمسؤولين الإسرائيليين الذين اقترفوا جريمة استخدام المواطنين دروعا بشرية.

كما تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفق للناطق باسمها في غزة هشام مهنا، أن القانون الدولي الإنساني يحرم استخدام مدنيين دروعا بشرية. ويوضح مهنا في حديثه للجزيرة نت أن اللجنة لا تناقش مسألة استخدام مدنيين دروعا بشرية بشكل علني.

ومعلوم أن القانون الدولي واتفاقات جنيف لعام 1949 يحرمان استخدام المدنيين دروعا بشرية، إضافة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ونظام روما الأساسي اعتبرا استخدام الدروع البشرية جريمة حرب.

وتنص مواد القانون الدولي على حماية المدنيين من أخطار العمليات العسكرية ما لم يشاركوا مباشرة في أعمال تضر بالعدو، ولكنه لا يوضح ما إذا كان جعل المدنيين من أنفسهم دروعا بشرية طوعية يعد مشاركة مباشرة في النزاع.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى