استقالة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي احتجاجًا على سياسة التعامل مع الحرب في غزة

أكدت مصادر مطلعة أن مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية الأمريكية استقال هذا الأسبوع احتجاجًا على نهج إدارة بايدن تجاه الحكومة الإسرائيلية في حربها على قطاع غزة.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” إن المسؤول المستقيل هو أندرو ميلر، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، وهو أعلى مسؤول في الدبلوماسية الأمريكية على اتصال بسياسة الحرب في غزة يستقيل من منصبه.

ووصفت الصحيفة هذه الاستقالة بأنها ضربة جديدة لإدارة بايدن وسياستها في الشرق الأوسط، وانتكاسة للدبلوماسيين الأمريكيين الذين يسعون إلى قطيعة أكبر مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف.

وقالت الصحيفة إن أندرو ميلر صرح لزملائه اليوم الجمعة أنه قرر ترك وظيفته، وأرج أسباب استقالته لظروف عائلية، قائلًا إنه لم يرى عائلته إلا نادرًا وسط انشغاله بملف الحرب على غزة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.

وأخبر ميلر زملاءه أنه لولا تلك المسؤوليات، لكان يفضل البقاء في وظيفته والنضال من أجل ما يؤمن به، بما في ذلك تلك المواقف التي اختلف فيها مع سياسة إدارة بايدن بشأن دعم الحرب الإسرائيلية على غزة.

إحباط متزايد

وتأتي استقالة ميلر، التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا، وسط إحباط متزايد داخل وخارج الحكومة الأمريكية بشأن العدد الكبير من القتلى المدنيين في الحرب على غزة، وتعبير البعض عن مخاوفهم من أن التأثير على شؤون السياسة الأمريكية تهيمن عليه مجموعة ضيقة من أقرب مستشاري بايدن.

وقالت سوزان مالوني، نائبة الرئيس ومديرة السياسة الخارجية في معهد بروكينجز: “إن رحيل ميلر سيكون خسارة للإدارة الأمريكية بشكل عام ووزارة الخارجية بشكل خاص”.

وأضافت “إن استقالته مؤشر واضح على الخسائر العامة التي ألحقها الصراع في الشرق الأوسط بأولئك الذين كانوا يعملون على تخفيف آثاره الأمنية على الولايات المتحدة وحلفائها”.

وذكرت مصادر أمريكية لقناة “الجزيرة” أن أندرو ميلر لديه فهم وإدراك عميق للملف الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي خروجه من المسرح الرسمي الذي يدير ملف غزة والملف الفلسطيني بشكل عام في هذا الوقت يعد تحديًا جديد للخارجية الأمريكية.

وكشفت المصادر أن ميلر كان يعتزم الاستقالة منذ فترة على خلفية موقف الإدارة الأمريكية من حرب غزة، حيث كان ميلر يأمل في تحول ملموس في موقف إدارة بايدن، وسعى لاعتدال السياسات من داخل الحكومة.

وأكدت المصادر للجزيرة أن ما عزز قرار ميلر موقف الإدارة الأمريكية من الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح، وإخفاق الإدارة في معالجة موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعنت.

وقال مراسل الجزيرة إن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الإدارة الأمريكية التي تظهر فيها الخلافات للعلن وتتوج بالاستقالات من عدة مواقع.

مؤيد للحقوق الفلسطينية

ويقول الأشخاص الذين يعرفون ميلر إنه مؤيد مبدئي للحقوق الفلسطينية ولإقامة الدولة الفلسطينية، ومفكر دقيق في شؤون الشرق الأوسط.

وقال عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر: “لقد كان أندرو يجلب خبرة عميقة ومنظورًا مهمًا إلى الطاولة كل يوم”. وأضاف: “الجميع هنا آسفون لرحيله، ولكننا نتمنى له التوفيق في مساعيه القادمة”.

ووصف آرون ديفيد، خبير شؤون الشرق الأوسط الذي قدم المشورة لكل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية، أندرو ميلر بأنه دبلوماسي “ذكي” و”مبدع”، لكنه قال إنه أصبح من الصعب على المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع للوزارة التأثير على السياسة الخارجية.

وأضاف: “لقد ضم هذا المكتب مجموعة من مسؤولي الخدمة الخارجية ذوي النوايا الحسنة لكن كان لديهم تأثير ضئيل أو معدوم على السياسة الأمريكية قبل وحتى بعد الحرب على غزة.

ورفض ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، هذا التوصيف للمكتب، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن قد اصطحب زعيمته، باربرا ليف، في جميع رحلاته الثماني إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر، واعتمد عليها على نطاق واسع. وهي تحمل رسائل منه ومن الرئيس إلى القادة في جميع أنحاء المنطقة.

خبرة كبيرة

ووفقًا للموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية فإن أندرو ميلر، هو نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية.

وقبل ذلك، شغل منصب كبير مستشاري السياسات لسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، حيث غطى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومكافحة الإرهاب والشؤون السياسية العسكرية والاستخبارات.

وفي الفترة من عام 2017 إلى عام 2020، شغل ميللر منصب نائب مدير السياسات في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (POMED) وكان باحثًا غير مقيم في مؤسسة كارنيغي لبرنامج الشرق الأوسط للسلام الدولي.

وتضمنت المهام الحكومية السابقة لميلر العمل كمدير للقضايا العسكرية لمصر وإسرائيل في مجلس الأمن القومي التابع للرئيس أوباما في الفترة من عام 2014 إلى عام 2017، حيث شارك في المداولات المتعلقة بالمساعدة الأمنية الأمريكية لمصر وإسرائيل والسلام في الشرق الأوسط، من بين قضايا أخرى.

كما عمل أيضًا في مجموعة متنوعة من الأدوار الاستخباراتية والسياسية بوزارة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك في مكتب الاستخبارات والأبحاث، وفريق تخطيط السياسات في عهد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وفي سفارتي الولايات المتحدة في القاهرة والدوحة.

وحصل ميلر على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من كلية ديكنسون ودرجة الماجستير في الشؤون الخارجية من جامعة فيرجينيا.

وأدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، وأثارت انقسامًا بين المسؤولين في الحكومة الأمريكية حول الرد المناسب. وأنقذت القوات الإسرائيلية أربع رهائن مؤخرًا في عملية أسفرت عن مقتل 270 فلسطينيًا على الأقل في رفح.

وفي بداية الصراع، قدم بايدن دعمًا غير محدود لإسرائيل، وضخ الأسلحة في الصراع ووفر الغطاء الدبلوماسي والسياسي لحكومة نتنياهو في المؤسسات الدولية – حتى عندما استخدمت إسرائيل تكتيكات القصف العشوائي وأعاقت الوصول إلى المساعدات الإنسانية.

وعلى الرغم من هذا الدعم، تجاهل نتنياهو مرارًا وتكرارا مطالب الولايات المتحدة باتخاذ نهج يحمي المدنيين في غزة، وهددت إدارة بايدن بوق إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاحت رفح، ولم يتم تنفيذ ذلك رغم مواصلة نتنياهو الحرب واجتياح رفح وارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين.

تعليق
Exit mobile version