إسرائيل تتلقى أكبر ضربة في غزة منذ يناير.. وتدرس الانسحاب من رفح بعد أسبوعين
أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمقتل 8 من قواته جراء تفجير مدرعة في رفح جنوبي قطاع غزة، وذلك بعدما أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أنها نفذت عملية مركبة في الحي السعودي غرب المدينة ألحقت بجيش الاحتلال أكبر خسارة له منذ يناير الماضي.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، مقتل نائب قائد سرية و7 من الجنود من وحدة الهندسة في انفجار كبير، مشيرًا إلى أن حادث اليوم في غزة لم يستهدف ناقلة جند، بل مركبة مدرعة من طراز “نمر”، وإنه يذكر “بالثمن الكبير الذي ندفعه في هذه الحرب” حسب قوله.
بين القسام
من جانبه قال أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، إن ما وصفها بالعملية المركّبة والنوعية اليوم في رفح تمثل “تأكيدا جديدًا على فشل العدو أمام مقاومتنا”.
وأضاف “ستستمر ضرباتنا الموجعة للعدو في كل مكان يتواجد فيه، ولن يجد جيش الاحتلال سوى كمائن الموت في أي بقعة من أرضنا بعون الله”.
ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فقد كانت كتائب القسام قد أعلنت – مساء اليوم السبت- تفجير حقل ألغام بقوة عسكرية إسرائيلية جنوب غرب مدينة غزة وسط القطاع، مما أسفر عن وقوعها بين قتيل وجريح، وذلك بعد اعتراف جيش الاحتلال بمقتل 8 جنود صباح اليوم بمعارك رفح جنوبي القطاع.
وأوضحت القسام أنها تمكنت من إيقاع قوة إسرائيلية مدرعة في حقل ألغام أُعد مسبقا على مفترق النابلسي جنوب غرب مدينة غزة، مؤكدة أنه تم تفجير المكان فور وصول جنود جيش الاحتلال. وأضافت أن مقاتليها رصدوا هبوط الطيران المروحي لإجلاء قتلى الجيش الإسرائيلي.
غضب إسرائيلي
من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل دفعت ثمنًا يفطر القلب في حربها، متعهدا بمواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها. وأكد أن إسرائيل الآن في ذروة حرب صعبة على جبهات عدة بما فيها المحافل الدولية، وأمامها تحديات كثيرة قادمة.
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيان مقتضب، مقتل 8 عسكريين في رفح جنوبي قطاع غزة، أحدهم ضابط برتبة نقيب، وهو نائب قائد السرية في كتيبة الهندسة 601، بينما لم يسمح بنشر أسماء القتلى الآخرين، ورتبهم العسكرية بعد.
من جهته اعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، أن اليوم كان يومًا صعبًا ومؤلمًا في إسرائيل “بعد سماعنا الخبر المأساوي والمحزن بمقتل 8 من مقاتلينا في رفح”. وأكد أنه يجب على إسرائيل الاستمرار في القتال حتى القضاء على حماس وإعادة جميع المختطفين.
وبدوره قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن الإسرائيليين يعانون من “ألم رهيب بعد سقوط أبنائنا الأبطال الذين سقطوا ليعيش أبناؤنا في أمان”. وأضاف سموتريتش أن “الثمن الباهظ للحرب يلزمنا بإتمامها حتى القضاء التام على العدو”.
فشل في رفح
يأتي ذلك في الوقت الذي أفادت فيه تقديرات أمنية إسرائيلية بأن العملية العسكرية في رفح قد تنتهي بعد أسبوعين، وقال مراقبون إن حديث الجيش الإسرائيلي عن انتهاء العملية في رفح يمثل اعترافًا ضمنيًا بالفشل في تحقيق النصر الذي طالما تحدث عنه نتنياهو.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنية إسرائيلية أن العملية العسكرية في رفح لن تستمر أكثر من أسبوعين آخرين، وأن الجيش يدرس ما يمكن عمله بعد هذه الفترة إذا لم تتوصل القيادة السياسية إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى.
وقالت المصادر إن بقاء عدد من الأسرى في غزة وعدم إيجاد بديل سياسي لحركة حماس يبددان النجاحات التي حققتها المرحلة الثانية من الحرب ويحوِّلانها إلى فشل، وإن التقديرات تشير إلى أن تخفيف المواجهات مع حزب الله اللبناني يتطلب صفقة في غزة.
ونقلت القناة الـ12 عن رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، أن الحرب فشلت في غزة، وأن على إسرائيل تغيير الحكومة والبحث عن صفقة تعيد الأسرى.
خلاف عسكري سياسي
ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” يمثل هذا الإعلان الذي جاء على لسان العسكريين – وليس السياسيين- مخالفة للتقاليد، لأن العسكريين يقدمون توصيات للقيادة السياسية ولا يعلنونها، كما يرى المراقبون، مشيرين إلى أن هذه التصريحات تبدو إعلانًا من الجيش للشارع الإسرائيلي بأنه لن يكون قادرًا على مواصلة الحرب بعد أسبوعين من الآن لأنها لن تحقق شيئًا، كما يعتبر ردًا على حديث نتنياهو المتواصل عن مواصلة الحرب حتى تحقيق النصر.
ويرى محللون أن رئيس الأركان، هيرتسي هاليفي، يحاول حماية المؤسسة العسكرية من محاولات نتنياهو واليمين المتطرف تحميلها مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر وما بعده.
وأوضحوا أن العسكريين يريدون القول إنهم حققوا إنجازات تكتيكية تتمثل في إلحاق الضرر بحماس وبنيتها التحتية العسكرية، وإن على القيادة السياسية استثمار هذه النجاحات في التوصل لصفقة بدلًا من تدميرها في محاولة مواصلة حرب لا نهاية لها.
وأكد الخبراء أن إسرائيل فشلت تماما في تحقيق النصر الذي تحدث عنه نتنياهو، مشيرين إلى أن الحديث عن تحقيق نصر كامل في رفح خلال أسبوعين أمر غير ممكن، وبالتالي فإن وقف العملية سيكون إعلانا للفشل العسكري رغم ما لحق بالمدينة من دمار وخراب.
وأضافوا أن الحديث عن أسبوعين هو رسالة سياسية تعكس الخلاف الكبير بين السياسي والعسكري في إسرائيل بسبب الأهداف غير القابلة للتحقق التي يريدها نتنياهو، بينما يعتقد الجيش أنه حقق نتائج يجب الحفاظ عليها من خلال عملية سياسية.