أخبارالركن الخامستغطيات خاصة

الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لبدء المناسك في موسم حج استثنائي

بدأ حجاج بيت الله الحرام صباح اليوم الجمعة بالتوافد إلى مشعر منى لبدء مناسك الحج، وسط استعدادات ضخمة أعدتها المملكة بأولى محطات فريضة الركن الخامس من أركان الإسلام.

ويوصف موسم الحج لهذا العام بالاستثنائي، كونه يتضمن 3 خُطب على مدار 3 أيام متتالية، خطبة الجمعة اليوم التي تتزامن مع يوم التروية، وخطبة يوم عرفة غدًا السبت، وخطبة العيد بعد غد الأحد، في حالة استثنائية وفريدة من نوعها.

كما يوصف هذا الموسم بأنه موسم “تقني بامتياز”، في ظل اعتماد الجهات الحكومية السعودية على تطبيقات ذكية للتعامل مع الحجاج وإدارة الحشود.

يوم التروية

وفي صعيد منى، يبدأ ضيوف الرحمن، أول محطات مناسك الحج، التي تتواصل على مدار 6 أيام، وسط تقديرات بوجود ما يزيد عن مليوني حاج هذا العام، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس).

وفي مشعر منى يقضي الحجاج يوم التروية تقربًا لله تعالى راجين منه القبول والمغفرة، متّبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد – صلى الله عليه وسلم -، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، في صورة روحانية وإيمانية.

 وبينت الشريعة السمحة أن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة سنة مؤكدة.

 ويُحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواءً داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد “النفرة” من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 – 11 – 12 – 13)، ورمي الجمرات الثلاث، جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجّل، وذلك لقوله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).

مكانة تاريخية

ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي “محسر”.

ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم – عليه السلام – الجمار، وذبح فدي إسماعيل – عليه السلام -، ثم أكد نبي الهدى – صلى الله عليه وسلم – هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، وأسّتن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.

 ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد “الخيف”، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: “شهدت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف”، ومازال قائماً حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.

 ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، تلتها الثانية في حج العام الـ 13 من الهجرة وبايعه فيها – عليه السلام – 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل “ثبير” قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة.

 كما نزلت بها سورة “المرسلات”، لما رواه البخاري عن عبد الله – رضي الله عنه – قال : بينما نحن مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في غار “بمنى” إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها.

استعدادات كبيرة

 وجاء اهتمام الحكومة السعودية بمشعر منى استشعارًا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانًا بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.

 ووفّرت السلطات السعودية الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً على الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.

وحول استعداد السلطات السعودية، يقول مراسل “الجزيرة” بدر الربيعان إن ملامح مكة المكرمة والمسجد الحرام تتغير مع كل ساعة مع زيادة أعداد القادمين من مختلف البلدان، وأداء طواف القدوم وبدء أعمال النسك.

وأوضح الربيعان أن السلطات السعودية فرضت طوقا أمنيا على كافة مداخل العاصمة المقدسة، ومنعت السيارات غير المصرح لها بهدف ضبط الحركة المرورية داخل المشاعر المقدسة وإدارتها.

وعلى المستوى الصحي، أشار الربيعان إلى أن السلطات استعدت لموسم الحج بـ46 مركزا صحيا في مشعر عرفات، و26 في منى، فضلا عن عدد من مراكز الطوارئ بمنشأة الجمرات، وعلى خط المشاة.

كما أطلقت هيئة الهلال الأحمر السعودي خدمة جديدة، وهي الإسعاف الجوي من مهابط الأبراج المحيطة بالحرم المكي، بهدف سرعة الاستجابة للحالات الطارئة في محيط المسجد الحرام والمشاعر.

ويتميز حج هذا العام بالتطبيقات الذكية، التي تعتمد عليها جهات حكومية، بهدف رصد أعداد الحجاج والطاقة الاستيعابية، وتنظيم حركة المرور وإدارة الحشود، عبر غرفة عمليات موحدة للاستجابة الطارئة السريعة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى