كارثة إنسانية تجاهلها العالم.. مجازر متكررة في السودان ونصف السكان بحاجة للمساعدات
أكدت الأمم المتحدة أن 35 طفلاً كانوا من بين القتلى في واحدة من أكثر الهجمات دموية حتى الآن في الحرب الأهلية التي مزقت السودان منذ أكثر من عام.
وقال شهود عيان إن الهجوم الوحشي خلف ما يصل إلى 200 قتيل في قرية ود النورة بولاية الجزيرة وسط السودان. وتوعد الجيش السوداني برد قوي على قوات الدعم السريع التي اتهمها بتنفيذ “مذبحة ضد المدنيين”.
ونفت قوات الدعم السريع ارتكاب أي مجزرة، لكنها اعترفت بتنفيذ عمليات عسكرية بالقرب من البلدة. وقال مسؤولون محليون في البداية إن أكثر من 100 شخص أصيبوا بالرصاص يوم الأربعاء في واد النورة، مع تقارير لاحقة تفيد بأن عدد القتلى قد يصل إلى 200 شخص. ويعتقد أن هناك عدداً أكبر من الجرحى.
وأظهرت مقاطع فيديو منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي آثار الهجوم، حيث اصطفت صفوف من الجثث جاهزة للدفن.
أزمة مروعة
وفقًا لشبكة cbsnews فإنه بعد مرور أكثر من عام على الحرب في السودان، أصبح ما يقرب من نصف سكان البلاد – حوالي 25 مليون شخص – في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية.
وفي أسوأ التوقعات، تقول الوكالات الإنسانية أن 4 ملايين طفل قد يواجهون سوء التغذية الحاد، وأن 2.5 مليون طفل قد يموتون من الجوع.
وتقول وكالات الإغاثة إن أزمة السودان كارثة إنسانية من صنع الإنسان تجاهلها العالم إلى حد كبير وسط الحروب المستمرة في غزة وأوكرانيا .
ويزعم تقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن عملاً من أعمال الإبادة الجماعية قد يكون قد تم ارتكابه في مدينة الجنينة بغرب دارفور.
ويعرض التقرير ادعاءات التطهير العرقي المزعوم والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد عرقية المساليت والمجتمعات غير العربية في المدينة من قبل قوات الدعم السريع شبه العسكرية وحلفائها العرب.
ودعت هيومن رايتس ووتش إلى فرض عقوبات دولية على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف على نطاق واسع باسم حميدتي.
ويعرض أحد التقارير تفاصيل هجوم وقع في 15 يونيو 2023، تقول هيومن رايتس ووتش إن قوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها فتحت النار على قافلة مدنيين فارين من الجنينة، مما أسفر عن مقتل 12 طفلاً وخمسة بالغين من عائلتين، قبل إلقاء جثثهم “في النهر وأمتعتهم من بعدهم”.
وهناك تاريخ طويل ودموي من القتال على الموارد في السودان والمنطقة المحيطة به. واستغل الرئيس السوداني السابق عمر البشير، الذي أطاح به الجيش في عام 2019، تلك الصراعات بانتظام، مما أدى إلى تأجيج نيران العنف العرقي لتحقيق مكاسب سياسية.
وأنشأت حكومته ميليشيات عربية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لقمع تمرد المجتمعات الزراعية والرعوية غير العربية. وأصبحت هذه الميليشيات العربية تعرف باسم الجنجويد، وبعد ذلك ظهرت من صفوفها مجموعة قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
نزوح داخلي
في سياق متصل، أكدت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن عدد النازحين داخليا في السودان بسبب الصراع قد يتجاوز قريبا 10 ملايين شخص، في أكبر أزمة نزوح في العالم.
وكشفت المنظمة الأممية، هذا الأسبوع عن وجود 9.9 ملايين نازح داخليا في أنحاء السودان، مشيرة إلى أنه كان هناك بالفعل 2.8 مليون نازح داخليا قبل الحرب في السودان، لافتة إلى نحو 12 مليون شخص اضطروا للفرار من منازلهم، مع عبور أكثر من مليوني شخص إلى البلدان المجاورة، وخاصة إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
يذكر أن وكالات الأمم المتحدة تحذر من تعرض السودان لخطر مجاعة وشيك، في ظل معاناة حوالي 18 مليون شخص من الجوع الشديد.
الصراع في السودان
واندلعت الحرب الأهلية في السودان في منتصف أبريل 2023، عندما نشب القتال العنيف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وامتد بسرعة إلى جميع أنحاء البلاد والتي هي موطن لحوالي 50 مليون شخص.
وبدأت الحرب كصراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، لكنها تحولت إلى حرب بالوكالة أكبر، حيث تتنافس فيها الجهات الفاعلة الإقليمية والأجنبية على النفوذ والموارد.
وتدعم السعودية ومصر حكومة البرهان، وقد عمل مؤخرا على إقامة علاقات أوثق مع إيران وروسيا. وتقول الجماعات الإنسانية والمحللون الإقليميون إن الإمارات العربية المتحدة وروسيا تقدمان الأسلحة والموارد لقوات الدعم السريع. وقد نفى المسؤولون الإماراتيون مراراً وتكراراً هذه المزاعم.
وطال أمد الأزمة وتحولت إلى حرب وحشية لا هوادة فيها، مع وجود تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك اللجوء إلى العنف العرقي والاغتصاب والاغتصاب الجماعي كأدوات حرب.
ويحاول الآن 70% من الأشخاص الذين أجبروا على النزوح في السودان البقاء على قيد الحياة في أماكن على شفا المجاعة، بينما أصبح وصول المساعدات الإنسانية غير مكتمل أو غير موجود.