أخبار أميركاتقارير

بعد فوز كلوديا شينباوم.. لماذا نجحت المرأة المكسيكية في الوصول للرئاسة قبل نظيرتها الأمريكية؟

فازت مرشحة اليسار الحاكم، كلوديا شينباوم، بانتخابات الرئاسة في المكسيك بفارق كبير عن منافستها اليمينية، لتصبح أول رئيسة للمكسيك، وفق النتائج الأولية التي نقلتها وسائل الإعلام.

ودخلت شينباوم، البالغة من العمر 61 عامًا، التاريخ أيضًا كأول رئيس من أصل يهودي يقود المكسيك، الدولة ذات الأغلبية الرومانية الكاثوليكية.

وأظهرت النتائج الأولية أن شينباوم، رئيسة بلدية مكسيكو سيتي السابقة، حصلت على 60% من الأصوات، متقدمة بفارق كبير على منافستها الرئيسية في المعارضة، سوتشيتل غالفيز، السيناتورة السابقة المنتمية إلى يمين الوسط، التي حصلت على نحو 29%. وجاء المرشح الوسطي، خورخي ألفاريز ماينز، في المرتبة الثالثة بفارق كبير، بنسبة 11.4% من الأصوات.

سبق مكسيكي

وبذلك سبقت المكسيك جارتها الولايات المتحدة في أن يكون لديها امرأة رئيسة للبلاد، في وقت ينتظر فيه الناخبون الأمريكيون لنسخة مكررة من سباق الانتخابات بين بايدن وترامب في نوفمبر المقبل في سيناريو أشبه بما حدث في انتخابات عام 2020.

وكانت انتخابات عام 2016 أقرب فرصة للمرأة الأمريكية للوصول إلى البيت الأبيض، لكن الناخبين فضلوا ترامب على هيلاري كلينتون، وأطاحوا به في الانتخابات اللاحقة، ليعود للمنافسة من جديد في الانتخابات المقبلة.

ووفقًا لتحليل أجرته شبكة CNN فبينما ينظر الناخبون الأمريكيون إلى نفس الخيارات القديمة في انتخاباتهم المقبلة، اختار الناخبون المكسيكيون بين امرأتين كمرشحتي الحزب الرئيسي في انتخاباتهما الرئاسية، التي أفرزت أول رئيسة في تاريخ البلاد.

ولم تتمتع المرأة في المكسيك بحق الاقتراع العام إلا في عام 1953، أي بعد مرور 33 عاماً على حصول المرأة الأمريكية على هذا الحق، ولكنها نجحت في الوصول للرئاسة قبل نظيرتها الأمريكية.

وقالت CNN إن انتخاب المكسيك لامرأة كرئيسة هو “إنجاز رائع في بلد معروف بثقافته الأبوية وارتفاع معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث تُقتل حوالي 10 نساء كل يوم”.

ولكن كسر السقف الزجاجي في المكسيك سوف تطغى عليه أيضا المشكلات المتعددة الأوجه المتمثلة في عنف العصابات، واستهداف الساسة، والجريمة المتفشية.

ولم يقتصر تأثير المرأة في السياسة المكسيكية على الرئاسة فقط، وإنما تجلى في فروع الحكومة الأخرى. حيث انتخبت المحكمة العليا في المكسيك أول رئيسة للقضاة في يناير 2023.

كما ألغت محكمتها تجريم الإجهاض في المكسيك، وهو عكس ما حدث في الولايات المتحدة، حيث أبطل خمسة محافظين في المحكمة العليا الأمريكية (أربعة رجال وامرأة) حكم الليبراليين في المحكمة، وانتزعوا حقوق الإجهاض من المرأة الأمريكية على مستوى البلاد في يونيو 2022.

وأشارت CNN إلى أن بعض الأسباب وراء تحرك المكسيك نحو المساواة السياسية بين الجنسين هي أسباب هيكلية. حيث يلزم القانون المكسيكي الأحزاب السياسية هناك بتقديم أعداد متساوية من النساء والرجال للانتخابات، وهذا الأمر لا يحدث في الولايات المتحدة.

وهناك أيضًا حدود لولاية الرئيس التي تقتصر على فترة واحدة مدتها 6 سنوات، مما يؤدي إلى المزيد من معدل التغيير في مقع الرئاسة بالمكسيك، ووصلت شينباوم إلى صناديق الاقتراع لأن رئيس حزبها الذي يحظى بشعبية كبيرة، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، لابد أن يتنحى جانبا بعد انتهاء فترة ولايته.

كما تتولى امرأة منصب رئيس المحكمة العليا في المكسيك، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن القضاة في هناك يخدمون لمدة 15 عامًا فقط وليس مدى الحياة.

عقبات أمام المرأة الأمريكية

من جانبها قالت ديبي والش، مديرة مركز المرأة الأمريكية والسياسة في روتجرز، جامعة ولاية نيوجيرسي، إن هناك العديد من العقبات التي تواجهها المرأة الأمريكية في مجال السياسة.

وأشارت إلى أن التقدم الذي حققته المرأة الأمريكية لعقود من الزمن على مستوى الولايات، بدءًا من السبعينيات، قد توقف ابتداء من انتخاب دونالد ترامب في عام 2016، عندما بدأ جيل جديد من النساء الأمريكيات ينشطن، لكن هذا التقدم تباطأ منذ الانتخابات النصفية لعام 2018.

تمثيل المرأة

وتكشف الأرقام الأمريكية، أن أكثر من ربع أعضاء مجلس النواب وربع أعضاء مجلس الشيوخ من النساء. ومن بين 310 مسؤولين منتخبين على مستوى الولاية في الولايات الأمريكية الخمسين، هناك ما يقرب من 32% من النساء، بما في ذلك 12 حاكمة و22 نائبة حاكم. وتشكل النساء نسبة أعلى قليلا من المشرعين في الولايات، بحوالي 33%.

وتستمر هذه الأرقام في النمو ببطء، لكنها لا تقترب بأي حال من الأحوال من التكافؤ بين الجنسين. وبالمقارنة، فإن نصف المشرعين في مجلس النواب بالكونغرس المكسيكي هم من النساء، وفقا للاتحاد البرلماني الدولي.

وفي البلدان التي تطبق أنظمة “الكوتا” بين الرجال والنساء، كان التحرك نحو التكافؤ أسرع بكثير، ولكن والش قالت إنه لا ينبغي أن نتوقع مثل هذا النظام في الولايات المتحدة.

وتابعت: “إن مفهوم الكوتا يتناقض نوعا ما مع الصورة الأمريكية المتمثلة في الارتقاء من خلال طاقة الشخص، والمرشح الأفضل سيصعد إلى القمة”.

عنصرية حزبية

وأوضحت والش أن الجمهوريين  ينتخبون عددًا أقل من النساء، وهي عنصرية حزبية واضحة، بينما الكثير من النساء المنتخبات ديمقراطيات. لكن اختلال التوازن يتضخم على مستوى الولايات وفي المجالس التشريعية، حيث يخدم أغلب الممثلين المنتخبين.

وباختيار ولاية واحدة، وهي جورجيا، أشارت إلى أن 59% من المشرعين الديمقراطيين هم من النساء مقارنة بـ 16% من المشرعين الجمهوريين. وفي فلوريدا، ثلثا المشرعين الديمقراطيين هم من النساء مقارنة بأقل من ثلث الجمهوريين.

ومع ذلك، قالت والش إنه يجب على كلا الحزبين القيام بعمل أفضل في دعم النساء اللاتي يترشحن للمناصب، مضيفة أنه من المهم التأكد من ترشح النساء للمقاعد التي يمكنهن الفوز بها، بدلا من المقاعد التي لا تتاح لهن فيها أي فرصة.

وترى والش أن جزءًا من سبب اختلال التوازن يرجع إلى السياسة، ولكنها أيضًا مسألة أولويات في كيفية تجنيد الجمهوريين للمرشحين. وقالت: “فلسفة الحزب بشكل عام هي أن أفضل مرشح سيصعد إلى القمة، وسواء كان رجلاً أو امرأة أو شخصًا ملونًا أو أبيضًا، فلا يهم”.

مشكلة التمويل

كما يمثل تمويل الحملات الانتخابية مشكلة بالنسبة للمرشحات، وتشكل الطريقة التي يتم بها تمويل الحملات عائقًا، وفقًا لـ والش، لأن احتمالات قدرة النساء على تمويل حملاتهن الخاصة أقل.

وقالت: “نحن نعلم أن الأحزاب تحب التمويل الذاتي، لأن المرشح الذي يمول نفسه ذاتياً لا يشكل ضغطاً على الحزب نفسه فيما يتعلق بتقديم الدعم”.

وقالت إن النساء يملن أيضًا إلى جمع الأموال بمبالغ أصغر، أقل من 200 دولار، مما يجعل عملية جمع التبرعات أكثر صعوبة.

خطورة السياسة

وأوضحت والش أن السياسة تبدو أكثر خطورة بالنسبة للنساء، مشيرة إلى مؤامرة الاختطاف التي جرت عام 2020 ضد حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر، وقالت: “لقد أصبحت السياسة قبيحة ومحفوفة بالخطر بالنسبة للنساء”، مؤكدة أن التهديدات عبر الإنترنت تؤثر بشكل كبير على شاغلي المناصب والمرشحات، وقد يكون لهذا الأمر تأثير سلبي على النساء اللاتي يسعين إلى المناصب.

وتعتقد والش أن الولايات المتحدة ستنتخب في نهاية المطاف امرأة لمنصب الرئيس، لكنها قالت: “إنه محبط أن نرى مدى بطء هذه العملية”.

وكانت هيلاري كلينتون أول امرأة تترشح للرئاسة عن حزب كبير في عام 2016، وأصبحت كامالا هاريس أول امرأة تتبوأ منصبًا رفيعًا نائبة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، المنتخب عام 2020.

والجدير بالذكر أن الديمقراطيين اختاروا بايدن من بين مجموعة من المرشحين بينهم 6 من النساء، بما في ذلك هاريس، في الانتخابات التمهيدية.

ومن الممكن أن يختار ترامب أيضًا امرأة لتكون نائبته في انتخابات نوفمبر المقبل، ولكن يبدو من غير المرجح أن يختار المرأة الجمهورية الوحيدة التي نافسته في الانتخابات التمهيدية الرئاسية، وهي نيكي هالي، التي فازت في الانتخابات في فيرمونت ومقاطعة كولومبيا هذا العام.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى