أخبارأخبار العالم العربي

فرنسا تحاكم 3 مسؤولين سوريين كبار بتهمة ارتكاب جرائم حرب

بدأت اليوم في العاصمة الفرنسية باريس محاكمة غيابية أمام محكمة الجنايات لثلاثة مسؤولين أمنيين سوريين رفيعي المستوى، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتورط في اختفاء رجل سوري فرنسي وابنه ووفاتهما في وقت لاحق.

والمسؤولون الثلاثة هم علي مملوك، المدير السابق لمكتب الأمن الوطني المشرف على أجهزة الأمن والمخابرات في سوريا، وجميل حسن، المدير السابق للمخابرات الجوية، وعبد السلام محمود، المدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية.

ووفقًا لموقع “الحرة” فإن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة مسؤول سوري ما زال في منصبه بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة، حيث لا يزال، علي مملوك، يعمل في أجهزة الأمن السورية، ومستشارًا أمنيًا للرئيس السوري، بشار الأسد.

تفاصيل القضية

وتدور القضية حول اختفاء ووفاة مواطن سوري فرنسي، وابنه، اللذين اعتقلهما عناصر إدارة المخابرات الجوية في سوريا في نوفمبر 2013 وتوفيًا لاحقًا في السجن.

ويواجه المتهمون في القضية تهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فيما يتعلق باختفاء السورييّن الفرنسييّن، مازن الدباغ، وابنه باتريك، اللذين كانا يبلغان من العمر 48 و20 عاما وقت اختفائهما في عام 2013 في سجون بشار الأسد.

وتم توقيف باتريك حين كان يدرس بالسنة الثانية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بدمشق في الثالث من نوفمبر 2013 على يد خمسة أشخاص يتبعون لفرع المخابرات الجوية (اثنان من الضباط واثنان من عناصر الأمن ومتخصص في المعلومات).

وفي اليوم التالي، 4 نوفمبر، عاد الضابطان نفسهما، بصحبة 12 من العناصر المسلحة، واتهموا مازن دباغ (والده) بالإخفاق في تربية ابنه على النحو اللائق، ومن ثم اعتقلوه، بذريعة أنهم “سيعلمونه كيف يربيه”.

ووفقًا لتقرير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، فإنه في توقيت الواقعة كان مازن الدباغ يشغل منصب المستشار التربوي الأول في المدرسة الفرنسية بدمشق.

وأضاف المركز، الذي يدعم القضية منذ سنوات إلى جانب منظمات حقوقية سورية أخرى، أن الأب اقتيد آنذاك إلى “سجن المزة العسكري”، ومنذ ذلك الحين اعتبر مع ابنه باتريك في عداد المختفين قسريا.

ولم يسبق لمازن دباغ ونجله الاشتراك في أية تحركات معارضة لنظام بشار الأسد، لا قبل انتفاضة مارس 2011 الشعبية ولا بعدها، وبعد غياب أي خبر عنهما منذ لحظة اعتقالهما تم تأكيد وفاتهما، وفق وثيقة رسمية حصلت عليها العائلة، في عام 2018، دون تحديد أسباب أو مكان الوفاة.

الحكم المتوقع

وكان تم رفع القضية ضد المسؤولين السوريين الثلاثة (علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود) من قبل عبيدة الدباغ، وهو أحد أقارب باتريك ومازن الدباغ.

وستستمر المحاكمة حتى يوم الجمعة المقبل 24 مايو، الذي ينتظر أن تصدر فيه المحكمة قرارها بحق هؤلاء المسؤولين.

وستكون المحاكمة مفتوحة للعموم مع ترجمة فورية إلى اللغة العربية، على مدى الأيام الأربعة المقبلة، ويحضرها شهود، بينهم محامين وأشخاص آخرين.

وقال كليمانس بيكتارت، المحامي الفرنسي الذي يمثل عائلة الدباغ: “إنه أمر تاريخي لأن هؤلاء هم كبار ضباط النظام السوري الذين تتم محاكمتهم”.

وأضاف: “إنه أمر مهم ليس فقط لعائلة الدباغ، بل للعديد من السوريين الآخرين. وهناك عائلات من الأشخاص الذين اختفوا لا زالوا ينتظرون أخبارا عن أحبائهم أو جثث القتلى”.

وقال محامون سوريون إن الحكم النهائي سيخرج بالتأكيد في الأيام المقبلة، ورغم أنه سيكون غيابيا إلا أن ذلك لن يؤثر على قوته وصلاحية تنفيذه، لأنه سيتم تعميمه على الإنتربول، وبالتالي سيكون المسؤولون الثلاثة (مملوك وحسن ومحمود) مطلوبين لكل العالم”.

أهمية القضية

وقال المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، إن هذه أول مرة تجري فيها محاكمة مسؤول سوري لا يزال جزءًا من النظام، وتفتح المجال أمام الضحايا والشهود، لكي يفضحوا كل ممارسات النظام في المعتقلات.

وأضاف أن المحاكمة ستكون ذات أهمية لجميع السوريين لأنها تتعلق بوقائع “الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء”، والتي وصفها بأنها “سلوك منهجي من قبل النظام”.

وأكد أن إدانة المحكمة القطعية للمسؤولين الأمنيين السوريين الثلاثة بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ستشكل “إدانة لنظام الأسد ككل ورئيسه، كونه يعطي الأوامر العليا من أعلى هرم السلطة”.

وعلى الرغم من أن المحاكمة “غيابية”، وأن المتهمين يقيمون في سوريا إلا أنها “مهمة كموقف قانوني، كونها تلاحق 3 رموز أمنية تابعة لنظام بشار الأسد”.

وبالإضافة إلى ذلك فإنها “تؤكد للمجتمع الدولي أنه لا يوجد تطبيع مع نظام يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأنه بدلا من تأهيله يجب محاكمته”.

ورفضت الحكومة السورية والأسد وحليفتها روسيا الاتهامات بارتكاب جرائم قتل جماعي وتعذيب في الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من 12 عامًا، والتي تقول الأمم المتحدة إنها أودت بحياة مئات الآلاف.

ولا توجد مساعي لمحاكمة أعضاء الحكومة السورية داخل سوريا، حيث يقول معارضون إن المحاكم تخدم مصالح الرئيس.

محاكمات سابقة

ولا توجد أي قضايا حتى الآن ضد النظام السوري في المحاكم الدولية، لأن سوريا ليست من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، أمرت محكمة العدل الدولية سوريا بوقف التعذيب.

لكن على مدى السنوات الماضية جرت عدة محاكمات للسوريين في دول أوربية مثل هولندا وألمانيا والسويد، لكن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاسبة شخصيات رفيعة المستوى قريبة من الأسد، وفقًا لموقع “الحرة“.

ويُحاكم طبيب سوري يدعى (علاء موسى) يشتبه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك تعذيب السجناء داخل المستشفيات العسكرية في سوريا، أمام محكمة فرانكفورت، وهي أحدث قضية في البلاد بسبب مزاعم التعذيب المرتبطة بالنظام السوري.

وفي أغسطس 2023 عادت الفضائح المرتبطة بالفرع الأمني “227” التابع لنظام الأسد إلى الواجهة من جديد، مع إعلان ألمانيا إلقاء القبض على مواطن سوري، الخميس، “للاشتباه القوي بارتكابه جرائم حرب وضد الإنسانية في سوريا”، في الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2015.

وكان قضاة التحقيق الجنائي في فرنسا أصدروا في وقت سابق مذكرة توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، القائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري، وذلك عقب تحقيق جنائي أجرته الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة للمحكمة القضائية في باريس.

لكن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا طلب في منتصف يناير 2024 من محكمة الاستئناف البتّ في صلاحية مذكرة الاعتقال بحق الأسد، استنادًا إلى أن إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس دولة على رأس عمله “يشكل استثناءً” يجب البت فيه من خلال محكمة أعلى قبل إجراء أي محاكمة، نظرا للحصانة التي يملكها الرئيس ورئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وهم في مناصبهم في “دولة ذات سيادة”.

ويُعتقد أن أكثر من 15 ألف سوري تعرضوا للتعذيب حتى الموت على أيدي مسؤولي مخابرات نظام الأسد، وتشير التقارير إلى مقتل أكثر من 230 ألف مدني، من بينهم 30 ألف طفل، وفقا لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى