أخبارأخبار العالم العربيالراديو

بعد تعرضها للمنع والإتلاف.. كيف تصل المساعدات الإغاثية إلى غزة؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

مشاهد صادمة تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي مؤخرًا لمجموعة من المتطرفين الإسرائيليين وهم يعترضون شاحنات المساعدات الإغاثية المتوجهة إلى غزة، ويقومون بإتلافها، في حلقة جديدة من حلقات تشديد الحصار على سكان القطاع وتجويعهم، بعد احتلال المعابر وإغلاقها، ومنع وصول المساعدات للتخفيف من معاناة الحرب المستمرة منذ أكثر من 7 أشهر.

هذه التطورات أثارت الكثير من التساؤلات لدى المتبرعين والمانحين في أمريكا حول مصير هذه المساعدات، وهل تصل بالفعل إلى أهالي غزة، وما هو الواقع على الأرض بعد ممارسات المنع والإتلاف وإغلاق المعابر التي حدثت مؤخرًا، وكيف تتغلب المنظمات الإغاثية على هذه العقبات وتتمكن من توصيل المساعدات لأهالي غزة في ظل هذه الظروف الصعبة؟

شهادة من الميدان

في هذا الإطار انضمت إلينا مراسلة راديو صوت العرب من غزة، رواء أبو معمر، لتحدثنا عن الأوضاع هناك، كما انضم السيد عمر الريدي، المتحدث الرسمي باسم منظمة “Life” للإغاثة والتنمية، والمشرف على برامج عمليات الإغاثة في الشرق الأوسط ليحدثنا حول هذا الموضوع الهام.

* معنا مباشرةً من غزة؛ مراسلتنا رواء أبو معمر، للحديث عن الوضع الإنساني الصعب والمأساوي على الأرض هناك في القطاع، ما الجديد لديكِ رواء؟.

** بدايةً؛ خالص التحية لراديو صوت العرب من أمريكا ومستمعيه، أتحدث إليكم من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، هذه المدينة التي كانت تضم قبل 5 أيام فقط من الآن 1.5 مليون نازح من مختلف مناطق القطاع، بسبب الحرب الإسرائيلية الدائرة منذ 7 أشهر.

أتحدث إليكم من هنا حيث بدأت تتشكل كارثة إنسانية عميقة نتيجة الهجمات التي تعانيها مدينة رفح بشكل مستمر، وبسبب الاجتياح البري المحدود على شرق المدينة، حيث أصبح هناك عدد من الناس ينزحون إلى المناطق الوسطى وخان يونس، حث فقدنا قبل أسبوع حوالي 450 ألف شخص نزحوا من هنا.

يحدث ذلك بالتزامن مع إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، ومعبر رفح كانت الحالات الإنسانية الصعبة تخرج من خلاله، أما معبر كرم أبو سالم فكانت تأتي منه المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وقد بتنا منذ أسبوع تقريبًا لا تدخل إلينا أي مساعدات.

في ظل هذه الأوضاع تمنع قوات الاحتلال شاحنات المساعدات من الوصول إلى النازحين، وهو ما يعمّق المجاعة التي يعاني منها سكان القطاع منذ بداية الحرب، ويُضاف إلى كل ذلك أعداد الشهداء المتزايدة، وضعف الإمكانيات الطبية، فهناك 35 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، والعدد في تزايد بسبب استمرار ارتكاب الاحتلال للمجازر.

أنا الآن أعيش في خيمة وسط الكثير من الخيام المنصوبة على مقربة من شاطئ رفح، في منطقة تعرف بنواصي رفح، حيث نفتقر إلى المياه والكهرباء وكل مقومات الحياة الأساسية، كما تنتشر أكوام القمامة مما يساعد على انتشار الأمراض بين السكان بشكل كبير.

رسالة شكر
* أحب أن أتوجه بالشكر إلى منظمة لايف التي استجابت لندائنا لتوفير الدعم والمساعدة لمراسلتنا رواء أبو معمر، وأتوجه إلى رواء بالسؤال حول المنظمات الإغاثية الأمريكية العاملة في غزة، ومدى مصداقيتها ودورها في التخفيف من المأساة الحالية؟

** دعيني أشكر منظمة لايف ومديرها على تلبية دعوتكم، والاستجابة العاجلة للفريق في غزة، حيث وفروا لي خيمة ممتازة ومواد تموينية ومواد تنظيف وعناية شخصية، وكانوا قمة في الرقي والتعامل، ودعيني أشكر د. عمر الريدي، وكل الفريق العامل هنا في غزة الآن.

* في ظل طلب الجيش الإسرائيلي منكم مغادرة المكان، إلى أين ستتجهون؟، وما هي متطلبات الحياة الأساسية التي تحتاجونها؟

** الناس هنا في حالة من الصدمة؛ لا أحد يعرف إلى أين سنتجه في ظل هذا المكان الآمن المحدود، هناك خوف ورعب منتشر في ظل عدم وجود أمن أو أمان في معظم مناطق القطاع حتى ولو وصفها القطاع بأنها آمنة، الاحتياجات الأساسية والمتطلبات كثيرة جدا، والناس يفتقرون إلى المواد الغذائية التي باتت شحيحة للغاية في القطاع.

عمليات توزيع المساعدات
* السيد عمر الريدي؛ بدايةً كيف تعلّق على ما قالته مراسلتنا رواء أبو معمر؟

** حمدًا لله على سلامتها، لا سيما وأنه من واجبي الإنساني بمجرد أن علمنا منكم في صوت العرب عنها، تحركنا على الفور لمساعدتها انطلاقًا من واجبنا ودورنا الذي نقوم به، وبشكل عام فإننا نحرص كل الحرص على أن نوفر الدعم لكل أهلنا في داخل غزة، وتسعدنا الانطباعات الطيبة حيال ما نقدمه.

* كيف تمضي عمليات تسليم المساعدات في قطاع غزة في ظل هذه الظروف الصعبة؟

** الوضع في غزة يتغير بشكل يومي بالنسبة للمؤسسات الإغاثية العاملة هناك، والتي ترسل إغاثاتها من الخارج، وفي آخر 7 أيام أصبح إرسال المساعدات من الخارج أمرًا مستحيلًا.

أما بخصوص عمليات التوزيع في الداخل؛ فمن المؤسف أن العاملين في مجال الإغاثة لا يحصلون بشكل كامل على حقهم الطبيعي المكفول لهم من الأمم المتحدة، والمتمثل في التحرك بحرية وبتنسيقات سهلة، وبالتالي أصبح حالهم مثل حال النازحين، وبات من الصعب للغاية الوصول إلى كل الأفراد لا سيما في ظل النزوح المستمر والقصف الذي يطال كل مكان تقريبًا.

* رواء؛ ما حجم المساعدات الإغاثية التي ترينها كشاهدة عيان وكصحفية، ويتم توزيعها في رفح؟

** المساعدات قبل أسبوعين من الآن كانت إلى حد ما ملبية لكافة الاحتياجات الخاصة بالنازحين، أما الآن بعد إغلاق المعبر فإننا بالكاد نراها، وحين نراها فإنها تكون على أرفف بعض المحلات للبيع، وتكون بأسعار باهظة للغاية، لا سيما في ظل تهديدات الاحتلال المستمرة لاجتياح المدينة.

حلول في الأفق
* السيد عمر الريدي؛ هل في الأفق أي حل يلوح لحلحلة الأزمة وفتح المعابر؟

** معبر رفح مغلق تمامًا، دخلت منه 3 شاحنات تجارية، وليس إغاثية، وهناك أيضا معبر كرم أبي سالم، ومعبر آخر قريب من زكيم، دخل منهما القليل من المساعدات، وهي تلك التي تمت مهاجمتها والاستيلاء على بعضها من قبل المستوطنين، لأنها لا بد أن تمر أولًا على الأراضي المتحدة، وهناك مساعدات ضئيلة للغاية وصلت للشمال، وقد سمعنا جميعا عن الميناء البحري، والذي من المفترض أن أول قافلة إغاثية ستحط في الميناء خلال ساعات.

وطُلِبَ منا كمؤسسات إغاثية أن ننسق مباشرةً مع الهلال الأحمر المصري، والهلال الأحمر الفلسطيني، ومع هيئة الطوارئ والإيواء في القطاع، ولم يكن لنا أي شكل مباشر من التعامل مع الأمم المتحدة، ولكنهم أرسلوا لنا منذ 3 أيام رابطًا كي نسجل من خلاله الشاحنات التي تدخل، فمن الواضح أن هناك تنسيقات تخص إدخال المساعدات من خلال الأمم المتحدة وتقوم بتوزيعها.

وفي هذا الصدد؛ أنا كانت لدي ملاحظة وأنتظر منهم الرد عليها خلال أيام، وهي: هل بإمكان الأمم المتحدة أن تكفل غزة بأكملها؟، أنا لست من سكان القطاع، ولكنني من خلال عملي في الميدان كانت الأونروا تعمل وكذلك الـ WFP وغيرهما من مؤسسات العالم الإغاثية، وبالرغم من ذلك كان هناك احتياجًا، وأسرًا بأكملها لم تصلها تلك المساعدات.

وبالتالي إذا كفلنا المساعدات الخاصة بالنازحين والمحتاجين في القطاع إلى هيئة واحدة، حتى وإن كانت أممية، فلا أظن أنها ستفي بالغرض، وتأكيدًا على ما قالته الأستاذة رواء؛ فإنه قبل الحرب كانت تصل لغزة يوميًا 600 شاحنة، وبعد الحرب قلّ العدد جدًا.

* رواء؛ كيف تعلقين على ما قاله السيد عمر؟؛ هل تستطيع الأمم المتحدة وحدها أن تتولى توزيع المساعدات على النازحين والمحتاجين في القطاع بشكل فعّال؟

** لدى الأمم المتحدة تواجد كبير في غزة، ولديها أيضا بيانات معظم العائلات في القطاع، وبالتالي فإنها لديها الوسيلة لإيصال المساعدات إلى معظم الأفراد.

عمل لا يتوقف
* سيد عمر؛ من خلال ما تراه على أرض الواقع من إغلاق للمعابر ووصول الأزمة إلى حد المجاعة، كيف ترى مستقبل هذه الأزمة؟

** أنا أتمنى أن يتم الوصول إلى حل قريب، وكما رأينا قبل 4 أسابيع حين تحسنت الأوضاع وتمكننا من إدخال المساعدات إلى القطاع، فإننا قمنا بإدخال كل ما يمكن إدخاله، وأنا الآن أتواجد في تركيا لتصنيع 4 آلاف خيمة جديدة.

لم أتوقف عن العمل وأقول إن المعبر مغلق وبالتالي سنتوقف عن تصنيع الخيام، بل على العكس تماما، فإننا مستمرين في العمل على تصنيعها، وفي نفس الوقت مستمرين في ملء المخازن اللوجستية الخاصة بنا في مصر وفي الأردن، وبمجرد أن يتم فتح تلك المعابر وإيجاد الآلية المناسبة لإيصال المساعدات فإننا سنقوم على الفور بإدخال كل ما نستطيع إدخاله.

رسالة أخيرة
* رواء؛ ما هي رسالتك للجاليات العربية، لا سيما وأنك تنقلين أصوات كل أهلنا في غزة؟

** رسالة واضحة مني كصحفية وكنازحة في المخيمات في رفح؛ أتوجه لكافة الجاليات ولكل مستمعي راديو صوت العرب من أمريكا، بوصف واقع القطاع المدمر وبنيته التحتية المدمرة تماما، وأناشد الجميع بأن يطالبوا بإيقاف هذه الحرب المجنونة والمدمرة، 35 ألفًا من الأطفال والنساء هم الضحايا حتى الآن، ولا يزال العدد في تزايد باستمرار.

* سيد عمر؛ هل لديك رسالة أخيرة توجهها لكل من يستمع لنا حيال ما يحدث في غزة؟

** غزة في احتياج لكم، وأهلها بحاجة لمن يقف بجوارهم، نرجوا منكم الاستمرار في الدعم والتبرع، ليس فقط لمنظمة لايف، وإنما لأي منظمة تثقون فيها وتتأكدون أنها ترسل أموالكم ومساعداتكم إلى أهالي القطاع.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى