أمريكا تتراجع 10 مراكز في مؤشر حرية الصحافة.. واليونسكو تمنح جائزتها لصحفيي غزة

كشف التقرير السنوي حول مؤشر لحرية الصحافة للعام 2024، والذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، عن تراجع كبير للولايات المتحدة الأمريكية في المؤشر الذي يقيم حرية العمل الإعلامي حول العالم.

وأشار التقرير إلى أن  تصنيف الولايات المتحدة تراجع 10 مراكز دفعة واحدة، من المرتبة 45 في العام الماضي إلى المرتبة 55 من بين 180 دولة في تصنيف العام الحالي 2024.

عقبات هيكلية

ووفقًا لموقع “الحرة” فقد أوضح التقرير أن انتهاكات حرية الصحافة في الولايات المتحدة التي تنامت منذ 2020، شهدت تراجعًا كبيرًا في وتيرتها، بما يؤشر إلى أن “هناك عقبات هيكلية في هذا المجال” في دولة تعتبر “نموذجًا في حرية التعبير”.

ووفقًا لموقع “تتبع حرية الصحافة في الولايات المتحدة” الذي يوفر قاعدة بيانات لانتهاكات حرية الصحافة في أمريكا، فقد اعتقلت سلطات إنفاذ القانون منذ بداية العام 2024 حوالي 14 صحفيًا، فيما تعرض 16 آخرون لمضايقات، وكانت غالبية هذه الحوادث خلال تغطيات الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.

وخلال العام الماضي 2023 تعرض 13 صحفيًا للاعتقال في الولايات المتحدة، بينما واجه 45 آخرين مضايقات من سلطات إنفاذ القانون.

ويتحدث تقرير “مراسلون بلا حدود” عن سياقات ترتبط بالمشهد الإعلامي في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنها رغم عملها بمنأى عن أي تدخل رسمي “إلا أن ملكية وسائل الإعلام تتسم بتمركز شديد”، حيث يتم التركيز على الأرباح والتوجهات السياسية على حساب حرية الصحافة.

فعلى سبيل المثال كان للاستقطاب فيما يتعلق بالحرب على غزة انعكاسات في الصحافة الأمريكية “إذ كان هناك تحيز للجانب الإسرائيلي بشكل واضح، من دون إيلاء الانتباه لما يتم سرده من الجانب الفلسطيني، ضاربًا بالتوازن عرض الحائط، وهو ما أدى إلى عزوف عن متابعة أخبار الحرب من وسائل الإعلام الأمريكية، والتوجه لشبكات التواصل الاجتماعي، خاصة من قبل فئة الشباب الأمريكي.

وحذر التقرير من المضايقات والترهيب والاعتداءات التي تطال العاملين في الإعلام، إذ يتعرض الصحفيون لهجمات واعتداءات جسدية من قبل متظاهرين أو حتى يطالهم الاعتقال من سلطات إنفاذ القانون.

بيان إدارة بايدن

وكان الرئيس جو بايدن قد أصدر بيانًا أمس بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أكد فيه أنه “لا ينبغي للصحافة أن تكون جريمة في أي مكان على وجه الأرض. وأضاف: “ونحن إذ نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة، نكرم شجاعة وتضحيات الصحفيين والإعلاميين في جميع أنحاء العالم الذين يخاطرون بكل شيء بحثا عن الحقيقة”.

ودعا بايدن في بيانه “إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحفيين الذين تم وضعهم خلف القضبان لمجرد قيامهم بعملهم”، إضافة إلى “حماية الصحفيين في كل مكان، بما في ذلك أثناء العمليات العسكرية”.

وكشف بايدن أن إدارته ستتخذ في الأسابيع المقبلة “إجراءات تنفيذية ردًا على الحملة العالمية ضد حرية الصحافة، مثلما يتجلى في الاحتجاز غير المشروع للصحفيين في جميع أنحاء العالم”.

فيما شدد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في بيان له بهذه المناسبة على أهمية الدور الأساسي الذي تلعبه وسائل الإعلام المستقلة والحيوية في المجتمعات الديمقراطية.

وقال إن “توفر المعلومات الدقيقة والأفكار والآراء، بما في ذلك تلك الآراء المعارِضة، بصورة حرة يعد ضروريا وحيويا لإقامة حكم شفاف، متجاوب وشامل”.

وأضاف: “في سعيهم الدؤوب لكشف الحقائق، يتعرض الصحفيون لمخاطر جسيمة بمجرد أدائهم لمهامهم اليومية.. وتواصل الحكومات الاستبدادية والجهات الفاعلة من غير الدول استخدام المعلومات المضللة والدعاية الموجهة لتقويض الخطاب الاجتماعي وعرقلة جهود الصحفيين الرامية لإعلام الجمهور ومساءلة الحكومات وتسليط الضوء على الحقيقة”.

ودعا بلينكن جميع الدول إلى مضاعفة جهودها لضمان أمان الصحفيين، وتأكيد الدعم القوي لوسائل الإعلام الحرة والمستقلة في جميع أنحاء العالم.

جائزة صحفيي غزة

من ناحية أخرى تسلم نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، جائزة حرية الصحافة التي منحتها منظمة اليونسكو هذا العام للصحفيين الفلسطينيين الذين غطوا الحرب الإسرائيلية على غزة، وذلك في احتفال أقامته اليونسكو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في “سانتياغو” عاصمة تشيلي.

ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فقد قال أبو بكر، في كلمة له بعد تسلم الجائزة: “اشعر بالفرح والفخر، لكنه الفرح الممزوج بالحزن على فراق شهداء الصحافة الفلسطينية، وأيضا ممزوج بالتصميم والإرادة على محاسبة ومحاكمة القتلة المجرمين الذين قتلوا هذه الكوكبة التي كانت تكشف للعالم حقيقة الاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني في غزة”.

وأضاف: “إنه لشرف عظيم أن أقف اليوم بينكم وأمامكم لأتحدث باسم صحفيي فلسطين في غزة الحبيبة، فهم صوت الحقيقة الذي سيظل يصدح في أركان المعمورة، وهم شهود الحقيقة والشهود على أبشع وأكبر مجزرة شهدها الإعلام في تاريخه راح ضحيتها أكتر من 135 صحفيًا حتى الآن”.

وتابع: “سبعة أشهر مرت على هذه الحرب بكل تفاصيلها وفصولها المرعبة، حيث قتل بها الاحتلال الإسرائيلي خيرة الخيرة من صحفيينا، ودمر أكتر من 80 مؤسسة إعلامية، وشرد الصحفيين في الخيام وساحات المستشفيات، وأصاب العشرات من الصحفيين بجروح، وقتل المئات من عائلاتهم، ودمر بيوتهم، ويتّم أطفالهم”.

وأشار أبو بكر إلى جريمة تدمير كافة المؤسسات الإعلامية في غزة، ومنع الصحفيين الأجانب حتى هذه اللحظة من دخول غزه للتغطية الإعلامية، وهو ما لم يحصل في العالم أجمع إلا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومع ذلك ظل الصحفيون في غزه ينقلون للعالم ما تتعرض له غزة من حرب هي الأبشع في تاريخ الإنسانية جمعاء.

وشدد على أن نقابة الصحفيين ومعها الاتحاد الدولي للصحفيين وكافة نقابات الصحفيين في العالم ماضون في إجراءات مقاضاة مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين، وطالب النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، السيد كريم خان، بسرعة بدء إجراءات التحقيق في هذه الجرائم من أجل تطبيق قرارات الأمم المتحدة بعدم إفلات مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين من العقاب.

تقدير وتكريم

من جانبها ثمنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، منح منظمة اليونسكو جائزتها لحرية الصحافة هذا العام للصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، واعتبرت النقابة أن هذه الجائزة المهمة تأتي تقديرًا وتكريمًا للصحفيين الفلسطينيين في غزة، والذين يواصلون عملهم ورسالتهم الإعلامية بكل مهنية واقتدار، لفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم، رغم حجم التضحيات الكبيرة التي قدموها، ولا زالوا يقدمونها منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر من العام الماضي.

وأشارت النقابة أن هذه الجائزة تمثل شهادة إدانة للاحتلال على جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني بشكل عام، وبحق الحالة الصحفية في قطاع غزة بشكل خاص، كما أنها شهادة لمهنية الصحفي الفلسطيني وتكريما لأرواح شهداء الحركة الصحفية في الوطن والشتات منذ النكبة حتى يومنا هذا.

فيما اعتبر الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنطوني بيلانجي، إن منح اليونسكو جائزة “غييرمو-كانو” العالمية لحرية الصحافة لعام 2024 للصحفيين في غزة، يشكل تشجيعاً عظيماً يستحقونه عن جدارة.

وقال في تصريحات له: “إن هذه الجائزة هي تقدير حقيقي لالتزام الصحفيين في غزة تجاه الإعلام. وعلى مدى سبعة أشهر، قام الاتحاد الدولي للصحفيين بدعم الصحفيين في غزة من خلال نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وهي المنظمة التمثيلية الوحيدة في فلسطين، ومن خلال توفير أدوات الإسعافات الأولية وبطاريات شحن الهواتف والخيام والملابس والطعام”.

وأضاف: “الصحفيون في غزة يعانون من الجوع والتشرد ويتعرضون لخطر الموت. إن اعتراف اليونسكو بمعاناتهم يشكل تشجيعاً عظيماً يستحقونه عن جدارة”.

وتابع: “خلال زيارتي الأخيرة لفلسطين في نوفمبر 2023، تأثرت بشدة بكلمات ونظرات زميلاتي وزملائي الصحفيين، وإصرارهم المذهل الذي لن أنساه أبدًا”.

تعليق
Exit mobile version