أخبار

الإنفاق العسكري العالمي يسجل أعلى مستوى له في التاريخ بقيمة 2.5 تريليون دولار

كشف تقرير حديث أصدره مركز أبحاث عالمي أن الإنفاق العسكري في جميع أنحاء العالم وصل خلال العام الماضي 2023 إلى أعلى مستوى له في التاريخ، مسجلًا نحو 2.5 تريليون دولار.

وقال معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) إن الإنفاق الدفاعي العالمي البالغ 2443 مليار دولار العام الماضي يمثل زيادة بنسبة 6.8% عن عام 2022، وهو العام التاسع على التوالي من زيادة الإنفاق العسكري.

وكشف التقرير، الذي أصدره المعهد المعني بمراقبة ورصد الإنفاق العسكري في جميع أنحاء العالم، أن الإنفاق العسكري العالمي للشخص الواحد بلغ 306 دولارات، وهو أعلى رقم يتم تسجيله منذ عام 1990.

وكتب الباحثون في التقرير: “يمكن أن يعزى ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي في عام 2023 في المقام الأول إلى الحرب المستمرة في أوكرانيا، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في آسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط”.

وقالوا إن الإنفاق العسكري ارتفع في جميع المناطق الجغرافية الخمس، لكن تم تسجيل زيادات كبيرة في الإنفاق في أوروبا وآسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط”.

وذكرت صحيفة The Hill أن الإنفاق الدفاعي العالمي ارتفع مع عودة المنافسة بين القوى العظمى وعالم أكثر تعددًا للأقطاب، وهو ما دفع البلدان إلى إعادة التفكير في أولويات وسياسات الأمن القومي الحاسمة، من أوروبا إلى منطقة المحيط الهادئ.

أمريكا والصين تتصدران

ووفقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد تصدرت الولايات المتحدة قائمة أكبر المنفقين الـ10، التي تضم أيضا الصين وروسيا، والهند  والسعودية، وإسرائيل، وبريطانيا، وألمانيا، وأوكرانيا، وفرنسا.

وذكر التقرير أن الولايات المتحدة والصين تمثلان حوالي نصف إجمالي الإنفاق الدفاعي العالمي، وتمثل الدول العشرة الأولى في الإنفاق 74% من إجمالي الإنفاق العسكري.

وأنفقت الولايات المتحدة 916 مليار دولار على الدفاع في العام الماضي، وهو أعلى بكثير من أي دولة أخرى. فيما أنفقت الصين 296 مليار دولار على الدفاع العام الماضي، لتصبح ثاني أكبر دولة من حيث الإنفاق، وزادت ميزانيتها العسكرية بنسبة 6% اعتبارًا من عام 2022.

وأشار تقرير معهد ستوكهولم إلى أن الصين زادت نفقاتها العسكرية على مدى السنوات الـ 29 الماضية، لكن ذلك تباطأ في السنوات العشر الماضية، تماشيًا مع تباطؤ الاقتصاد. وقد ربط العديد من جيران الصين الزيادات في إنفاق تلك المنطقة بإنفاق الصين العسكري المتزايد.

وتعليقا على تلك الحالة قال شياو ليانغ، الباحث في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة في المعهد، “إن الصين توجه الكثير من ميزانيتها العسكرية المتنامية لتعزيز الاستعداد القتالي لجيش التحرير الشعبي، وقد دفع هذا حكومات اليابان، وتايوان، وغيرها إلى بناء قدراتها العسكرية بشكل كبير، وهو الاتجاه الذي سوف يتسارع أكثر في السنوات المقبلة.”

روسيا والحرب

وجاءت روسيا في المركز الثالث من حيث الإنفاق بمبلغ 109 مليارات دولار، بزيادة 24% عن عام 2022، و57% مقارنة بالعام 2014، ليشكل 16% من إجمالي الإنفاق الحكومي، فيما بلغ العبء العسكري 5.9%.

وتنفق روسيا 5.9% من إجمالي ناتجها الاقتصادي على الحرب، بحسب تقرير معهد ستوكهولم الذي أشار إلى أن أرقام موسكو في التقرير قد لا تكون دقيقة تمامًا بسبب غموض النظام المالي منذ الحرب في أوكرانيا.

أما أوكرانيا فاحتلت المرتبة الثانية في قائمة أكبر الدول المنفقة عسكريا في عام 2023، بعد ارتفاع الإنفاق بنسبة 51%، مقارنة بالعام الماضي و1270% منذ العام 2014، ليصل إلى 64.8 مليار دولار. ما يعد عبئا عسكريا على أوكرانيا ويمثل 58% من إجمالي الإنفاق الحكومي.

وأشار التقرير إلى أن الإنفاق العسكري لأوكرانيا في عام 2023 كان يعادل 59% من حجم الإنفاق العسكري الروسي. مع ذلك، تلقت أوكرانيا ما لا يقل عن 35 مليار دولار من المساعدات العسكرية خلال العام، بما في ذلك 25.4 مليار دولار من الولايات المتحدة، مما جعل مجموع هذه المساعدات والإنفاق العسكري الأوكراني يعادل حوالي 91% من الإنفاق الروسي.

باقي الأعلى إنفاقًا

بينما جاءت الهند في المركز الرابع من حيث الإنفاق بمبلغ 83.6 مليار دولار، أي أعلى بنسبة 4.2% مما كان عليه في عام 2022.

وفي شرق آسيا، ارتفع الإنفاق الدفاعي مع تصاعد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بين الصين والولايات المتحدة وحلفائها، حسبما يظهر التقرير.

وأنفقت اليابان، التي ابتعدت عن سياسة سلمية طويلة الأمد وتتحرك لزيادة الإنفاق العسكري، حوالي 50 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يزيد بنسبة 11% عما كانت عليه في عام 2022 و31% أكثر مما كانت عليه في عام 2014.

وزادت تايوان، وهي دولة جزيرة تتمتع بالحكم الذاتي وتهددها الصين، ميزانيتها العسكرية بنسبة 11% العام الماضي.

وفي أوروبا، ارتفع الإنفاق الدفاعي إلى 588 مليار دولار، بزيادة 16% عن عام 2022 و62% عن عام 2014، حسبما ذكر معهد ستوكهولم.

وتأتي الزيادة في الإنفاق الدفاعي في القارة في الوقت الذي يحاول فيه أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) الوصول إلى هدف 2% من الناتج الاقتصادي للإنفاق الدفاعي، وهو هدف أكثر إلحاحًا بسبب الحرب في أوكرانيا.

وفيما يتعلق بنفقات الدول الأعضاء الـ31 في حلف (الناتو) عام 2023، فقد ذكر التقرير أنها بلغت1341 مليار دولار، أي ما يعادل 55% من الإنفاق العسكري في العالم. مشيرا إلى أن الإنفاق العسكري للولايات المتحدة يعادل 68% من إجمالي الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي.

الشرق الأوسط

كما ذكر التقرير أن الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط ارتفع  بنسبة 9.0% ليصل إلى 200 مليار دولار في عام 2023. وكان هذا أعلى معدل نمو سنوي تشهده المنطقة في العقد الماضي.

واحتلت المملكة العربية السعودية المركز الأول في الشرق الأوسط والخامس عالميًا من حيث حجم  الإنفاق العسكري بمبلغ 75.8 مليار دولار.

وأفاد التقرير بأن الإنفاق العسكري الإسرائيلي -وهو ثاني أكبر إنفاق في المنطقة بعد السعودية- زاد بنسبة 24% ليصل إلى 27.5 مليار دولار في عام 2023 مدفوعا بالعدوان الإسرائيلي واسع النطاق على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وكانت إيران رابع أكبر منفق عسكري في الشرق الأوسط في عام 2023 بمبلغ 10.3 مليارات دولار. ووفقا للبيانات المتاحة، ارتفعت حصة الإنفاق العسكري المخصصة للحرس الثوري من 27% إلى 37% بين عامي 2019 و2023.

وارتفع الإنفاق العسكري الجزائري بنسبة 76% ليصل إلى 18.3 مليار دولار. وهو أعلى مستوى إنفاق سجلته الجزائر على الإطلاق. ويعود ذلك -إلى حد كبير- إلى الارتفاع الحاد في عائدات صادرات الغاز إلى دول أوروبا مع ابتعادها عن الإمدادات الروسية.

وسجل جنوب السودان ثاني أكبر نسبة زيادة (78%) وسط أعمال العنف الداخلي وامتدادات الحرب في السودان. وقد أظهرت جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر نسبة زيادة في الإنفاق العسكري عالميا في عام 2023، حيث زاد الإنفاق العسكري للبلاد خلال عام بنسبة 105%.

بنود الإنفاق

ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فقد نبه المعهد في تقريره إلى أن الإنفاق العسكري يشمل جميع أوجه الإنفاق الحكومي على القوات والأنشطة العسكرية الحالية، بما في ذلك الرواتب والمزايا، والنفقات التشغيلية، ومشتريات الأسلحة والمعدات، والبناء العسكري، والبحث والتطوير، والإدارة المركزية والقيادة والدعم. ولذلك فإن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام لا يشجع استخدام مصطلحات مثل “الإنفاق على الأسلحة” عند الإشارة إلى الإنفاق العسكري.

وقال نان تيان، باحث أول في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة إن الارتفاع غير المسبوق في الإنفاق العسكري هو استجابة مباشرة للتدهور العالمي في السلام والأمن”. “تعطي الدول الأولوية للقوة العسكرية، لكنها تخاطر بحدوث دوامة من الفعل ورد الفعل في المشهد الجيوسياسي والأمني المتقلب بشكل متزايد.”

أما لورنزو سكارازاتو، الباحث في نفس البرنامج  فيقول “بالنسبة لدول الناتو الأوروبية، فقد غيرت الحرب في أوكرانيا خلال العامين الماضيين بشكل جذري التوقعات الأمنية، وانعكس هذا التحول في تزايد حصص الناتج المحلي الإجمالي الموجهة نحو الإنفاق العسكري، حيث يُنظر بشكل متزايد إلى هدف الناتو المتمثل في 2% باعتباره خط الأساس وليس عتبة يجب الوصول إليها”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى