أخبار

لماذا لم تتبنى إسرائيل الهجوم على إيران.. وما هي تفاصيله؟

كشفت تقارير إسرائيلية وأمريكية أن إسرائيل قامت بتوجيه ضربة داخل إيران فجر اليوم الجمعة، دون أن تعلن عنها بشكل رسمي، فيما أعلنت إيران أن هناك إنفجارات وقعت بالفعل في سماء مدينة أصفهان، وتم تفعيل المضادات الدفاعية في أجواء البلاد.

وأرجعت وكالة مهر الإيرانية والتلفزيون الإيراني أصوات الانفجارات إلى قيام الدفاع الجوي بإسقاط 3 مسيّرات صغيرة في أجواء أصفهان فجرًا.

وكانت إسرائيل قد توعدت بالرد على الهجوم الذي شنته إيران ضدها نهاية الأسبوع الماضي بمئات الصواريخ والمُسيرات، ردًا على استهداف مقر قنصليتها بدمشق في الأول من أبريل الجاري بقصف إسرائيلي، مما أدى لمقتل 7 من قادة وعناصر الحرس الثوري الإيراني.

تفاصيل الهجوم

ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فقد استهدف الهجوم المنسوب لإسرائيل قاعدة عسكرية إيرانية بالقرب من مدينة أصفهان، وكان من الملاحظ أن هناك صمت من الجانبين الإيراني والإسرائيلي بعد تنفيذ الهجوم، حيث لم تتبناه إسرائيل، ولم تتهم إيران إسرائيل بالقيام به، وذلك رغم وجود تقارير إعلامية أمريكية تفيد بأن الهجوم نفذته إسرائيل ردًا على الهجوم الإيراني.

ونقلت التقارير عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إسرائيل نفذت عمليات عسكرية ضد إيران، مشيرين إلى أن إسرائيل أخبرت إدارة بايدن أمس الخميس أن الضربة الإسرائيلية ردًا على الهجوم الإيراني الأخير ستأتي خلال يوم أو يومين.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) إن الهجوم استهدف منطقة قرب قاعدة شيكاري الجوّية التابعة للجيش، وذكرت أنه تم التصدي له بمضادات أرضية على ارتفاع منخفض جدا.

وأكدت إيران أن الهجوم لم يتم بالصواريخ، وإنما حدث بـ3 مسيّرات صغيرة فحسب، تُعرف باسم الطائرات الانتحارية، وبأنها لا تقطع مسافات طويلة، وذلك ما دفع إيران لاعتبار الهجوم “حدثا أمنيا” ولم ينجم عن اعتداء من الخارج.

وقالت إيران إن الهجوم على أصفهان لم يسفر عن أي إصابات أو أضرار، لكنها علّقت لنحو 3 ساعات الطيران في مطاري الإمام الخميني ومهرآباد، وسرعان ما استؤنفت الرحلات الجوية.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم لحاق ضرر بالمواقع النووية الإيرانية في أصفهان عقب هجوم المسيّرات، كما أكدت إيران فور وقوع الهجوم أنه لم يستهدف المنشآت النووية.

وتعد أصفهان مركزًا عسكريًا مهما لإيران، فهي تحتوي منشأة نطنز النووية المختصة في تخصيب اليورانيوم، ومركز أصفهان لمعالجة اليورانيوم، وشركة صناعة الطائرات الإيرانية التي أنتجت مسيرات شاهد 129، وشاهد 136، وأبابيل، ومقاتلات كوثر، وصاعقة، فضلا عن قاعدة جوية عسكرية.

رد محدود

ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر قولها إن الإنفجارات التي دوت في مدينة أصفهان الإيرانية اليوم الجمعة كان مصدرها هجوم إسرائيلي، لكن إيران قللت من أهمية الحادث، وأشارت إلى أنها لا تخطط للانتقام، وهو رد يبدو أنه يهدف إلى تجنيب المنطقة حرب واسعة النطاق.

وقالت الوكالة إن النطاق المحدود للهجوم الإسرائيلي، ورد الفعل الإيراني الخافت بشأنه، يشيران إلى جهد ناجح من قبل الدبلوماسيين الذين يعملون على تجنب نشوب حرب شاملة.

وأشارت وسائل إعلام ومسؤولون إيرانيون إلى الحادث على أنه هجوم من قبل “متسللين”، وليس من قبل إسرائيل، وهو ما يجنب إيران الحاجة إلى الانتقام. وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز إنه لا توجد خطط للرد على إسرائيل بسبب الحادث، قائلًا: “لم يتم التأكد من المصدر الأجنبي للحادث. ولم نتلق أي هجوم خارجي، والنقاش يميل أكثر نحو حدوث تسلل وليس هجوم”.

وقال خبراء إن إسرائيل تجنبت الإعلان عن مسؤوليتها عن الهجوم، فيما تسعى إيران إلى التقليل من تأثير الهجوم، في محاولة من الجانبين لتجنب التصعيد، وإغلاق باب الهجوم والهجوم المضاد.

ولم تذكر إسرائيل شيئا عن الحادث، ورفضت حليفتها واشنطن التعليق على الحادث. وضغط الحلفاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، على إسرائيل طوال الأسبوع لضمان عدم حدوث أي رد انتقامي يؤدي إلى مزيد من التصعيد، وشددت الدول الغربية العقوبات على إيران لتهدئة إسرائيل بعد تعرضها للهجوم الإيراني.

ودعا وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع في بيان مشترك في ختام اجتماع في إيطاليا، جميع الأطراف على العمل لمنع المزيد من التصعيد، كما دعوا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، وتدفق المساعدات للمدنيين في غزة، وامتناع إسرائيل عن مهاجمة رفح، الملجأ الأخير لأكثر من مليون من سكان غزة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: “من الضروري للغاية أن تظل المنطقة مستقرة وأن تمتنع جميع الأطراف عن اتخاذ المزيد من الإجراءات”. وجاءت دعوات مماثلة من بكين وموسكو ودول عربية في المنطقة.

حذر إسرائيلي

من جانبها التزمت إسرائيل الصمت بعد وقوع الهجوم على إيران، ورفض جيشها التعليق على الأمر، كما طلبت من سفاراتها في دول العالم ألا تعلق على الهجوم.

لكن وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن تقديرات الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن “الهجوم على إيران” انتهى، لكن إسرائيل تحافظ على تأهب عال.

ووفقًا لتقديرات محللين عسكريين فإن إسرائيل اختارت الصمت وعدم الإعلان رسميًا عن أنها تقف وراء الهجوم الذي تعرضت له إيران، لتجنب أي رد إيراني واسع بالعمق الإسرائيلي.

وأشاروا إلى أنه من شأن الرد الإيراني أن يلحق دمارا شاملا بالجبهة الداخلية الإسرائيلية بالكامل، ويجر المنطقة إلى حرب إقليمية لا تعرف تل أبيب سيرها وتطوراتها.

وأوضح الخبراء أن الصمت في تل أبيب وغياب رواية رسمية عن الهجوم رغم التمادي بالتهديدات خلال الأيام الماضية من قبل حكومة نتنياهو، يأتي انطلاقا من إدراك قوة إيران المتزايدة، وتقييم مفاده أن إسرائيل تخشى حدوث مواجهة شاملة بينما هي متورطة في ساحات القتال في غزة ولبنان.

وقالوا إن إسرائيل تدرك أنه يمكن أن تتلقى المزيد من الهجمات الإيرانية في عمق أراضيها في حال اندلاع حرب إقليمية، لذلك كان هجومها على مواقع إيرانية محدودًا ومركزًا على موقع واحد في أصفهان، دون استهداف المنشآت النووية الإيرانية.

ويبدو أن الهجوم المنسوب إلى إسرائيل، بمثابة استعراض قدرات ونقل رسائل من تل أبيب إلى طهران مفادها “نحن قادرون على إلحاق أضرار جسيمة بكم”، واستعادة الردع من أجل عدم تحفيز إيران على الرد بقوة على الهجوم.

إحباط إسرائيلي

ويرى الخبراء أن الهجوم الإسرائيلي على إيران، المحدود وغير المعلن عنه، يعبر عن درجة من الإحباط إزاء الفخ الإستراتيجي الإقليمي الذي وقعت فيه إسرائيل، والتي باتت تواجه تحديات أمنية وتهديدات دون أن تتمكن من الحسم واستعادة الردع منذ اندلاع هجمات حماس عليها في السابع من أكتوبر الماضي، والحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة والقتال على الجبهة الشمالية مع حزب الله.

ومن وجهة نظر المحللين فإن إيران بهجومها العلني على إسرائيل الأسبوع الماضي تخطت الخطوط الحمراء، بينما الهجوم المنسوب لإسرائيل يفيد بأن تل أبيب تعيد القتال إلى مشهد ما وراء الكواليس للحد من تبادل الضربات المباشرة وتجنب نشوب حرب إقليمية.

غضب بن غفير

ويبدو أن الهجوم الإسرائيلي المحدود والصامت ضد إيران قد أثار غضب المتطرفين في الداخل الإسرائيلي والذي كانوا يدعون على رد قوي وحاسم ومباشر ضد إيران، ومن بينهم وزير الأمن الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الذي علق على –الهجوم على إيران بكلمة واحدة تضمنها منشور له على حسابه بمنصة إكس وهي كلمة “مسخرة!”.

وكان بن غفير قد طالب -عقب هجوم إيران على إسرائيل في 13 أبريل الجاري- بالرد “بجنون” على الهجوم الانتقامي الإيراني بهدف “خلق الردع في الشرق الأوسط”.

وفي تصريح متلفز، بثه عبر حسابه على منصة إكس، أوضح بن غفير أن “رد إسرائيل يجب ألا يكون ضعيفا، لأن مفاهيم الاحتواء والتناسب اختفت من العالم في السابع من أكتوبر الماضي” في إشارة إلى هجوم حماس على إسرائيل.

ووجه مسؤولون في الحكومة والمعارضة الإسرائيلية انتقادات لبن غفير، بسبب تصريحه الذي رأوا فيه تلميحًا لمسؤولية تل أبيب عن الهجوم بما يعرض أمن إسرائيل للخطر.

وقال زعيم المعارضة، يائير لبيد، على منصة إكس “لم يحدث من قبل أن ألحق وزير في الحكومة الأمنية مثل هذا الضرر الكبير بأمن البلاد وصورتها ومكانتها الدولية”. وأضاف “نجح بن غفير في السخرية من إسرائيل وفضحها من طهران إلى واشنطن”.

وتابع “أي رئيس وزراء آخر كان سيطرده من الحكومة هذا الصباح. وحتى الوزراء الذين يجلسون إلى جانبه، ويصمتون ليسوا خالين من المسؤولية. إنهم جزء من فشل لا يغتفر في الأمن والقيمة”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى