أخبار

بعد 20 عامًا.. محكمة فيدرالية تنظر دعوى عراقيين من ضحايا التعذيب في سجن أبو غريب

By فريق راديو صوت العرب من أمريكا

April 16, 2024

بدأت محكمة فيدرالية في ولاية فرجينيا، أمس الاثنين، نظر قضية تعذيب معتقلين في سجن أبو غريب في العراق، وذلك لأول مرة بعد مرور 20 سنة على الفظائع التي ارتكبت بحق هؤلاء المعتقلين عقب الاحتلال الأمريكي للعراق.

ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش ستركز المحكمة على قضية “الشمري وآخرين ضد شركة مركز التحليل الموحد (CACI)”، التي رفعها “مركز الحقوق الدستورية” الأمريكي نيابة عن 3 عراقيين من ضحايا التعذيب في السجن سيء السمعة.

وتتهم الدعوى المركز- وهو شركة أمنية خاصة استأجرتها الحكومة الأمريكية في عام 2003 لاستجواب السجناء في العراق- بالضلوع في التوجيه والمشاركة في التعذيب وباقي الانتهاكات في سجن أبو غريب. ويطالب الرجال الثلاثة بتعويضات لجبر الضرر، وعقاب المتهمين.

جراح عمرها 20 عام

وقالت “هيومن رايتس ووتش“، في بيان على موقعها الرسمي، إن 20 عامًا مرت منذ نشرت وسائل الإعلام رواية تعذيب معتقلي “الحرب على الإرهاب” في سجن أبو غريب وباقي السجون الأمريكية في العراق على يد الجيش و”وكالة الاستخبارات المركزية” الأمريكيَيْن.

لكن بالنسبة للرجال الذين تعرضوا لهذا التعذيب، يبدو الأمر وكأنه حدث بالأمس. فجراحهم الجسدية والنفسية تذكرهم كل يوم بما تعرضوا له من انتهاكات، وقال عديدون منهم إنهم يتمسكون بالأمل في أن تعتذر الحكومة الأمريكية يوما ما، وتمنحهم التعويض الذي يستحقونه.

وأشار البيان إلى أن الشركة المدعى عليها حاولت حث المحكمة على رفض النظر في القضية 20 مرة منذ رفعها لأول مرة في عام 2008، ولكن المحكمة قبلت القضية وبدأت النظر فيها أمس الاثنين.

وذكرت أن السبب الوحيد الذي سمح للمحكمة بالمضي قدمًا في هذا المحاكمة هو أنها استهدفت مقاولا عسكريًا. فقد رفضت المحاكم الأمريكية مرارًا قضايا مماثلة ضد الحكومة الفيدرالية بسبب قانون من العام 1946 يمنح الحصانة للقوات الأمريكية في الدعاوى الناشئة أثناء الحرب.

فضلا عن ذلك، لم تُنشئ الحكومة الأمريكية أي برنامج تعويض رسمي أو أي سبل عدالة أخرى لأولئك الذين يزعمون تعرضهم للتعذيب أو سوء المعاملة، فضلا عن انتفاء المسارات الكفيلة بالاستماع إلى قضاياهم.

وأكدت “هيومن رايتس ووتش” أن هذه الدعوى تشكّل خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة لهؤلاء الرجال الثلاثة الذين سيعرضون قضيتهم أخيرا أمام المحكمة. قائلة إنهم يمثلون القلة المحظوظة، حيث لا زال هناك المئات من الناجين الآخرين الذين ما زالوا يعانون من انتهاكات الماضي، لكن فرصهم في تحقيق العدالة ضئيلة.

ودعت المنظمة الحكومة الأمريكية لفعل الصواب والذي يتمثل في تحمّل المسؤولية عن انتهاكاتها، والاعتذار، وفتح سبل العدالة لمن حرموا منها طوال كل هذه السنوات.

شهادات المدعين

وخلال أول لشهادة الشهود، اليوم الثلاثاء، وصف المعتقل العراقي السابق، أسعد حمزة الزوبعي، للمحكمة كيف تعرّض للتعذيب على يد الجيش الأمريكي والمقاولين المدنيين في سجن أبو غريب سيء السمعة.

في حين شهد لواء متقاعد بأن تحقيقه الذي قام به في موقع الاحتجاز كشف عن سوء معاملة واسعة النطاق يتلقاها المعتقلون،

ووفقًا لصحيفة thehill ففي الدعوى المرفوعة ضد شركة CACI انضم إلى الزوبعي اثنان آخران هما سهيل نجم عبد الله الشمري، وصلاح حسن نصيف العجيلي. والمدنيون العراقيون الثلاثة، أُطلق سراحهم في نهاية المطاف دون أن توجه إليهم أي تهمة بارتكاب جريمة.

وشهد أسعد الزوبعي بأنه اعتقل للمرة الأولى من قبل القوات الأمريكية في الأول من نوفمبر 2003، وتم استجوابه أربع مرات في سجن أبو غريب، حيث احتُجز لمدة شهرين قبل نقله.

وقال إنه احتُجز في زنزانة، وفي وقت ما حُرم من وجود مرتبة وبطانية، بل وحُرم أيضًا من ملابسه، وتُرك عارياً تماماً لمدة ثلاثة أيام داخل الزنزانة.

وأضاف: “لم أستطع النوم”. “كان الجو باردًا جدًا.. وكانت قدمي متورمة، وكنت أبكي وأصرخ، ولم يتم توفير أي شيء لي”.

وزعم الزوبعي أن الحراس وضعوا غطاءً على رأسه واقتادوه إلى جلسات الاستجواب، التي كانت تتم أحياناً في مكان “بارد” و”عاصف” في الخارج.

وأكد أنه خلال استجوابه هددوه ذات مرة باغتصاب زوجته وإيذاء أطفاله. وشهد أيضًا أنه تعرض للضرب على الحائط، وتعرض مرتين لهجوم من كلاب شرسة عضته في ذراعيه وساقيه.

وقال أثناء المحاكمة: “كنت أشعر بالخوف، وأبكي وأصرخ”، مشيراً إلى أنه كان مقيداً إلى باب الزنزانة بينما كانت الكلاب تهجم عليه.

وقال الزوبعي إنه رأى معتقلين آخرين يتعرضون لسوء المعاملة، بما في ذلك سجناء عراة مكدسين “فوق بعضهم البعض”. وعرض الفريق القانوني للمدعي في المحاكمة صوراً لكومة من السجناء العراة الذين أُجبروا على التجمع معًا،  بينهم تحيط بهم كلاب شرسة لإخافتهم.

وأكد المعتقل السابق أنه لا يزال يعاني نفسياً وجسدياً من الفترة التي قضاها في سجن أبو غريب، قائلًا: “لا تزال ذراعي متضررة، وأعاني من الكوابيس، وتفاعلي مع عائلتي صعب، فغالبًا ما أبدأ بالصراخ وتكسير الأشياء”.

وشكك فريق الدفاع عن CACI في شهادة الزوبعي، مشيرين إلى أنه لا يستطيع التأكد مما إذا كان المدنيون أو الجنود هم من يعذبونه. وتساءلوا أيضًا عما إذا كان الحراس العسكريون تصرفوا من تلقاء أنفسهم دون تعليمات من الشركة.

وقائع موثقة

تم إغلاق سجن أبو غريب، الذي يُطلق عليه أيضًا اسم سجن بغداد المركزي، في عام 2014 بعد سنوات من الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة داخل جدرانه.

وأصبح اسم السجن اسماً مألوفاً لأولئك الغاضبين من ممارسات الاعتقال التي تمارسها المؤسسة العسكرية الأمريكية أثناء الحرب على الإرهاب، إلى جانب معسكر الاعتقال في خليج غوانتانامو في كوبا، الذي أطلق سراح مئات السجناء على مر السنين، ولكنه لا يزال يحتجز 34 معتقلاً حتى اليوم.

وأصبحت اتهامات التعذيب وسوء المعاملة في أبو غريب فضيحة في عام 2004 بعد انتشار صور ومقاطع فيديو للانتهاكات المزعومة. وقام الجيش الأمريكي بمراجعة موقع السجن ووجد أن هناك سوء معاملة هناك بالفعل.

وشهد اللواء المتقاعد، أنطونيو تاجوبا، الذي كان مسؤولاً عن التحقيق الذي بدأ في يناير 2004 في سجن أبو غريب، أنه يرى أن ادعاءات الزوبعي ومعتقلين آخرين ذات مصداقية.

وشهد تاجوبا أن أبو غريب، الذي كان يشرف عليه لواء الشرطة العسكرية 800، وكتيبة الشرطة العسكرية 320، وسرية الشرطة العسكرية 372، كانت تتم إدارته بشكل سيئ، مع ضعف الاتصال والتنسيق وضعف الرقابة.

وكشف تقريره الذي قدمه في ذلك الوقت عن “العديد من حوادث الانتهاكات الإجرامية الصارخة والوحشية”، بما في ذلك لكم وركل السجناء والتهديدات بمسدسات عيار 9 ملم.

كما تعرض السجناء للضرب بمقابض المكانس والكراسي، والتهديد بالاغتصاب، والترتيب في أوضاع جنسية صريحة، والتقاط صور لهم وهم عراة، كما تم استخدام الكلاب لتخويفهم.

وشهد تاجوبا بأن الحراس كانوا “يسيئون معاملة” السجناء، وأضاف: “لم يتبعوا الإجراءات الصحيحة”، مضيفًا أن ” الوضع كان محزنًا بعد مشاهدة مقاطع فيديو وصور لانتهاكات ترقى إلى عمليات غير قانونية”.

وقعت معظم أسوأ الانتهاكات المزعومة في أبو غريب في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2003. وكان إيفان فريدريك، ضابط الشرطة العسكرية السابق ورقيب أركان الاحتياط بالجيش، من بين 11 ضابطًا أدينوا وحوكموا عسكريًا لدورهم في فضيحة التعذيب والانتهاكات التي تمت في سجن أبو غريب.