ترامب يواجه غدًا أول محاكمة جنائية لرئيس أمريكي سابق بينما يسعى لولاية جديدة
للمرّة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، سيمثل الرئيس السابق، دونالد ترامب، غدًا الاثنين، أمام محاكمة جنائية قد تفضي إلى حكم بالسجن عليه، وقد تنسف جهوده للعود إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر المقبل.
المحاكمة الجنائية المرتقبة ستنطلق غدًا الاثنين في محكمة في مانهاتن في نيويورك عند الساعة 9,30 بالتوقيت المحلي (13,30 بتوقيت غرينيتش)، حيث سيتم انتقاء أعضاء هيئة المحلّفين للبتّ في ما إذا كان ترامب مذنبا في تزوير مستندات محاسبية لمجموعته العقارية “Trump Organization”.
ووفقًا للإدعاء فقد سمحت هذه المستندات المزوّرة بإخفاء مبلغ 130 ألف دولار دفعها محامي ترامب لممثّلة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيالز، لشراء صمتها بشأن علاقة جنسية أقامها معها ترامب قبل 10 سنوات، حتى لا يؤثر ذلك على حظوظه في الفوز بانتخابات الرئاسة 2016.
وقال المدعي العام في مانهاتن، ألفين براغ، إن “المسألة لا تتعلق بالمال والجنس… بل على مؤامرة للتلاعب بالانتخابات الرئاسية، ثمّ على أكاذيب في الوثائق المحاسبية للتستّر على الأمر”.
ورغم أن دفاع ترامب يؤكد أن هذه المدفوعات جرت تماشيًا مع القانون في مواجهة محاولة ابتزاز، يعتزم الادّعاء من جهته أن يثبت بالاستناد إلى شهادات أن فريق ترامب تستّر على فضائح أخرى من خلال دفع أموال، وأن الناخبين الأمريكيين تعرّضوا للخداع خلال الانتخابات الرئاسية في 2016 التي فاز بها ترامب في مواجهة هيلاري كلينتون.
وأعلن ترامب يوم الجمعة الماضي أنه يعتزم الإدلاء بشهادته في هذه المحاكمة الجنائية، وقال ردّا على تحذيرات من أن هذه الشهادة قد تكون محفوفة بالمخاطر من الناحية القانونية: “سأشهد. أنا أقول الحقيقة. أعني، كل ما يمكنني فعله هو قول الحقيقة”.
وردّا على الـ 34 تهمة التي وجّهت إليه قبل سنة على خلفية “تزوير مستندات محاسبية” يعاقب على كلّ منها بالسجن لمدّة قد تصل إلى 4 سنوات، دفع ترامب ببراءته، مندّدًا بحملة “تنكيل شعواء” هدفها منعه من العودة إلى البيت الأبيض.
تصادم الحملة والمحاكمة
ووفقًا لصحيفة The Hill تتصادم المشاكل القانونية لترامب مع حملته لانتخابات 2024، حيث من المقرر أن يقضي ترامب 4 أيام في الأسبوع في المحكمة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهو أمر انتقده الجمهوريون معتبرين أنه حيلة حزبية لمنع ترامب من العودة للبيت الأبيض مرة أخرى.
وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية الوطنية لحملة ترامب، “إن إستراتيجية جو بايدن والديمقراطيين الفاشلة للتدخل في الانتخابات هي محاولة إبعاد ترامب عن الحملة الانتخابية من خلال حصره في قاعة المحكمة”.
وأضافت: “لسوء الحظ بالنسبة لجو، يرى الناخبون أن ترامب هو أقوى مرشح لقيادة بلادنا ولا أحد يقاوم بقوة أكبر منه”. وتابعت قائلة: “سيواصل الرئيس ترامب النضال من أجل الحقيقة في قاعة المحكمة، ومشاركة رسالته خلال الحملة الانتخابية”.
لكن مساعدي ترامب قللوا من أهمية التهديد الذي تواجهه حملته للوصول إلى البيت الأبيض، وحددوا بالفعل طرقًا لتعظيم وقت الرئيس السابق خلال الأسابيع المقبلة.
وقال أحد حلفاء ترامب إن محاكمة مدينة نيويورك قد تكون أقل إزعاجًا لحملة ترامب من غيرها بسبب التوقيت. وأضاف: “إذا كنت ستجري محاكمة، فمن الأفضل أن تجريها في الربيع بدلاً من سبتمبر”.
وأشار إلى أن ترامب نفسه لاحظ أن تقدمه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري يتوسع بعد لوائح الاتهام التي وجهت إليه العام الماضي في مدينة نيويورك وفلوريدا وواشنطن العاصمة وجورجيا.
وقال مسؤول في حملة ترامب إنهم يخططون لاستخدام الظهور الافتراضي أثناء انشغاله بأيام المحاكمة، فيما سيستفيدون من أيام الإجازة في المحكمة أيام الأربعاء وخلال عطلات نهاية الأسبوع لتنظيم فعاليات يظهر فيها شخصيًا.
ومن المقرر بالفعل أن يحضر ترامب حملة لجمع التبرعات في ولاية كارولينا الشمالية في 20 أبريل، وهو يوم سبت. وقال المسؤول إن ترامب سيستغل الاهتمام الإعلامي المكثف بالمحاكمة لتوصيل رسالته بأنه ضحية قضية ذات دوافع سياسية.
وأضاف: “في كل مرة يكون الرئيس في المحكمة، يكون التركيز كله عليه وعلى الرسالة التي يقولها، فقد ثبت أن قدرة ترامب على السيطرة على موجات الأثير لم تُهزم بعد”.
لكن لا تزال هناك دلائل على أن المحاكمة نفسها قد تسبب مشاكل لترامب على المدى الطويل، خاصة إذا ثبتت إدانته.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس ونشر يوم الأربعاء أن 64 بالمئة من الناخبين المسجلين ينظرون إلى تهم الأموال السرية على أنها “خطيرة إلى حد ما” على الأقل، مقارنة بـ 34 بالمئة لم يعتبروا أن التهم في القضية خطيرة.
ومع ذلك، اعتُبرت محاكمة نيويورك أقل خطورة من القضايا الجنائية الثلاث الأخرى لترامب. على سبيل المثال، رأى 75% من الناخبين المسجلين أن القضية المرفوعة ضد ترامب في واشنطن العاصمة، لمحاولته إلغاء انتخابات 2020، خطيرة إلى حد ما.
وأظهر استطلاع أجرته صحيفة بوليتيكو/إبسوس في الفترة من 8 إلى 10 مارس أن 50% من المشاركين يعتقدون أن ترامب مذنب بارتكاب الجرائم المزعومة في قضية مانهاتن، وقال 36% من المستقلين إن الإدانة في القضية ستجعلهم أقل احتمالية لدعم ترامب.
كما أن إجبار ترامب على الجلوس في قاعة محكمة في نيويورك سيمنح البيت الأبيض وحملة بايدن فرصة للمقارنة، مع حرية الرئيس بايدن في السير كما يحلو له لزيارة الولايات الحاسمة.
وسيسافر بايدن إلى ولاية بنسلفانيا لمدة ثلاثة أيام هذا الأسبوع، حيث يزور سكرانتون وبيتسبرغ وفيلادلفيا. وسارعت حملته إلى تسليط الضوء على جدول سفر بايدن القوي طوال شهر مارس، عندما زار كل الولايات الحاسمة، بينما عقد ترامب عددًا قليلاً فقط من فعاليات الحملة العامة.