بأكثر من 100 ألف صوت “غير ملتزم”.. الناخبون العرب في ميشيغان يوجهون إنذارًا شديدًا لبايدن

أرسلت حركة “استمع إلى ميشيغان”، التي تعارض موقف الرئيس بايدن من الحرب على غزة، إنذارًا شديد اللهجة له في الانتخابات التمهيدية التي جرت في الولاية الثلاثاء الماضي.
حيث أظهرت النتائج أن عدد من اختاروا التصويت بـ“غير ملتزم” في صناديق الاقتراع تجاوز أكثر من 100 ألف ناخب ديمقراطي، وهو رقم يفوق توقعات الحملة نفسها التي كانت تأمل أن يبلغ عدد هذه الأصوات 10 آلاف صوت فقط.
ويشعر كثير من أبناء الجالية العربية في ميشيغان، الذين دعموا بايدن في عام 2020، بالغضب والإحباط تجاه بايدن، بسبب دعمه الحرب الإسرائيلية على غزة التي أدت إلى مقتل 30 ألف فلسطيني، وتدمير القطاع والتسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” فقد أظهرت النتائج الأولية، أن بايدن حصل على نحو 80% من الأصوات، مع قرابة 100 ألف صوت “غير ملتزم”، أي نحو 13.4% من الأصوات.
وأفادت المقاطعات التي جرت فيها الانتخابات في نتائج أولية أن 16% من الديمقراطيين في الولاية صوتوا بـ”غير ملتزم” بدلًا من إعطاء صوتهم لبايدن، وهي نسبة لافتة في الولاية المتأرجحة، التي تضم أكبر تجمع للأمريكيين العرب في أمريكا، وتظهر مدى تأثيرها على السباق نحو البيت الأبيض.
انقلاب ضد بايدن
وأفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن مدينة ديربورن ومدينتان أخرتان في ميشيغان تضمان عددًا كبيرًا من السكان العرب والمسلمين انقلبوا ضد بايدن في الانتخابات التمهيدية للولاية بعد أن حذره القادة الديمقراطيون هناك لعدة أشهر من أن الناخبين غاضبون من تعامله مع الحرب على غزة.
وتعد ولاية ميشيغان محطة حاسمة في السباق إلى البيت الأبيض، حيث تمتلك 16 مقعدا في المجمع الانتخابي، الذي يختار الرئيس الأميركي.
وبينما فاز بايدن في ولاية ميشيغان بأكثر من 623 ألف صوت، فإن النتائج في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك تسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه حملة إعادة انتخاب بايدن في ولاية متأرجحة، يدرك الحزبان الديمقراطي والجمهوري أهمية يفوز بها للوصول إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر المقبل.
وأدلى ما يقرب من 6500 ناخب في ديربورن بأصواتهم “غير ملتزمين”، أي ما مجموعه 56% من الأصوات مقابل 40% لبايدن.
وكانت النتائج أكثر وضوحا في هامترامك ذات الأغلبية المسلمة، حيث حصل “غير الملتزمين” على 61% من إجمالي الأصوات. وكانت هامترامك قد صوتت لصالح بايدن في عام 2020 بفارق 5 إلى 1.
من جانبه قال رئيس بلدية ديربورن الديمقراطي، عبد الله حمود: “لقد أثبتنا في مدينة ديربورن أن قضية غزة ليست قضية تهم الأمريكيين العرب والمسلمين فقط، وأنها قضية لجميع الأمريكيين من الساحل إلى الساحل”.
تشجيع الولايات الأخرى
وأشارت الوكالة إلى أن نتائج ولاية ميشيغان ستعطي دفعة كبيرة لتصويت “غير الملتزمين” في ولايات أخرى. حيث قال حاكم ولاية مينيسوتا الديمقراطي، تيم فالز، إن جزءًا من السكان الصوماليين في ولاية مينيسوتا، وهو الأكبر في البلاد، من المرجح أن يصوتوا بأنهم “غير ملتزمين” في الانتخابات التمهيدية في ولايته الأسبوع المقبل.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت حملة “التخلي عن بايدن” على مستوى البلاد زخمًا في الولايات المتأرجحة الرئيسية الأخرى.
وفي عام 2020، تمتع بايدن بتأييد 3 إلى 1 تقريبًا في ديربورن، ينتمي ما يقرب من نصف سكانها البالغ عددهم 110 آلاف نسمة إلى أصول عربية.
وفي الأشهر الأخيرة، أصبحت المدينة مركزًا لرد الفعل العنيف من جانب الديمقراطيين تجاه دعم بايدن لإسرائيل في الحرب على غزة التي بدأت في 7 أكتوبر الماضي.
ودعت النائبة رشيدة طليب، التي تمثل ديربورن، وهي أول امرأة أمريكية من أصل فلسطيني تفوز بعضوية الكونغرس، إلى التصويت “غير الملتزم”.
وأرسل بايدن مسؤولين كباراً من حملته وإدارته إلى منطقة ديربورن في الأشهر الأخيرة، بهدف معالجة رد الفعل العنيف دون جدوى.
وقال النائب عن ولاية كاليفورنيا، رو خانا، إن نتائج انتخابات الثلاثاء في ميشيغان أظهرت أن حملة بايدن “أمامها الكثير من العمل للقيام به”.
وأضاف: “هذا يظهر أن هناك مجموعات معينة من ائتلافنا تشعر بالانزعاج، ويجب أن يدرك البيت الأبيض أنه يتعين عليه إجراء تغييرات معينة في اللغة والعمل لاستعادة الناخبين في المجتمع الأمريكي العربي والمسلم والناخبين الشباب”.
فوز مهم لغير الملتزمين
وانضم العشرات من المؤيدين لحملة “استمع إلى ميشيغان” قد انضموا إلى عبد الله حمود وغيره من كبار القادة العرب الأمريكيين في أحد مطاعم ديربورن لمراقبة نتائج الانتخابات، واحتفلوا مع تدفق الأنباء عن تزايد أصوات “غير الملتزمين”.
ووصف العديد من المنظمين النتائج الأولية بأنها ناجحة، حيث تم تحقيق هدف الحملة المتمثل في الحصول على 10 آلاف صوت “غير ملتزم” بعد وقت قصير من إغلاق صناديق الاقتراع.
وقالت ليلى العبد، مديرة حملة “استمع إلى ميشيغان”: “ليس من المستغرب أن ينمو التصويت لصالحنا بهذا الحجم. وبينما نحتفل بهذا النصر الآن. نحن بحاجة إلى أن يستمع جو بايدن إلى صوت سكان ميشيغان”.
دلالة النتائج
وهناك مخاوف حقيقية لدى الديمقراطيين من أن يؤثر هذا التصويت الاحتجاجي على مساعي بايدن للفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، والتي يرجح أن يواجه فيها خصمه السابق دونالد ترامب.
وتعد حصة الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين صغيرة في ميشيغان، لكنها يمكن أن تكون حاسمة في حال كانت المنافسة متقاربة لحد كبير.
ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” فإن وجود واحد من كل ثمانية ديمقراطيين يصوتون ضد الرئيس في انتخابات تمهيدية سهلة نسبيا ليس بالأمر غير المعتاد على الإطلاق.
ففي الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين لم تتجاوز نسبة “غير ملتزم” 2%، بينما بلغت 11% في المرة الأخيرة التي سعى فيها رئيس ديموقراطي في الحكم إلى إعادة انتخابه، حين فاز باراك أوباما عام 2012.
لكن تصويت ثلاثة من كل أربعة ناخبين ديمقراطيين في المجتمعات العربية الأمريكية لصالح هذا الخيار يعد رقما لافتا للنظر ومؤشرًا قويًا على أن الحرب في غزة تشكل مخاطر سياسية حقيقية على الرئيس بايدن، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ووفقًا لموقع “الحرة” فإن كل صوت يمكن أن يكون مهمًا وحاسمًا في الانتخابات المقبلة في ظل الانقسام والاستقطاب الحاد الحاصل في البلاد، واحتمالات أن تكون هناك منافسة شرسة للغاية بين بايدن وترامب.
وفي حال تأرجح الناخبون الأمريكيون العرب والمسلمون بمقدار 30 نقطة لصالح ترامب، فقد يكلف ذلك بايدن خسارة ولاية ميشيغان، وبالتالي فمن الممكن أن يقرر هؤلاء الناخبون مصير انتخابات عام 2024.