أخبارأخبار العالم العربي

مجلس الأمن يتخلى عن وقف الحرب ويعتمد قرارًا بتوسيع المساعدات إلى غزة

بعد 5 أيام من المباحثات والمفاوضات أصدر مجلس الأمن الدولي قراره حول غزة، والذي انتهى بالتخلي عن المطلب الأساسي بوقف إطلاق النار لوقف نزيف الدماء وعدد الضحايا الذي تجاوز 20 ألفًا حتى الآن.

وبسبب الضغوط الأمريكية الإسرائيلية التي وقفت حائلًا دون تنفيذ الرغبة العالمية، اكتفى مجلس الخمسة الكبار، أصحاب حق النقض (الفيتو)، بقرار يدعو لتوسيع نطاق المساعدات إلى القطاع المحاصر، الذي يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بسبب الحرب العنيفة المستمرة للشهر الثالث على التوالي.

وقالت المديرة الإقليمية لمنظمة أوكسفام في الشرق الأوسط، سالي أبي خليل، إن فشل مجلس الأمن في الدعوة لوقف إطلاق النار بغزة أمر قاس وغير مفهوم، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار الفوري والدائم هو السبيل لتقديم المساعدات بالحجم والسرعة المطلوبين لمساعدة المدنيين في غزة.

وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعا اليوم حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية، اعتمد خلاله مشروع قرار مقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو العربي بالمجلس، يطالب بتوسيع نطاق المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة.

والقرار الذي حمل رقم 2720 صوت لصالحه 13 عضوًا، وامتنعت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا عن التصويت، ويدعو إلى “اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورًا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية”.

تفاصيل القرار

ووفقًا للموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة يطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين “كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار يكون مسؤولًا في غزة عن تيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة والواردة من الدول التي ليست أطرافًا في النزاع، والتحقّق من طابعها الإنساني”.

كما يطلب القرار من المنسق الجديد أن يقوم على وجه السرعة بإنشاء “آلية للأمم المتحدة من أجل التعجيل بتوفير شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة” عن طريق هذه الدول، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية وبغية تسريع وتيسير وتعجيل عملية توفير المساعدات مع الاستمرار في المساعدة على ضمان وصول المعونة إلى وجهتها المدنية. بالإضافة إلى ذلك، طالب القرار أطراف النزاع بأن تتعاون مع المنسّق للوفاء بولايته “دون تأخير أو عوائق”.

وطالب المجلس في قراره أطراف النزاع بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وحماية المدنيين والأعيان المدنية، ووصول المساعدات الإنسانية، وحماية العاملين في المجال الإنساني وحرية حركتهم. كما رفض “التهجير القسري للسكان المدنيين، بمن فيهم الأطفال”. وأكد مجددا التزامات جميع الأطراف “فيما يخص الامتناع عن مهاجمة، أو تدمير أو إزالة أو إتلاف الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة”.

طالب القرار أطراف النزاع أيضا بإتاحة وتيسير استخدام “جميع الطرق المتاحة المؤدية إلى قطاع غزة والكائنة في جميع أنحائه”، بما في ذلك التنفيذ الكامل والسريع للفتح المعلن عنه لمعبر كرم أبو سالم الحدودي، لتوفير المساعدة الإنسانية التي تتضمن الوقود الكافي للوفاء بالاحتياجات الإنسانية والغذاء والإمدادات الطبية ومساعدات الإيواء العاجل “إلى السكان المدنيين المحتاجين في جميع أنحاء قطاع غزة”.

كما طالب المجلس بتنفيذ القرار 2712 الذي اعتمده في منتصف شهر نوفمبر بالكامل، وطلب من جميع الأطراف المعنية الاستفادة الكاملة من آليات الإخطار الإنساني وتفادي التضارب العسكري – الإنساني القائمة لحماية جميع المواقع الإنسانية، بما فيها مرافق الأمم المتحدة، والمساعدة في تسهيل حركة قوافل المساعدات.

موقف أمريكا

وفي كلمتها عقب امتناعها عن التصويت على القرار، قالت الممثلة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد، إن بلادها “عملت بلا كلل للتخفيف من هذه الأزمة الإنسانية” وإخراج الرهائن من غزة ومن أجل سلام دائم.

وشكرت غرينفيلد، دولة الإمارات وغيرها من الدول على العمل مع فريقها بحسن نية، وأضافت: “اليوم، قدم هذا المجلس بصيص أمل، وسط بحر من المعاناة التي لا يمكن تصورها”. إلا أنها شددت على أن بلادها تشعر “بالفزع لأن المجلس لم يتمكن مجددًا من إدانة هجوم حماس الإرهابي المروع في 7 أكتوبر”.

وقالت إن المجلس أوضح في قراره ضرورة إطلاق سراح جميع الرهائن فورًا ودون قيد أو شرط، ووصول المنظمات الإنسانية إليهم، بما في ذلك الزيارات الطبية. وأضافت أن دعوة القرار لحماية المرافق الإنسانية تنطبق على كل من إسرائيل وحماس.

وقالت إن أمريكا تؤيد دعم المجلس لاستئناف الهدن الإنسانية في قطاع غزة، مشيرة إلى استعداد إسرائيل للتوصل إلى اتفاق آخر في هذا الصدد. وقالت: “الأمر الآن متروك بالكامل لحماس. ويجب أن توافق حماس على فترات هدن إضافية. هذه هي الطريقة التي يمكننا من خلالها إدخال مساعدات إضافية وإنقاذ الأرواح وإخراج مزيد من الرهائن على الفور”.

انتقاد روسي

أما الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، فقال إن قرار مجلس الأمن “لو لم يحظَ بتأييد عدد من الدول العربية، لكنا استخدمنا حق النقض (الفيتو) ضده”. وأكد أن بلاده ترى باستمرار أن العالم العربي قادر على اتخاذ القرارات ويتحمل المسؤولية الكاملة عنها، “وهذا السبب الوحيد الذي جعلنا لا نعطل تلك الوثيقة” في إشارة إلى امتناعه عن التصويت على مشروع القرار بدلا من استخدام الفيتو ضده.

وانتقد نيبينزيا الصيغة الحالية للقرار الذي دارت حوله مفاوضات مطولة. وقال إن المسؤولية عن كل العواقب المحتملة- المترتبة على القرار بشكله الحالي- تقع على عاتق الدول التي أعطت موافقتها على صياغة القرار “التي فرضتها الولايات المتحدة” على حد تعبيره.

وقال مندوب روسيا الدائم “إن هذه لحظة مأساوية بالنسبة للمجلس، وليست لحظة انتصار للدبلوماسية متعددة الأطراف، بل هي لحظة ابتزاز فاضح وغير مسبوق ومجرد من المبادئ، يعكس ازدراء واشنطن لمعاناة الفلسطينيين وآمالهم في أن يضع المجتمع الدولي حدا لكل هذا”.

وشدد على أن المطالبة بشكل واضح بوقف كامل لإطلاق النار من قبل مجلس الأمن، “تظل ضرورة حتمية”، مضيفا أنه “بدون ذلك، وكما أظهرت تجربة قرار مجلس الأمن رقم 2712، فإن تنفيذ قرارات مجلس الأمن في غزة سيكون ببساطة مستحيلا”.

الإمارات وفلسطين

من جانبها قالت الممثلة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة، السفيرة لانا نسيبة، إن القرار سيسمح للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بدخول غزة والوصول إلى المحتاجين إليها. وذكرت أنه “سيحدث الفارق بين الحياة والموت لمئات إن لم يكن لآلاف المدنيين”.

وشددت على ضرورة أن يرتقي مجلس الأمن لمسؤولياته بضمان تطبيق القرار بشكل كامل. “وإلى جانب المساعدة في إنقاذ الأرواح في غزة”، أكدت أيضا أهمية التركيز على استعادة الأمل في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

بينما قال رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة إن القرار الذي تم اعتماده اليوم هو خطوة في الاتجاه الصحيح داعيا إلى “التحرك الآن من أجل إنقاذ الأرواح. وتقديم المساعدة المنقذة للحياة والأمل الذي يحافظ على الحياة”.

وشدد منصور على ضرورة تنفيذ القرار وأن تصاحبه ضغوط هائلة من أجل وقف فوري لإطلاق النار، مؤكدا أنه “لا توجد وسيلة (أخرى) لوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية الجارية”.

وأكد كذلك أنه لا سبيل آخر سوى وقف إطلاق النار “للبدء في معالجة الكارثة الإنسانية التي أحدثها الاحتلال”، وإطلاق سراح المحتجزين. وذكر أن ما يدعو إليه القرار من حماية المدنيين، وشجب للهجمات ضدهم، ورفض للتهجير القسري، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن إلى السكان الفلسطينيين، يتطلب “وقفا عاجلا لإطلاق النار”.

ورحب منصور بقرار إنشاء آلية للأمم المتحدة لتسريع تقديم الإغاثة الإنسانية إلى غزة، داعيا إلى تنفيذ ذلك على وجه السرعة. وقال إن الموت يوجد في كل مكان في غزة بمختلف مظاهره بما فيه الدمار والحرمان والمرض، مضيفا أن “الناس يتضورون جوعا. ليس لديهم ماء ولا طعام ولا دواء، أو بالكاد لديهم أي شيء”.

وشدد على أن ما وصفه بـ “الحصار الإسرائيلي اللاإنساني والإجرامي، وهذا الاستخدام للمساعدات الإنسانية اللازمة لبقاء السكان على قيد الحياة كوسيلة للحرب يجب أن ينتهي الآن”. وأكد منصور أن القرار يهدف إلى المساعدة في “معالجة هذا الوضع اللاإنساني والتخفيف من المعاناة والألم الذي لا يوصف والذي يتحمله ملايين المدنيين”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى