تقارير

بوتفليقة.. المناضل الثوري الذي هزمه المرض وقضى عليه طمع السلطة

 علي البلهاسي- هاجر العيادي

20 عامًا في السلطة لم تكن كافية لإقناعه بأن الوقت قد حان لمغادرة المشهد في هدوء، لكن 6 أسابيع من الاحتجاجات والضغوط كان كفيلة بإجباره على التنحي في مشهد صاخب كتب له نهاية صعبة ربما لم يكن يتخيلها في يوم من الأيام.

ذلك هو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي ربما لم يفاجئ إلا نفسه بقرار استقالته من منصبه الذي أعلنه الثلاثاء، وأخطر به المجلس الدستوري، لينهي فترة ولايته الرئاسية قبل موعدها المقرر في 28 نيسان/أبريل الجاري.

ويأتي هذا القرار بعد أسابيع متتالية من الاحتجاجات الشعبية التي عمت الجزائر منذ 22 فبراير الماضي وطالبت برحيل بوتفليقة عقب إعلانه الترشح لولاية خامسة.

ورغم أن بوتفليقة حاول تقديم تنازلات تارة بإعلان سحب ترشحه للرئاسة وعدم اعتزامه الترشح في الانتخابات المقبلة، وتارة ثانية بتغيير الحكومة، وتارة ثالثة بإعلان اعتزامه الاستقالة قبل 28 أبريل المقبل، إلا أن الحراك الشعبي لم يتوقف عن المطالبة برحيل النظام.

وبالطبع لم تكن ضغوط الجيش غائبة عن المشهد، حيث كان له كلمة الفصل في إنهاء أزمة بوتفليقه، الذي جاءت استقالته في أعقاب بيان للفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني رئيس الأركان الجزائري، طالب فيه بالتطبيق الفوري للحل الدستوري بتطبيق المواد 7 و8 و102 من الدستور لحل الأزمة السياسية في البلاد.

خطاب الاستقالة

قدم بوتفليقة رسالة إلى المجلس الدستوري، معلنا إنهاء عهدته كرئيس للبلاد بعد 20 عاما قضاها في سدة الحكم. وقال بوتفليقة في رسالته: “دولة رئيس المجلس الدستوري، يشرفني أن أنهي رسميا الى علمكم أنني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيس للجمهورية، وذلك اعتبارًا من تاريخ اليوم، الثلاثاء 26 رجب 1440 هجري الموافق لـ2 ابريل 2019.. إن قصدي من اتخاذي هذا القرار إيمانًا واحتسابًا، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم لكي يتأتى لهم الانتقال جماعيا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحا مشروعا”.

وتابع قائلاً، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية: “لقد أقدمت على هذا القرار، حرصًا مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب، ويا للأسف، الوضع الراهن، واجتناب أن تتحول إلى انزلاقات وخيمة المغبة على ضمان حماية الأشخاص والممتلكات، الذي يظل من الاختصاصات الجوهرية للدولة.. إن قراري هذا يأتي تعبيرًا عن إيماني بجزائر عزيزة كريمة تتبوأ منزلتها وتضطلع بكل مسؤولياتها في حظيرة الأمم”.

وأضاف: “لقد اتخذت، في هذا المنظور، الإجراءات المواتية، عملا بصلاحياتي الدستورية، وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير مؤسساتها أثناء الفترة الانتقالية التي ستفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.. يشهد الله على ما صدر مني من مبادرات وأعمال وجهود وتضحيات بذلتها لكي أكون في مستوى الثقة التي حباني بها أبناء وطني وبناته، إذ سعيت ما وسعني السعي من أجل تعزيز دعائم الوحدة الوطنية واستقلال وطننا المفدى وتنميته، وتحقيق المصالحة فيما بيننا ومع هويتنا وتاريخنا”.

وختم بوتفليقة رسالته قائلا: “أتمنى الخير، كل الخير، للشعب الجزائري الأبي”.

ضغوط الشعب والجيش

وفق تقارير إعلامية عدة كان هناك لاعبون رئيسيون وراء دفع بوتقليقة للاستقالة، لعل أبرزهم

الجيش، فبعد انتخابه رئيسًا للدولة عام 1999، عمل بوتفليقة تدريجيًا على التحرّر من وصاية المؤسسة العسكرية التي أوصلته للحكم.. وفي عام 2004 اختار اللواء أحمد قايد صالح رئيسًا لأركان الجيش، ثم رقاه إلى رتبة فريق؛ ولازال في منصبه بعد 15 سنة، وهو رقم قياسي في هذا المنصب.

وخدم رئيس الأركان رئيس الدولة بأمانة من خلال إخضاع الجيش للسلطة المدنية وليس العكس كما كان الوضع سابقًا، ومساعدته في تفكيك جهاز الاستخبارات القوي المتمثل في دائرة الاستعلام والأمن.

وأصبح الجنرال قايد صالح أحد أقوى الفاعلين في النظام بعد مرض الرئيس، لكنه دخل في صراع مع السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس في السنوات الأخيرة؛ وبعد تحذيرات شديدة اللهجة للمتظاهرين، خفف تدريجيًا من خطابه وصولا إلى التخلي عن رئيس الدولة.

وفي 26 مارس، صدر عنه الإعلان المفاجئ الذي دعا فيه إلى إعلان عجز الرئيس عن ممارسة مهامه بسبب مرضه؛ ثم طالب يوم الثلاثاء بـ”تطبيق فوري للحل الدستوري” الذي يؤدي إلى عزل بوتفليقه، وبعدها بساعات أعلن الرئيس استقالته.

كما كان الشارع أيضًا لاعبًا رئيسيًا في إجبار بوتفليقة على الاستقالة، خاصة وأن الحراك الشعبي ضد استمرار بوتفليقه ونظامه تواصل ليملي تطورات الوضع على المشهد السياسي في الجزائر؛ وهو ما أجبر السلطة على تقديم تراجع تلو الآخر بعد كل جمعة من الاحتجاجات الحاشدة.

وقد تتغير طبيعة وقوة تأثير الحراك الشعبي بعد استقالة بوتفليقة، ورغم أن المتظاهرين قالوا إنهم لن يقبلوا إلا برحيل النظام كاملاً وليس بوتفليقة فقط، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الفترة الانتقالية لن تشهد دورًا كبيرًا للمحتجين لعدم وجود ممثلين لهم.

أما قوى المعارضة والأحزاب السياسية فقد لعبت دورًا مضطربًا في المشهد، وتعرضت لتهميش كبير من جانب المحتجين الذين نزلوا إلى الشارع بشكل عفوي وتداعوا إلى التظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي.

المعارضة والموالاة

ولم تسلم أحزاب المعارضة من انتقادات المحتجين، إذ اتهمت بإضفاء شرعية على النظام من خلال المشاركة في لعبة الانتخابات والمؤسسات لعشرين سنة. وشارك جزء من المعارضة فعلا في الحكم، مثل علي بن فليس، المنافس البارز لبوتفليقة، بعد أن كان رئيس حكومته، وإسلاميون معتدلون في حركة مجتمع السلم التي يرأسها عبد الرزاق مقري، والتي كانت لوقت طويل عضوا في التحالف الرئاسي.

وطالت مطالب الرحيل الحزبين الرئيسيين في التحالف الرئاسي: حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الوحيد سابقا والحاكم منذ استقلال البلاد في 1962، والتجمع الوطني الديمقراطي.

وتخلى التجمع الديمقراطي وجزء من جبهة التحرير عن الرئيس، ما اعتبره المتظاهرون ركوبا للموجة، معتبرين أنه لا يمكن لأي من الحزبين المشاركة في “التغيير”.

وكان رئيس الوزراء وزعيم التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، الذي لا يحظى بشعبية بين الجزائريين أول من دفع الثمن، إذ أقيل من منصبه الذي شغله لثلاث مرات في عهد بوتفليقة، على أمل تهدئة الشارع، لكن ذلك لم يُجد؛ وكذلك تعرّض خليفته نور الدين بدوي لانتقادات شديدة بالنظر إلى منصبه السابق كوزير للداخلية.

أما الدائرة المحيطة بالرئيس فقد كانت كالدبة التي قتلت صاحبها، وكانت أطماعها في السلطة هي التي السبب في دخوله هذه الدوامة التي كان في غنى عنها.

فالرئيس الذي كان يستند إلى دائرة واسعة من الأوفياء منذ توليه مقاليد الحكم عام 1999، وجد نفسه شيئا فشيئا معزولاً، وذلك اعتبارًا من عام 2005، وخصوصًا بعد تعرضه لجلطة في الدماغ في 2013، وفي الفترة الأخيرة بدأ مقربون منه، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش المخلص له الفريق أحمد قايد صالح، يطالبونه بمغادرة السلطة.

وكان السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الأصغر منه بـ 21 سنة ومستشاره، هو الشخصية الرئيسية الأكثر تأثيرا حوله؛ لذلك كان شعار “لابوتفليقة لا السعيد” من أبرز الشعارات التي ردّدها المحتجون، بعدما سرت شائعات حول إمكانية أن يخلف السعيد شقيقه في الرئاسة.

وأصبح تأثير هذا الرجل الذي يبقى بعيدًا عن الأضواء، والمقل في الحديث في وسائل الإعلام، أقوى مع تدهور صحة شقيقه؛ لكن استقالة عبد العزيز بوتفليقة ستجرده من الكثير من سلطاته.

العفو والسماح

بعد مغادرته السلطة وإعلانه بيان الاستقالة، وجه بوتفليقة رسالة إلى الشعب الجزائري ذكر فيها بما قام بها خلال الفترة التي قضاها في رئاسة الدولة، طالبا من الجزائريين والجزائريات “الـمسامحة والـمعذرة والصفح عن كل تقصير” ارتكبه في حقهم.

ونشرت وكالة الأنباء الجزائرية نص رسالة بوتفليقة والتي جاءت كالتالي:

“أخواتي و إخواني الأعزاء.. وأنا أغادر سدة الـمسؤولية وجب علي ألا أنهي مساري الرئاسي من دون أن أوافيكم بكتابي الأخير هذا وغايتي منه ألا أبرح الـمشهد السياسي الوطني على تناء بيننا يحرمني من التماس الصفح ممن قَصَّرت في حقهم من أبناء وطني وبناته، من حيث لا أدري رغم بالغ حرصي على أن أكون خادما لكل الجزائريين و الجزائريات بلا تمييز أو استثناء.

الآن، و قد أنهيت عهدتي الرابعة، أغادر سدة الـمسؤولية و أنا أستحضر ما تعاونا عليه، بإخلاص وتفان، فأضفنا لبنات إلى صرح وطننا وحققنا ما جعلنا نبلغ بعض ما كنا نتوق إليه من عزة وكرامة بفضل كل من ساعدني من بناته وأبنائه البررة.

عما قريب، سيكون للجزائر رئيس جديد أرجو أن يعينه الله على مواصلة تحقيق آمال وطموحات بناتها وأبنائها الأباة اعتمادا على صدق إخلاصهم وأكيد عزمهم على الـمشاركة الجادة الحسية الـملـموسة، من الآن فصاعدا، في مواصلة بناء بلادهم بالتشمير على سواعدهم و بسداد أفكارهم ويقظتهم الـمواطنية.

أجل، رغم الظروف الـمحتقنة، منذ 22 فبراير الماضي، أحمد الله على أني ما زلت كلي أمل أن المسيرة الوطنية لن تتوقف وسيأتي من سيواصل قيادتها نحو آفاق التقدم والازدهار مـولِيّا، وهذا رجائي، رعاية خاصة لتمكين فئتي الشباب والنساء من الوصول إلى الوظائف السياسية والبرلمانية والإدارية، ذلك أن ثقتي كبيرة في قدرتهما على الـمساهمة في مغالبة ما يواجه الوطن من تحديات وفي بناء مستقبله.

أخواتي، إخواني، إن كوني أصبحت اليوم واحـدًا من عامة المواطنين لا يمنعني من حق الافتخار بإسهامي في دخول الجزائر في القرن الحادي و العشرين وهي في حال أفضل من الذي كانت عليه من ذي قبل، ومن حق التنويه بما تحقق للشعب الجزائري الذي شرفني برئاسته، مدة عشرين سنة، من تقدم مشهود في جميع الـمجالات.

لـما كان لكل أجل كتاب، أخاطبكم مودعا وليس من السهل عليّ التعبير عن حقيقة مشاعري نحوكم و صدق إحساسي تجاهكم ذلك أن في جوانحي مشاعر وأحاسيس لا أستطيع الإفصاح عنها و كلماتي قاصرة عن مكافأة ما لقيته من الغالبية العظمى منكم من أياد بيضاء ومن دلائل الـمحبة والتكريم.

لقد تطوعت لرئاسة بلادنا استكمالا لتلك الـمهام التي أعانني الله على الاضطلاع بها منذ أن انخرطت جنديا في جيش التحرير الوطني الـمجيد إلى الـمرحلة الأولى ما بعد الاستقلال، وفاء لعهد شهدائنا الأبرار، وسلخت مما كتب لي الله أن أعيشه إلى حد الآن عشرين سنة في خدمتكم، والله يعلم أنني كنت صادقا ومخلصًا، مرت أياما وسنوات كانت تارة عجاف و تارة سنوات رغد، سنوات مضت و خلفت ما خلفت مما أرضاكم ومما لم يرضكم من أعمالي غير الـمعصومة من الخطأ والزلل.

ولـما كان دوام الحال من الـمحال، وهذه هي سنة الحياة، و لن تجد لسنة الله تبديلا و لا لقضائه مردا وتحويلا، أغادر الساحة السياسية و أنا غير حزين و لا خائف على مستقبل بلادنا، بل أنا على ثقة بأنكم ستواصلون مع قيادتكم الجديدة مسيرة الإصلاح و البذل و العطاء على الوجه الذي يجلب لبلادنا الـمزيد من الرفاه والأمن بفضل ما لـمسته لدى شبابنا، قلب أمتنا النــــابض، من توثب وإقدام و طموح و تفاؤل.

أخواتي، إخواني، كنتم خير الإخـوة و الأخـوات و خير الأعوان و خير الرفاق، وقضيت معكم، و بين ظهرانكم، أخصب سنوات عطائي لبلادنا. ولن يعني لزوم بيتي، بعد اليوم، قطع وشائج الـمحبة والوصال بيننا و لن يعني رمي ذكرياتي معكم في مهب النسيان و قد كنتم، وستبقون، تسكنون أبدا في سويداء قلبي.

أشكركم جميعا على أغلى ما غنمت من رئاستي لبلادنا من مشاعر الفخر والاعتزاز التي أنعمتم بها علي وكانت حافزي على خدمتكم في حال عافيتي وحتى في حال اعتلالي.

أطلب منكم و أنا بشر غير منزه عن الخطأ، الـمسامحة والـمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلـمة أو بفعل. وأطلب منكم أن تظلوا مُــوَفِّيـنَ الاحتفاء والتبجيل لـمن قضوا نحبهم، ولمن ينتظرون، من صناع معجزة تحريرنا الوطني، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا و أن تكونوا في مستوى مسؤولية صون أمانة شهدائنا الأبرار.

ممتلكات الرئيس

في عالمنا العربي فإن كل مسئول يغادر منصبه تلاحقه اتهامات الفساد والمطالب بمحاكمته على ممارساته خلال السلطة، وسبق أن قضى بوتفليقه 6 سنوات في الخارج بسبب ملاحقته قضائيا في الجزائر بتهم فساد مالي، إلى أن سمح له الرئيس الجزائري آنذاك، الشاذلي بن جديد، بالعودة مع ضمانات بإسقاط التهم عنه.

وكانت وكالة الأنباء الجزائرية قد نشرت خطابًا مكتوبًا من بوتفليقة يذكر فيه بالتفصيل ممتلكاته، وذلك قبل إعلانه الترشح لولاية خامسة.

ويأتي نشر الإقرار بالممتلكات كأحد شروط المجلس الدستوري لقبول طلب الترشح للرئاسة. وهذا نص الخطاب:

“أنا الموقع أدناه عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية المقيم بـ135 شارع الشيخ البشير الإبراهيمي بالأبيار (الجزائر العاصمة) المترشح لرئاسة الجمهورية المقررة يوم 18 أبريل 2019 وطبقا للمادة 139-16 من القانون العضوي 16-10 المؤرخ في 22 ذو القعدة 1437 الموافق لـ25 أغسطس 2016 المتعلق بنظام الانتخابات، أصرح أنني أحوز على الممتلكات التالية:

الأملاك العقارية

1- منزل فردي كائن بسيدي فرج (بلدية سطاولي) مسجل في العقد رقم 226 بتاريخ 11-11-1987.

2- منزل فردي كائن بشارع لا روشيل بالجزائر العاصمة مسجل في الدفتر العقاري تحت رقم 7068/ 07 بتاريخ 11-12-2007.

3- شقة كائنة بـ 135 شارع الشيخ البشير الإبراهيمي بالأبيار (الجزائر العاصمة) مسجلة في الدفتر العقاري تحت رقم 2939/ 07 بتاريخ 26-06-2007.

الأملاك المنقولة

– سيارتان (2) خاصتان.

وأصرح أنني لا أحوز على أي ملك آخر داخل الوطن أو في الخارج.

من هو بوتفليقة

ولد عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من مارس 1937 في محافظة وجدة بالرباط وينحدر  من أسرة  من تلمسان بشمال غرب الجزائر.

والتحق بجيش التحرير الوطني حين بلغ سن التاسع من عمره، وعند استقلال الجزائر في 1962، كان يبلغ عمره 25 ربيعا. و عرف بتقربه من  وزير الدفاع هواري بومدين  و في سنة  1965، أيد انقلاب  بومدين   حين أطاح بالرئيس أحمد بن بلة.

شغل عدة مناصب حيث تولى  منصب وزير الرياضة والسياحة قبل أن يتولى وزارة الخارجية حتى 1979، وكرس بوتفليقة نفسه لخدمة بومدين الذي توفي سنة  1978، لكن الجيش أبعده من سباق الخلافة ثم  تدريجيا من الساحة السياسية.

20 عامًا في السلطة

عاش فترة طويلة في المنفى في دبي وجنيف، ليعود بقوة إلى بلده  ويتوج بفوز ساحق في الانتخابات الرئاسية في أبريل 1999 وجاء ذلك الفوز بدعم من الجيش.

عمل بوتفليقة على إعادة السلم لبلده لاسيما أن زمن توليه الحكم كان بعيد الحرب الأهلية التي اندلعت في 1992 ضد الإسلاميين، وهي الحرب التي خلفت قرابة 200 ألف قتيل. وقد عرف في تلك الفترة بسعيه المتواصل للقضاء على المؤسسات الإسلامية بتأييد من الجيش.

وفي 22 فبراير 2004 ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية ثانية، مستندا إلى النتائج الإيجابية التي حققتها فترته الرئاسية الأولى، وأعيد انتخابه يوم 8 أبريل 2004 بعد حصوله على نحو 85% من الأصوات.

وفي 6 سبتمبر 2007 تعرض الرئيس الجزائري المستقيل لمحاولة اغتيال في ولاية باتنة (400 كم شرق الجزائر العاصمة) حيث وقع انفجار قبل 40 دقيقة من وصوله للمنصة الشرفية خلال جولة له شرق البلاد، وقد خلف الحادث 15 قتيلا و71 جريحًا.

ونتيجة تعديل دستوري، ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية ثالثة، فاز بها في 9 أبريل 2009 بنسبة 90.24%.

في 2011 وفي خضم أحداث الربيع العربي، اشترى بوتفليقة السلم الاجتماعي بالعائدات السخية للنفط الذي ارتفعت أسعاره إلى أعلى مستوى حينها، عن طريق التقديمات الاجتماعية.

وفي أبريل 2013 تعرض بوتفليقة لجلطة دماغية، نقل على إثرها إلى مستشفى فال دو جراس العسكري في فرنسا، ثم مصحة ليزانفاليد بباريس، ليعود إلى الجزائر يوم 17 يوليو 2013 على مقعد متحرك.

ودفع الوضع الصحي لبوتفليقة آنذاك بعض أحزاب المعارضة للمطالبة بإعلان شغور المنصب، وتنظيم انتخابات مسبقة وفقا للدستور بسبب “عجز الرئيس عن أداء مهامه.

ورغم حالته الصحية ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة فاز بها في 17 أبريل 2014 بنسبة بلغت 81.53%، رغم أنه أدلى بصوته في الانتخابات وأدى اليمين الدستورية على مقعد متحرك.

وخلال فترة رئاسته الرابعة حرص بوتفليقة على إجراء تعديل دستوري في 2016 من أهم ما شمله اعتبار الأمازيغية، لغة ثانية في البلاد إلى جانب العربية، وتحديد فترة الرئاسة بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وتأسيس “هيئة عليا دائمة ومستقلة” تضم قضاة وشخصيات عامة وأكاديميين لمراقبة العملية الانتخابية برمتها، ترأسها شخصية مستقلة.

وظهر بوتفليقة خلال فترته الرئاسية الرابعة مرات قليلة على مقعده المتحرك، سواء خلال استقبال رؤساء ومسؤولين أجانب أو في بعض المناسبات الوطنية.

طمع يكتب النهاية

رغم قضائه 20 عامًا في الحكم ظل بوتفليقة متمسكا بالسلطة أطول وقت ممكن، ليخرج في شهر فبراير 2019 معلنًا مجددًا ترشحة لولاية خامسة، وهو ما لاقى معارضة في الشارع الجزائري بسبب حالته الصحية، لتبدأ يوم 22 فبراير الماضي مظاهرات شعبية معارضة لترشحه.

وفي 3 مارس قدم عبد الغني زعلان مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة أوراق ترشح الأخير للرئاسة، رغم وجوده في رحلة علاجية في سويسرا، وقرأ رسالة من بوتفليقة تضمنت عدة تعهدات حال فوزه بفترة رئاسية خامسة هي عقد مؤتمر وطني شامل تشارك به كل الأطياف والقوى السياسية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في الموعد الذي يحدده المؤتمر الوطني الشامل، مع عدم ترشح بوتفليقة فيها، ضمان انتقال سلس للسلطة.

كما تعهد بإعداد دستور جديد يطرح على الشعب في استفتاء عام، ووضع سياسات عمومية عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية والقضاء على كافة أوجه التهميش والإقصاء الاجتماعيين، وتعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد، واتخاذ إجراءات فورية وفعالة ليصبح الشباب فاعلا أساسيا ومستفيدا ذا أولوية في الحياة العامة ومراجعة قانون الانتخابات، مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات.

ورغم تلك التعهدات وسيناريو الانتقال السلس للسلطة إلا أن تظاهرات الشعب الجزائري في أغلب الولايات استمرت للمطالبة بتغيير النظام.

وخلال الأيام الماضية، أعلن بوتفليقة تشكيل حكومة لتسيير الأعمال وتعهد بترك الرئاسة قبل انتهاء فترته الرئاسية في 28 أبريل الجاري، إلا أن الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري، أكد في بيان اليوم ضرورة التطبيق الفوري للحل الدستوري المستند للمواد 7 و8 و102 من الدستور الجزائري، ليخرج بوتفليقة الثاني من أبريل 2019 معلنًا تقديم استقالته والرضوخ لمطالب شعبه بالتنحي عن السلطة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى