الراديوطبيبك الخاص

تشوهات الرحم.. كيف نكتشفها؟ وما أثرها على الحمل والإنجاب؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة من برنامج “اسألوا الدكتور شما” تناقش موضوع تشوهات الرحم، وتتطرق إلى العديد من المحاور الهامة من بينها: الأورام الليفية والعضال الغدي (نمو النسيج المبطِّن للرحم)، وتشوهات الرحم الخلقية، والالتصاقات، والأورام الحميدة، وما الذي يحدث للرحم بعد الولادة القيصرية؟، وماذا لو لم يكن من الممكن إصلاح الرحم؟

دكتور فائق نيكولاس شما، حاصل على البورد الأمريكي في أمراض العقم، ويُعدّ من أبرز أطباء علاج عقم الإنجاب والتخصيب الاصطناعي (الأنابيب)، ليس فقط على مستوى ميشيغان، بل أيضًا على المستويين الوطني والعالمي. وقد ساعدت شهرة مركز “IVF MICHIGAN” على توسيع قاعدة المرضى الذين يرغبون بالعلاج تحت إشراف د. شمَّا، ليس فقط في الولايات المتحدة بل وفي الشرق الأوسط أيضًا.

أهمية الرحـم
* تشوهات الرحم الخلقية تصيب حوالي 6% من النساء، وفقًا لما متوفر من معلومات عبر الإنترنت، وربما لذلك فإن برامجنا التثقيفية والتوعوية هي مصدرنا لتصحيح هذه المعلومات والتأكد منها، بدايةً هل من توضيح حول أهمية الرحم لدى المرأة ودوره في عملية الحمل والإنجاب؟

** حديثنا اليوم مهم من عدة نواحي؛ لأن الرحم ضروري للحمل، فلا توجد امرأة يمكنها أن تحمل وتنجب أطفالًا ما لم يكن لديها رحمًا يعمل بكفاءة ويتعلق به الجنين ويحمله حتى تتم الولادة.

ولتسهيل الصورة أكثر على المستمعين يمكننا أن نوضح لهم عملية الحمل بشكل مبسط؛ يبدأ الأمر ببويضة تخرج من المبيض ثم تسير في الأنبوب حيث تمكث فيه من 3 إلى 4 أيام، ثم تنتقل إلى الرحم حيث تمكث مدة مماثلة، ثم يخرج منها الجنين كأن ثمة قشرة تغلفها تزول عنها، ثم يتعلق الجنين بجدار الرحم، وحتى تكتمل هذه العملية فلا بد من أن يكون الرحم سليمًا، وإلا فإنه إذا لم يتعلق الجنين جيدًا بجدار الرحم، فقد يحدث الإجهاض أو الولادة المبكرة أو حتى نجد أن الجنين غير مكتمل أو يعاني من مشكلات.

تشوهات الرحم
* ما هي تشوهات الرحم؟

** نسبة تشوهات الرحم لدى النساء هي من 3% إلى 6%، هذه التشوهات لها عدة أشكال؛ الشكل الأول هو أن الرحم غير موجود من الأساس وهذا يحدث بنسبة 1 من كل 5 آلاف إلى 1 من كل آلاف امرأة، وهذه ليست نسبة كبيرة، في هذه الحالة فإن الطريقة الوحيدة أمام المرأة كي تنجب هي أن تحمل بدلًا منها امرأة أخرى (الرحم البديل)، الشكل الثاني هو أن الرحم يكون عبارة عن رحمين وبينهما فاصل أو حائط “septum”، وللأسف هذا الحائط لا يزول وقد يكون طويلًا أو قصيرًا، وهذا الفاصل إذا استطعنا أن نتخلص منه فإن الرحم يصبح سليمًا وتستطيع المرأة حينها أن تحمل وتنجب، لأن هذا الفاصل أو الـ”septum” يؤثر على القدرة على الإنجاب والولادة المبكرة والإجهاض.

وأحيانا يكون لدى المرأة رحمين، ولكن أحدهما لم يتكون كليًا، فتكون لديها رحم واحد يمكن للجنين أن يتواجد داخله، وفي أغلب الأوقات يكون الحمل سليمًا، ولكن مع احتمالية كبيرة بأن تكون الولادة مبكرة، وعادةً لا تنتقل تكوينات الرحم المختلفة وراثيًا من الأم إلى بناتها، وبالمناسبة هناك شكل آخر للرحم يكون به فاصل أو حائط من داخله ولكن من الخارج يكون شكله طبيعيًا، وهذا عادةً ما يتم التدخل جراحيًا لقص الـ”septum” ويمكن للمرأة أن تحمل بصورة طبيعية.

تأثير تشوهات الرحم
* ما هو أثر تشوهات الرحم على الحمل، في حالة إذا ما حدث الحمل؟

** هناك 3 تأثيرات؛ التأثير الأول أن المرأة لا تحمل من الأساس، والتأثير الثاني هو أنه في حالة حدوث حمل فإن هناك احتمالية كبيرة بأن تفقد الحمل أو تُجهَض، والتأثير الثالث هو أنه في حالة حدوث حمل فمن الممكن أن تنجب مبكرًا قبل موعدها أي تحدث ولادة مبكرة.

قد تكون هناك مشكلات أخرى في حالة مثلًا وجود عمليات ولادة قيصرية عديدة بالرحم، صحيح أن الرحم ينجح في تعليق الجنين ولكن من الوارد أن يفتح الرحم لاحقًا وتحدث حينها مشكلة كبيرة إذا حدث نزيف بالبطن مع احتمالية كبيرة بالإجهاض، هذه المشكلة ليست لها علاقة بتشوهات الرحم ولكنها تؤثر على الرحم.

* هل هناك أي تأثير على الجنين نتيجة تشوهات الرحم؟

** نعم، هناك تأثير بلا شك على الطفل، فمثلًا لو حدثت ولادة مبكرة بصورة كبيرة فمن المحتمل ألا يعيش الطفل، وإذا عاش تكون في الغالب لديه مشكلات جسمانية متعددة، منها ما هو مرتبط بالدماغ او العضلات أو غيرها.

فحص وتشخيص
* كيف يمكن تشخيص التشوهات الخلقية الموجودة في الرحم؟، وما هي نصيحتك لكل أم قبل أن تقرر أن تحمل حتى لا تقع في هذه المشكلات؟

** قبل أن تقرر المرأة أن تحمل، يمكن أن تذهب لمركز متخصص مثل مركزنا، حتى يتم فحص وتشخيص حالتها، ولا توجد أي أعراض يمكن ملاحظتها بدون فحص، وبالمناسبة هناك حالات يكون المهبل أيضا متشوه، وفي هذه الحالة فإن الدم لا يخرج كل شهر، وفي هذه الحالة قد يظهر الأمر والمرأة في سن صغيرة وتعاني من وجع كبير جراء ذلك.

وجديرٌ بالذكر أيضا فإن بعض الحالات يكون فيها الرحم مائل لقلب الحوض بدلًا من كونه مائلًا للأمام، أودّ ان أشير إلى أن هذا الأمر ليس له أي تأثير على الحمل أو الإنجاب او الإجهاض أو أي شيء، لأن هناك 20% من النساء يكون الرحم لديهن موجود بطريقة ما في قلب الحوض ومائل للخلف وليس للأمام.

* هل يُنصح بالحصول على علاجات معينة أو القيام ببعض الأشياء إذا ما كان هناك مثلًا خطرًا قد يؤدي إلى الولادة المبكرة، بأن يتم عمل ربط لعنق الرحم؟، هل هذا الموضوع دقيق من الأساس؟

** في بعض الحلات إذا كان عنق الرحم متشوه، تكون هناك إمكانية لإغلاق عنق الرحم حتى لا يفتح عنق الرحم وحده قبل الوقت المطلوب، هذه الحالات غير شائعة، والتشوه يكون بعنق الرحم وليس بالرحم ذاته، لكن الحالات الشائعة هي أن بعض المريضات تأتين إلى مركزنا ونقوم بعمل “Ultrasound” لها ونكتشف وجود تليّفات في الرحم أو جدار الرحم، وهذه التليّفات تؤثر سلبًا على القدرة على الإنجاب وقد تؤدي إلى الولادة المبكرة أو الإجهاض، والأمر هنا يعتمد على حجم التليّف ومنه نحدد الطريقة المثلى لعلاجه.

وبالمناسبة فإن الأورام الأكثر شيوعًا عند النساء هي تليّفات الرحم، لأنها تصيب عضلات الرحم وهذه العضلات هي التي تكبر وتتوسع عندما يكون هناك حملًا، والجالية الأفريقية في أمريكا تصيب هذه التليّفات حوالي 50% من نسائها بمجرد أن يبلغن سن الأربعين، نحن في الشرق لدينا نسبة أقل، حوالي 20% إذا ما كبرت النساء تكون معرضة للإصابة بهذه التليّفات، وهذه الأورام غير معروفة السبب ولكنها في الغالب تتكون بسبب هرمون “vitamin D deficiency”.

هذه التليّفات عادةً ما تكون أورام حميدة وليست سرطانية، وحالة واحدة فقط من 1000 تكون أورام فيها هذه التليّفات أورام سرطانية، وفي هذه الحالة يكون تليّفًا واحدًا كبيرًا وليس عدة تليّفات، وهذه التليّفات لا تؤثر على الحمل فقط بل تتسبب في حدوث آلام في البطن وأوجاع عند التبول وغيرها.

* ألا يمكن أن نتجنب أضرار هذه التليّفات من خلال الفحص الدوري والمتكرر؟

** صحيح، لا بد من إجراء الفحوصات الطبية بصورة منتظمة، ليس فقط للرحم، وإنما لكل الأمراض مثل السكري أو الضغط وغيرها، وفي مسألة الرحم قد يكون من الصعب معرفة الأمر من خلال الفحص السريري، لذا لا بد من الـ “Ultrasound”، وفي أغلب الحالات يتم التدخل الجراحي لمعالجة الموضوع، ولكن هناك حالات مستعصية قد لا تنجح الجراحة.

مشكلة الالتصاقات
* تعدّ الالتصاقات من التشوهات المتعلقة بالرحم، فكيف يمكن أن تؤثر على المرأة وقدرتها على الإنجاب؟، وكيف يمكن تشخصيها؟

** هناك طريقتين للتشخيص؛ إما من خلال وضع مياه داخل الرحم ومن ثمَّ إجراء “Ultrasound” ونرى ما إذا كانت هناك التصاقات أو يتم إجراء “X-rays” ويتم التشخيص من خلالها، وقد يكون السبب هو وجود عمليات جراحية سابقة أو تنظيف للرحم بعد الإجهاض، فهناك 5% من الحالات يحدث للرحم التصاقات بسبب التنظيف، وقد تحدث الالتصاقات أحيانا بسبب وجود التهابات داخل الرحم.

في بعض الحالات قد تعاني المرأة من نزيف من الرحم، فيقوم الطبيب بإجراء عملية تسمى “uterine ablation” أو تجريف بطانة الرحم، وفي الغالب بعد هذه العملية نادرًا ما إذا حدث الحمل مجددًا، وفي بعض الأحيان لا تكون العمليات أو الأمراض هي السبب وراء حدوث الالتصاقات، وإنما بسبب أن جسم المرأة لديه استعداد لتكوّن الالتصاقات.

أسئلة شائعة
* وردنا سؤال يقول: إلى أي مدى يمكن تؤثر العدوى أو التهابات على التصاقات الرحم؟

** إذا ما أجريت عملية جراحية للمرأة وحدثت عدوى، فإنها تتأثر بشدة بسبب تلك العدوى، ولكن هناك عدة أمراض قد تؤثر على الرحم وتتسبب في حدوث التصاقات مثل مرض السل المنتشر في الهند، ومرض آخر موجود في مصر، لكننا نحن هنا ف الولايات المتحدة ـ والحمدلله ـ نادرًا ما نجد هذه الأمراض هنا.

* إلى أي مدى يمكن أن تؤثر الأمراض الجنسية والتناسلية على التصاقات الرحم؟

** عادةً لا تؤثر على الرحم من الداخل.

* إلى أي مدى يمكن أن يؤثر اللولب؟

** في أغلب الحالات لا يؤثر اللولب ولا يتسبب في حدوث التصاقات، ولكن إذا كان اللولب موجودًا وتسبب في حدوث التهابات، ففي هذه الحالات ستحدث التصاقات، والنصيحة دائما إذا ما لاحظت المرأة أي أعراض فعليها مراجعة الطبيب على الفور.

* هل تؤثر الالتصاقات على انخفاض الخصوبة؟

** إذا لم تكن هناك قدرة للرحم على تعليق الجنين بالرحم، فبلا شك لن تكون هناك قدرة على الحمل والإنجاب، وهناك عدة أمراض لدى المرأة مرتبطة بالمناعة وقد تؤدي إلى الإجهاض المتكرر أو عدم القدرة على الحمل.

* في الختام، ما هي نصيحتك الأخيرة؟

** نصيحتي الدائمة لكل النساء؛ أنه إذا ما ظهرت أي أعراض لأي تعب أو مرض، فيجب على الفور استشارة الطبيب المتخصص، وخاصةً إذا لم كانت لديهن عدم قدرة على الإنجاب أو إجهاض متكرر أو ولادة مبكرة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى