بعد الحكم بعدم شرعية برنامج “DACA”.. ما هو مستقبل الحالمين في أمريكا؟
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
استضافت الإعلامية ليلى الحسينى الأستاذ محمد الشرنوبي، المحامي المختص بقضايا الهجرة والتجنس، للحديث عن التوقعات والتحديات القانونية المترتبة على الحكم بعدم شرعية برنامج “DACA”، ووجهات نظر الحقوقيين بشأنه، ومصير القضية التي قد تصل إلى المحكمة العليا، وهل هناك أمل في أن يمرر الكونغرس حلاً دائمًا لهذه المشكلة؟، ولماذا لم تقم إدارة بايدن بدورها في حماية الحالمين حتى بدون تدخّل الكونغرس؟
الحلم الأمريكي
* يُوصف الحلم الأمريكي بأنه هو الروح الوطنية التي تجسد مجموعة من القيم السائدة في أمريكا، أهمها الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية وتعدد الفرص والمساواة، فهل هذه الحلم لا يزال قائمًا بشكل عام في أمريكا في ظل كل هذه الأوضاع السياسية والاقتصادية والتجاذبات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري؟
** نعم، لا يزال الحلم الأمريكي موجودًا، ولكن نحن الآن في فترة كابوسية، لأن الإدارة الحالية هي التي كنا نحلم بأنها ستكون بجانب المهاجرين والحريات، ولكننا لم نأخذ منها أي شيء حتى الآن، فلو نظرنا إلى إدارة ترامب السابقة سنجد أن ما وعد به قام بتنفيذه، على العكس مثلًا نجد أن تنفيذ برنامج “DACA” كان أهم وعد من وعود الرئيس جو بايدن ومن أسباب انتخابه من قبل كثيرين، وللأسف لم يقم بالوفاء بوعده حتى الآن.
دستورية البرنامج
* هناك من يقول إن برنامج “DACA” هو تجاوز رئاسي من قبل الرئيس باراك أوباما، وأن هذا التجاوز خطير جدًا على المستوى القانوني والدستوري، أنت كحقوقي كيف ترى الموضوع؟
** هو تجاوز وسوء طرح لقانون مهم، فلو أراد أوباما ألا تطعن المحاكم الآن في دستورية الأمر وقانونيته، لكان عليه أن يسلك الطريق المتعارف عليه، وأن يحصل على موافقة الكونغرس، وأن يصبح البرنامج قانونًا عبر طرح واضح للجميع.
وأنا منذ ولادة هذا البرنامج أطلقت عليه اسم “الفخ”، لأن كل من سجلوا في البرنامج لم يحصلوا سوى على تصاريح عمل فقط، ولم يحصلوا على الجرين كارد، ولم يتم حتى تسهيل طريقهم للحصول على الجرين كارد أو أي شيء، بل على العكس باتت كل بياناتهم مسجلة لدى سلطات الهجرة ويمكن إلقاء القبض عليهم.
* يتساءل البعض حول التصريح الذي أطلقه قاضي فيدرالي بأن برنامج “DACA” غير قانوني، فماذا سينتج عن هذا الموضوع طالما أنه لم يصدر تعليمات معينة بإنهائه أو حيثيات واضحة للتعامل معه؟
** منذ ولادة برنامج “DACA” ولا أحد يعلم أي شيء عن مستقبل تنفيذه، الحكم القضائي الأخير هو صحيح من الناحية القانونية، ولكنه خاطئ من الناحية الإنسانية والأخلاقية، لأن الإدارة الأمريكية هي من أصدرت البرنامج وطلبت من هؤلاء الأشخاص تسجيل أنفسهم إذا استوفوا مجموعة من الشروط ووعدتهم بأن هذا سيكون طريقًا للحصول على الجرين كارد، ولكن منذ عام 2012 حتى الآن لم يحصلوا على أي شيء، كل ما حصل عليه هؤلاء الأشخاص المسجلون هي تصاريح عمل، وكان من الممكن أن يحصلوا عليها من خلال اللجوء أو أي طرق أخرى، وهم الآن في حالة يُرثى لها.
وضع مقلق
* لا شك أن هذا الوضع الحالي مقلق جدًا بالنسبة للحالمين، فبماذا تنصحهم؟
** على الحالمين أن يستيقظوا من هذا الحلم، وأن يجدوا طريقًا آخر للحصول على الجرين كارد، لأن أفضل ما كان في هذا البرنامج أنه كان يسمح لهؤلاء الأشخاص الذين دخلوا أمريكا بطرق غير قانونية أن يخرجوا منها ثم يعودوا مجددًا بطريقة قانونية، ولكن حتى هذه الإمكانية تم إلغائها من قبل إدارة الهجرة مؤخرًا.
* هناك احتمال بأن تقوم إدارة بايدن باستئناف هذا الحكم، وأن يصل الأمر إلى المحكمة العليا، فماذا تتوقع أن يحدث؟
** سيحدث الاستئناف لا محالة من أجل الحفاظ على ماء وجه الإدارة الحالية، ولكن من خبرتي القانونية أعتقد أن المحكمة العليا ستكون في صف الحكم القضائي الصادر مؤخرًا، لأن إدارة أوباما أخطأت في قرارها، وبالتالي من الوارد جدًا أن يتم الحكم بعدم قانونية برنامج “DACA”، وبالتالي من المحتمل ألا يتمكن الحالمون من تجديد تصاريح العمل أو الحصول على الإقامة عن طريق هذا البرنامج.
بين الكونغرس والإدارة
* لا شك أن ملف الهجرة سيُطرح كثيرًا خلال الفترة المقبلة وسيكون محل شد وجذب بين الحزبين، فهل تتوقع أن يكون هناك أملًا في الكونغرس بأن يمرر حلًا لهذه المشكلة؟
** لعل وعسى، ولكن هذا البرنامج غير مطروح الآن أمام الكونغرس، وما هو مطروح الآن هو “The Dignity Act” الذي يخاطب الأفراد الذين قضوا فترة أكثر من 5 سنوات في أمريكا، ولكن حتى الآن من غير الواضح إلى أي مدى ستصل الأمور.
* لماذا لم تقم إدارة بايدن بحماية الحالمين حتى بدون تدخل الكونغرس؟، لماذا هذه السلبية من تلك الإدارة رغم أنها على وشك انتهاء مدتها؟
** في الواقع أنا مستاء للغاية من هذه الإدارة التي لم تقم بفعل أي شيء من أجل المهاجرين أو الحالمين، الإدارة الحالية لديها تعنت وبطء غير مبرر فيما يخص مسائل الهجرة، ويجب أيضا ألا ننسى أن هناك شق سياسي بحت في المسألة مرتبط بالتنافس بين الجمهوريين والديمقراطيين؛ فحتى إذا كانت هناك رغبة لدى الديمقراطيين في تعديل وضع البرنامج واستمراره فإن الجمهوريين سيعارضونه حتى لا يؤثر ذلك إيجابًا في حظ الديمقراطيين للفوز بالانتخابات.
وبالتالي كما قلنا سابقًا وسنظل نكرر، فإن المشاركة في الانتخابات مهمة جدًا، لا بد من التصويت، لأن المشاركة هي الطريق للنجاة مما نحن فيه الآن، لا بد أن يكون لنا دور في التصويت من أجل الإتيان بإدارة تلبي لنا طموحاتنا بخصوص الجنسية والهجرة كي نتمكن من استقدام أهلنا وأسرنا.
إصلاح شامل
* برأيك؛ كيف يمكن أن يكون الإصلاح الشامل لنظام الهجرة المتعثر تاريخيًا حتى اليوم؟
** أنا لا أرى أملًا في إصلاحه، هناك مشكلات عديدة منها على سبيل المثال ما هو مرتبط ببرنامج “DACA”، ومنها ما هو مرتبط بالآلاف الذين دخلوا إلى البلاد عبر الحدود الجنوبية خلال الأشهر الماضية وكيفية تسوية أوضاعهم، ومشكلات الانتظار من أجل استقدام الإخوة ولم الشمل، وغيرها الكثير، كيف يمكن إصلاح كل ذلك؟!، الأمل موجود، ولكن لا توجد دلائل على أن هناك من يريد الإصلاح.
* كم نسبة احتمال أن تُحسم القضية لصالح الحالمين والمشمولين ببرنامج “DACA”؟
** حوالي 50%، وكل ما يمكننا فعله الآن هو أن نرفع أيدينا بالدعاء، هؤلاء الأشخاص باتوا جزءًا مهمًا في المجتمع، وحتى إذا كان وضعهم القانوني من بدايته خطأ إلا أن ثمة إدارة أمريكية وعدتهم بتوفيق أوضاعهم، ثم الآن نجد السلطات تخلف وعودها.
نصيحة هامة
* بالعودة إلى برنامج “DACA”، ما الذي على الأفراد المشمولين بالبرنامج أن يفعلوه الآن؟
** أنصحهم بضرورة استشارة محامي هجرة، والبحث عن الحلول القانونية الأخرى لحالتهم والتي يمكن اللجوء إليها من أجل توفيق أوضاعهم، فكل شخص له قضية أو وضع مختلف عن الآخر، وبالتالي لا بد من التفكير في منجى للهرب من هذا الوضع المعقد.
* لا يوجد الآن فرصة لقبول المزيد من الأشخاص في برنامج “DACA”، ومن تم قبولهم فوضعهم مجمّد، فما النصيحة الأخيرة التي يمكن أن تقدمها للمستمعين، ولكل من يتأثر بالإجراءات القانونية حيال هذا البرنامج؟
** أنصح الجميع بضرورة المشاركة في الانتخابات، وأن يصبح لنا صوتًا كمجتمع شرقي أوسطي موجود في أمريكا، وكما قلت ضرورة البحث عن طرق أخرى للاستفادة منها لتجاوز مرحلة الكابوس الحالية، والوصول إلى حلم جديد إن شاء الله.