أخبارأخبار أميركا

مفاجأة: جامعة بنسلفانيا خفّضت رتبة الفائزة بجائزة نوبل للطب وأجبرتها على التقاعد

أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، اليوم الاثنين، فوز العالمة المجرية كاتالين كاريكو، والعالم الأمريكي درو وايزمان، بجائزة نوبل للطب لعام 2023، وذلك تقديرًا لاكتشافاتهما التي ساعدت في تطوير لقاحات فعالة ضد فيروس كورونا.

وقالت الأكاديمية: “منحنا جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب لعام 2023 إلى كاتالين كاريكو ودرو وايزمان لاكتشافاتهما المتعلقة بتعديل قاعدة النيوكليوزيد التي ساعدت في تطوير لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA بشكل فعال ضد كوفيد-19».

وأضافت: «تقدر جائزة نوبل لهذا العام اكتشافهما العلمي الأساسي الذي غير بشكل جذري فهمنا لكيفية تفاعل الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA مع جهاز المناعة، ما كان له تأثير كبير على المجتمع خلال الجائحة الأخيرة».

واكتشفت كاريكو طريقة تمنع الجهاز المناعي من أن يكون له رد فعل ضد تطوير لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال المصنعة في المختبر بإحداث التهابات، الأمر الذي كان يُنظر إليه في السابق باعتباره عقبة رئيسية أمام أي استخدام علاجي لهذه اللقاحات.

وأظهرت كاريكو بالتعاون مع وايزمان في عام 2005 أن تعديل قاعدة النيوكليوزيد، وهي وحدات الجزيئات التي تحدد الشفرة الجينية للحمض النووي الريبوزي المرسال، يمكن أن تبقي هذا الحمض تحت رقابة الجهاز المناعي

مفاجأة كبيرة

من جانبها فجرت كاتالين كاريكو، الفائزة بجائزة نوبل في الطب، مفاجأة كبيرة بقولها إن جامعة بنسلفانيا خفضت رتبتها سابقًا بسبب عدم اهتمام الجامعة بأبحاثها في هذا المجال الذي فازت بسببها بالجائزة.

وكشفت كاريكو، في مقابلة أجرتها معها مؤسسة جائزة نوبل اليوم الاثنين أنها طُردت من جامعة بنسلفانيا، وأجبرت على التقاعد، وفقًا لصحيفة thehill.

وأوضحت أن عملها في هذا المجال لم يكن سهلاً، حيث كان عليها أن تكافح طوال حياتها المهنية لدراسة الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA. وفي عام 1995، قامت جامعة بنسلفانيا بتخفيض رتبتها، لأنها لم تتمكن من الحصول على الدعم المالي لمواصلة بحثها.

وأشارت كاريكو إلى أنها واجهت صعوبات في إقناع ممولي الأبحاث بأهمية مشروعها، وتركت الجامعة في عام 2013، قبل أن تحصل على فرصة منصب نائب الرئيس في شركةBioNTech .

احتفال بنسلفانيا

من جانبها احتفلت جامعة بنسلفانيا بفوز كاريكو بجائزة نوبل دون أن تذكر خفض رتبتها أو تاريخها الصعب مع الجامعة.

وقالت الجامعة في بيان لها على صفحاتها بموقع فيسبوك: “تهانينا للحائزين على جائزة نوبل كاتالين كاريكو ودرو وايزمان، والذين حصلا على جائزة نوبل في الطب لعام 2023 لدورهما في تطوير لقاحات فيروس كورونا”.

وأضافت: “كاريكو ووايزمان باحثان بارعان يمثلان خلاصة الإلهام والتصميم العلمي. فيومًا بعد يوم، عمل الدكتور وايزمان والدكتورة كاريكو وفريقهم بلا كلل لإطلاق قوة الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA كمنصة علاجية، دون معرفة الطريقة التي يمكن أن يساعد بها عملهم في مواجهة تحدٍ كبير سيواجهه العالم يوماً ما”.

وتابعت: “لقد كان لديهم إخلاص وتفاني حقيقي في عملهم، لقد وعدوا بالفعل أنهم لن يتوقفوا، وهذا هو أعظم إلهام للجميع. جامعتنا فخورة للغاية بإنجازاتهم الرائدة، وفوزهم بهذه الجائزة هو التقدير الذي يستحقونه عن جدارة”

تطور مذهل

ووفقًا لموقع “بي بي سي” فقد كانت تقنية mRNA تجريبية قبل تفشي الوباء، لكنها وصلت الآن لملايين الأشخاص حول العالم، وتجري الآن أبحاث أخرى، بتقنية “أم آر إن إيه” لعلاج أمراض أخرى، بما في ذلك السرطان.

وكانت تكنولوجيا اللقاحات التقليدية، تعتمد على نسخ ميتة أو ضعيفة من الفيروس أو البكتيريا الأصلية – أو باستخدام أجزاء من العامل المرضي المُعدي.

في المقابل، استخدمت لقاحات mRNA نهجاً مختلفاً تماماً، حيث تعمل اللقاحات من خلال تدريب جهاز المناعة، للتعرف على تهديدات الفيروسات أو البكتيريا ومحاربتها.

ويتمثل دور الحمض النووي الريبوزي في أجسامنا في تحويل التعليمات المحبوسة في شفرتنا الوراثية، أو الحمض النووي، إلى البروتينات التي يتكون منها جسمنا.

ومع ذلك، كانت هناك تحديات. ولكن من خلال تحسين التكنولوجيا، تمكن الباحثون من إنتاج كميات كبيرة من البروتين المقصود دون التسبب في مستويات خطيرة من الالتهابات التي شوهدت في التجارب على الحيوانات، وقد مهد هذا الطريق لتطوير تكنولوجيا اللقاحات لاستخدامها في البشر.

مشوار صعب

جدير بالذكر أن الدكتورة كاريكو والدكتور وايزمان، التقيا في أوائل التسعينيات عندما كانا يعملان في جامعة بنسلفانيا، وكان اهتمامهما بـ “mRNA” يُعتبر في ذلك الوقت غير مهم في العلوم الطبية.

وولدت كاتالين كاريكو عام 1955 في زولنوك بالمجر. وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة سيجد عام 1982 وأجرت أبحاث ما بعد الدكتوراه في الأكاديمية المجرية للعلوم في سيجد حتى عام 1985.

وبدأت كاريكو في العمل على الحمض النووي الريبي المرسال، وهو النص الجيني الذي يحمل تعليمات الحمض النووي إلى آلية صنع البروتين في كل خلية، لكنها واجهت خياراً صعباً عندما نفد المال من برنامج الأبحاث بالجامعة في عام 1985، فقررت مغادرة المجر لاستكمال رحلتها الأكاديمية.، وفقًا لموقع “الشرق بلومبرج“.

وتلقت كاريكو عرضاً من جامعة تمبل في فيلادلفيا الأميركية للحصول على زمالة لما بعد الدكتوراة، إلا أن عائلتها لم يُسمح لها سوى بـ 100 دولار في أثناء مغادرتها للمجر، وهو ما لم يكن كافياً لبدء حياة جديدة.

وفي عام 1989، التحقت كاريكو بكلية الطب بجامعة في بنسلفانيا كأستاذ مساعد باحث، حيث بدأت العمل مع طبيب القلب إليوت بارناثان. وكان لديهما العديد من الأفكار بشأن كيفية استخدام الحمض النووي الريبي المرسال، لكنهما تعرّضا للسخرية أثناء مناقشة تلك الأفكار. كما أن أموال المِنَح لم تصل أيضاً لأن الحكومة والقطاع الخاص لم يرغبا في دعم الأبحاث التي بدت بعيدة المنال.

وعندما ترك بارناثان العمل في القطاع الخاص، بقيت كاريكو دون مختبر أو دعم مالي، وطلبت منها الجامعة أن تبحث عن مكان آخر. وواصلت التنقل بين المختبرات بينما كانت تكافح من أجل الاستمرار، إذ اعتمدت على علماء كبار لاصطحابها إلى مختبراتهم.

كان 1995 عاماً صعباً بالنسبة لكاريكو، إذ علِق زوجها في المجر بسبب مشكلة في التأشيرة، وكانت جامعة بنسلفانيا قد خفضت رتبتها، ما منعها من الحصول على منصب “أستاذة”.

بدأت كاريكو في الاعتقاد أنها لم تكن جيدة أو ذكية بما يكفي، وقالت في إحدى المقابلات: “فكرت في الذهاب إلى مكان آخر، أو القيام بشيء آخر”.

ولكن في عام 1998 وبينما كانت تقف بجوار “آلة تصوير” تغيرت حياتها المهنية، حيث التقت درو وايزمان الذي التحق بكلية الطب في الجامعة ذاتها، وعندما أخبرته بأنها تستطيع تعديل الحمض النووي الريبي المرسال، أبدى الأخير اهتماماً بالموضوع.

بدأ الاثنان تعاوناً طويلاً وناجحاً في البحث عن الحمض النووي الريبي المرسال وتطبيقاته، ورغم العديد من التحديات التي واجهتهما، إلا أنهما استمرا في طريقهما.

وفي عام 2005 حققت كاريكو وصديقها وايزمان تقدماً كبيراً في أبحاثهما، وتمكنا من تعديل الحمض النووي الريبي المرسال وتحسين استقراره. ومع ذلك، عندما نُشرت نتائجهما في مجلات علمية، لم يحظ هذا الاكتشاف باهتمام كبير.

بدأت كاريكو الانتقال إلى مجال التكنولوجيا الحيوية، إذ أسست في البداية شركتها (RNARx) في عام 2006، ثم عملت في شركات أكبر. وفي عام 2013 أُرغمت على التقاعد من الجامعة، على حد قولها.

وفي عام 2020 عادت كاريكو إلى الأضواء حين استُخدمت طريقتها لإنتاج لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال للوقاية من فيروس كورونا. وبعد النجاح في إنتاج اللقاح عرضت العديد من الجامعات عليها العمل.

غير أنها رفضت بشكل قاطع، وقالت في مقابلة صحافية إنها لن تعود إلى البحث الأكاديمي، قائلة: “لم أنجح قط في هذا العالم. لقد تقاعدت من جامعة بنسلفانيا منذ 10 سنوات. والآن أبدأ فصلاً جديداً من حياتي. أعتقد دائماً أنه سيكون الفصل الأخير”. وانتقلت كاريكو إلى شركة “بايونتيك” المطورة للقاح “فايزر”، حيث تعمل مستشارة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين