الراديوطبيبك الخاص

ما هي فرص الحمل بعد سن الأربعين؟ وما مدى خطورته ومزاياه؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

هل هناك فرصة لحدوث حمل للسيدة التي تجاوزت سن الأربعين؟، وهل الحمل في هذا السن يمثل خطورة على صحة الحامل أو حالة الجنين؟، كيف يمكن أن يكون الحمل صحيًا في ذلك العمر؟، وما هي مزايا ومخاطر الحمل في الأربعينيات؟، ولماذا قد تجد بعض النساء صعوبة في الحمل في عمر متقدم؟

كل هذه الأسئلة وغيرها ناقشتها الإعلامية ليلى الحسيني مع خبير الخصوبة د. فائق نيكولاس شما، الحاصل على البورد الأمريكي في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية في برنامجه “اسألوا الدكتور شما”.

متحور كورونا الجديد
* نبدأ حوارنا بالاطلاع على كل ما هو جديد، هل لك أن تخبرنا عن متحور كورونا الأخير (EG. 5) الذي يتزايد القلق بشأنه وبات منتشرًا في عدة دول؟، هل نحن على أعتاب جائحة جديدة؟

** بدايةً يجب أن نذكر أن معظم الشعب الأمريكي إما أنه كان مُصابًا بكورونا أو تم تطعيمه ضد الفيروس، ونظرًا لأن هناك نسبة كبيرة ليست لديها مناعة ضد هذا الفيروس، ستظل هناك متحورات ومتغيّرات للفيروس تظهر من وقتٍ لآخر، المؤسف أن هذا المتحور الأخير سريع الانتشار، لكننا حتى الآن لا نعرف مدى تأثيره على الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس من قبل، أو من تم تطعيمهم ضده.

وبشكل عام هناك خطورة جراء هذا المتحور لأن آخر تطعيم حصل عليه الناس كان من سنة تقريبًا، وآخر تطعيمات جديدة حصل عليها حوالي 5٪ من الشعب، لذلك عندما يأتي فصل الخريف ثم فصل الشتاء فإن احتمالية انتقال الفيروس تكون أكبر، والخطورة الأكبر تكون على الأشخاص المتقدمين في العمر، وهناك خطورة أيضا على النساء الحوامل، وأيضا المصابين بالأمراض المزمنة مثل السكري أو من لديهم مناعة ضعيفة.

الأمر المؤسف أن عدد الإصابات بكورونا في تزايد خلال الشهر الماضي، ودخول المستشفيات في تزايد أيضا، لذلك أنا أنصح الناس بضرورة الحصول على اللقاحات في أسرع وقت ممكن، ولمن حصلوا على لقاح معيّن، من المحبذ أن يحصلوا على لقاح آخر، لأن هذا يتيح لهم مناعة أوسع، ويجب أيضا أن نعود إلى ارتداء الكمامات والالتزام بالإجراءات الوقائية اللازمة.

تراجع معدلات الإنجاب
* لماذا نلاحظ انخفاضًا في معدلات الإنجاب لدى الأمريكيين؟، هل الوضع اقتصادي أم أن الأمهات يعزفن عن الإنجاب مثلما تساءلت صحيفة “وول ستريت جورنال” في أحد تقاريرها؟

** أظن أن عدم الوفاق وغياب الحب بين الطرفين ربما يكون سببًا، من الملاحظ أن معدل الخصوبة الإجمالي Total Fertility Rate (TFR) ينخفض في العالم أجمع، وفي الولايات المتحدة نجد أن كل شخصين ينجبان 1.8 طفل، وحتى نحافظ على عدد سكان البلاد على وضعه الحالي يجب أن ينجب كل شخصين 2.1 طفل، وهذه مشكلة كبيرة في أمريكا وحول العالم.

عدد السكان في أمريكا في عام 2026 من المفترض أن يكون 365 مليون نسمة، في عام 2100 سيقلّ إلى 330 مليونًا، هذا الوضع يؤثر سلبًا على الاقتصاد وعلى القوى العاملة، نحن الآن في أمريكا لدينا أكبر اقتصاد في العالم، لكن في عام 2035 ستكون الصين في المرتبة الأولى نظرًا لكبر عدد سكانها، ولكن بين عامي 2035 و2100 سيتراجع عدد سكانها مجددًا مما سيؤدي إلى تراجع اقتصادها.

من أسباب تراجع معدلات الإنجاب أيضا؛ زواج الناس وهم في أعمار متقدمة، وانشغالهم بالدراسة والعمل وتجميع الأموال مما يؤخر رغبتهم في الإنجاب، فنجد المرأة تنجب أول أطفالها وهي في سنّ متقدمة، أول طفل تنجبه المرأة الأمريكية تكون في سنّ الـ 27، في إسبانيا تكون المرأة بعمر 30 عامًا.

* كيف يؤثر تراجع معدلات الإنجاب على المجتمع الأمريكي في نهاية المطاف؟

** إذا انخفض معدل المواليد، ستنخفض أعداد اليد العاملة مستقبلًا وسيتضرر الاقتصاد، ومن ثمَّ سيحدث خلل اجتماعي إذ ستنخفض الرعاية بكبار السنّ، نحن نلحظ أن 47٪ من المواليد يتم إنجابهم من نساء أعمارهن ما بين 20 و30 عامًا، وتقريبًا 45٪ يتم إنجابهم من نساء ما بين 30 و40 عامًا، ورغم هذه النسب نجد أن معدل الخصوبة الإجمالي Total Fertility Rate (TFR) لا يزال في انخفاض مستمر.

من فضل الله، أننا هنا في أمريكا لدينا مسألة الهجرة حتى نعوض هذا النقص في معدل المواليد، فلدينا مثلًا مليون شخص ينتظرون الحصول عن فيزا H1-B أو الـ Green Card، هؤلاء إذا ما سُمِحَ لهم بالقدوم فإنهم سينعشون الاقتصاد وأغلبيتهم لديهم القدرة والرغبة في إنجاب أعداد أكبر، وبالتالي التأثير إيجابًا على المجتمع.

فرص الحمل
* ما فرص حدوث الحمل بشكل طبيعي للمرأة التي تجاوزت سنّ الأربعين؟، هل الحمل في هذا العمر تمثّل خطورة على صحة الحامل أو حالة الجنين؟

** المسألة لها شقين؛ منها ما هو مرتبط بمعدل الخصوبة الإجمالي Total Fertility Rate (TFR)، والذي يشير إلى نسبة النساء القادرات على الإنجاب في الغالب، ومنها ما هو مرتبط بعامل العمر، وهذا مهم للغاية بالنسبة للنساء، فعدد البويضات يقلّ من مليون بويضة إلى 400 ألف عندما يبدأ ظهور العادة الشهرية، وصولًا إلى صفر بويضة عندما يتوقف ظهور العادة بعمر 51 عامًا، فمع تقدم المرأة في العمر يقل عدد البويضات وتقلّ القدرة الجينية لهذه البويضات، لدرجة انها عندما تصل إلى 43 عامًا فإن البويضات المتبقية تكون بها مشكلات جينية لأن البروتينات الموجودة بها تصبح أقل.

إذا تحدثنا عن امرأة عمرها 30 عامًا، سنجد أن 75٪ من النساء في هذا العمر تحملن خلال سنة من الزواج، من سنة إلى 4 سنوات تكون 90٪ منهن قد حملن، إذا صار عمر المرأة 35 عامًا فإن النسبة تقل إلى 65٪، وبعد 4 سنوات أخرى تقل النسبة مجددًا إلى 85٪، وبعد الـ 40 عامًا فإن 45٪ منهن تكون لديهن القدرة على الحمل بشكل طبيعي، ومن 40 إلى 44 عامًا تقل النسبة مجددًا، وتصبح القدرة الطبيعية على الإنجاب صعبة، وتزيد نسبة الإجهاض، وكذلك نسب المشكلات الجينية لدى الأطفال.

كمثال على مسألة المشكلات الجينية لدى الأطفال؛ نجد أن المرأة إذا حملت وهي في سن 20 سنة فإن احتمالية حدوث متلازمة داون للطفل تكون 1 من كل 1400 طفل، وتزيد هذه النسبة إذا حملت المرأة وهي بعمر 30 سنة حيث تصبح 1 من كل 1000 طفل، وإذا كان عمرها 35 سنة فإن النسبة تصبح 1 من كل 300 طفل، وإذا كان عمرها 40 سنة فإن النسبة تصير 1 من 85 طفل، وإذا كان عمر المرأة 45 سنة فإن نسبة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون تصبح 1 من كل 32 طفل.

* ما هي نسبة فرص الحمل للمرأة وهي في سنّ الـ 40 عامًا؟

** تقل النسبة بشكل مؤكد، وتصبح نسبة الإجهاض حوالي 50٪ وذلك لأسباب جينية، وإذا كان عمرها ما بين 35 و40 سنة فإن نسبة الإجهاض تكون ما 20 و30٪، لذا نقول بشكل عام إن نسبة الحمل تقل، ونسبة الإجهاض تزيد، ونسبة الأطفال الذين يُولَدون بمشكلات جينية تزيد.

مشكلات ومضاعفات
* ما هي المشكلات أو المضاعفات التي قد تصاحب الحمل المتأخر؟

** الحمل يكون معرضًا ألا يدوم إلى 40 أسبوعًا وبالتالي تنجب المرأة قبل الموعد المفترض، والطفل يكون مولود أصغر مما كان يجب أن يكون عليه، تسمى هذه الحالة Low birth weight (LBW)، كما أن نسبة الوفيات للأجنة في فترات نهاية الحمل تكون أكبر، ناهيك عن زيادة احتمالية إصابة المرأة بمرض السكري أو الضغط كلما كبرت في العمر وهو ما يؤثر على المرأة وعلى قدرتها على الحمل، بالرغم من كل هذه المشكلات فإن هذه الأمور لا تمنع دائما المرأة أن تحمل وتنجب بعد عمر الـ 40 عامًا، لا سيما إذا كانت بصحة جيدة.

لدى الرجال أيضا
* الأبحاث الحديثة تظهر أن تقدم السنّ لدى الرجال يتسبب أيضا في مشكلات تخص الإنجاب، فهل الآباء الأكبر سنًّا لديهم معدلات أعلى فيما يخص عدم القدرة على الإنجاب؟

** صحيح، فكلما كبر الرجال في العمر فإن القدرة الجينية للسائل المنوي لديهم تصبح أقل، ولكنها ليست بنفس الدرجة مثل النساء أبدًا، وبشكل عام فإن قدرة الرجال والمرأة معا على الإنجاب وهما في عمر أكبر قد تكون متناسبة مع قدرتهم المالية، والجو المعيشي في المنزل يصبح أفضل وكذلك التربية لأنهما صارا على درجة كافية من النضج.

هناك دراسة تم إجرائها هنا في الولايات المتحدة عن الأشخاص الذين ينجبون وهم في عمر الـ 40 من خلال أطفال الأنابيب، قالت النساء إن 72٪ كانت لديهن استعداد من الناحية العاطفية لإنجاب طفل أكثر بكثير مما لو أنجبن طفلًا وهن بعمر أصغر، وفي دراسة أخرى أجريت في إنجلترا وجدت أن الأطفال الذين يُولدون أصحاء لنساء عمرهن 40 سنة يكونون أفضل من الناحية النفسية وكذلك الذكاء، والأمر ذاته ينطبق على الأطفال الذي يُولدون من رجال أكبر سنًّا، والمذهل أن بعض هؤلاء الأطفال يعيشون عمرًا أطول.

هناك دراسة أخرى أجريت في بريطانيا، وجدت أن الأطفال الذي يُولدون أصحاء من رجال ونساء أكبر من سن الـ 40 سنة معرضين بشكل أقل لدخول المستشفى خلال العام الأول من أعمارهم، كما أن الطفل الصغير الذي تنجبه الأسرة في سن متقدمة يحمل بهجة غير عادية للأسرة بأكملها.

ممارسات صحية مطلوبة
* ما الذي يجب أن تتوقعه المرأة أثناء الحمل وهي بعمر الأربعين؟

** من المهم جدا أن تحافظ على وزن جسمها، فكلما زاد الوزن بمعدل 20 باوند ينخفض معدل الخصوبة الإجمالي Total Fertility Rate (TFR) بنسبة 10٪، فالوزن مهم جدا، لدينا هنا في الولايات المتحدة حوالي 40٪ من النساء لديهن وزن زائد بشكل كبير، لذا فإنه من الضروري أن تحافظ المرأة على نظام غذائي منضبط وأن تحافظ على وزنها، وأن تتناول النظام الغذائي المعروف بحمية البحر المتوسط والذي تحدثنا عنه في حلقة سابقة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى