التغييرات الجديدة في سياسة الهجرة لأمريكا.. والفائزون باللوتري 2023
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
كم عدد الفائزين في برنامج الهجرة العشوائية لأمريكا (اللوتري) للعام 2023؟، وماذا سيحدث عندما تنتهي سياسة الهجرة المعروفة بـ”العنوان 42″؟، إجابات هذه الأسئلة وأكثر كانت ضمن لقاء مميز مع الأستاذ محمد الشرنوبي، المحامي المختص بقضايا الهجرة والتجنس.
تناول اللقاء ثلاثة محاور؛ المحور الأول: هل بدأت الولايات المتحدة بإصدار تأشيرات سياحية على نطاق أوسع للسوريين بعد زلزال تركيا و سوريا؟، وهل من الممكن أن تتحول الفيزا المؤقتة إلى فيزا دائمة؟
أما المحور الثاني فكان حول صدور نتائج الهجرة العشوائية، وكيف يمكن للمتقدم أن يتأكد من قبول الطلب الذي تقدم به؟، بينما دار المحور الثالث حول معرفة ما الذي سيحدث بعدما انتهت سياسة الهجرة المعروفة بـ”العنوان 42″، يوم الخميس الماضي 11 مايو.
وعود لم تتحقق
* نبدأ معك أستاذ محمد من الشكل العام للهجرة والاقتصاد، حيث انخفضت شعبية الرئيس بايدن وفقًا لأحدث استطلاع للرأي بسبب أدائه في مجالي الاقتصاد والهجرة، فماذا يحدث في الهجرة حتى تكون أحد الأسباب في انخفاض شعبية بايدن؟
** كل الوعود التي قطعها بايدن خلال فترة الانتخابات من قبل بشأن الهجرة؛ مثل برنامج DACA ومسألة حصول المقيمين لأكثر من 10 أو 15 عامًا على الـ “جرين كارد” وغيرهما من الوعود، لم يحقق أيًا منها حتى الآن.
* هل يمكن أن تؤثر هذه الوعود على إعادة انتخاب بايدن مرة أخرى؟
** بالتأكيد، وهناك الملايين من العراقيين والسوريين في تركيا ولبنان والعراق منذ عام 2015، وجميعهم على نظام الـ “IUM” وفي انتظار القدوم إلى أمريكا، لكن بايدن ترك كل هؤلاء واتجه إلى الأفغانيين والأوكرانيين، ونسي من وقفوا بجانبه ودعموه في الانتخابات.
شعور كاذب
* لكن يرى البعض أن هناك انفتاحًا من الجانب الأمريكي على زيادة إعطاء الفيز للسوريين، فما سبب هذا التحول؟، ولماذا الآن تُقبَل الفيز للسوريين بشكل أكبر، خاصة للقادمين من دول الخليج؟
** هو شعور كاذب، لأنه كان هناك توقف عن إعطاء الفيز للسوريين خلال فترة ترامب، وتم إلغاء هذا القرار، وبالتالي عندما بدأ السوريون في الحصول على الفيز والقدوم إلى أمريكا، بدأ يظهر إحساس بأن هناك تحول أو زيادة في حصولهم على الفيز.
لكن يجب الإشارة إلى أن من يحصلون على الفيز هم فقط من لديهم إقامات في دول الخليج، ولا يزال هناك رفض لمن هم خارج تلك الدول حتى الآن.
قرار خاطئ
* لدينا سؤال يقول: أنا قادم إلى الولايات المتحدة من خلال فيزا سياحية، فهل من الممكن أن تتحول هذه الفيزا السياحية إلى لجوء؟، وبالعموم هل هذا القرار صائب لمن يفكر في هذا الأمر؟
** هذا قرار خاطئ، ولا بد في البداية أن نفسّر ونفرّق كل صاحب مهنة عن الآخر؛ بمعنى أنه إذا كان الشخص طبيبًا أو مهندسًا أو عالمًا أو ما شابه، فيجب ألا يكون قراره هو اللجوء، وإنما الدراسة، حتى يمكنه تطوير وضعه إلى الأفضل.
فهذه الفئات إذا ما حصلت على الماجستير أو الدكتوراة أو أي شهادات ودراسات عليا في أمريكا، سيكون متاح أمامهم العمل لمدة 3 سنوات هنا كتمرين، وهذا يعطيهم الفرصة للاختلاط بالشركات والمستشفيات الأمريكية وأصحاب الأعمال في أمريكا، وبالتالي يمكنهم الحصول على فيز عمل.
إذا لم تنجح هذه المحاولة، فيكون أخر مسار يسلكه الشخص هو التقديم على اللجوء، لا سيما للأشخاص الذين عاشوا لأكثر من 15 أو 20 عامًا خارج الدولة القادمين منها، لأنه يكون من الصعب جدًا عليهم إثبات ماضيهم المضطهد أو تأثير وجودهم في دولتهم على رأيهم السياسي وحريتهم، ويجب ملاحظة أن اللجوء يكون لأسباب تُعرّض الشخص نفسه للاضطهاد، ويجب ذكر هذه الأسباب عند التقدم بطلب اللجوء.
فتاوى غير المتخصصين
* هناك من يطرح قضايا الهجرة على صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي، وهناك من يطرح النصائح ويخوض في الشرح والتوضيح بدون علم، وللأسف هناك من يتّبع هذه النصائح، فما تعليقك على ذلك؟
** أنا أتابع هذه المجموعات والكثير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تجدين مثلًا من يقول أنا قادم إلى كاليفورنيا وأريد محامي هجرة يتحدث العربية للتواصل معه، فتجدين في التعليقات من يطرحون أنفسهم كمحامين فعليين حوالي واحد أو اثنين على الأكثر، و5 أو 6 أشخاص آخرين تُطرح أسمائهم رغم أنهم لا علاقة لهم بالمحاماة أو بشؤون الهجرة.
لذا نصيحتي لكل شخص يريد الهجرة أو القدوم إلى أمريكا، أن يستشير محامي متخصص في الهجرة، وعدم الانصياع للآراء أو النصائح التي يقدمها غير المتخصصين.
وبعيدًا عن ذلك، لو دخل الشخص على موقع الهجرة “uscis.com”، سيجد الوثيقة الخاصة باللجوء وهي “I-589″، يمكن لأي شخص أن يقوم بملء البيانات فيها، لكن المهم هنا كيف سيقوم بملء بياناتها؟، فالأمر أشبه بالذهاب إلى طبيب متخصص ولديه رخصة لمزاولة الطب من أجل الكشف والعلاج، أو الذهاب إلى صيدلي للحصول للكشف والاستشارة، الفرق كبير بلا شك.
مشكلة تغيير المهنة
* ماذا عن أصحاب المهن الحرفية، هل يتم اعتبارهم من أصحاب المهارات والكفاءات؟، وهل إذا حصلوا على فيز سياحية يمكن أن يتم تغييرها إلى فيزا للعمل؟
** نعم، مثل النجار والطباخ والحلاق والميكانيكي وغيرهم، وكل صاحب مهنة أو حرفة لها مستقبل في أمريكا، لكن المشكلة التي تواجه هذه الفئات أنهم عندما يذهبون إلى السفارة للحصول على الفيزا السياحية فإنهم يلجأون أولًا إلى مكاتب تخليص الإجراءات، فمثلًا إذا كان الشخص يعمل خبّازًا، فيخبرونه أنه لن يُقبل، وأنه من الأفضل أن يإغيّر مهنته مثلًا إلى صاحب شركة سياحة.
وبالفعل يقومون بعمل الأوراق اللازمة، ومن ثمَّ يحصل على الفيزا، ثم يسافر إلى هنا على أنه صاحب شركة سياحية، ثم يجد مطعمًا او مخبزًا يريد بالفعل تعيينه، فتظهر المشكلة هنا عن تغيير الفيزا السياحية إلى فيزا عمل، بسبب تضارب البيانات وإخفاءها وتزييفها، لذا نقول دائما إنه إذا بدأ المشوار بكذبة فإن هذه الكذبة تظل ملازمة للشخص طوال الطريق.
وضع الـ “TPS”
* إذا أتى الشخص إلى أمريكا، وكان صادقًا في معلومة ذكرها منذ بداية تقديم طلبه للسفارة، فما هي المدة التي يستطيع أن يغيّر فيها وضعه القانوني في أمريكا، إذا وجد كفيل له هنا؟
** في السابق كان من الممكن أن نقوم بهذا الأمر خلال فترة من 6 إلى 9 أشهر، أما المشكلة اليوم فإن هذه المعاملة تأخذ من عام إلى عام و3 أشهر، وبالتالي فإن فترة الإقامة بفيزا سياحية لا تكفي، وهناك كثيرون ننصحهم بالعودة ثم يأتون مجددًا من أجل استكمال المشوار، أو ننصحهم بتحويل الفيزا إلى نوع آخر مثل الدراسة، من أجل إطالة الوقت.
وضع السوريين واليمنيين
هناك وضع نجاة بالنسبة للسوريين واليمنيين؛ وهو وضع الـ “TPS” أو وضع الحماية المؤقت “Temporary Protected Status”، وبإمكانهم التقديم عليه قبل نهاية فترة الـ 6 أشهر، ومن ثمَّ يمكنهم التحويل إلى فيزا عمل لاحقًا.
* هل الوضع السياسي الآن في سوريا وفقًا للرؤية الأمريكية، يمكّن السوريين من التقديم على الـ “TPS”؟
** نعم، لأنه طالما هناك “TPS” فإن هذا إعلان من أمريكا بأنه لا يوجد أمن واحترام لحقوق الإنسان في سوريا، ولكن إذا رفعت أمريكا هذا الوضع فإنها بذلك تكون قد أعلنت عن توافق مع الإدارة السورية، وأن الوضع بات آمنًا في سوريا.
* هل هذا الوضع ينطبق على اليمنيين، بما أنه لا يزال هناك عنف مسلح وعدم استقرار في البلد؟
** الصراع في اليمن بدأ يأخذ منحى آخر، بدأنا نرى دولة شمالية ودولة جنوبية، ورغم حزني على هذا الوضع إلا إنه من الممكن مثلًا أن يحدث نوع من الاستقرار في الدولة الشمالية، وبالتالي يمكن لهذا الوضع أن يجعل أمريكا ترفع وضع الـ “TPS” عن تلك الدولة، وبالمناسبة فإن السودانيين لا يزال لديهم فرصة للتقديم على وضع الحماية المؤقت “TPS” بسبب ما يحدث في بلدهم.
كذب وخيانة أمانة
* وردنا سؤال يقول: بمجرد وصولي إلى الولايات المتحدة، بدأت في تغيير حالتي “Status”، فهل تعتبر السلطات في الولايات المتحدة أن هذا الأمر يعدّ سوء نيّة مني؟
** لا بد من التيقن بأن المسؤول أو الضابط “Officer” الذي يقوم بعمل المقابلة معي هو في النهاية إنسان ولديه قدرة على الفهم، وأن القاضي الذي ستُنظر أمامه هذه القضية في المستقبل هو أيضًا إنسان ولديه القدرة على الفهم.
والآن بمجرد كبسة زر على الكمبيوتر يمكنهم معرفة كل ما قاله الشخص قبل حصوله على الفيزا وقبل قدومه إلى الولايات المتحدة وبعد قدومه، وبالتالي فإن تغيير ما قلته سابقًا يعدّ نوع من خيانة الأمانة وكذب.
وهذا الأمر أنا سمعته بنفسي من “Officer” ذات مرة في قضية تخص سيدة، حيث أخبرني بأن هذه السيدة أبلغتنا بأنها قادمة لعلاج ابنها، ومن هنا حدث تعاطف معها وحصلت على الفيزا، وبعدما دخلت إلى الولايات المتحدة بأسبوع قدمت للحصول على اللجوء، فلا يمكن هنا تصور أنها لم تكذب على السلطات منذ البداية.
نتيجة الهجرة العشوائية
* المحور الثاني يدور حول صدور نتائج برنامج الهجرة العشوائية، كيف أتأكد من قبول الطلب الذي تقدمت به؟
** من خلال التوجه للموقع الإلكتروني الرسمي للخارجية الأمريكية، حيث يتم وضع رقم الطلب للتأكد من القبول، وبالطبع هناك عمليات نصب واسعة تتم من جانب بعض الهاكرز من دول مختلفة، منها نيجيريا والصين على سبيل المثال، حيث يكونون على دراية بأن هناك ملايين في انتظار هذه النتيجة، وبالتالي إذا أرسلوا مليون رسالة إلكترونية عشوائية، فهناك على الأقل 300 أو 400 رسالة ستصيب فريستها.
تكون الرسالة مضبوطة بشكل خادع، ويخبرون الشخص بأن طلبه قد تم قبوله، ويطالبونه بدفع مبلغ من المال، مثلًا 300 دولار، وللأسف هناك شخص من اليمن أرسل لي الرسالة الخادعة التي وصلته، وأخبرته بأنها مزيفة، ولكنه بكل أسف لم يصدقني، وقام بتحويل المبلغ، واكتشف في النهاية أن الموضوع مجرد نصب.
* هل ترسل وزارة الخارجية رسالة موثقة، أم أن الشخص يجب أن يقوم بإدخال رقم الطلب لمعرفة النتيجة من خلال الموقع؟
** هم يرسلون رسائل عبر الإيميل، ولكن وجه الثقة يكون من خلال الدخول على الموقع الرسمي والتأكد من خلاله.
الهجرة والتوزان
* لو تحدثنا عن الفائزين في اللوتري؛ البعض يشير إلى أن معظم الفائزين يكونون من المغرب العربي؛ من الجزائر وتونس والمغرب، لماذا اتجه اللوتري صوب المغرب العربي برأيك؟
** الهجرة العشوائية وُضِعَت بالأساس لعمل موازنة للتعدد السكاني داخل أمريكا، بمعنى إذا زاد عدد الصينيين عن المصريين، فتقوم الحكومة الأمريكية برفع أعداد المهاجرين القادمين من مصر، إذا وجدوا أن عدد السوريين قد بدأ يتزايد فيتم الاتجاه مثلًا نحو المغاربة وهكذا.
ومن الواضح أن سكان دول المغرب العربي ليست لديهم مشكلات، وبالتالي لا يوجد نزوح من تلك الدول، على عكس أعداد كبيرة قادمة من دول مثل الصومال أو غيرها، فتقوم الحكومة بموازنة هذه الأعداد بمهاجرين من دول لم تشهد أمريكا إقبالًا كبيرًا من القادمين منها.
على سبيل المثال من مصر تم قبول حوالي 5300 شخص، ومن المغرب 5800 شخص، ومن الجزائر رقم مقارب، لكن من تونس لم يتجاوز العدد 2000، في حين مثلًا هناك دول مثل الصين؛ ممنوع من الأساس التقديم منها، نظرًا لوجود أعداد كبيرة من الصينيين.
سياسة العنوان (42)
* انتهت يوم 11 مايو، سياسة الهجرة المعروفة بالعنوان (42)، فما هي هذه السياسة؟، وما معنى انتهاءها؟
** تتلخص هذه السياسة ببساطة في أنه في حالة وجود أمراض وأوبئة، مثل كورونا، يتم منع دخول طالبي اللجوء إلى البلاد، حيث يظلون في الخارج حتى يتم معالجة الطلبات المقدمة منهم، وفي حالة القبول يتم السماح لهم بعبور الحدود الأمريكية.
بعد انتهاء هذه السياسة، بات بإمكان هؤلاء الأشخاص القدوم إلى حدود الولايات المتحدة، ومن ثمَّ إدخالهم إلى داخل البلاد، ويتم النظر في طلباتهم ودراستها وهم في داخل أمريكا.
* في ظل انتهاء هذه السياسة، كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع التدفق الكبير المتوقع لطالبي اللجوء؟
** سيتم تحويلهم إلى قاضي الترحيلات، ومنهم من سيتم حبسه، ومنهم سيدخل إلى البلاد دون حبس، ومنهم من سيتم استجوابه وأخذ أقواله.
على سبيل المثال؛ القادمون من موريتانيا لا يتم استجوابهم أو حبسهم، وإنما يتم إدخالهم مباشرةً وتحديد موعد جلسة لهم، أما السوريين واللبنانيين فيتم حبسهم لمدة 3 أو 4 أشهر، للتأكد من وجود سبب من أجل اللجوء، المهم أنه بعد انتهاء سياسة العنوان “42” فإن كل هذا سيتم على الأراضي الأمريكية وليس خارجها كما كان خلال الفترة الماضية.
* هل سيتم ترحيل كل من جاء طالبًا للجوء من على الحدود الأمريكية؟، أعتقد أن العرب في الغالب لا يأتون لطلب اللجوء من على الحدود.
** هذه معلومة غير صحيحة للأسف، فاليوم بتنا نرى أعدادًا مهولة قادمة عن طريق الحدود، منهم من هو قادم من سوريا والأردن ومصر، وهذا لم يكن موجودًا في السابق، وصحيح أن نسبتهم فقط 10% من باقي الجنسيات غير العربية، ولكنها في السابق كانت لا تتجاوز الـ 1% فقط.
وهؤلاء سيتم احتجازهم واستجوابهم، وفي حالة وجود خوف حقيقي في حالة عودتهم إلى بلدانهم، سيتم إدخالهم إلى الولايات المتحدة، وفي حالة عدم وجود خوف حقيقي وفقًا لرؤية قاضي الترحيلات الذي سينظر في قضيتهم، فسيتم إعادتهم إلى بلدانهم مجددًا، وما يحدث على الحدود هو نفسه ما يحدث عند الوصول عن طريق المطار.