أخبار العالم العربيالراديو

عاملون بمجال الإغاثة يروون قصصًا مروعة حول فرارهم من الحرب في السودان

ترجمة: مروة مقبول – كشف الوضع في السودان عن وجهٍ قاسٍ للحرب، بداية من مشاهد الدمار الكبير للمباني والبنية التحتية بسبب المعارك المسلحة، والأسر النازحة التي تحاول كل يوم الفرار من ويلات الحرب، وسط استمرار سقوط القتلى والجرحى، ووضع إنساني كارثي يزداد سوءًا مع مرور الوقت بسبب نقص إمدادات الغذاء والدواء وحتى الماء.

وفي هذا الصدد، استعرض برنامج The Ray Hanania Show، الذي يقدمه الصحفي المخضرم راي حنانيا، التجربة الشخصية لمديرة إحدى المنظمات الإغاثية الكبرى في الولايات المتحدة، والتي توفر الرعاية الصحية لأكثر من 200 ألف لاجئ ومهاجر وطالب لجوء، وطبيب سوداني يعمل على توفير الرعاية الطبية في السودان، وذلك بعد فرارهما من أعمال العنف المستمرة هناك منذ منتصف أبريل الماضي، وفقًا لما ذكرته صحيفة Arab News.

خطط إجلاء

وفي الجزء الأول من الحلقة التي أذيعت عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، روت مديرة المنظمة غير الحكومية، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، تفاصيل قصتها، ووصفت كيف اندلع العنف حول منزلها ومكاتب منظمتها في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل الماضي، وقالت إنها ساعدت 50 شخصًا على النزوح بأمان وسط خطر الصراع بين الفصائل المتحاربة، فضلاً عن نقاط التفتيش التي تديرها المليشيات المسلحة.

وأوضحت أن المجتمع الدولي لم يقدم خطط إجلاء قابلة للتنفيذ، بل “تكاد تكون هذه الخطط معدومة”. وأضافت: “كنا نأمل في الانضمام إلى قافلة الأمم المتحدة في بورتسودان، حيث كانت تنتظرنا حافلة قمنا بترتيب وجودها. وكنت سأصطحب معي الـ50 شخصًا، وبينهم أربعة موظفين دوليين تابعين للمنظمة”.

وأشارت إلى أن الحراس السودانيين ساعدوها في نقل فريق العمل الدولي إلى فندق السلام، حيث تمكنوا من الوصول جميعًا إلى هناك قبل موعد قدوم الحافلة بحوالي 24 ساعة.

وقالت إنها اعتقدت وقتها أنهم أصبحوا في أمان، لكنها لم تكن تتوقع أن تمنعها بعض العقبات من مغادرة السودان بسهولة، بما في ذلك فقدانها للحافلة التي كانت ستمكنهم من الانضمام إلى قافلة الأمم المتحدة، فقد قام أحدهم بدفع مبلغ أعلى مقابل الحصول على الحافلة “وأصبحنا عالقين بدون وسيلة نقل”.

وتابعت أن حوالي 30 شخصًا لم يستطيعوا الانتظار، وانفصلوا عن المجموعة، ظنًا منهم أنهم سيجدون طريقًا آخر للخروج، وتركوها مع حوالي 20 شخصًا، معظمهم من المتطوعين والعاملين السودانيين، مما جعل الأمر أكثر صعوبة، لأن الأمم المتحدة لم تسمح سوى للمواطنين غير السودانيين بالانضمام إلى القافلة والخروج من منطقة الحرب.

وأضافت: “الأمم المتحدة لديها توجيهات بعدم السماح للسودانيين بدخول القافلة. وعندما اكتشفتُ ذلك، أخبرتهم أن هذا الأمر غير عادل. وقلت: “لن أترك عائلتي السودانية”، في إشارة إلى مجموعة السودانيين الذي يرافقونها، والذين تزايد عددهم سعيًا للفرار من العنف، بعد أن علموا أنها “لا تستطيع أن تقول لا لأي شخص”.

وقالت إنها أعادت توجيه المجموعة إلى مدينة القضارف شرق السودان، حيث كانت منظمتها تغطي عمليات إغاثية، وستكون قادرة على تقديم المساعدة.

وأوضحت أنهم انتقلوا في أربع سيارات رياضية متعددة الأغراض، مما شكّل قافلة جديدة. وكان عليهم أن يدفعوا سعرًا مرتفعًا لغالون البنزين في السوق السوداء يبلغ 110 دولارات.

وأشارت إلى أنهم عندما غادروا وجدوا جثثًا في الشوارع، بالإضافة إلى مبانٍ متهدمة ومركبات عسكرية محترقة، مما أشار إلى أن هذه المنطقة شهدت في اليوم السابق الكثير من القتال.

وقالت: “كان هناك قصف حول الفندق، ومكثنا في مخبأ يقع في الطابق السفلي لمدة ساعة تقريبًا، بينما كان القصف مستمرًا”. وأضافت: “لقد قصفوا بنكًا مجاورًا للفندق مباشرة، وكان ذلك دافعًا لنا لنقول إنه يجب علينا التحرك فورًا”.

وأكدت أن القافلة الجديدة تمكنت من الخروج من الخرطوم بدون حوادث، لكن المشاهد التي مرت عليها كانت “غريبة”. فبالرغم من العنف الشديد والتفجيرات التي شهدتها بعض المناطق، إلا أن الحياة كانت طبيعية في المناطق التي كانت تبعد 15 دقيقة فقط عن الفندق، حيث “كانت وسائل النقل العام تعمل، وكانت المتاجر مفتوحة، وكان الناس موجودين في الشوارع.

وأضافت أنهم كلما ابتعدوا عن مناطق القتال في الخرطوم، كان السودانيون يخرجون لمساعدة القافلة ويقدمون لهم الطعام والشراب في البيوت التي كانوا يمرون بها. فعلى طول الطريق، كان هناك شباب سودانيون يحملون لافتات تقول: “أيها القادمون من الخرطوم، يمكننا حمايتكم في قريتنا”.

وعن شعورها في هذا الوقت قالت: “أشعر بعاطفة كبيرة عند تذكر هذه اللحظات، لأن هذا هو السودان وهؤلاء هم أهلها.. سوف يعطونك كل شيء حتى لو كان ذلك يعني أنهم لن يأخذوا شيئًا. وجمال السودان وشعبه لن ينكسر بفعل هذا الصراع. لقد اعتنوا بالموظفين الدوليين، وعرّضوا أنفسهم للخطر لأن هؤلاء هم السودانيون”.

وأشارت إلى أن الرحلة إلى القضارف استغرقت 9 ساعات بدلًا من الـ6 ساعات المعتادة. وبدلاً من الذهاب إلى بورتسودان، عبروا الحدود إلى إثيوبيا، ووصلوا إلى مدينة جوندار، ثم سافرت القافلة إلى أديس أبابا، حيث عادت مؤخرًا من هناك إلى الولايات المتحدة. وأكدت أنها تخطط للعودة إلى السودان في أقرب وقت ممكن.

“لم يكن في الحُسبان”

أما في الجزء الثاني من الحلقة، فشارك الطبيب حفيظ عبد الحفيظ، عضو مجلس إدارة جمعية الأطباء السودانيين الأمريكيين (SAPA)، والجراح بمستشفى سانت جود St. Jude لأبحاث الأطفال، قصة مماثلة.

قال عبد الحفيظ إنه وصل إلى السودان مع أطفاله الصغار للاحتفال بعيد الفطر قبل 5 ساعات فقط من اندلاع القتال يوم 15 أبريل. ووصف الوضع في الخرطوم حاليًا بأنه “كارثي”، قائلًا إن التفجيرات والاشتباكات دمرت منازل ومستشفيات ومدارس في العديد من مناطق الخرطوم والمدن السودانية الأخرى.

وأضاف: “إنها حرب مدمرة ووحشية اندلعت في وقت غريب للغاية. كان وقت الاحتفال بعيد الفطر عقب نهاية شهر رمضان. وكان الناس يتوقعون توقيع اتفاق سياسي وإعادة السلطة إلى حكومة مدنية.. ثم اندلع هذا القتال الذي لم يكن في الحُسبان بين هذين الجنرالين”، مشيرًا إلى أنه لا توجد وسيلة لتقدير عدد القتلى في الوقت الحالي.

وتابع قائلًا: “ما هو محزن في هذه الحرب هو التصعيد في استهداف العاملين في مجال الرعاية والمرافق الصحية، فقد تم قصف 17 مستشفى وإخلاء 20 أخرى بالقوة، بينما قُتل أكثر من 15 طبيبًا وصُودرت سيارات الإسعاف.. إنها حرب وحشية بلا أخلاق على الإطلاق”.

وقال إنه بينما كانت العاصمة الخرطوم تحت الحصار، تمكّن هو وأطفاله من العثور على ملاذ في مدينة وَدْ مَدَنِي السودانية.

وأوضح د. عبد الحفيظ أن جمعية (SAPA) تخطط لفتح مكتب جديد في الخرطوم لتوفير الإمدادات والرواتب للعاملين في المجال الطبي الذين يديرون عشرات المستشفيات ومنشآت الرعاية الصحية.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين