إدانة ترامب بالاعتداء الجنسي على جين كارول وإلزامه بدفع 5 ملايين دولار

أدانت هيئة محلفين في نيويورك الرئيس السابق دونالد ترامب بتهمة الاعتداء الجنسي وألزمته بدفع نحو 5 ملايين دولار على سبيل التعويض، وهو حكم يرى مراقبون أنه سيتسبب في انتكاسة قانونية لترامب خلال حملته الانتخابية التي يسعى من خلالها للعودة للبيت الأبيض مرة أخرى في 2024.
ورفضت هيئة المحلفين، المؤلفة من 9 قضاة بإحدى محاكم مانهاتن الاتحادية، نفي ترامب اعتداءه على كارول وحكمت لصالحها.
ووفقًا لشبكة CNN فقد قالت هيئة المحلفين، في حكمها الذي أصدرته اليوم الثلاثاء، إن ترامب اعتدى جنسيًا على الكاتبة إي. جين كارول في التسعينيات، ثم قام بتشويه صورتها من خلال وصفها بأنها كاذبة.
وقررت الهيئة إلزامه بدفع نحو 5 ملايين دولار على سبيل التعويض للكاتبة الضحية، منها 2 مليون دولار كتعويض عن مطالبتها المدنية بالاعتداء، و3 ملايين دولار لنجاحها في إثبات ادعائها بالتشهير ضد ترامب.
وكانت كارول قد أقامت دعوى قضائية ضد ترامب اتهمته فيها بضربها والاعتداء الجنسي عليها في عام 1996، مدعية أن سلوكه يعتبر جريمة جنسية لأنه كان اغتصابًا أو اعتداءً جنسيًا أو لمسًا قسريًا.
ولم تجد هيئة المحلفين إثباتًا على الاغتصاب، إلا أنها وجدت أن المشتكية أثبتت أن ترامب ارتكب اعتداءً جنسيًا، مما سمح لها بالحصول على تعويضات عن مطالبتها بالضرب.
تعليقات كارول
بعد صدور الحكم خرجت كارول من قاعة المحكمة وهي تبتسم وتمسك بيد محاميها، وشكرت فريقها القانوني الذي وقف إلى جانبها.
وقالت في بيان: “رفعت هذه الدعوى ضد ترامب لتبرئة اسمي واستعادة حياتي”. وأضافت: “اليوم، يعرف العالم أخيرًا الحقيقة. هذا الانتصار ليس لي وحدي، بل لكل امرأة عانت بسبب عدم تصديقها”.
من جانبها أشادت محاميتها، روبرتا كابلان، بتصميم كارول وشجاعتها في التحدث والسعي لتحقيق العدالة. وقالت: “لا أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس سابق للولايات المتحدة، نحن سعداء للغاية”.
وأضافت: “لفترة طويلة جدًا، واجه الناجون من الاعتداء الجنسي جدارًا من الشك والترهيب. ونأمل أن يكون حكم اليوم خطوة مهمة في هدم ذلك الجدار”، وتابعت: “هذا الانتصار ليس لـ إي جين كارول فقط، ولكن للديمقراطية نفسها، ولكل الناجين في كل مكان”.
تعليق ترامب
من جانبه علق الرئيس السابق ترامب على الحكم الذي أصدرته هيئة المحلفين، ووصفه بأنه “وصمة عار كاملة”، وقال إنه “استمرار لأعظم مطاردة للساحرات على الإطلاق”، وفقًا لمنشور على حسابه بموقع Truth Social.
واستمر ترامب في الادعاء بأنه لا يعرف من هي إي جين كارول، قائلًا: “ليست لدي أدنى فكرة حول من هي هذه المرأة”.
كما انتقد المتحدث باسم ترامب، ستيفن تشنغ، الحكم ووصفه بـ”الزائف”، وردد تشنغ ما قاله ترامب في بيانه عندما وصف القضية بأنها “وهمية”.
فيما وصف جو تاكوبينا، محامي ترامب، قرار هيئة المحلفين بأنه “حكم غريب”، مشيرًا إلى أن هيئة المحلفين رفضت دعوى الاغتصاب ضد موكله، وبالتالي لا يواجه أي عقوبة بالسجن نتيجة الحكم المدني.
وقال تاكوبينا إنهم سيستأنفون الحكم، مشيرًا إلى أن ترامب كان صادقًا في اعتقاده بأنه لا يمكنه الحصول على محاكمة عادلة في مدينة نيويورك.
وأضاف: “قدمنا العديد من الاقتراحات التي نعتقد أنها ستفيدنا في الاستئناف، وسنقوم بتوظيفها كما يجب”.
التأثير على الانتخابات
جدير بالذكر أن الحكم في قضية إي جين كارول ضد ترامب لن يكون له أي تأثير قانوني على ترشيحه للرئاسة في انتخابات عام 2024، وفقًا لشبكة CNN
وأشارت الشبكة إلى أن هذه القضية قضية مدنية، وخلال حملة انتخابات عام 2016، واجه ترامب العديد من القضايا المدنية، وتمت تسوية هذه القضايا بعد فترة وجيزة من انتخابه، ولم يكن لها تأثير على متطلبات الرئاسة المنصوص عليها في الدستور.
وكان ترامب قد مَثُل مطلع أبريل الجاري أمام محكمة في نيويورك أيضًا لمواجهة اتهامات جنائية مرتبطة بدفع أموال إلى نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2016 التي فاز فيها على حساب هيلاري كلينتون.
كما يواجه ترامب دعاوى قضائية أخرى تتعلق بدوره المزعوم في إثارة أعمال شغب أسفرت عن اقتحام الكونغرس في السادس من يناير 2021، بالإضافة إلى الاتهامات الموجهة إليه بممارسة ضغوط على مسؤولين عن العملية الانتخابية في ولاية جورجيا في عام 2020، وتحقيق آخر بشأن طريقة تعامله مع الوثائق السرية التي أخفاها في منزله.
وبالمثل، من غير المرجح أن يتأثر الرئيس السابق بالمحاكمة الجنائية، على الأقل من الناحية القانونية، فيما يتعلق بقدرته على إكمال مساعيه لإعادة انتخابه في البيت الأبيض، خاصة وأن هناك سوابق لمجرمين مدانين ترشحوا لمناصب فيدرالية، بما في ذلك منصب الرئاسة.
حيث كان يوجين دبس، المرشح الاشتراكي الدائم للبيت الأبيض في أوائل القرن العشرين، مسجونًا بتهمة التجسس، عندما فاز بأكثر من 900 ألف صوت في حملة رئاسية عام 1920.
تفاصيل القضية
تقول إي جين كارول، الصحفية السابقة وكاتبة الرأي في مجلة “إيل”، إن ترامب اغتصبها في غرفة تبديل الملابس بمتجر “بيرغدورف غودمان” في مانهاتن، في أواخر عام 1995 أو أوائل عام 1996.
وقالت كارول، البالغة من العمر 79 عامًا، إنها قابلت ترامب بالصدفة أثناء التسوق، عندما استشارها في شراء ملابس داخلية لامرأة أخرى، وطلب منها مازحا أن تجربها له، ولكن بمجرد دخولها إلى غرفة تغيير الملابس، اندفع نحوها، ودفعها إلى الحائط واعتدى عليها.
وأوضحت أنها تمكنت من إبعاده بعد “مشقة كبيرة”، مشيرة إلى أنها لم تبلغ الشرطة بالحادث لأنها شعرت بصدمة ولم ترغب في اعتبار نفسها ضحية اغتصاب.
وقالت صديقتان لكارول، وهما كارول مارتن، وليزا بيرنباخ، إنها أخبرتهما بهذا الحادث بعد أيام من وقوعه، وهما مدرجتان على قائمة الشهود المتوقع استدعاء كارول لهم للإدلاء بشهادتهم في هذه القضية.
وفقًا لموقع “الحرة” فقد كشفت كارول عن هذا الأمر للمرة الأولى في مقتطفات من كتابها، نشرتها مجلة “نيويورك ماغازين” في 2019. ورد ترامب وقتها قائلا إنه لم يلتقي بها على الإطلاق، وأنها “تكذب بالكامل”.
وبعدها قاضت كارول ترامب بتهمة التشهير للمرة الأولى في عام 2019، إلا أنها لم تتمكن من إدراج تهمة الاغتصاب في القضية بسبب انقضاء فترة التقادم القانونية.
ويعطي قانون التقادم، الذي يسمح للأشخاص برفع دعاوى مدنية في نيويورك بشأن وقوع اعتداء جنسي، فترة ثلاث سنوات فقط، ما يعني أن فترة التقادم الجنائية لهذه القضية انتهت منذ فترة طويلة.
لكن في نوفمبر 2022 صدر قانون جديد في نيويورك يعطي ضحايا الاغتصاب حق مقاضاة الجناة حتى ولو مر عشرات السنين على تعرضهم للاعتداء الجنسي، وأمهل القانون ضحايا الاغتصاب مهلة عامًا واحدًا فقط بعد صدوره، لممارسة هذا الحق القانوني.
ورفعت كارول دعواها القضائية ضد ترامب فور تطبيق القانون، وبناءً عليه تقدم محاموها بدعوى يتهمون فيها ترامب بضربها عندما قام باغتصابها وإمساكها بالقوة، وتشمل القضية أيضًا تهمة التشهير بعد قيام ترامب بنشر منشور على منصات التواصل الاجتماعي وصفها فيه بأنها “معتوهة”.
وطلبت كارول في القضية تعويضات غير محددة عن الأذى النفسي والألم والمعاناة وإهانة الكرامة التي تعرضت لها والضرر الذي طال سمعتها.
وبموجب قانون الناجين البالغين في نيويورك، الذي تم إقراره في مايو 2022، يمكن للناجين من الجرائم الجنسية رفع دعوى مدنية ضد الجاني للحصول على تعويضات حتى لو انتهت النافذة القانونية لتقديم دعوى، طالما يمكنهم أيضا إثبات أن الجريمة مؤهلة كجريمة جنسية بموجب القانون.
وقبل أيام وصف ترامب مزاعم الكاتبة بأنها “قصة سخيفة ومثيرة للاشمئزاز”، وذلك في شهادة عبر مقطع فيديو تم عرضها أمام المحكمة، يوم الأربعاء الماضي.
ونفى ترامب معرفته بكارول، قائلا ذات مرة إنها “ليست من نوعي المفضل”، وجادل بأن مزاعمها هي محاولات ذات دوافع سياسية لتشويه سمعته وحرمانه من العودة إلى البيت الأبيض.