هشاشة العظام.. أسباب وأعراض المرض الصامت

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

هل سمعت عن شخص كَسر إحدى فقراته بسبب عطسة قوية؟، وما حقيقة أن مرض هشاشة (أو ترقق) العظام لا يصيب الرجال؟، وهل يصيب هذا المرض كبار السن فقط؟

يتسبب مرض هشاشة العظام في ضعف العظام وهشاشتها لدرجة أن أي سقوط للمريض أو مجهود بسيط مثل الانحناء أو السعال يمكن أن يسبّب له كسورًا، وتَحدُث حالات الكسر المرتبطة بهشاشة العظام بصورة شائعة في الوِرك والرسغ والعمود الفقري.

لمناقشة هذا الموضوع، استضاف راديو صوت العرب من أمريكا، الدكتور عبدالمجيد قطرنجي، مؤسس والمدير التنفيذي لمركز قطرنجي لجراحة اليد، ليجبنا حول أهم التساؤلات بشأن مرض هشاشة العظام، أسبابه وأعراضه، وعوامل الخطر والمضاعفات وطرق الوقاية.

المرض الصامت
* بدايةً د. عبد المجيد لماذا يسمى هذا المرض بالمرض الصامت؟

** هذا المرض له أثر كبير على الكثير من الأفراد حول العالم، ويسمى بالمرض الصامت لأن الشخص لا يشعر به إلا بعدما يبدأ المرض في التأثير على مفاصله وحركته وقدرته على التنقل أو حمل الأشياء، فالشخص يكون لديه نقص كبير في الفيتامينات بجسمه، وفي هذه الحالة يبدأ الجسم في الحصول على غذائه وفيتاميناته الناقصة من أي شيء قريب، وأهمها الكالسيوم.

فالقلب والمخ والعضلات بحاجة إلى الكالسيوم، وهو يعتمد على فيتامين “د” والماغنسيوم، فإذا كان غذاء الإنسان غير كافي، وكان الشخص لا يتعرض للشمس بالقدر الكافي، فإن الجسم يبدأ في الحصول على الكالسيوم من المخزن الأقرب له في الجسم وهو العظام، وفي هذه الحالة يبدأ ضعف العظام، ومع الوقت تصيبها الهشاشة.

وكلما تطور نقص الكالسيوم بالجسم، كلما حدثت تطورات ضارة هائلة تؤثر سلبًا على صحة الإنسان، ومع الأسف فإنها في بعض الأحيان قد تؤدي إلى الموت.

* إذن لا توجد علامات أو أعراض قبل أن يحدث هذا المرض، لذلك نسميّه المرض الصامت؟.

** هناك بعض الأعراض، ولكن الإنسان لا يلاحظها بالقدر الكافي لكي يبدأ في اتخاذ رد فعل حيالها، على سبيل المثال نحن هنا في ميشيغان لدينا غيوم طوال الوقت، فالإنسان لا يرى الشمس طويلًا وبالتالي لا يحصل على فيتامين “د” بالقدر الكافي، ولعل أول أعراض نقص هذا الفيتامين هي الكآبة.

الأمر الآخر هو تناول الوجبات السريعة “Fast Food” والوجبات التي لا تحمل فائدة غذائية، ففي هذه الحالة يفتقد الجسم للكثير من الفيتامينات والمكونات الغذائية الهامة، وبالتالي فإنه يتجه للعظام لتعويض هذا النقص.

تعريف المرض
* إذا أردنا تعريف مرض هشاشة العظام بشكل دقيق، فكيف نعرّفه؟

** هو مرض يشعر الإنسان خلاله بضعف في الحركة، وعدم وجود نشاط بجسمه، لذلك فإننا نطالب الناس دائما بالمشي خلال النهار لمدة ربع ساعة، ليس مطلوبًا منهم الركض، ولكن يكفي المشي القوي، وهو أمر مهم لمنع الكثير من الأمراض ولا سيما هشاشة العظام، لأن الخمول وعدم الحركة يؤثر سلبًا على العضلات والعظام.

من يصاب بهذا المرض؟
* هناك من يربط هذا المرض بكبار السن، وهناك من يقول إن الرجال لا يصابون به، وأن النساء فقط هم من يصابون به، فما هي الحقيقة؟

** لم يعد هناك فرق بين تأثر الرجال والنساء بمثل هذه الأمراض في العصر الحالي، فبالرجوع إلى موضوع الحركة نجد أن كليهما يجلس طويلًا في السيارة خلال اليوم، أو ينام على الأريكة معظم اليوم، وبالتالي لم يعد هناك فارق في مسألة الحركة.

ثانيًا، فيما يخص طبيعة الأكل الذي نتناوله، أيضًا، فالرجال والنساء يتناولون نفس الأكل تقريبًا، وطبيعة المأكولات الحالية تشجع على زيادة نسبة هرمون الأستروجين بالجسم لكلا الجنسين، وهذا الهرمون يؤثر كثيرًا على قدرة الجسم في التعامل مع موضوع الكالسيوم، صحيح لدى النساء هرمونات أخرى تحدث نوع من الموازنة مع الأستروجين والبروجسترون، ولدى الرجال هرمون التستوستيرون، ولكن في الأخير يظل النظام الغذائي لنا له تأثيره الأكبر.

أيضًا ابتعادنا عن ممارسة الرياضة له تأثيراته السلبية، فحتى فئة الشباب باتوا بعيدين عن الرياضة، فأصبحنا نرى بعض الأمراض التي تصيب الناس في الخمسينات والستينات من العمر تصيب أشخاصًا في سن العشرينات والثلاثينات، وبالتالي ليس هناك شريحة معينة تُصاب بهذا المرض وحدها.

تأثير نمط الحياة

* من المهم جدًا التأكيد على النقطة التي ذكرتها؛ بأن تغير نمط حياتنا أو الـ “Life Style” بات له تأثير كبير على ظهور أمراض لما نكن نشهدها من قبل لدى أصحاب الأعمار الصغيرة.

** بالتأكيد، فتأثيرات التكنولوجيا على نمط الحياة من ناحية قلة الحركة وتغير النمط الغذائي هي تأثيرات كبيرة، كمثال بسيط لو دققنا عند ذهاب الناس إلى المولات سنجد أن الناس يظلون يبحثون بسياراتهم عن أقرب نقطة للمحل الذي يرغبون في الشراء منه، فحتى مجرد المشي أو الحركة البسيطة بدون السيارة لم يعد يرغب فيه أحد!، بل إن البعض استبدل النزول والحركة لشراء ما يحتاجه إلى الشراء أونلاين.

نحن بحاجة إلى التخلص تمامًا من الكسل، وإذا كنا نشجع الناس على الاستماع إلى الراديو فإننا نشجعهم على استعمال السماعات في الأذن لسماعه مع الركض أو المشي في الخارج، للاستفادة من فوائد حركة الجسم ونشاطه.

فحوصات للاطمئنان
* طالما أن هشاشة العظام هو مرض صامت، فمتى نزور الطبيب لمعرفة هل لدينا هشاشة عظام أم لا؟

** هناك فحوصات مهمة؛ الأول من خلال الأشعة السينية “X Ray”، وهذه تكون لليد أو الكتف أو الورك، وهي تعطي علامة على صحة المفاصل، وتعطي أدلة في حالة وجود هشاشة عظام أو “Osteoporosis”، والثاني من خلال عمل فحص للدم لمعرفة نسبة الكالسيوم بالجسم.

وبالنسبة للأشخاص الذين يتناولون أدوية للضغط، فإن بعضها يحتوي على ما يُعرف بـ ” Calcium channel blocker”، وهي مجموعة من الأدوية التي تعمل على غلق قنوات الكالسيوم وبالتالي منع الكالسيوم من الدخول إلى الخلايا مما يفقدها لنشاطها نتيجة ارتفاع نسبة الكالسيوم داخل الخلية.

أعراض ظاهرة
* هل هناك أعراض ظاهرة يمكننا أن نعرف من خلالها أن لدينا هشاشة عظام؟

** أبرز عرض ظاهر هو أن الشخص يجد مفاصله في بعض الأيام تتورم بشكل كبير أو يكون لديه تجمد في حركة المفصل، أو يشعر في بعض الأجزاء بأن لديه كسر فيها رغم عدم وجود أي إصابة مسبقة فيها، وهذه بلا شك علامة على وجود مشكلة بالعظام، أيضا إذا شعر الشخص أن رقبته تضعف وأنه لا يستطيع أن يرفع رأسه بالطريقة المعتاد عليها أو بالقدر الذي يريده.

* نستكمل حديثنا لاحقًا حول هذا الموضوع الهام في حلقة قادمة، إن شاء الله.