تباطؤ كبير في نمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول.. وتراجع طلبات إعانة البطالة

تباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2023، وفقًا للبيانات الصادرة اليوم الخميس عن مكتب التحليل الاقتصادي (BEA).
ويقدر المسؤولون الفيدراليون أن الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس جميع السلع والخدمات المنتجة، ارتفع بمعدل سنوي قدره 1.1% خلال الربع الأول من العام، مقارنة بنمو بلغ 2.6% في الربع الرابع من العام الماضي 2022.
وأظهرت البيانات أن التباطؤ الذي حدث مقارنة بالربع السابق نتج عن تراجع الاستثمار التجاري والاستثمار السكني الثابت، والذي يشمل الأموال التي تنفق على شراء المنازل والبناء.
ووفقًا لصحيفة thehill فقد كان الاقتصاديون قد توقعوا أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمعدل سنوي قدره 2% في الربع الأول. وأوضح المحللون أن معظم النمو حدث في شهر يناير بفضل الطقس الدافئ، لكن النشاط الاقتصادي بدأ في التراجع بسرعة في مارس.
وتشير توقعات المحللين إلى أن تباطؤ الربع الأول سيتبعه انخفاض طفيف في الربع الثاني، مما يمثل بداية ركود يتوقع أن تستمر حتى الخريف.
وقالوا إن التباطؤ الحاد غير المتوقع في النمو الاقتصادي، هو أحدث علامة على شعور الاقتصاد الأمريكي بوطأة التضخم العنيد والارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي بهدف خفض الأسعار.
وأضافوا أن تداعيات الأزمة المصرفية في مارس 2023 والمخاوف من أزمة مالية أخرى أدت إلى تباطؤ الاقتصاد من خلال ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض ثقة المستهلك.
من ناحية أخرى تراجعت مبيعات التجزئة في مارس الماضي، حيث أثر التضخم وارتفاع تكاليف الاقتراض على المستهلكين، ولا يزال إنفاق الأسر يرتفع بنسبة 3.7% خلال الربع الأول مقارنة بالربع الرابع من عام 2022.
ومع ذلك انخفض الاستثمار التجاري بنسبة 12.5% بين نهاية العام الماضي وبداية عام 2023، مما أدى إلى استنزاف قوة الاقتصاد.
وبناءً عليه يتوقع الاقتصاديون إلى حد كبير أن يتدهور النمو الاقتصادي بسرعة، وأن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 1.8% في الربع الثاني وسط مخاوف من حدوث ركود يلوح في الأفق.
لحظة حساسة
ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” يأتي هذا التطور المتوقع في لحظة حساسة بالنسبة للاقتصاد الأمريكين فخلال العام الماضي رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمعدلات لم تحدث منذ الثمانينيات.
وتهدف هذه السياسة إلى خفض التضخم، لكنها تخاطر بإبطاء الاقتصاد وإحداث ركود. وحتى الآن نجح هذا النهج في تهدئة زيادات الأسعار، لكنه فشل في تحقيق هدف الاحتياطي الفيدرالي بالقضاء على التضخم الذي لا زال عند معدل أكثر من ضعف المعدل المستهدف البالغ 2%.
في الوقت نفسه، هناك بيانات أخرى تشير إلى أن الأداء الاقتصادي لا يزال قوياً ، رغم أنه تباطأ في الأشهر الأخيرة. فقد أضافت الولايات المتحدة 236 ألف وظيفة في مارس الماضي، مما يمثل نموًا قويًا للوظائف، ولكن ذلك جاء انخفاضًا من متوسط 334 ألف وظيفة تمت إضافتها شهريًا على مدار الأشهر الستة السابقة.
وفي الوقت نفسه تراجعت مبيعات التجزئة الأمريكية بشكل معتدل في فبراير، لكنها ظلت قوية، مما يشير إلى أن الأسر لا تزال تحتفظ ببعض مدخرات حقبة الوباء.
لكن هذا لا يعني أن الاقتصاد لا يتعرض لخطر الركود، فقد قال الاقتصاديون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في مارس الماضي إنهم يتوقعون ركودًا “معتدلاً” في وقت لاحق من هذا العام.
ويتوقع 65% من الاقتصاديين حدوث ركود خلال العام المقبل، وفقًا لمسح أجرته بلومبرج الشهر الماضي.
تراجع إعانات البطالة
من ناحية أخرى تراجعت طلبات إعانات البطالة في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، حيث يستمر سوق العمل في إظهار قوته، على الرغم من بعض الضعف في أجزاء أخرى من الاقتصاد.
وأفادت بيانات صادرة عن وزارة العمل، اليوم الخميس، أن عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات إعانة بطالة للأسبوع المنتهي في 22 أبريل انخفض بمقدار 16 ألفًا إلى 230 ألفًا.
وانخفض المتوسط المتحرك للمطالبات لأربعة أسابيع، والذي يعمل على تسوية بعض التقلبات من أسبوع لآخر، بمقدار 6000 إلى 236000. وفي بداية العام كانت المطالبات الأسبوعية تصل إلى حوالي 200000 وقد ارتفعت تدريجياً.
وبشكل عام كان 1.86 مليون شخص يحصلون على إعانات البطالة في الأسبوع المنتهي في 15 أبريل، أي أقل بمقدار 3000 من الأسبوع السابق.
Unemployment Insurance Weekly Claims
Initial claims were 230,000 for the week ending 4/22 (-16,000).
Insured unemployment was 1,858,000 for the week ending 4/15 (-3,000).https://t.co/ys7Eg5LKAW
— U.S. Department of Labor (@USDOL) April 27, 2023
وتعد أرقام المطالبات الأسبوعية مؤشرًا على تسريح العمال، وتستمر في إظهار أن العمال الأمريكيين يتمتعون بأمان وظيفي غير عادي على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة وعدم اليقين الاقتصادي والمخاوف من الركود الذي يلوح في الأفق.
وووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس” فقد ظل سوق العمل في الولايات المتحدة قويًا على الرغم من نقاط الضعف الأخرى في الاقتصاد.
وأضاف أرباب العمل 236000 وظيفة في مارس الماضي، انخفاضًا من 472000 في يناير و326000 في فبراير، لكنها لا تزال قوية بالمعايير التاريخية.
ويشعر صانعو السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالقلق من أن يؤدي سوق العمل المحكم إلى فرض ضغوط تصاعدية على الأجور – وعلى الأسعار الإجمالية.
وقام الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة القياسي 9 مرات خلال أكثر من عام بقليل، وانخفض معدل التضخم منذ أن بلغ أعلى مستوياته في أربعة عقود خلال العام الماضي.
لكن معدل التضخم في مارس بلغ 5٪ على أساس سنوي، وهو معدل يظل أعلى بكثير من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
ويأمل بنك الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق ما يسمى بالهبوط الناعم، وهو خفض النمو بما يكفي فقط للسيطرة على التضخم دون التسبب في ركود.
لكن الاقتصاديين متشككون في إمكانية تحقيق ذلك، حيث يتوقع الكثيرون أن تدخل الولايات المتحدة في حالة ركود في وقت لاحق من هذا العام.