أخبار العالم العربيتقارير

لماذا تحرك قطار التطبيع مع بشار الأسد الآن؟.. وهل سيمر رغم رفض دول عربية

قبل شهر من انعقاد القمة العربية المقبلة، يتزايد الحديث حول جهود تقودها السعودية لتطبيع العلاقات العربية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعوته لحضور قمة الرياض المزمع عقدها في 19 مايو المقبل.

وقال مراقبون إن الموقف السعودي يأتي متسقًا مع مواقف عدة دول عربية تدعم عودة النظام السوري إلى مقعده في الجامعة العربية، والذي تم تجميده في نوفمبر 2011، حينما قرر وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم الطارئ بالقاهرة وقتها، تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وذلك بعد نحو 8 أشهر من اندلاع الثورة في سوريا.

إلا أن مسار التطبيع يواجه عقبات على ما يبدو، وسط معارضة دول عربية أخرى إقامة تطبيع مجاني مع نظام الأسد، دون تحقيق خطوات جادة من جانبه، تزيل الأسباب التي أدت لقطع العلاقات معه قبل 12 عامًا، وعلى رأسها وقف الانتهاكات ضد شعبه.

زيارة لافتة

وفي إطار الجهود السعودية وصل وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة السورية، دمشق، التقى خلالها رئيس النظام السوري بشار الأسد، في أول زيارة من نوعها منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.

وناقش الجانبان خلال الاجتماع الخطوات اللازمة لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية، بحسب بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان لها، إن بن فرحان وصل إلى سوريا في إطار ما توليه السعودية من حرص واهتمام للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كافة تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي.

وذكرت الرئاسة السورية، في بيان لها، أن الأسد بحث مع وزير الخارجية السعودي العلاقات بين البلدين وملفات أخرى سياسية، عربية ودولية، وأضافت أن التعاون الثنائي بين سوريا والمملكة كان حاضرا في المحادثات.

ووفقًا وكالة الأنباء السورية (سانا) أكد الأسد خلال اللقاء أن العلاقات السليمة بين سورية والمملكة هي الحالة الطبيعية التي يجب أن تكون، وهذه العلاقات لا تشكل مصلحة للبلدين فقط، وإنما تعكس مصلحة عربية وإقليمية أيضاً، مشيراً إلى أن السياسات المنفتحة والواقعية التي تنتهجها السعودية تصب في مصلحة الدول العربية والمنطقة.

واعتبر أن التغيرات التي يشهدها العالم تجعل من التعاون العربي أكثر ضرورة في هذه المرحلة لاستثمار هذه التغيرات لمصلحة الشعب العربي في أقطاره المختلفة.

من جانبه أكد وزير الخارجية السعودي أن المرحلة القادمة تقتضي أن تعود العلاقة بين سورية وأخوتها من الدول العربية إلى حالتها السليمة، وأن يعود دور سورية عربياً وإقليمياً أفضل مما كان عليه من قبل.

تطبيع العلاقات

الزيارة التي تمت اليوم والتصريحات التي أطلقت خلالها والتي تركز على عملية عودة سوريا للجامعة العربية تندرج في إطار الجهود التي تقودها السعودية لتحقيق هذا الهدف بعد مرور أكثر من عقد على المقاطعة العربية للرئيس السوري.

وكان قد تم استقبال بشار الأسد في سلطنة عمان والإمارات، ولكن لم تستقبله السعودية بعد، التي تعتبر من الدول المؤثرة في العالم العربي والإسلامي.

لكن وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، زار السعودية، في 12 أبريل الحالي، في زيارة هي الأولى لوزير خارجية سوري إلى المملكة منذ عام 2011، وذلك تلبية لدعوة من نظيره السعودي.

وأعلنت دمشق والرياض مؤخرًا أنهما تتجهان نحو إعادة فتح السفارتين واستئناف الرحلات الجوية، لأول مرة منذ أكثر من عقد.

لا إجماع

واستضافت مدينة جدة السعودية، الأسبوع الماضي، اجتماعًا وزاريًا تشاوريًا بين دول الخليج وكل من مصر والأردن والعراق، لبحث مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، في خطوة قال مراقبون إن من شأنها أن تقلب مسار المقاطعة المتعلق بنظام بشار الأسد، والسائد منذ نحو 12 عامًا.

ووفقًا لموقع “الحرة” فقد تعهد الوزراء بمواصلة المحادثات للتوصل إلى حل سياسي للصراع السوري، رغم أنهم لم يتفقوا حول إقرار عودتها إلى الجامعة العربية.

وعارض بعض أعضاء الجامعة العربية، وخاصة قطر، عودة سوريا إلى الجامعة، ولا يبدو أن هؤلاء الأعضاء غيروا موقفهم بعد اجتماع جدة الأخير، وفقًا لوكالة (أسوشيتد برس).

وكانت الحكومات العربية قد تجاهلت سوريا على نطاق واسع بسبب حملة القمع الوحشية التي شنها بشار الأسد على المتظاهرين في انتفاضة 2011 التي تطورت إلى حرب دموية فيما بعد.

وخلال 12 عاما، قتل أكثر من نصف مليون شخص وتشرّد أكثر من نصف سكان سوريا داخل البلاد وخارجها، وتحولت البلاد إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية.

وبلغ الانهيار في العلاقات بين سوريا والدول العربية ذروته مع طرد سوريا من الجامعة العربية. لكن في السنوات الأخيرة، مع تعزيز نظام الأسد سيطرته على معظم البلاد، بدأ جيران سوريا في اتخاذ خطوات نحو التقارب، وتسارعت وتيرة هذه الخطوات العربية بعد الزلزال القوي الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير الماضي، بينما تسارعت الخطوات السعودية بعد إعادة العلاقات التي بينها وبين إيران بوساطة صينية.

لماذا التطبيع مع الأسد الآن؟

يشير التقرير إلى أن السعودية لا تنظر إلى أي مكاسب من خلال إعادة علاقاتها بالنظام السوري، لأن الأخير ببساطة لا يملك شيئًا ليقدمه، بل هو بحاجة إلى الجميع، بينما يرى البعض أن تطبيع العلاقات السعودية مع نظام الأسد ربما يكون أحط المطالب الإيرانية لإتمام عودة العلاقات بين البلدين.

ويؤكد المراقبون أن التحركات السعودية لا تتعلق بنظام الأسد نفسه، ولكنها ترتبط بإستراتيجية إقليمية تتبعها المملكة منذ فترة تحاول من خلالها التخلص من المشاكل والتوترات الإقليمية.

وظهر هذا واضحًا منذ القمة الخليجية التي عقدت في مدينة العلا السعودية عام 2021، والتي أنهت الخلافات بين دول الخليج، ومهدت لعودة العلاقات بين دول قطر وكل من السعودية ومصر والإمارات، وكذلك عودة علاقات الدوحة مع البحرين والتي تم الإعلان عنها أمس الخميس بعد 6 سنوات من القطيعة.

كما أنهت السعودية خلافاتها مع تركيا بعد لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرتين نهاية العام الماضي 2022 في أنقرة وجدة، ويبدو أنها لعبت دورًا في التمهيد لعودة العلاقات بين تركيا ومصر أيضًا.

وفاجأت السعودية الجميع مؤخرًا بتطبيع العلاقات مع إيران، والإعلان عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وذلك بالتزامن مع مسار تطبيع العلاقات مع النظام السوري.

وقال تقرير نشره معهد دراسات الخليج العربي في واشنطن إن السعودية تسعى لتحقيق إستراتيجية معينة بالمنطقة، لن تتحقق دون مشاركة حقيقية للآخرين، وتتخذ خطوات من شأنها تخفيف التوترات الإقليمية، ووضع الجميع في مسارات متوازية تصب في تحقيق أهداف البناء والتنمية ونبذ العنف”.

ما هو دور المخدرات؟

بينما كشف تقرير لشبكة “CNN” عن احتمال أن يستخدم بشار أسد المخدرات التي تعتبر شريان الحياة الاقتصادي له، كورقة مساومة في عملية التطبيع مع الدول العربية المجاورة.

وذكر التقرير أن نظام الأسد حوّل سوريا إلى دولة مخدرات بعد العقوبات التي فرضها عليه المجتمع الدولي بسبب قمعه الوحشي للثورة السورية.

وقال خبراء إن الغالبية العظمى من إنتاج الكبتاغون العالمي يحدث في سوريا، وأن منطقة الخليج هي وجهته الأساسية.

ويرى محللون أنه من المرجح أن يكون الكبتاغون على رأس جدول الأعمال في محاولات التطبيع، لاسيما في السعودية التي دقت وسائل إعلامها ناقوس الخطر مؤخراً بشأن ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات.

وتنتظر الدول التي تسعى إلى التطبيع مع الأسد أن يقوم بدوره في تحجيم تجارة الكبتاغون كبادرة حسن نية، وفي هذا الإطار حاول نظام الأسد إيهام العالم والدول العربية التي تريد التطبيع مع ه بأن حكومته تحارب تجارة المخدرات، وروجت وسائل إعلام النظام لعمليات وهمية تقوم بها الحكومة لضبط المخدرات والقضاء على عصابات تقوم بتهريب المخدرات، وفقًا لموقع “أورينت نيوز“.

ويرى مراقبون أن النظام السوري يريد إيصال رسالة لدول الجوار بأنه بدأ بمكافحة تجار المخدرات بعد عملية التطبيع معه، وأنه ليس متورطاً بتهريب المخدرات.

وأشاروا إلى أنه على الرغم من إنكار النظام، فإنه من المستحيل أن تعبر المخدرات الحدود دون تدخل العديد من الجهات الفاعلة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأسد ونظامه.

وأوضحوا أن قادة المليشيات والأجهزة الأمنية والقوات العسكرية التابعة للنظام متورطون في عملية تهريب المخدرات، حيث لا يمكن للمخدرات أن تصل إلى هذه المناطق دون المرور بعشرات الحواجز والحواجز التابعة للفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق بشار.

ويعتقد بعض الخبراء أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاقات بين نظام الأسد وجيرانه بشأن وقف تصدير المخدرات فإنه من غير المرجح أن يتخلى عن هذه التجارة بشكل كامل، حيث سيفضل النظام المحافظة عليها كشكل من أشكال النفوذ طويل الأمد ضد جيرانه، وكأحد المصادر المهمة لحصوله على الأموال.

الدول المعارضة

ورغم أن عدة دول سارت على خطا السعودية وسبقتها بأشواط طويلة في التقارب مع نظام الأسد، إلا أن دولًا أخرى بقيت على مسافة يحكمها حذر من هذا الأمر، وبات موقفها محكومًا بتقديم النظام السوري نوايا جدية في سبيل الوصول لتسوية سياسية يشارك فيها جميع السوريين، وليس العودة إلى ما قبل 2011.

وتقيم 10 دول عربية علاقات رسمية معلنة مع نظام بشار الأسد بينها الإمارات والأردن وسلطنة عمان،، فيما تراجع 8 دول أخرى الوضع على ضوء الالتزام بقرارات الجامعة العربية، بينما يرفض فريق ثالث استئناف العلاقات مع دمشق في ظل عدم تحسن الوضع السوري منذ 2011.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” فإن هناك 5 دول عربية تعارض العودة المجانية لنظام الأسد للجامعة العربية، وتتصدر قطر قائمة هذه الدول، وتليها المغرب والكويت واليمن وكذلك مصر التي يبدو أنها غيرت موقفها من التقارب إلى الحذر بشأن تطبيع العلاقات.

قطر

وفي هذا الإطار قال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية “مجرد تكهنات”، مشددًا على أن أسباب تعليق عضوية دمشق في الجامعة لا تزال قائمة بالنسبة لدولة قطر.

ولم يتغير موقف قطر من النظام السوري خلال السنوات الماضية، ولا زالت تتحدث عن الجرائم التي ارتكبها النظام بحق السوريين.

وترى قطر أن قرار طرد النظام السوري من الجامعة تم اتخاذه في اجتماع مجلس الجامعة العربية ويفترض أن يكون قرار عودته من خلال إجماع عربي أيضًا، مشددة على أنها لا يمكن أن تقدم الهدايا لشخص “مجرم قاتل” وهي الوصف الذي وصف به وزراء الخارجية العرب الأسد على مدى سنوات، وأن أي تطبيع مع النظام السوري لن يتم دون تحقيق دمشق خطوات نحو حل سياسي يضمن حقوق السوريين وتضحياتهم.

مصر

رغم أن مصر هي إحدى الدول الأساسية التي فتحت أبوابها للنظام السوري مؤخرًا، إلا ان تصريحات لمسؤوليها أظهرت مصر التي أحيت العلاقات مع سوريا وتعتبر حليفًا قويًا للسعودية، تقاوم أيضًا الجهود المتعلقة بإعادتها إلى الجامعة العربية.

وقال خبراء إن القاهرة وعواصم أخرى تريد من رئيس النظام السوري، بشار الأسد التعامل أولا مع المعارضة السياسية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتا لتقرير مستقبلهم. وتؤيد مصر تنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي يطلب وضع خارطة طريق لإجراء انتخابات حرة في سوريا.

وأكدت مصادر دبلوماسية مصرية أنه على الرغم من التقارب الواضح مؤخرًا بين مصر والنظام السوري، إلا أن الموقف الرسمي المصري لا يزال يشتمل على بعض المبادئ الأساسية في التعامل مع الأزمة السورية، مثل دعم جهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254 تحت رعاية الأمم المتحدة، وفقًا لموقع “العربي الجديد“.

بينما يرى البعض أن مصر لا تعارض عودة سوريا للجامعة العربية، ولكنها ترغب في أن يتم بعد ذلك تسوية سياسية بالتعاون مع المعارضة، مشيرين إلى أن موقف مصر سيكون في النهاية متناغمًا مع الموقف السعودي والإماراتي.

وأوضحوا أن مصر تراهن من خلال بوابة سوريا، على ترسيخ علاقاته مع روسيا، وعودة علاقاته مع إيران، خصوصاً بعد عودة علاقات السعودية مع إيران.

المغرب

في المقابل تعد المغرب أحد الدول العربية المعارضة لعودة سوريا للجامعة العربية، لكن وفقًا لمراقبين لا تتعلق هذه المعارضة بالأزمة السورية بشكل مباشر، وإنما تتعلق بدعم حكومة النظام السوري لجبهة “البوليساريو” التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية.

وسبق أن قامت المغرب بقطع علاقاتها مع النظام السوري في عام 2012، بعد قرار طرد السفير السوري حينها، كونه “شخص غير مرغوب فيه”.

ورغم أن موقف المغرب لم يتضح بعد بشأن التحوّلات في المواقف العربية حيال العلاقات مع سوريا، إلا أن هناك اعتبارين أساسيين يحكما موقف المغرب من هذا الأمر حاليًا، الأول مرتبط بالقضايا الإنسانية والثاني “سياسي وإقليمي”، وفقًا لموقع “الحرة“.

ويرى المغرب أن الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه تجعل من الصعوبة عليه أن يبادر إلى المصالحة وتشجيع عودة سوريا للحضن العربي.

كما يرى المغرب أن أي تشجيع لعودة سوريا يعتبر مساعدة لنظام حليف لإيران وحليف للجزائر التي قوّت علاقتها مؤخرًا مع إيران، وبينها وبين المغرب علاقات متوترة”. ويرى مراقبون أن المغرب يمكن أن يغير موقفه إذا ما رجع النظام السوري عن مواقفه.

الكويت

يشير تقرير “وول ستريت جورنال” إلى أن الكويت من بين الدول التي تقاوم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وترى أن عودة النظام السوري تتطلب إجماعًا عربيًا كما حصل سابقًا حين تم تجميد عضويته.

وتلتزم الكويت علنا بقرار مقاطعة النظام السوري الذي تم اتخاذه في عام 2012، ونفت في نوفمبر 2018، صحة الأنباء التي ترددت عن إعادة فتح سفارتها في دمشق.

ويركز الموقف الكويتي على ضرورة أن يكون عودة النظام السوري للجامعة العربية مرهون على الأقل تقديم ضمانات لوضع سياسي أفضل، وأيضًا الطلب من كل القوى الأجنبية، بما فيها إيران وحزب الله وحتى روسيا بأن تغادر سوريا.

لكن تقرير صحفي ذكر مؤخرًا معلومات تخالف ذلك، مؤكدًا أن الكويت ستكون مع القرار الذي ستتخذه الدول العربية، حول عودة النظام السوري لمقعده في الجامعة، وفقًا لموقع “الحرة“.

اليمن

أما الحكومة المعترف بها دوليًا في اليمن، فتعارض انضمام سوريا إلى الجامعة العربية مباشرة، رغم دعمها للسعودية، وذلك بسبب موقف دمشق الداعم للحوثيين، لكن هذا الموقف قد يتغير بعد المساعي السعودية الأخيرة لإحداث انفراجة في الأزمة اليمنية.

المعارضة السورية

وفي الداخل السوري ترى المعارضة أن تطبيع العلاقات مع النظام السوري ليس حلًا للازمة السورية كما يزعم البعض، مؤكدين أن التطبيع يمنح النظام ضوءاً أخضر للتهرب من الاستحقاقات الدولية، وفقًا لموقع “العربي“.

وأكدت المعارضة أن النظام السوري لم ينخرط جدياً في أي عملية سياسية متعلقة بالملف السوري، وإنما عمد إلى المماطلة والعرقلة في كل خطوة باتجاه تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بسورية، وعلى رأسها القرار 2254؛ بهدف الوصول إلى لحظة الشرعنة وإعادة التعويم.

وأضاف أن التقارب مع نظام الأسد ليس خياراً للحل في سورية، “لأن أي تعزيز لسلطة مجرم الحرب في سورية ستؤدي إلى ارتكابه مزيداً من المجازر والجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين الذين ما يزالون يتمسكون بثورتهم ومطالبهم المحقة في إسقاط النظام ومحاكمته وبناء سورية الحرة”.

وأكد الائتلاف أنه “لا بدّ للدول من الوقوف أمام مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية لنبذ مجرم الحرب ومعاقبته وعزله عن أي محفل واجتماع دولي أو إقليمي”. وطالب السعودية بـ”مراجعة الموقف من النظام، والثبات على المواقف المشرفة للمملكة من ضرورة عزلته ومحاسبته على ما ارتكب من جرائم بحق الشعب السوري وشعوب المنطقة”.

هل سيتم التطبيع؟

رغم وجود معارضة من بعض الأطراف العربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري إلا أن مراقبين يرون أن أي تقارب سعودي سوري مباشر يعني بشكل كامل وحرفي عودة سوريا إلى الصف العربي، وهو ما قد يحسمه حضور بشار الأسد بنسب القمة العربية بالرياض في مايو المقبل.

ومن غير الواضح أيضا ماهية الخطوات التي تقودها الرياض وراء الكواليس لتبديد أي معارضة قد تعرقل المسار الذي بدأته على العلن، لكن الخلافات لدى بعض الأطراف العربية خاصة الخليجية، تتعلق بمطالب ووجهات نظر معينة يتعين على سوريا القيام بها، وربما يكون لهذا الأمر حل من جانب الرياض.

وبصفة عامة من المتوقع أن تعلن أكثر من دولة ترحيبها بعودة سوريا للحضن العربي، لكن في نفس الوقت فإن مواقف رافضي عودة سوريا “بالمجان” لن تتغير بسهولة، وهو ما يعني مسار العودة سيتباطأ حتى تتضح الصورة، وفقًا لموقع “الحرة”.

وقال خبراء إن بعض الدول زادت من ضغوطها وتطالب دمشق بقبول قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، والحد من إنتاج وتصدير المخدرات، إلى جانب معارضة الوجود الإيراني وتأثيره على البلد.

وقد تكون هناك دول عربية تنظر بازدراء لنظام الأسد نتيجة انتهاكاته ضد شعبه، إلا أنها ترى أن سياسة عزل النظام السوري فشلت، وتسببت في تعزيز نفوذ إيران وتأثيرها عليه.

وربما يحتاج النظام السوري إلى أغلبية بسيطة لكي يعود إلى مقعده في الجامعة العربية، إلا أن الإجماع العربي الكامل هو ما تحتاجه سوريا كي تقوم من خلاله الدول الأعضاء بالضغط على المجتمع الدولي لرفع العقوبات عن دمشق.

ولو استجاب نظام الأسد لمطالب الدول الرافضة، فإنه سيمهد الطريق، ليس فقط لعودته إلى الجامعة العربية، بل للحصول على مساعدة في المحافل الدولية لرفع العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

ولكن المشكلة أن كثيرين يرون أن نظام الأسد لم يظهر اهتمامًا بالتغيير، ولا يبدو أنه سيتغير، خاصة بعد استعادة معظم المناطق التي خرجت عن سيطرته بدعم إيراني وروسي.

وعلى مدى سنوات كانت هناك محاولات لإيجاد حلول سياسية للأزمة السورية، ودائماً ما كان نظام الأسد يعرقل هذه المحاولات في كل مرة، وربما يؤدي التطبيع معه إلى إنهاء أي فرصة لإيجاد حل حقيقي يُرضي السوريين ويعالج واقعهم المرير.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين