دخل حمزة يوسف التاريخ، بعد توليه رئاسة وزراء اسكتلندا، ليصبح أول رئيس مسلم لحكومة في اسكتلندا وفي غرب أوروبا بشكل عام، وأول زعيم مسلم لبلد غربي، وأول شخص من أقلية عرقية يتولى هذا المنصب في إحدى الحكومات المفوضة التابعة للمملكة المتحدة.
جاء ذلك بعد أن انتخب الحزب الوطني الحاكم في اسكتلندا حمزة يوسف Hamza Yusuf، البالغ من العمر 37 عامًا، زعيمًا جديدًا له، خلفًا لزعيمة الحزب السابقة، نيكولا ستيرجن، التي قدّمت استقالتها فجأة الشهر الماضي بعد 8 أعوام في السلطة.
وتولى يوسف رسميًا اليوم الثلاثاء رئاسة الحكومة التي تتمتع بسلطة شبه مستقلة بعد أن تمت الموافقة على ذلك بتصويت جرى في البرلمان الاسكتلندي في إدنبرة. وسبق أن حصل على دعم وتأييد من قبل أعضاء البرلمان البريطاني والبرلمان الاسكتلندي أكثر بكثير من منافسيه.
وبوصول يوسف إلى المنصب الأول في اسكتلندا تصبح بريطانيا في حالة نادرة لم تحدث من قبل في تاريخها، حيث يشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك وهو من أصل هندي، فيما يشغل منصب عمدة لندن صادق خان وهو باكستاني الأصل، بينما يشغل منصب رئيس وزراء اسكتلندا كحمزة يوسف وهو باكستاني الأصل أيضًا.
👏 Congratulations to @HumzaYousaf, elected as the new leader of the SNP and Scotland's next First Minister.
🏴 Together, let's get on with building a better Scotland. #SNPLeadership23 pic.twitter.com/6jw1zTBsGP
— The SNP (@theSNP) March 27, 2023
فوز مستحق
وكان حمزة يوسف، وهو باكستاني الأصل مولود لأبوين مهاجرين من جنوب آسيا، يشغل منصب وزير الصحة في الحكومة الاسكتلندية، ونجح في التغلب على منافسيه على رئاسة الحزب الحاكم، حيث كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه المرشح المفضل لزعامة الحزب.
كما يُعد حليفًا وثيقًا لرئيسة الوزراء السابقة ستيرجن، ويُنظر إليه على أنه “مرشح الاستمرارية” الذي سيسعى إلى مواصلة عمل الوزيرة الأولى المنتهية ولايتها.
وكان يوسف قد تقدّم في الاقتراع الداخلي للحزب، على كل من وزيرة المالية كايت فوربس، وآش ريغان وهي عضو سابق في الحكومة المحلية.
واعتبره ناخبو الحزب الأكثر خبرة بين المتنافسين الثلاثة، حيث خدم في الحكومة منذ عام 2012 في مناصب من بينها وزير العدل ووزير النقل.
ولم ينل أيّ من المرشحين أكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى من الاقتراع، ثم فاز يوسف في الجولة الثانية على منافسته كايت فوربس بحصوله على نسبة 52.1% من الأصوات.
وشارك أكثر من 50 ألف عضو في الحزب الوطني الاسكتلندي في التصويت من أصل أكثر من 72 ألفا، وفقًا للموقع الرسمي للحزب.
👏 Congratulations to @HumzaYousaf on his historic nomination to become Scotland's new First Minister.
🏴 First Scots-Asian nominated as First Minister
🏴 First Muslim leader of any western democracy
🏴 First child descended from immigrants nominated as First Minister pic.twitter.com/FfmP9HJtWc— The SNP (@theSNP) March 28, 2023
من هو حمزة يوسف؟
اسمه حمزة هارون يوسف Humza Haroon Yousaf، ولد في غلاسكو عام 1985 ووالده هو مظفر يوسف الذي ينحدر إلى إقليم البنجاب في باكستان، وهاجر والد حمزة رفقة الأسرة إلى اسكتلندا عام 1960، أما والدته فهي شايتسا بوتا التي ولدت في كينيا، وتتحدر أسرتها من جنوب آسيا، وفقًا لموقع “سكاي نيوز عربية“.
ولأنه ينتمي لعائلة مهاجرة فكثيراً ما تحدث يوسف عن الإساءات العنصرية التي تعرض لها. ووفقًا لموقع “بي بي سي” فقد اضطر يوسف للاتصال بالشرطة بعد تلقيه تهديدات في بداية التنافس على زعامة الحزب، وتم اعتقال رجل يبلغ من العمر 25 عامًا وامرأة تبلغ من العمر 35 عامًا، وتم توجيه اتهامات إليهما.
From Punjab to Pollok, people from across the world & here at home have been offering me their good wishes, grateful for all the kind msgs I have received.
Can I thank Kate & Ash in particular for their kind words of support. We're united as a team who will deliver for Scotland.
— Humza Yousaf (@HumzaYousaf) March 27, 2023
تلقى يوسف تعليمه في مدرسة “هاتشنسونس غرامر” الخاصة في غلاسكو، حيث كان أصغر بعامين من زعيم حزب العمال الاسكتلندي أنس سروار. وتخرج من جامعة غلاكسو، وحصل على ماجستير العلوم السياسية عام 2007.
وبعد دراسة السياسة في جامعة غلاسكو، عمل لفترة وجيزة في مركز اتصالات قبل أن يصبح مساعدًا برلمانيًا لعضو البرلمان الاسكتلندي بشير أحمد، وبعد ذلك مساعدًا لأليكس ساموند.
اُنتخب يوسف ضمن قائمة الحزب الوطني الاسكتلندي لمنطقة غلاسكو في عام 2011، ثم عينه ساموند في منصب وزير أوروبا والتنمية الدولية بعد عام واحد فقط.
أصبح وزيرًا للنقل في عام 2016 بعد فوزه بمقعد دائرة غلاسكو بولوك من حزب العمال، مما جعله أول مرشح من الأقليات العرقية يفوز بمقعد في البرلمان الاسكتلندي.
وحصل يوسف على ترقية أخرى في عام 2018 عندما عينته ستيرجن وزيراً جديداً للعدل كجزء من تعديل وزاري لحكومتها. كما تولى منصب وزير الصحة في مايو 2021.
📢 @HumzaYousaf: “As a Party we are at our strongest when we are united, and what unites is our shared goal of delivering independence for our nation.”
🏴 Join our movement and help build a more progressive future for Scotland: https://t.co/xGvo9t7TrY pic.twitter.com/rGDNK6ONTm
— The SNP (@theSNP) March 28, 2023
ووفقًا لموقع “العربية” فقد تولى تزوج حمزة يوسف في عام 2010 من سيدة اسكتلندية، وهي Gail Lythgoe وهي تعمل في اللجنة التنفيذية بالحزب الحاكم حاليًا، إلا أن الزواج الذي لم يثمر عن أبناء، وانتهى بطلاق هادئ في عام 2016.
وبعدها بثلاثة أعوام، تزوج يوسف من أم لابنة من زواج سابق، انتهى في 2018 بالطلاق أيضا، وهي نادية النخلة، عضو الحزب الوطني الاسكتلندي في دندي، وهي فلسطينية الأصل ومختصة في العلاج النفساني، والمولودة قبل 39 عاما في اسكتلندا من أب فلسطيني، وتقيم حاليا في قطاع غزة مع شقيقها محمد، ورزق يوسف من زوجته الفلسطينية الأصل بطفلة اسمها أمل، عمرها حاليا 3 سنوات.
وأسقط يوسف وزوجته نادية النخلة مؤخرًا دعوى قانونية بقيمة 30 ألف جنيه إسترليني ضد حضانة اتهماها بالتمييز، وزعم الزوجان أنه تم إخبارهما بعدم وجود مكان لابنتهما في الحضانة في براوتي فيري، بينما تم قبول المتقدمين الذين يحملون “أسماء تشبه الاسكتلنديين البيض”.
وقالت الحضانة إن أي ادعاء بأنها لم تكن منفتحة وشاملة للجميع “خاطئ بشكل واضح” وأنها اضطرت إلى إنفاق عشرات الآلاف من الجنيهات “للدفاع عن نفسها ضد مزاعمهما الكاذبة”. وكانت إدارة التفتيش قد أيدت شكوى رسمية سابقة قدمها يوسف والنخلة بشأن الحضانة.
انتقادات كثيرة
وفقًا لموقع “بي بي سي” يواجه حمزة يوسف العديد من الانتقادات والإشادات بوصفه عضو قديم ف الحكومة وتولى قيادة 3 وزارات، هي النقل والعدل والصحة، قبل توليه رئاسة الوزراء.
فعلى سبيل المثال بعد 6 أشهر من توليه حقيبة النقل، فُرضت عليه غرامة قدرها 300 جنيه إسترليني مع إضافة 6 نقاط جزائية إلى رخصته بعد أن أوقفته الشرطة أثناء قيادته لسيارة صديقه دون تأمين.
كما اشتهر يوسف بسبب سقوطه من على دراجة كان يستخدمها في البرلمان الاسكتلندي أثناء تعافيه من تمزق في وتر العرقوب أصيب به أثناء لعب كرة الريشة.
وبعد أن تولى وزارة العدل أثار مشروع قانونه الرئيسي المتعلق بجرائم الكراهية جدلًا كبيرًا بشأن مخاوف من أن الجريمة الجديدة المتمثلة في “إثارة الكراهية” يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حرية التعبير.
وقال منتقدو التشريع إنه يمكن أن يؤدي إلى مقاضاة المكتبات ومحلات بيع الكتب لوجود كتب مثيرة للجدل على أرففها، مع احتمال تجريم القانون الجديد الأشخاص لإجراء محادثات خاصة في منازلهم.
وتم تمرير القانون في النهاية من قبل أعضاء البرلمان الاسكتلندي في مارس 2021 بعد إجراء سلسلة من التغييرات لكنه لم يصبح قانونًا بعد.
وتعرض يوسف لانتقادات بسبب تغريدة نشرها عن “اشمئزازه” من مقطع فيديو يُفترض أنه يظهر لاعبي رينجرز يستخدمون لغة طائفية سرعان ما تبين أنها مزيفة.
كما سبق أن نفى المخاوف بشأن حالة مباني الشرطة في اسكتلندا ووصفها بأنها “مبالغ فيها”، وذلك قبل ساعات فقط من انهيار السقف في مركز شرطة بروتي فيري بالقرب من دندي.
Congratulations to @HumzaYousaf, the new leader of @theSNP and next First Minister of Scotland 💛
Looking forward to watch him build on our proud record in government, and to continue campaigning for a fairer, more equal, and more prosperous, independent country 🏴 pic.twitter.com/pZbvVHH0A7
— Cllr Lauren Oxley (@LaurenOxleyx) March 27, 2023
وفي غضون ثلاثة أسابيع من توليه منصب وزير الصحة اعتذر يوسف عن أي “إنذار لا داعي له” سببه زعمه خطأ أن 10 أطفال نُقلوا إلى المستشفى “بسبب فيروس كورونا”.
وتميزت الفترة التي قضاها كوزير للصحة بارتفاع أوقات الانتظار في المستشفى، وهي مشكلة قال يوسف إنها ليست فريدة من نوعها في اسكتلندا، مشيدًا بأن اسكتلندا هي الجزء الوحيد من المملكة المتحدة الذي تجنب الإضرابات من قبل موظفي النظام الصحي الحكومي.
ويزعم منتقدو يوسف أنه “فشل رغم تقدمه في مسيرته المهنية”، ولم يحقق سوى القليل من الإنجازات خلال فترة وجوده في الحكومة.
ووصفته جاكي بيلي من حزب العمال بأنه “أسوأ وزير صحة على الإطلاق” وأنه “يطمح الآن إلى أن يكون أسوأ وزير أول”.
بينما قالت منافسته على قيادة الحزب الحاكم، كيت فوربس، خلال مناظرة على الهواء: “عندما كنت وزيرا للنقل، لم تكن القطارات تأتي في موعدها أبدًا، وعندما كنت وزيرا للعدل، كانت الشرطة مضغوطة حتى نقطة الانهيار، والآن كوزير للصحة، أصبحت لدينا أوقات انتظار قياسية (لزيارة الطبيب)”.
إشادة بالإنجازات
بينما يشير مؤيدو يوسف إلى إنجازاته، ومن بينها تسليم معبر كويزفيري في الوقت المحدد دون تجاوز الميزانية عندما كان مسؤولاً عن النقل، وتراجع معدلات الجريمة عندما كان وزيراً للعدل.
ويرى مؤيدوه أنه الأفضل لمواجهة التحديات الاقتصادية في البلاد، وأشادوا بخطته لتسريع التوسع في رعاية الأطفال الذين يبلغون من العمر عامًا واحدًا أو عامين، باعتباره “قادرا على إحداث تغيير حقيقي لكل من الأسر العاملة والاقتصاد الأوسع”.
وكان يوسف قد صرح بأنه يريد زيادة الضرائب على الأغنياء بشكل كبير، وفرض ضريبة على شركات الطاقة وملاك الأراضي لتمويل تدابير أكثر سخاء لمكافحة الفقر.
وقال إنه سيستخدم سلطات البرلمان في فرض ضريبة الدخل وضرائب الممتلكات لزيادة مخصصات الأطفال البالغة 25 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع، والتي تُمنح للأسر الأشد فقراً، حيث كان يحاول جذب أصوات من أعضاء الحزب الوطني الاسكتلندي الذين لم يحسموا أمرهم بعد.
'Humza's the best person to bring us all back together and lead us onto better days and an independent future.'
The SNP's Westminster leader Stephen Flynn says he is "delighted" Humza Yousaf has been elected party leader.
Live: https://t.co/WUnquWvHqf
📺 Sky 501 and YouTube pic.twitter.com/yXtKYC7aTt
— Sky News (@SkyNews) March 27, 2023
خطاب النصر والاستقلال
يبلغ عدد سكان اسكتلندا نحو 5.5 ملايين نسمة، وتتمتع حكومتها بصلاحيات في ما يتعلق بأمور مثل التعليم والصحة والقضاء. ويواجه حمزة يوسف تحديًا كبيرًا يتمثل في توحيد الحزب الوطني الاسكتلندي الحاكم، وإعادة تنشيط حملة تحقيق استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، والتي تفقد زخمها حاليًا، وتصطدم برفض لندن السماح بإجراء استفتاء جديد”.
ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فقد صوتت اسكتلندا لصالح رفض الاستقلال عن بريطانيا بأغلبية 55% عام 2014. وبعدها بعامين، جاء تصويت بريطانيا بالموافقة على مغادرة الاتحاد الأوربي، في حين صوّت معظم الاسكتلنديين لصالح البقاء داخل التكتل.
وأظهر استطلاع للرأي هذا الشهر أن تأييد الاستقلال انخفض إلى 39%، أو 46%، وذلك مقارنة بنسبة بلغت 58% عام 2020.
ويقول أنصار حمزة يوسف أنه محاور محنك، وهو الأقدر على توحيد الحزب والحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة مع حزب الخضر الاسكتلندي بعد ما كان منقسماً بشدة على القيادة. كما توقع نائب الوزير الأول، جون سويني، أن يوسف “سيكمل الرحلة نحو الاستقلال”.
ويدعم الحزب الوطني الاسكتلندي حملة اسكتلندا للحصول على الاستقلال عن بريطانيا، ويمتلك أغلبية مكونة من 64 مقعداً من أصل 129 في البرلمان الاسكتلندي.
ووفقًا للموقع الرسمي للحزب فقد قال يوسف في خطاب النصر “سنكون الجيل الذي سيحقق استقلال اسكتلندا”، مؤكدا أن “الشعب الاسكتلندي بحاجة إلى الاستقلال بدءا من الآن، أكثر من أي وقت مضى”.
وأضاف: “لأولئك الذين لم يشاركوا بعد شغفي بالاستقلال في اسكتلندا، سأسعى إلى كسب ثقتكم من خلال الاستمرار في الحكم بشكل جيد، وكسب احترامكم كوزير أول من خلال التركيز على الأولويات التي تهمنا جميعًا، وفي القيام بذلك باستخدام سلطاتنا المخولة لتحقيق أقصى تأثير مطلق لمواجهة تحديات اليوم”.
وتابع: “بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالاستقلال منا، فإننا لن ننتصر إلا من خلال عرض القضية على عتبات الأبواب، وأنا ملتزم بأنني سأبدأ حركتنا الشعبية، التي يقودها المجتمع المدني، وأضمن أن يكون دافعنا للاستقلال في سلم أولوياتنا”.
📢 @HumzaYousaf: "We are at our best when we are radical and bold – and the challenges we face today require nothing less of us."
🤝 Together, let's make our economy work for the people, and build a fairer nation with independence.
🏴 Join us: https://t.co/xGvo9t7lCq pic.twitter.com/13a5sWtygG
— The SNP (@theSNP) March 27, 2023
لكن ناطقا باسم رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أكد أن سوناك يتطلّع للعمل مع زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي الجديد “لكنه يرفض الدعوة التي أطلقها لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال”، مضيفا أن الاسكتلنديين وكل البريطانيين يأملون من السياسيين أن “يركزوا على القضايا التي تهمّهم أكثر من أيّ شيء آخر، ومنها خفض التضخم ومعالجة ارتفاع مستوى المعيشة وتراكم عمل المستشفيات” وفق تعبيره.
وردّا على سؤال عما إذا كانت الحكومة البريطانية ستسمح ليوسف بإجراء استفتاء على الاستقلال، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء ريشي سوناك إن موقف الحكومة لم يتغير، وإن أولويات الناس هي الرعاية الصحية والاقتصاد وليس تصويتا جديدا على الانفصال.
