
في واقعة نادرة ربما لم تحدث من قبل حصل باحث مصري على درجة الدكتوراه داخل غرفة العناية المركزة التي يتلقى العلاج بها بإحدى المستشفيات في القاهرة.
بطل القصة هو الباحث محمود وهبة، المدرس المساعد بكلية التجارة جامعة الأزهر، والذي حصل على درجة الدكتوراه الفلسفة في الإحصاء؛ وتمت مناقشة الرسالة داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى المقاولون العرب، في واقعة فريدة من نوعها بالوسط الأكاديمي والعلمي.
حالة خطرة
ووصف الأطباء حالة وهبة بـ”الخطرة” حيث يتلقى العلاج بعد إصابته بمرض نادر في يناير الماضي، نتج عن إصابته بسرطان العظام الذي لازمه منذ عامين، وأصبح جسده لا يقوي على مقاومة هذا المرض الخبيث الذي تمكن منه، وجعله يعاني من مشاكل في البلع والتنفس.
ووفقًا لصحيفة “صدى البلد” المصرية فقد قال شقيقه محمد إن شقيقه يبلغ من العمر 41 عامًا، وأب لطفلة تبلغ من العمر 9 أعوام، ويعاني من سرطان العظام منذ عامين، ويلازم الفراش حاليًا بأحد المستشفيات، حيث يخضع للعلاج الكيميائي والإشعاعي، مؤكدًا أنه لم يكن يعاني سابقًا من أي أمراض أخرى قبل إصابته بسرطان العظام.
مبادرة نادرة
وأضاف أن شقيقه لم يتمكن من مناقشة رسالة الدكتوراه، خلال الفترة الماضية نظرًا لسوء حالته الصحية، مشيرًا إلى أنه هو من تقدم بطلب إلى أصدقاء شقيقه من أعضاء هيئة التدريس لمناقشة رسالة الدكتوراه بالمستشفى حتى يحقق الحلم الوحيد لشقيقه الملقى طريح الفراش داخل غرفة العناية المركزة.
وتابع أنه بعرض الطلب على عميد الكلية ورئيس الجامعة تمت الموافقة على مناقشة رسالة الدكتوراه داخل المستشفى الذي يخضع فيه للعلاج، في مبادرة نادرة”.
وقال إنه تم بالفعل مناقشة الرسالة لشقيقه داخل غرفة العناية المركزة بحضور لجنة المناقشة، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى أطباء متخصصين لمتابعة حالته الصحية أثناء المناقشة، نظرًا لخطورة مرضه، واستمرت المناقشة لمدة ساعتين، وأوصت اللجنة بمنحه درجة الدكتوراه.
وأكد أن الأسرة حرصت على أن يرتدي شقيقه الزي الخاص بمناقشات رسائل والدكتوراه حتى تكتمل فرحته بالحدث، وشاركه الفرحة العديد من زملائه الباحثين، وفقًا لموقع “الجزيرة نت“.
ووفقًا لموقع “العربية” فقد أشاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بموافقة الكلية والجامعة على إجراء المناقشة داخل المستشفى نظراً للظروف الصحية التي يعاني منها الباحث، وسط دعوات له بالشفاء العاجل.
تقدير كبير
من جانبه وجه الباحث محمود وهبة الشكر لكلية التجارة وجامعة الأزهر على الموافقة بإجراء مناقشة رسالته بالمستشفى ومنحه درجة الدكتوراه، ووصف ما حدث بأنه تقدير كبير له من أساتذته وزملائه في الجامعة، ولم يحدث من قبل في تاريخ مصر.
وفي تصريحات خاصة لصحيفة “الدستور” المصرية أوضح وهبة أنه مصاب بكسر في الرقبة، وكان زملاؤه يساعدونه في إحضار الكتب وكل ما يحتاجه طوال الوقت دون كلل أو ملل، مؤكدًا أن المرض كان هو السبب وراء تأخير مناقشة رسالة الدكتوراه.
وأضاف: “الموضوع دعمني نفسيًا جدًا، وجعلني أشعر بسعادة كبيرة، لأن حب الناس تُرجِم على أرض الواقع، وهو ما أسعدني بشكل كبير للغاية، خاصة أنني كنت أحضّر للحصول على الدكتوراه منذ فترة طويلة، حتى أصبت بسرطان في العظام منذ عامين بالضبط، إلا أن حالتي الصحية لم تتدهور إلا منذ فترة قريبة بعد حصول على العلاج الكيماوي وجلسات الإشعاع التي أرهقتني وأصابتني بأنيميا حادة وتكسير في العظام، مما جعلني لا أستطيع الحركة نهائيًا”.
وتابع: “وجودي المستمر في المستشفى وعدم قدرتي على الذهاب للجامعة، دفع أصدقائي تقديم الطلب إلى عميد الكلية الدكتور عادل غريب الذي وافق على الفور دون أي تردد، وذهب للحديث مع نائب رئيس الجامعة الدكتور محمود صديق، ورئيس الجامعة الدكتور سلامة داود، الذين لم يترددوا لحظة، ووافقوا على مناقشة رسالة الدكتوراه، وقدموا لي كل الأشياء التي ساعدتني في الحصول عليها”.
واختتم قائلًا: “بالفعل تواصلت إدارة الجامعة مع إدارة المستشفى لتقديم كل سبل الراحة، والتجهيزات التي تساعد على مناقشة رسالة الدكتوراه، وحضر عميد الكلية ولجنة المناقشة والحكم، وأعضاء هيئة التدريس، وذلك بعد اجتماع مجلس الكلية وموافقتهم على مناقشة رسالة الدكتوراه في المستشفى، وبالفعل ناقشت اللجنة الرسالة التي قدمتها، وتم منحي رسالة الدكتوراه”.
حملة دعم
من ناحية أخرى دشن عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حملة لدعم الدكتور محمود وهبة، من أجل مساعدته للسفر خارج البلاد لتلقي العلاج.
ووفقًا لموقع “القاهرة 24” فقد بدأت الحملة بعد مناشدة أطلقتها شقيقة الباحث، خلال تعليق لها على إحدى الصفحات، طالبت فيها الجهات المعنية بالتدخل لعلاج أخيها الذي تزداد حالته سوءًا يومًا بعد يوم.
وكتبت شقيقة الباحث في تعليقها قائلة: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أخت محمود وهبة، أستحلفكم بالله محمود الورم كسر رقبته وسد مجرى التنفس، بيحتاج مسكن من أقوی أنواع المسكنات كل 30 دقيقة تقريبًا، وزي ما شفتم بنفسكم في المناقشة كان بيتألم جامد يا حبيبي”.
وأضافت: “وإحنا كأهله مالناش نهائي في السوشيال ميديا ولا التكنولوجيا بشكل عام، لو حد يقدر يخاطب المسئولين في الدولة يسفره بره مصر يتعالج تبقوا أکرمتم أسرتنا، وساعدتم محمود يعيش”.