أخبار

مظاهرات فرنسا تشتعل مجددًا بعد تمرير إصلاح نظام التقاعد دون تصويت البرلمان

اشتعلت المظاهرات في فرنسا مجددًا بعد قرار الرئيس إيمانويل ماكرون، تمرير مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل، عبر اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور، التي تجيز تمرير تشريع من قبل الحكومة الفرنسية، دون عرضه للتصويت في البرلمان.

وأثار القرار استهجان العديد من النقابات الرافضة لمشروع القانون الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، ووصفت النقابات قرار ماكرون بأنه “إنكار للديمقراطية”، داعية إلى تجمّعات جديدة خلال نهاية الأسبوع.

وهناك شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور نكسة بالنسبة إلى ماكرون، الذي رَهَن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح، جاعلاً منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية.

ووصفت وسائل الإعلام الأجنبية الرئيس الفرنسي بأنه بات عاجزًا عن تسيير الأزمة التي تضرب البلاد، وأنه وضع نفسه في مأزق لا يحسد عليه بقراره الأخير، وفقًا لموقع france24.

احتجاجات عارمة

وأثار قرار ماكرون غضبًا عارمًا في الشارع الفرنسي، حيث خرج الآلاف في تظاهرات اجتاحت عدة مدن، منذ أمس الجمعة، للتنديد بالقرار، ما أدى إلى حدوث مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن لم تخل من أعمال عنف وتخريب.

ووفقًا لموقع “بي بي سي” فقد تجددت الاشتباكات اليوم السبت بين محتجين والشرطة الفرنسية في وسط باريس، وأشعل آلاف المتظاهرين النيران، وألقى بعضهم مفرقعات على الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

واعتقلت الشرطة العشرات خلال الاضطرابات التي وقعت في ساحة كونكورد، بالقرب من مبنى البرلمان. وكانت قد اندلعت احتجاجات مماثلة أمس الجمعة في مدن فرنسية أخرى من بينها بوردو وتولون وستراسبورغ.

وقال المتظاهرون إنهم لن يستسلموا، مؤكدين أنه لا يزال هناك أمل في إلغاء هذا القانون، وأشاروا إلى أن المضي قدما في تمرير هذا التشريع من دون تصويت البرلمان “تجاهل للديمقراطية، وتجاهل كامل لما كان يحدث في الشوارع لأسابيع عدة”.

سحب الثقة من الحكومة

وفي رد فعل على قرار ماكرون تلقى البرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية) اقتراحين بسحب الثقة من الحكومة. ووقع على الاقتراح الأول برلمانيون مستقلون، وأعضاء من تحالف نيوب اليساري، بينما وقع على الاقتراح الثاني حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف. ومن المتوقع أن يناقش البرلمان الاقتراحين في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.

ووصفت زعيمة نواب التجمع الوطني في البرلمان، مارين لوبين، قرار الاستمرار في تغيير نظام المعاشات بأنه “فشل كامل للحكومة”.

ولإسقاط الحكومة يجب أن تصوّت الأكثرية المطلقة في الجمعية الوطنية على اقتراح لحجب الثقة، أي 287 صوتًا. ويتطلب ذلك أن يصوت حوالي ثلاثين نائبًا يمينيًا من حزب الجمهوريين (من أصل 61) على الاقتراح. ويتوقع أن يجمع اقتراح “ليوت” أصوات أطراف مختلفة بخلاف اقتراح “التجمع الوطني”.

إضرابات مستمرة

وتسبب قانون إصلاح نظام التقاعد في جدل سياسي كبير داخل فرنسا، وأدى لحدوث إضرابات مستمرة منذ أكثر من شهرين، مما أثر على وسائل النقل والخدمات العامة والمدارس، في حين تسبب الإضراب المتواصل لعمال النظافة، في تراكم آلاف الأطنان من القمامة في شوارع العاصمة باريس.

وفي الإطار نفسه تم الامتناع عن تسليم شحنات الوقود لجميع المصافي الفرنسية، وهناك خطط لوقف الإنتاج في مصفاة كبيرة في نورماندي في الأيام المقبلة.

وتوقعت وكالة (فرانس برس) أن تتجدّد الاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وكانت النقابات العمالية قد دعت إلى تظاهرات يومي السبت والأحد، وإلى يوم تاسع من الإضرابات والتظاهرات الخميس 23 مارس، احتجاجاً على التشريع الجديد.

أزمة تتفاقم

ولجأت الحكومة الفرنسية إلى رفع سنّ التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد، ولشيخوخة السكان، وقالت الحكومة إن تغيير نظام المعاشات ضروري؛ لضمان عدم إثقال النظام ومنع انهياره.

وتُظهر مختلف استطلاعات الرأي أنّ غالبية الفرنسيين تعارض هذا الإصلاح، بمن فيهم أعضاء النقابات، لأنه يعني أن بعض العاملين في القطاع العام سيفقدون امتيازاتهم، وسيرتفع عدد سنوات العمل المطلوبة للتأهل للحصول على معاش تقاعدي كامل، وفقًا لموقع “العربية“.

وكان مشروع القانون قد وصل لمرحلته النهائية، وكان يفترض عرضه على تصويت النواب، بعد تمريره من قبل مجلس الشيوخ، لكن الحكومة اجتمعت قبل بدء جلسة البرلمان، وأقرت اللجوء للمادة (49.3)، وهذا رغم إعلان ماكرون، في وقت سابق أنّه لا يريد اللجوء إلى هذه المادة وأنه يفضل تصويت النواب على القانون

ويؤكد الخبراء أن اللجوء إلى تلك المادة سيُعطي زخماً جديداً للتظاهرات، لأن المادة 49.3 في خيال الفرنسيين مرادفة للوحشية، والشعور بأنّ الحكومة لا تصغي لأحد.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين