اقتصادالراديو

هل النظام الضريبي في أمريكا عادل؟.. البروفيسور محمد ربيع يجيب

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

جدد الرئيس جو بايدن دعواته لفرض ضرائب أكبر على المليارديرات، واقترح خلال خطابه عن حالة الاتحاد مضاعفة الرسوم الضريبية المفروضة على إعادة شراء أسهم الشركات لـ4 مرات، قائلًا: “أعتقد أن الكثير من الأمريكيين يتفقون معي على أن نظامنا الضريبي الحالي غير عادل”.

لمناقشة هذا الموضوع، معنا من واشنطن، البروفيسور محمد ربيع، الخبير الاقتصادي وصاحب العديد من المؤلفات في علم الاقتصاد، كما قام بتدريس الاقتصاد لسنوات طويلة في عدة جامعات بالولايات المتحدة وحول العالم.

نظام غير عادل
* بدايةً د. ربيع، هل تتفق مع ما قاله الرئيس جو بايدن بأن نظامنا الضريبي غير عادل؟

** بكل تأكيد، وأنا أعتقد أنه أكثر نظام ضريبي غير عادل في أي بلد في العالم، لأنه لو أخذنا المعدل الذي يدفعه الأثرياء، وهم يمثلون حوالي 1% من السكان، سنجد أنهم يدفعون 3% فقط من دخلهم، في حين أن البسطاء ممن يعملون في مهن أخرى يدفعون 30% من دخلهم، وربما أكثر من ذلك، فإذا لم يكن هذا غير عادل، فما هو توصيف عدم العدل؟!

غياب عدالة الثروة
* ما رأيك فيما أعلنه البيت الأبيض واقترحه الرئيس جو بايدن بفرض ضريبة أعلى على الأغنياء في الولايات المتحدة؟، وهل فعلًا ستؤثر هذه الضريبة على الفقراء، وما إلى ذلك من تحليلات تداولها البعض؟

** التوجه الذي يميل إليه الجمهوريون دائمًا هو أنه عندما يتم فرض ضريبة على الأثرياء، فإن إنفاقهم سيقل وبالتالي لن يخلقوا وظائف للناس، وفي النهاية سيصبح هناك أناس عاطلين عن العمل، وهؤلاء العاطلين هم من سيتضررون بشكل أساسي لأنهم لا يملكون وظائف، وحتى من يبقون في وظائفهم ستصبح أجورهم أقل.

لكن هذا الكلام يتنافى تمامًا مع المنطق، لأنه يمكن الرد عليه بشكل آخر تمامًا، فنحن عندما نفرض ضرائب على الأثرياء فبالتالي سيكون لدينا ما يكفي لمساعدة الفقراء، وهؤلاء الفقراء عندما يحصلون على المال فإنهم سينفقون على أولادهم وأسرهم، وبالتالي فإنهم ينشطون الاقتصاد، وبالتالي سيزيد الإنتاج في البلد، ومن ثمَّ يزيد دخل الجميع.

وسأعطي مثالًا على ذلك؛ هناك مؤسسة بريطانية تصدر تقريرًا كل عام عن حالة الثراء والفقر وتوزيع الثروة في العالم، تقول إنه في العامين الأخيرين فقط زاد الإنتاج العالمي بمقدار 42 تريليون دولار، وكانت حصة الأثرياء الأعلى دخلًا في العالم من هذا الرقم هي 63%، أما باقي سكان العالم والذين يمثلون 99% من البشر فكانت حصتهم 37% فقط، فتخيّلوا هذه المفارقة، والأغرب أنه كلما زاد دخل هؤلاء البسطاء بمقدار دولار واحد، فإن دخل الأثرياء يزداد في المقابل بمقدار 1.7 مليون دولار.

وشركات النفط العاملة في أمريكا خلال العام الماضي حققت 306 مليار دولار زيادة في أرباحها، وعائلة ولسون وحدها حققت في السنة الأخيرة 8.5 مليار دولار، فهل هذا عدل؟، أين هو العدل؟!، أنا استمعت خلال الأسبوع الماضي لتقرير يقول إن هناك 30% من طلاب المدارس الثانوية والجامعات في أمريكا ليس لديهم أموالًا كي يأكلوا، ولذلك قامت الحكومة بإطلاق برنامج لإعطائهم 250 دولارًا في الشهر.

* إذن، فرض ضرائب على الأغنياء لن يؤثر على الشريحة الأضعف، وذلك على عكس ما يقوله المحللون؟

** صحيح، لو تحدثنا عن الطلاب كمثال، الطالب عندما يشعر بأنه لن يجوع غدًا، فسيستطيع أن يدرس ويتعلم أفضل، ويستشعر أن أمامه مستقبل أفضل، وعلى العكس إذا لم يشعر بذلك فإنه سيظل قلقًا وسينخفض مستواه الدراسي، وإذا ساد الشعور باليأس والقلق بين الناس فمن الصعب أن يكون هناك عمل وتفكير ونشاط، وهذا ما يحدث في بلداننا العربية الآن.

أنا أتعجب من أن الولايات المتحدة الدولة الغربية الوحيدة التي ليس لديها تأمين طبي لكل سكانها، هذا الأمر غير موجود في فرنسا أو ألمانيا أو النرويج أو بريطانيا أو غيرهم، فمثلًا أنا درست في ألمانيا قبل قدومي إلى أمريكا، هناك التعليم بالكامل مجانًا، والأمر ذاته في الدول الإسكندنافية وغيرها، والمرأة الحامل تحصل على دخلها كاملًا خلال فترة حملها وولادتها، أما هنا في أمريكا فالإنسان هو الأقل قيمة، كما هو الحال في الدول العربية.

ومن المؤسف استعمال كلمة الحضارة الغربية، فتلك الحضارة تعني أن المجتمع لديه تقدم علمي وتقدم تكنولوجي، ولكنه غير متحضر أخلاقيًا، والمجتمع الوحيد الذي كان متحضرًا عبر التاريخ هو المجتمع الزراعي، وبالتالي نحن الآن شعب متقدم وليس متحضر، شعب طغت عليه كل الماديات، ونسي كل الروحانيات والأخلاقيات.

إعادة شراء الأسهم
* هل تشرح لنا بتوضيح مبسط موضوع إعادة شراء الأسهم من المستثمرين؟

** الموضوع ببساطة أنه يريد شراء الأسهم من المستثمرين لتصبح حصته هي الأكبر في الشركات، وبالتالي فإن أرباح تلك الأسهم تتعاظم لصالحه، هذا الأمر سيؤدي إلى تركز الثروة، ولكنه لن يؤثر على التضخم، فعلى العكس سترتفع أسعار الأسهم، لأن توافرها سيكون أقل في السوق، والطلب عليها سيكون مرتفعًا.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين