الراديوتغطيات خاصة

حملة راديو صوت العرب من أمريكا.. نداء إلى المجتمع الدولي لإغاثة منكوبي زلزال سوريا وتركيا

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

بدأ راديو صوت العرب من أمريكا حملة إعلامية لحشد الدعم الشعبي والدولي لإغاثة منكوبي الزلزال في سوريا وتركيا، حيث تسبب الزلزال المدمر في مقتل وإصابة الآلاف من البشر، ودمر آلاف المباني والمنازل.

حملتنا عنوانها الأساسي هو الإنسانية وإحساس البشر بمعاناة وآلام وجراح بني جنسهم من المنكوبين، لا فرق بين عربي أو غير عربي في سوريا وتركيا، ولا فرق بين موالٍ ومعارض في سوريا، كلنا وقت الأزمات والكوارث بشر، وكلنا في النهاية ننحاز إلى إنسانيتنا قبل كل شيء.

لقاء مميز مع ضيوفنا السيد عمر الريدي، المتحدث الرسمي لمنظمة الحياة للإغاثة والتنمية، والدكتورة ناهد غزول، الناشطة المدنية ورئيسة مجلس دمشق الوطني وتنسيقية السوريين بفرنسا، والناشط السوري وسيم الحاج، من مدينة غازي عنتاب، والدكتور مؤيد غزلان، دكتوراة في الهندسة المدنية ومقيم حاليًا في الداخل السوري ويتنقل بين تركيا والشمال السوري وشاهد عيان على هذه المآسي التي يعيشها الآن السوريون.

الوضع على الأرض
* في البداية، ينضم إلينا د. مؤيد غزلان من الداخل السوري، ولنبدأ معه بالحديث عن المشهد الحالي لما يحدث في الداخل السوري، كيف هو الوضع لديكم الآن على الأرض؟

** المشهد الآن لدينا لا يمكن وصفه بأي وسيلة إعلامية، إذا كنا نعي صراحةً أن هذه هي أول كارثة إنسانية من هذا النوع تصيب منطقة الشمال السوري بعد الكارثة الإنسانية التي كانت بسبب الثورة السورية، لكن الأزمة الحالية خارج نطاق المقدرات والحدود التي يستطيع مواجهتها أي نظام وأي منظمات ومؤسسات دولية، ولهذا نحن أمام أمرٍ جلل ولم يسبق له مثيل في الساحة السورية، كما لم يسبق له مثيل أيضا في الساحة التركية لكونه حاليًا يتحدى خطوط المعقولية والإمكانات وعدد الضحايا خلال اليوم الواحد.

ففي التاريخ السوري، لم يسبق أن سقط مثل هذا العدد من الضحايا والشهداء بهذا العدد الذي نجده اليوم، وخلال 48 ساعة فقط، المأساة تتفاقم عندما نرى معظم فرق الإنقاذ تتجه صوب تركيا ولا أحد يأتي إلى سوريا، باستثناء ما قرأته اليوم من خبر عابر عن قدوم بعض الفرق القطرية إلى هنا، لكن لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، وربما منهم من هم ما زالوا على قيد الحياة.

* وجهت سوريا نداءً إلى المجتمع الدولي بأنها لا تمتلك الإمكانيات، الآن يجب أن ننظر إلى القضية بعدم تسييس، فهناك كارثة إنسانية حقيقية، أنت الآن في أي منطقة تحديدًا؟، وما هي أكثر المناطق المتضررة في الداخل السوري؟، ولماذا لا توجد فرق إنقاذ للتعامل مع الوضع الصعب؟

** أنا موجود في محافظة إدلب، واليوم لم تتجه إلينا أي فرق إنقاذ دولية، وانا أتنقل بين مدن عفرين وسرمدة والدانة وحارم وجنديرس، واليوم كنت في الأتراب التي تعد إحدى أكثر البقع التي تأثرت بتهدم المنازل والبنايات، ولا توجد الآن أي فرق إنقاذ دولية على أرض سوريا، ولا يوجد تكاتف دولي مع سوريا، وكأن الأزمة فقط في تركيا، مع تقديرنا وعزاءنا لتركيا، ولكن يوجد شعب أيضا اسمه الشعب السوري وهو شعب لاجئ ومتضرر منذ سنوات، وهذا المصاب عليه كبير من أي شعب آخر مستقر.

سوريا الآن مصابها جلل بشكل مضاعف، بسبب أزمة اللجوء المتأصلة، والآن جاءتها هذه الكارثة الإنسانية لتفاقم أكثر من أزمتها، ويزداد عدد اللاجئين ومن لا مأوى لهم، فهناك آلاف العائلات الآن بلا مأوى ويتم استحداث أماكن إيواء بدائية، لذا نطالب كل القوى الإنسانية وكل من له صوت أن يقول: أغيثوا الشعب السوري.

طبعا المصاب على الإنسانية هو واحد، ولا فرق بين مصاب الشعب التركي والشعب السوري، ولكن السوري لا يستقبل الآن المساعدات الإنسانية، ولا يوجد سوى فريق واحد قطري يحاول الدخول إلى هنا، فأين باقي دول العالم ولا سيما الأوروبية التي تقول إنها تساند الإنسانية، فلماذا لا تساند الشعب السوري الآن؟!

وضع المعابر
* هل هناك إغلاق تركي للمعابر أمام المنظمات الدولية التي تريد الدخول إلى الشمال السوري لتقديم الدعم والمساعدة؟

** لا علم دقيق لدي بمسألة فتح وإغلاق المعابر، ولكن من الطبيعي في مثل هذه الكوارث أن يتم إغلاق المعابر بالنسبة للعمليات الدفاعية فقط، لكن المعابر الإنسانية لا تُغلق، وهذا الصباح تم استلام دعم سعودي معروف من خلال شاحنات من خلال معبر باب الهوى، ولكن المعابر التجارية متوقفة نظرًا لأن الحركة التجارية بالأساس متوقفة الآن.

وبالتالي لا نستطيع أن نقول إن تركيا أغلقت المعابر الإنسانية، وشاحنات المساعدات التقليدية تدخل باستمرار، ولكن هذه المساعدات لا تكفي فالمُصاب كبير جدا، ونحن بحاجة إلى أطنان وأطنان من المضادات الحيوية وأدوية الأطفال وأدوية الجروح وأدوات الجراحة.

* هل لديك إحصائية الآن عن عدد الضحايا نتيجة هذه الكارثة الإنسانية؟

** الرقم المبدئي الآن يتراوح ما بين 800 إلى ألف ضحية (تحديث: الرقم الحالي هو 3553 ضحية)، ولكن سيزداد هذا الرقم لأن هناك آلاف المفقودين وهناك ضحايا مجهولة الهوية.

الآن هناك جهود متواصل من فرق الخوذ البيضاء للبحث عمن هم تحت الأنقاض ويحتاجون إلى معدات ثقيلة لرفع الأنقاض، وبصراحة فقد رأيت بأم عيناي بعض معدات انتشال الأنقاض التابعة للجيش التركي، ولكن هذا لا يكفي لأن الكثير من المباني التي تهدمت يوجد مقابلها مباني تصدعت، ولا زال أهلها بداخلها نظرًا لعدم وجود أماكن إيواء سريعة لهم، والحاجة إلى تلك الأماكن والمساعدات الخاصة بالإيواء تزداد يوم بعد يوم لأنه في كل لحظة ستكون هناك عائلات جديدة مشردة سيتم إخلاءها.

تحديات صعبة
* لو تحدثنا عن التحديات التي تراها الآن أمام عمليات الإنقاذ، ما هي؟، وما الذي يجب على المجتمع الدولي ان يقوم به الآن؟

** سأعطيكم مثالًا، هناك مشفى باب الهوى أرسل لنا قائمة بأنه ينقصه الكثير من الأدوية وجهاز لتخطيط القلب وفرق إسعاف أولية، فالجهود الحالية غير كافية، وكما هو معروف في مثل هذه الأزمات فإن القائمة تكون طويلة.

أؤكد مجددًا على نقطة ضرورة إخلاء المنازل المتصدعة حتى لا تزداد المأساة وتسقط هذه المنازل فوق رؤوس الناس، الآن هناك أكثر من 1500 مبنى غير صالح للسكن، صحيح أنهم يعلمون أن المباني غير صالحة للسكن ولكنهم مضطرين للبقاء بداخلها في ظل هذا البرد الشديد، وقد وصلت صعوبة الأمر إلى حد إسكان الناس في مخيم مُقام بالأساس لمرضى الكوليرا.

نحتاج أيضا هنا إلى وسائل للتدفئة، فالحرارة في الليل تصل إلى الصفر، لا سيما وأننا الآن في عز فصل الشتاء، الأطفال يمكن أن تموت بسبب البرد، وأكرر وأقول إننا في حاجة إنسانية ماسة وكل ما سيتم تقديمه سيكون مُرحّبًا به، والشعب السوري بحاجة إلى مساعدة فورية.

وضع لا تصفه الكلمات
* د. ناهد غزول، الناشطة المدنية ورئيسة مجلس دمشق الوطني وتنسيقية السوريين بفرنسا، كيف تعلّقين على ما قاله د. مؤيد غزلان وحديثه عما يجري على أرض الواقع هناك؟

** في الحقيقة، فإن هول المشهد كما ترصده الكاميرات أكبر بكثير مما تستطيع أن تصفه الكلمات، طبعا د. مؤيد حاول أن يرصد المشهد من الواقع، وأنا على تواصل معه ومع زملاء آخرين من مختلف الجغرافيا السورية في شمال سوريا، ويمكنني القول إن معبر باب الهوي قد فُتِحَ اليوم، كان مغلقًا ولكنه فُتِحَ اليوم فقط من أجل مرور الكوادر وليس المعدات الثقيلة، واليوم أيضا في منطقة الأتارب كانت هناك أبنية مدمرة ويوجد أناس تحت أنقاضها، وهناك عدم مقدرة على إزالة الأنقاض بسبب عجز المعدات.

كل ما نطلبه الآن على وجه السرعة هي المعدات الثقيلة لرفع الأنقاض، المجتمع الدولي موقفه معيب والإدارة الأمريكية تقدمت بعزاء خجول، نحن لا نحتاج إلى الكلمات بل نحتاج إلى الأفعال، وكما قال د. مؤيد فإن العزاء للأتراك ولكن الإنسان هو إنسان، والمأساة هي مأساة، اليوم نجد أن أردوغان قد خصص 100 مليار ليرة تركية لعمليات الإنقاذ، ونرى فرق المسعفين والجسور الجوية انطلقت على الفور إلى تركيا وأيضا مناطق النظام السوري، لكن ماذا عن شمال سوريا المنكوب وشمال غرب سوريا؟!

إذا كانت الأطراف الدولية لا تريد التعامل مع الحكومات الموجودة على أرض الواقع فلا بأس، ولكن هناك منظمات مدنية مرخصة وتعمل مع الـ (OCHA)، وهذه يمكن تقديم الدعم لها، مثل منظمة الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، ومنظمة الخوذ البيضاء، ومنظمة شام، فمثل هؤلاء فعليًا من يقومون الآن بالعمل على مدار الـ 24 ساعة من أجل الإنقاذ والمساعدة.

وإلى جانب المعدات الثقيلة؛ نحن بحاجة إلى أطقم طبية ومن يستطيع أن يساعد على الأرض، ونحتاج إلى مواد إغاثية وخيام وأغطية، الوضع مأساوي لدرجة أننا اليوم نقوم بالدفن داخل مقابر جماعية، والمساعدات يمكن أن تدخل عبر معابر فتحتها تركيا بالأساس مثل معبر باب الهوي ومعبر كلس ومعبر الحمامات ومعبر الراعي، نحن بحاجة إلى وجود ضغط على الحكومة التركية وعلى النظام السوري من أجل فتح المعابر وإيصال المساعدات دون استعمال أي فيتو روسي.

ضغوط مطلوبة
* هذا التصريح الخجول الذي أشرتِ إليه لإدارة الرئيس جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستتعامل مع الأزمة في سوريا عن طريق منظمات إغاثية فقط، فهل هذا كل ما نحتاجه في سوريا من أمريكا التي تقدر حياة الإنسان ولديها كل هذا التاريخ العريق إنسانيًا؟، ماذا عن فتح المعابر؟، ماذا عن التوجه مباشرةً بجسور جوية للمساعدة؟، أنا أتأسف لهذا الموقف الدولي المخجل في سوريا.

** نحن بحاجة إلى ضغط كبير جدا من أجل وصول المساعدات بشكل حقيقي وفعلي، وليس الانتظار، فالإنسانية انهارت بضربة زلزال، أجزاء بأكملها من بعض المدن مثل أنطاكيا قد دُفِنَ، هل يُعقل أننا ما زلنا نفكر فيما إذا يمكن للسياسيين أن يتحركوا وأن تتحرك إنسانياتهم بينما ما زال هناك أحياء يرقدون تحت التراب؟!

وصلني للتو أن فريق إنقاذ ألماني قد وصل إلى مدينة الريحانية، ولا نعلم ما إذا كان سيعمل في تركيا أم في سوريا، ووصلني ان معبر باب الهوى سمح بدخول الأشخاص فقط وليس المعدات، تخيلوا أن مدينة عفرين وجهت نداءات أنها بحاجة إلى برادات لوضع الجثث بها ريثما يأتي أقاربها للتعرف عليها، نحن في أمس الحاجة للمساعدة بينما الدول لا تزال تفكر في إرسال المساعدة!، الكويت مثلًا أرسلت جسرًا جويًا إلى تركيا على الفور، لكن لماذا لم ترسل جسرًا مماثلًا إلى شمال غرب سوريا؟

الوضع في تركيا
* انضم إلينا الآن، وسيم الحاج، من مدينة غازي عنتاب التركية، هل لك أن تصف لنا الوضع على الأرض لديكم؟، وماذا عن مسألة إيصال المساعدات إلى الداخل السوري؟

** أنا موجود الآن داخل ملجأ في غازي عنتاب، المشاهد بعد وقوع الزلزال كانت مروعة، حيث كان صراخ الأطفال يملأ الشوارع، كان هناك تدافع وازدحام كبير، وتزامن ذلك مع وجود عاصفة ثلجية كانت موجودة بالفعل في غازي عنتاب.

فيما يخص إيصال المساعدات، أنا أعتقد أن هناك مشكلة دولية في إيصال المساعدات بشكل مباشر إلى السوريين، هناك في السابق إحجام كامل عن مشاريع التنمية في شمال غرب سوريا وذلك لأسباب واعتبارات سياسية، لكن هذا الأمر في الكوارث الإنسانية غير مقبول أبدًا، فاليوم نجد أن الزلزال قد ضرب عدة مناطق بشكل متفاوت، وهناك تحت الركام مئات العائلات، التواصل اليوم مع أنطاكيا ومرعش شبه مقطوع، والأمر ذاته في سوريا.. فهناك أحياء كاملة مثل جنديرس والأتارب باتت مهدمة، وهناك استجابة ضعيفة للمساعدة والدعم.

* هل هناك لدى الحكومة التركية ما يمنع فتح المعابر؟

** في الواقع فإن تركيا كانت تتدخل لمساعدة السوريين في لحظات القصف الشديد عليهم، لكن أعتقد الآن أن الوضع مختلف تماما، فالطرقات مقطّعة والوضع صعب للغاية هنا، وبالأمس وصلنا خبر صادم بأن تركيا قد أوقفت دخول الجرحى إلى الأراضي التركية للعلاج بعدما كان معتادًا أن تدخل الحالات الحرجة بشكل مباشر إلى تركيا لتلقي العلاج.

لا أعتقد أن قرار عدم إدخال المساعدات إلى سوريا هو أمر سياسي أو قرار ارتجالي، ولكن أعتقد أن الجميع هنا الآن متخبط، فالوضع في تركيا صعب وكارثي، والآن أرى أمامي المئات يتجمهرون للحصول على بعض فتات الخبز، فالاستجابة بالأساس ضعيفة في تركيا ذاتها، وبالتالي حتما ستنعكس بصورة أكثر ضعفًا على سوريا.

مشكلات لوجستية وسياسية
* د. ناهد، هناك من يشير إلى وجود مشكلات لوجستية وسياسية بالنسبة للوضع السوري، وذلك في إشارة واضحة إلى مسألة عدم دخول المساعدات، وأن هذه المشكلات لم يتم البت فيها بقرار حتى الآن، فما تعليقك على هذا الأمر؟

** نعم، بلا شك، لأن حكومة الأمر الواقع الموجودة في إدلب تريد أن تصل المساعدات من المزيد من المنظمات، ولكن هذه المنظمات لا تستطيع أن تفعل ذلك لأنها خائفة من أن يتم تصنيفها دوليًا أن تتعامل مع الإرهاب ومن ثمَّ تخضع للعقوبات الدولية، ولذلك نوجه من هنا نداءً إلى كل منظمة تريد أن تقدم العون أن تتضافر جهودها من أجل تقديم المساعدات من خلال المنظمات الدولية والمرخصة مثل منظمة شام أو الخوذ البيضاء أو (SAMS) أو غيرها، نحن نطالب بشدة بضرورة فتح مسارات جوية لتسهيل وصول الطيران الذي يحمل المساعدات لأن الوضع لم يعد يحتمل.

درجات الحرارة في إدلب باتت تصل إلى تحت الصفر، والمطر لا يتوقف، وسمعنا عن عائلة كانت قد خرجت من منزلها بسبب التصدعات الموجودة فيه، وسرعان ما بدأ المطر في الهطول، فعادت العائلة إلى المنزل، وحدثت هزة لاحقة فتهدم البناء وتوفى جميع أفراد تلك العائلة.

وصلني الآن أن طائرة جزائرية قد وصلت إلى مطار حلب تحمل 110 من المسعفين لكي تساعد السوريين في حلب، ما أود قوله إن من يريد أن يساعد النظام فإن المساعدات تصل مباشرةً، ومن يريد أن يساعد الأتراك فإن المساعدات تصل أيضا مباشرةً، لكن ماذا عن باقي السوريين في شمال غرب سوريا؟!

النظام السوري عليه مسؤولية ضخمة أيضا، لأن المعدات موجودة لديه ويمكن إدخالها للمناطق المتضررة، لديه الادوية البسيطة والمضادات الحيوية، يمكنه أن يفتح المجال الجوي وأن يفتح المعابر أمام الناس ومنظمات المجتمع المدني الحيادية كي يساعدوا إخوانهم في المناطق المتضررة، لو فعل كل ذلك لكانت هناك الكثير من المساعدات في مناطق شمال غرب سوريا، لكن النظام ومخابراته يتدخلون ويمنعون وصول المساعدات.

بالأمس القريب، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا صادمًا بأن ما يعادل تقريبًا 96 مليون دولار كانت تدخل إلى النظام من أجل توزيعها على المناطق الشمالية الخارجة عن سيطرته، ولكن لم يتم إيصالها، فهل نتوقع الآن أن تصبح هناك رحمة بشكل مفاجئ وأن يساعد النظام هذه المناطق؟!

* د. مؤيد غزلان، الحكومة السورية على لسان الرئيس بشار الأسد قالت إنها فتحت المجال الجوي أمام الطائرات لمن يريد إدخال المساعدات، وقالت إنها لن تمانع في وصولها، فهل النظام السوري يتعاون في دخول المساعدات إلى المناطق في شمال حلب؟

** النظام السوري لم يدخل، ولن يدخل أي إغاثة من أي دولة إلى الشمال، هذا ما أستطيع أن أؤكد لكم، والنظام السوري لن يفتح المعابر في ظل هذا المصاب الجلل، النظام السوري سيستأثر بالمساعدة الدولية لنفسه وسيتم إيصال الرذاذ منها فقط للسوريين بسبب الفساد الذي يديره النظام.

متطلبات عاجلة
* د. مؤيد، لو أردنا منك رسالة مباشرة توجهها إلى الأستاذ الإعلامي عمر الريدي، المتحدث باسم منظمة الحياة للإغاثة والتنمية، والذي يستمع إلينا الآن بعد انضمامه إلينا.

** أولًا، أطالب جميع المنظمات أن يقوموا بإنشاء منصة مشتركة لإغاثة الشمال السوري، كل المنظمات تنشئ غرفة تنسيق وإغاثة حتى تكون الإغاثة منسقة ومرتبة، وكي لا تتكرر نفس المساعدة وعجر أخرى، مثلًا هناك منظمات تأتي ومعها أدوية مكررة أو تصل معها نفس ما تقدمت به سابقتها، وأكرر للجميع إننا في الشمال السوري بحاجة إلى المساعدات العاجلة الخاصة بالإيواء، فليس لدينا تيار كهربائي منذ يومين، لذا نطالبكم بمولدات التيار الكهربائي، وإنشاء صندوق مالي فوري دون انتظار الحكومات التي تأخذ وقتًا طويلًا لاتخاذ خطوات في هذا الإطار.

دور منظمة الحياة
* ننتقل الآن إلى الأستاذ عمر الريدي، واترك لك التعليق.

** بعد عزائي لإخواننا في سوريا وتركيا، أود أن أقول ـ ومن خلال وجود فريق عمل تابع لنا في الداخل السوري ـ إن معبر باب الهوي مغلق، والمعابر لا تزال مغلقة أمامنا كمنظمات إغاثية صغيرة، وانا لا أعرف السبب الدقيق وراء ذلك ولكن أعرف أن هناك العديد من المشكلات اللوجستية لإيصال المساعدات، ورغم مطالبة الإدارة الأمريكية بإبقاء المعابر مفتوحة ولكن توقعي الشخصي أن الوضع به تخبط كبير، فالحكومة التركية تطبق مبدأ الجار أولى بالشفعة، لذلك فهي تغيث أولًا المتضررين الأتراك.

ولكن بالنسبة للشمال السوري، فهم الأكثر احتياجًا والأكثر تضررًا الآن، ونحن نريد كمؤسسات صغيرة أن ندخل هناك ونوصل المتطلبات والمستلزمات من الخارج إلى الداخل السوري، ومن خبرتنا في التعامل مع الكوارث والأزمات فإن هذه الأزمة الأخيرة ليست للمؤسسات الصغيرة، بل تحتاج إلى تكاتف أممي، نحن نريد الآن للإسعاف الطائر أن يدخل إلى الشمال السوري وأن تتوافر أماكن الإيواء سريعة التجهيز التي تأتي من المنظمات الأممية، وأن يتم توفير مطار قريب لسهولة وصول المساعدات العاجلة من كافة دول العالم، ونريد وجود استثناءات لنقل المصابين بشكل عاجل إلى المستشفيات المجهزة لهم، وإنشاء مستشفيات ميدانية سريعة التركيب، وإدخال المعدات الثقيلة والمولدات الكهربائية، كل هذه البنود ليست للمؤسسات الإغاثية بل تحتاج إلى المؤسسات الأممية والحكومات.

أما عن دورنا الآن في منظمة الحياة للإغاثة والتنمية، فإننا لدينا بعض الإمكانيات البسيطة جدا داخل الشمال السوري، ولكن لأن بعض فريقنا لديهم مصابين وضحايا وآخرين تحت الأنقاض، فهم متخبطين، لذا من خلال علاقتنا هناك اتفقنا مع بعض المحلات التجارية التي لا تزال متواجدة أن يتم إيصال الأدوية من مكانٍ إلى آخر، ونحاول الآن أن نوفر الأغطية والبطاطين لمن فقدوا كل مستلزماتهم، وبدأنا اليوم في إنشاء المطابخ وتقديم الوجبات الساخنة، وكذلك توفير المياه.

ما نقوم به الآن هو الحد الأدنى الذي نستطيع القيام به في ظل أيدينا المكتوفة، ولكن ماذا إذا ما تم فتح المعابر الإنسانية؟، سنستطيع ـ نحن وباقي المؤسسات ـ التنسيق معا لإحضار المستلزمات الطبية والمواد الغذائية والأدوية العاجلة من تركيا أو من أي مكان آخر حول العالم، فقط نحتاج أن يسمحوا لنا بالدخول ونحن سنقوم بواجبنا على أكمل وجه، وأنا أشهد من خلال راديو صوت العرب من أمريكا ومن خلال نداءاتي السابقة هنا للعديد من المشروعات أن قمنا بتنفيذ خلال الأسابيع الماضية بتنفيذ حملة الشتاء في الشمال السوري، ووزعنا الأغطية والحطب وأرسلنا صورًا وفيديوهات من هناك، وكل ما أطلبه الآن من جاليتنا، هو أن تكون التبرعات نقدية، لا سيما في ظل هذه الكارثة الإنسانية، لأنها ستعطي لنا الأريحية في التحرك بالشكل الذي يتم السماح به هناك.

تعليقات أخيرة
* الأستاذ وسيم الحاج، هل سيتم فتح المعابر قريبًا، لا سيما وأن العديد من المنظمات على استعداد لتقديم المساعدة اللازمة؟

** أودّ فقط التنويه إلى أن ما قصدته بشأن التخبط التركي، فهو فيما يخص الاستجابة التركية، أما فيما يخص الاستجابة الدولية فإنني أودّ رأي الدكتورة ناهد غزول، فالأمر متعلق بالسياسة والأمور اللوجستية، الآن تستطيع الحكومة التركية فتح المعابر أمام الشاحنات الداخلة إلى سوريا، هذا الأمر في اعتقادي ـ بين اليوم وغدًا وبعد الغد ـ يبدو شبه مستحيل، فحتى الآن هناك صعوبة في اتخاذ قرارات من قبل الحكومة التركية، وأظن أن الأمر بحاجة إلى ضغط دولي لإجبار تركيا على فتح المعابر بدون شروط.

* د. ناهد غزول، هل نستمع منك إلى تعليق أخير؟

** أنا أؤكد على كل ما قيل، ومن تجربتي الشخصية عبر سنوات طويلة فإن المنظمات العربية هي من أبقت الشعب السوري في الخيام ومناطق النزوح واللجوء على قيد البقاء، فهم يقدمون بسخاء ويعملون بقلوبهم، نحن نريد استجابة دولية أكثر سرعة تتناسب مع مستوى الحدث، لأن الاستجابة الإنسانية بشكل عام بطيئة جدا، نريد ضغط دولي من أجل فتح المعابر والسماح بمرور المساعدات عبرها، ونناشد الجميع بالتبرع المالي للمنظمات الإغاثية من أجل تعزيز عملها لتقديم المساعدات.

* أ. عمر الريدي، نريد تعليقًا أخيرًا منك أيضا؟

** أقول للمستمعين نحن الآن من خلال راديو صوت العرب من أمريكا ومن خلال عدد من المؤسسات نقوم بالضغط الدولي من أجل فتح هذه المعابر، لا تكتفوا أنتم أيضًا أيدينا، بل قدموا تبرعاتكم بسخاء، حتى أن فُتِحَت المعابر نستطيع العمل وتقديم المساعدة المرجوة لأهلنا في الداخل السوري.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى