الراديو

تصميم الجرافيك بالذكاء الاصطناعي.. إبداع ينافس الرسامين والفنانين

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة من برنامج “تكنو لايف” مع الإعلامية ليلى الحسيني، وضيفنا المتميز، الخبير التكنولوجي الدكتور محمد حنفي نستكمل خلالها الحديث عن دور وأهمية الذكاء الاصطناعي في صناعة تصميم الجرافيك.. هل يمكن أن يتفوق على إبداع الرسامين والفنانين، ويحل محل وظيفة مصمم الجرافيك؟

الخبير التكنولوجي الدكتور محمد حنفي، هو رئيس أكاديمية التسويق الرقمي بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، ومؤسس مركز التميز للتسويق الإلكتروني بمعهد تكنولوجيا المعلومات، ويتمتع بخبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في بناء القدرات والاستشارات والتخطيط الاستراتيجي وإدارة المشاريع المتخصصة في التسويق الإلكتروني وتطوير البرمجيات وريادة الأعمال، وهو حاصل على درجة الماجستير في هندسة الحاسب الآلي من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، ودبلومة في تحسين الجودة من أيرلندا، ودبلومة في التسويق الإلكتروني من “Digital Marketing Institute” في إنجلترا.

تحذيرات ومخاوف
* لا تزال التحذيرات الجديدة تُطلَق حول الذكاء الاصطناعي، ودائما يُربط مصطلح الذكاء الاصطناعي بالرجال الآليين الذين يعملون في خدمة الإنسان، قبل أن ينقلبوا عليه ويعيثوا فسادًا في كوكب الأرض استجابةً لثوراتهم، فهل تتفق مع هذه المخاوف المثارة من بعض العلماء؟

** الآن هناك مواجهة حادة بين فريقين؛ أحدهما يرى أن الذكاء الاصطناعي قد يصل بالروبوتات إلى مرحلة تجعلهم يتحكمون في البشر ومصيرهم، ويرى أصحاب هذا الفريق أن المستقبل لا يزال غير معلوم لكنه مرعب، وفريق آخر يرى أن هذه المخاوف مبالغ فيها أكثر من اللازم، لأن البشر هم المتحكمون في كل شيء وأصحاب اليد العليا في التحكم في الآلات، وأنا شخصيًا مع هذا الاتجاه.

أود هنا إيضاح بعض الأمور، هناك نوعان من البرمجة؛ الأول يتم فيه إعطاء خطوات ثابتة للسير عليها، وهو ما يسمى بـ “Fellow Chart”، والثاني يتم فيه إعطاء تعليمات و “Algorism” كي يتعلم منها ويستنبط منها رد فعل مختلف بناءً على الموقف الجديد.

الروبوتات الموجودة حاليا هي عبارة عن مجموعة من الذكاءات الاصطناعية التي لا تزال قيد التطوير، ولم تصل بعد إلى مرحلة كاملة، ولا نستطيع حتى الآن أن نقول إن هناك إنسانًا آليًا قد وصل إلى ربع القدرات البشرية.

* لكن لماذا تصر شخصيات كبيرة جدًا، مثل عالم الفيزياء الشهير الراحل ستيفن هوكينج، على مخاوفهم من الذكاء الاصطناعي، وإلى جانبه أيضا مؤسس مايكروسوفت، بيل جيتس؟

** لأنه هناك بالفعل تجارب مخيفة، فشركة مايكروسوفت أطلقت روبوتًا على تويتر وتركته لمدة يوم واحد فقط، ثم أوقفت المشروع بالكامل، لأن الروبوت بدأ يتعلم من الجمهور ويرد عليهم ويتجاوب معهم، فأصبح عنصريًا، وتعلم الألفاظ النابية من الجمهور نفسه، من هنا بدأت النظرة التشاؤمية حيال مستويات تطور الذكاء الاصطناعي.

مسؤولية البشر
* ألسنا نحن من نغذي هذه الروبوتات بالبيانات والخوارزميات؟

** نعم، بالضبط، لذا فإن الخوف ليس من تلك البرامج أو الروبوتات، الخوف الحقيقي هو من البشر أنفسهم المصنعين لها والمبرمجين لها، لذا فإن الجانب الأكبر يقع على عاتقنا فيما يتعلق بالبرمجة والتدريب وفقًا لطريقة سليمة وخاضعة لـ”Quality Control”، وهذا ما حدث بالفعل مع مايكروسوفت عندما أوقفت مشروعها الذي أطلقته على تويتر، وبدأت تتعاون بشكل آخر مع شركة “Open AI” لإنتاج برمجيات تخضع لمعايير أفضل.

وكما ذكرت خلال الحلقة الماضية، علينا أن نستعمل الذكاء الاصطناعي في تنمية مهاراتنا وقدراتنا، وإلا سيحلّ محلنا الذكاء الاصطناعي، فأي مهنة عبارة عن تكرار رتيب لمجموعة من الأوامر، فسيتم الاستغناء عن هذه الخطوات عبر برنامج ذكاء اصطناعي.

هذا الأمر سيؤثر بلا شك على العديد من المهن، وحتى مهنة الكتابة ـ التي إلى حد كبير تحمل إبداعًا وتفكيرًا ـ ستتأثر به، وبالمناسبة فإن ما سينتجه الذكاء الاصطناعي من كتابات لن تنتهك حقوق الملكية الفكرية، فبرامج الذكاء الاصطناعي يتم تغذيتها بآلاف المقالات أو الأشعار أو الأبحاث، ومن ثمَّ يقوم البرنامج بإنتاج مقال جديد وفريد، أو قصيدة شعرية مستلهمةً مما تم تغذيته به من أشعار، وهذا الأمر أيضا قد يحدث في مجال الموسيقى.

موضوع قديم متجدد
* موضوع الذكاء الاصطناعي هو موضوع حديث ـ قديم، وبه أبحاث كثيرة، لكن كثر الحديث عنه مؤخرًا وأصبح هناك اهتمام كبير به، فما السر وراء ذلك؟

** الذكاء الاصطناعي ظهر خلال منتصف القرن الماضي، ومعظم الـ “Algorism” التي نعمل عليها حتى الآن هي من إنتاج وإبداعات علماء القرن الماضي، هناك بعض البرامج البسيطة جدًا التي تم إنتاجها خلال الأعوام الأخيرة، مثل “Transformer” وغيرها، وهذه البرمجيات أحدثت جزءًا من الطفرة، لكن الطفرة الكبرى حدثت بفضل المعلومات والبيانات الكثيرة الموجودة على شبكة الإنترنت والتي بدأنا في استعمالها لتعليم نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة.

فكل البيانات والمعلومات والفيديوهات والصور وغيرها مما ننشره على شبكة الإنترنت تعدّ بمثابة الوقود الذي يغذي عجلة الذكاء الاصطناعي، وبدأنا نرى نتائج ذلك الآن.

إبداع مماثل
* هل سيضاهي الذكاء الاصطناعي إبداع الرسامين والفنانين؟

** أؤكد أولًا على أن الذكاء الاصطناعي الآن هو مساعد قوي جدًا للمصمم الجرافيكي في عمل تعديلات على الصور كانت تأخذ منه وقتًا طويلًا جدًا في السابق، في بعض الأحيان يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج عملًا فنيًا بجودة عالية جدًا وبدرجة كبيرة من الإبداع وفقًا لما قمت بتغذيته به، وفي أحيان أخرى قد لا ينتج العمل الذي كنت أتخيله.

وفي بعض الأوقات قد يستغل الفنان البشري قدرات الذكاء الاصطناعي وما ينتجه من تصميمات ورسومات في التغذية البصرية، لأن ما ينتجه الذكاء الاصطناعي قد ينتج إبداعًا يضاهي ما ينتجه البشر.

على الأقل خلال المرحلة الحالية، سيظل الفنان والرسام البشري يقوم بدوره وبمساعدة من الذكاء الاصطناعي، ولكن في المستقبل القريب من المحتمل أن يقل تواجد البشر في هذه الوظيفة وقد يحلّ الذكاء الاصطناعي مكان البشر فيها، لا سيما وأن ما وصلنا إليه الآن في مجالات أخرى لم يكن أحد يتخيّله أو يتوقع حدوثه.

نصيحة أخيرة

* ما هي نصيحتك الأخيرة للمصمم الجرافيكي كي يحافظ على وظيفته؟، كيف يستعد لهذا المستقبل القادم؟

** على المصمم أن يتعلم من برامج الذكاء الاصطناعي، ويستفيد مما تنتجه ويتعلم منها، وينتج إبداعًا وأعمالًا تفوق ما تنتجه هذه البرامج، وأعيد وأؤكد على أن الإبداع دائما هو سر النجاح والتفوق، سواء فيما يخص مهنة المصمم الجرافيكي أو غيرها من المهن والوظائف.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى