زيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط .. توقيتٌ مهم ونتائج بلا مضمون

تقرير: رواء أبو معمر ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
في إطار مساعيه لنزع فتيل العنف المتصاعد وإعادة التأكيد على دعم واشنطن لقرار حل الدولتين، زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن منطقة الشرق الأوسط مطلع الأسبوع الحالي.
وكان بلينكن قد ذكر في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر إنه في طريقه إلى مصر وإسرائيل والضفة الغربية، وأضاف في التغريدة: “زيارتي الرابعة إلى المنطقة بصفتي وزير خارجية الولايات المتحدة، تؤكد التزامنا بتعميق العلاقات الثنائية، والعلاقات بين الشعوب، وتعزيز حقوق الإنسان وتقوية الأمن الإقليمي والعالمي”.
Concluded another productive trip to Israel and the West Bank, where I met with Israeli and Palestinian counterparts and leaders from civil society. We will continue to support the parties and all efforts to deescalate tensions. pic.twitter.com/lBKCB6KT31
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) January 31, 2023
زيارة بلا أفاق
في إطار تعقيبه على الزيارة، قال المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي، د. بلال الشوبكي: “زيارة بلينكن للمنطقة لا تخص الفلسطينيين وحدهم ولا الإسرائيليين، بل هي زيارة للمنطقة ومعدّة مسبقًا، ولكن الظروف التي سبقتها جعلت أجندة هذه الزيارة متغيرة، أظن أن وزير الخارجية الأمريكي قد حاول جاهدًا إعطاء الفلسطينيين مبررات لإعادة التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، حتى هذه اللحظة فإن هذه مجرد مبررات ولا يوجد ما يدعمها على أرض الواقع، بحكم أن إسرائيل مستمرة في سياساتها، ووزير الخارجية الأمريكي لا يحمل حقيقةً أي أفاق سياسية للفلسطينيين، وكل ما تحدث به بكل وضوح هو أمن الجانب الإسرائيلي والتزام الولايات المتحدة بهذا الأمر”.
وأضاف الشوبكي الذي يتولى رئاسة قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل: “على الصعيد السياسي، لا يبدو أن الولايات المتحدة الامريكية تريد توجيه ضغط حقيقي على الإسرائيليين من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، وبالرغم من تأكيد وزير الخارجية الأمريكية على أن حل الدولتين هو لمصلحة الطرفين، وتحديدًا لمصلحة الإسرائيليين، إلا أنه لم يتبع ذلك بأي إجراءات واضحة تدفع الإسرائيليين لتحقيق مثل هذا الخيار”.

وتابع: “في سياق اللقاء مع الفلسطينيين بات واضحًا أن الولايات المتحدة فقط تعطي الفلسطينيين أملًا دون أن يكون هناك حديث على المستوى الوطني ولا المستوى السياسي، فالحديث حتى هذه اللحظة في القضايا الخدماتية والاقتصادية، ومطالب الفلسطينيين التي قدمت هي مطالب مرتبطة في الغالب بصد الأذى الإسرائيلي ورفع العقوبات الإسرائيلية، وهو يعتبر برأيي نجاح للسياسة الإسرائيلية بأنها تخفّض دائما سقف المطالب الفلسطينية إلى الحد الذي لا يتجاوز القضايا الخدماتية”.
زيارة في توقيت مهم
خلال الزيارة حثَّ بلينكن الجانب الفلسطيني والإسرائيلي على التهدئة بعد أحداثٍ متصاعدة، قُتِلَ فيها 36 فلسطينيًا و7 إسرائيليين خلال يناير الماضي، في هذا الصدد يرى المحلل السياسي عصمت منصور أن زيارة بلينكن لن تؤثر على الحكومة الإسرائيلية، وأضاف: “كل زيارة لوزير خارجية أمريكي هي مهمة، ولكن ربما أهمية هذه الزيارة الأخيرة الإضافية أنها تأتي بعد انتخاب حكومة يمينية متطرفة تعلن عداءها الكامل للسلام، وتحمل أجندة تقضي نهائيًا وعلى المدى البعيدة على أي إمكانية لإحلال السلام، وأيضا في ظل تصعيد وأجواء من الاحتقان الشديد في الأراضي المحتلة، وهجوم إسرائيلي على المقدسات وعلى الأسرى”.

وأضاف منصور: “حقيقةً كان يمكن لهذا الزيارة أن تحقق نتائج لو أن الإدارة الأمريكية لديها قرار بالتصدي ولجم هذه الحكومة، ولكن من الواضح أنها تريد أن تعطيها فرصة ولذلك فهي تتحدث معها بمنطق النصح والتشاور وليس بمنطق الخطوط الحمراء والضوابط، بدليل أن نتنياهو بعد ساعات من مغادرة بلينكن قال في مقابلة عبر محطة (CNN) إنه يختلف مع الغدارة الامريكية ولا يرى أن الاستيطان عقبة، وأن حل القضية الفلسطينية ليس مُلحًّا، وبالتالي فإنه يفرغ الزيارة من مضمونها ويتخلى عن كل التعهدات التي قدمها بلينكن للحكومة الفلسطينية بإمكانية ضبط عنجهية وعدوانية هذه الحكومة الإسرائيلية.
وعود بلا أفعال
وفي مقابلته، أكد الناطق باسم حركة فتح، منذر الحايك، أن هذه الزيارة كسابقاتها، وأنها تحمل وعودًا دون أفعال على أرض الواقع، وأضاف: “زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى الأراضي الفلسطينية وإلى دولة الاحتلال كسابقاتها، وعودات دون أفعال على الأرض، الاحتلال لا يزال يمارس

سياسة الأبارتهايد والتمييز العنصري، يقتل المدنيين ويمارس سياسة الاغتيالات والاقتحامات للمدينة المقدسة، كل ذلك يحتاج من الإدارة الأمريكية التدخل لدى الاحتلال لعدم تغيير الوضع الداخلي والحالي في المدينة المقدسة، وكذلك وقف الاعتداءات والاغتيالات وسياسة القتل ضد الشعب الفلسطيني، لذا ندعو الإدارة الأمريكية لعدم الكيل بمكيالين والالتزام بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، لأنه دون ذلك سوف تتجه الأمور إلى العنف، وكما شاهدتم في السابق كيف كانت الاغتيالات في جنين وكيف كانت ردة فعل الشعب الفلسطيني”.
تأتي زيارة بلينكن في ظل غضب عارم يسود الأراضي الفلسطينية بسبب ما تقوم به القوات الإسرائيلية والمستوطنون الإسرائيليون من عمليات عنف وتخريب في القدس والضفة الغربية المحتلة.