الراديو

تقنية الـ Deep Fake..تطور مذهل أم تزييف للحقائق وتهديد لحياتنا؟

أجرى الحوار: سامح الهادي ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة من برنامج تكنو لايف مع الإعلامي سامح الهادي، وضيفنا المتميز، الخبير التكنولوجي الدكتور محمد حنفي. ناقشت الحلقة سلبيات وإيجابيات استخدام تقنيات الذكاء الصناعي في وسائل الإعلام، وخطورة استخدامها في تزييف الحقائق ونشر المعلومات المضللة، في مقابل التطور المذهل الذي أحدثته في عرض المحتوى.

تزوير الفيديوهات

* دكتور محمد.. في البداية، هل لك أن تعرّفنا على تقنية الـ “Deep Fake”، ما هي هذه التقنية؟، وكيف تعمل؟

** دعني أولاً أوضح أن الذكاء الاصطناعي “AI” أصبح الآن يستخدم في مجالات كثيرة، من بينها الإعلام، سواء من خلال الصورة أو الصوت أو الفيديو، أما فيما يخص الـ “Deep Fake” فإن فكرته تقوم على تزوير الفيديوهات، من خلال تغيير صورة وجه شخص بوجه شخص آخر، أو تغيير جزء من الوجه.

ويتم ذلك من خلال التعلم العميق أو “Deep Learning”، وهو نوع من أنواع الذكاء الاصطناعي، الذي يتم تغذيته وتدريبه على أشكال عديدة، ومن ثم يتم استعماله في تخليق وجه جديد، وفي جزء آخر من البرنامج يتم التعرف على الجزء المزوّر.

وبالتالي فإن البرنامج يكون عبارة عن جزأين؛ أحدهما ينتج وجوه جديدة مزوّرة، والآخر يقوم بالتعرف على الوجوه المزوّرة، وما يتم فعله هو أننا نقوم بخداع الجزء الذي يتعرف على التزوير بحيث يقر بحقيقة صورة مزورة، ومن ثمَّ يتم عرضها للجمهور بالرغم من كونها غير حقيقية.

كمثال على ذلك؛ إذا أردنا مثلاً أن نجري لقاءً مزيفًا مع الفنان عمر الشريف، يمكن أن يتم تصوير فيديو للقاء بيننا بشكل طبيعي، ثم يتم تجميع عدة فيديوهات للفنان عمر الشريف، ويتم تغذيتها للذكاء الاصطناعي الذي يتعرف بدوره على التعبيرات المختلفة لعمر الشريف وطريقة كلامه وتفاعله وحركات وجهه، ثم يقوم البرنامج باستبدال وجهي بوجهه، وفي النهاية ينتج فيديو يكاد يكون حقيقي، ونفس الفكرة يمكن تطبيقها مع الأصوات.

وبواسطة هذه التقنيات توجد العديد من الفيديوهات المزيفة على شبكة يوتيوب لسياسيين كبار مثل أوباما وترامب، وفنانين مثل توم كروز، وأصبحت هذه التقنية مستخدمة على نطاق واسع لأن أدواتها سهلة الاستخدام.

الـ”Deep Fake” والهولوجرام

* وردنا سؤال من أحد المستمعين يقول فيه: ما هو الفرق بين تقنية الـ “Deep Fake” والهولوجرام؟

** هناك اختلاف كبير بينهما، فالـ”Deep Fake” يتم من خلاله إنتاج فيديوهات مثل التي نشاهدها على يوتيوب، ويظهر الفيديو على أنه حقيقي بالرغم من وجود تزوير فيه من خلال تغيير الوجوه أو أجزاء منها.

أما الهولوجرام فيتم خلاله استعمال الإضاءة لإنتاج شكل ثلاثي الأبعاد لممثل أو شخص، ويظهر من خلاله للجمهور كخيال وبدون دقة كبيرة، مثلما حدث في مصر مؤخرًا من إقامة حفل لأم كلثوم بتقنية الهولوجرام.

السلبيات والإيجابيات

* هل لها مزايا إيجابية يمكن أن نراها؟، وهل لها سلبيات يجب أن نبتعد عنها؟

** مع الأسف لها سلبيات كثيرة جدًا، فأي فيديو نراه الآن يجب أن نتوقف عنده لنتأكد هل هو حقيقي أم مزيف، لأن هذه التقنية أصبحت دقتها عالية جدًا، وهي سهلة الاستعمال، وخدماتها يمكن أن تُباع بسهولة في الويب العميق “Deep Web”.

أما إيجابياتها فهي موجودة إن تم استغلالها بشكل جيد في الإعلام أو الفنون، وإن كانت سلبياتها أكثر لأنها تستعمل في مجال الإباحية من خلال تزييف مقاطع فيديو للمشاهير.

وهناك بعض المواقع التي يمكننا من خلالها التعرف على مدى حقيقة الفيديوهات مثل موقع “deepware.io”، ولكن التقنية تتقدم يوميًا أكثر فأكثر، فيصبح من الصعب التعرف على حقيقة الفيديوهات.

تطور هائل

* لكن كيف يمكن الوثوق في هذا الموقع أصلا؟

** إلى الآن لا تزال استعمالاتنا له تخبرنا بأنه يمكننا تمييز حقيقة الفيديوهات بدرجة دقة عالية، لكن بشكل عام فإننا ننصح الجميع بعد الإكثار من نشر صورهم الشخصية على الإنترنت، لا سيّما الصور والفيديوهات ذات الدقة العالية، هذا إلى ضرورة وجود وعي مجتمعي لدى الناس بألا يصدقوا كل ما يرونه من فيديوهات أو صور على الإنترنت قبل التأكد من صحتها.

ودعني أوكد للمستمعين أنه خلال السنوات الأربع الماضية (من 2017 إلى 2020) حدث تطور هائل جدًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث كانت هناك مبادرتين كبيرتين على الأقل في كل عام منهم.

وفي عام 2021 كانت هناك 19 مبادرة، وفي العام الجاري 2022 هناك 40 مبادرة بتمويل مالي بمليارات الدولارات من أجل تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بأنواعها المختلفة.

الوضع في العالم العربي

* هذا يدفعني إلى سؤال عن العالم العربي من هذا الزخم، سواء في إنتاج أو تقديم التكنولوجيا والبرامج مثل الـ “Deep Fake”، أو في الوقاية من أثرها السلبي، أين نقف؟

** هذا سؤال موجع جدًا مع الأسف، لك أن تعلم أن هناك 8 مختبرات كبيرة في أمريكا تعمل على تلك التقنيات، وهناك اثنان في إنجلترا، ومثلهما في الصين، وهناك عدة مختبرات في إسرائيل وألمانيا.

وعندما أذكر كلمة مختبر فإنني أتحدث عن علماء في الذكاء الاصطناعي وليسوا فقط مهندسين أو مستخدمين عاديين، لأن هناك فارق كبير.

أما في العالم العربي، مع الأسف، ليس لنا مساهمة تُذكر في هذا المجال، فقط لدينا بعض المستخدمين القلائل، وحتى التطور الذي تم في تلك التقنيات باللغة العربية كان يتم إنجازه من خلال جوجل و”IBM” وغيرها من الشركات والمبادرات غير العربية.

* وماذا عن دور المدارس والمعاهد التكنولوجية وكليات الهندسة؟، هل تنبهت إلى ضرورة إدراج هذا النوع من التكنولوجيا في مناهجها وبرامجها الدراسية؟

** نعم بالطبع، فلدينا في معهد “ITI” بوزارة الاتصالات المصرية برنامج تعليمي ضخم تم إنشاؤه بالتعاون مع جامعة فرنسية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، عبارة عن تدريب لمدة 9 شهور، واستقطبنا أفضل الشباب في مصر، ونمنحهم مكافأة شهرية معقولة، وتم تدريب الشباب على يد خبراء مصريين وفرنسيين.

ولكن ما أتحدث عن ضرورة وجوده هي المختبرات الكبرى الممولة من الدولة بمبالغ ضخمة من أجل تطوير هذه التقنيات والبرامج البحثية المرتبطة بها.

* د. محمد، نريد منك في الختام أن تعطينا رسالة وتنبيه أخير، فبماذا توصينا؟

** المستقبل هو الذكاء الاصطناعي، نوصي أولادنا بضرورة تعلم لغة برمجة لأن هذه هي لغة المستقبل، ثم البدء في تعلم لغة الذكاء الاصطناعي في مجال مهني محدد يريدون أن يستكملوا مشوارهم التعليمي فيه.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى