رأي

حكايا روح وحلاوة روح

بقلم ـ حسام عبد القادر مقبل

نمدح دائما شخصية بأن نقول “روحها خفيف”.. ويكون هذا الوصف أكثر مدحا من “الدم الخفيف” فالدم الخفيف يعبر عن مرح الشخصية وتمتعه بتعبيرات ساخرة كوميدية تضيف دائما إبتسامة على من حوله، بينما عندما نصف الشخص بخفيف الروح فهو وصف عام لشخصيته وأنه شخصية محبوبة بين الناس وتتميز بالقبول والإيجابية وأن وجوده دائما مرغوب بين الناس.

وعندما نحكي عن هذه الروح ونطلق عليها “حكايا روح”، فالاسم في الحقيقة غاية في العمق والفلسفة خاصة عندما يكون هذا الوصف اعتباريا فهو ليس لشخصية بقدر ما هو لعمل كامل متكامل وإن كان بكل تأكيد يلقي بالضوء على صاحبة العمل وعلى صاحبة الاسم.

ما أحكي عنه هو معرض “حكايا روح” الذي نظمه معهد دراما بلا حدود الدولي بألمانيا وأشرفت عليه صاحبة الروح الدكتورة دلال مقاري باوش، والذي واكب احتفال المعهد بالعيد التاسع عشر، فهو أصبح شابا يافعا في عز قوته وروحه القوية التي يحبها جميع رواده في الشرق والغرب.

تأملت كثيرا هذا الاسم ووقفت أمامه كثيرا وتذكرت أيضا أغنية حكيم “حلاوة روح” الذي غناها في فيلم بنفس الاسم قامت ببطولته هيفاء وهبي.

رغم عدم تمكني من حضور المعرض بنفسي إلا أن التكنولوجيا كالعادة كانت هي الحل فاستطعت متابعة المعرض ومشاهدته أون لاين، وبمتابعة تفاصيل المعرض، وجدت فعلا حكايات كثيرة وراء كل لوحة وعمل، والروح الواحدة التي تجمعهم كلهم في سيمفونية رائعة تكمل بعضها البعض، وحكايا المهمشين والمطرودين والمضطهدين في الأرض، والتي تعتبرها دلال مقاري قضيتها الأساسية في الحياة، وأيضا حكاية روح لشهيدة الكلمة الصحفية شيرين أبو عاقلة حيث تم إهداء المعرض لروحها، والذي حمل أيضا شعارا بعنوان “معا من أجل مستقبل أفضل للإنسانية”.

نفس الأمر عندما نتأمل جناح التراث الفلسطيني بالمعرض ومجموعة الحلي والمجوهرات، ولوحات الرسم بالخط وفن الكولاج، لتكون المعروضات كلها سلسلة من الحكايا الواقعية التي تنزع باتجاه العدالة والمساواة، الحرية والكرامة الإنسانية، وكلها عناصر تكمل الحكاية.. “حكاية روح”، و”حلاوة هذه الروح”.

من خلال معرفتي الوثيقة بصديقتي الدكتورة دلال مقاري أعرف جيدا أنها تحب دائما العمل في صمت دون أي ضجيج سواء أثناء العمل أو بعد العرض ثم تترك الجمهور ليحكم ويدلي برأيه، بينما تقف هي أيضا مع الجمهور لتشاهد ما تم وتتأمل كأنها ليست هي من صنع هذه الروح.

صاحب المعرض برنامج ثقافي ثري تنوع بين قراءات شعرية، وورشات عمل، وندوات موسيقية ورحلات سياحية ثقافية لمد جسور التلاقح الثقافي العربي الأوروبي.

كما تم تكريم أربعة مخرجين مبدعين من أعضاء المعهد بدرع “الجناح المحلق” وذلك تقديرا لجهودهم المبذولة في حمل راية الفنون والإبداع لصناعة مستقبل أفضل للبشرية حيث ركزت أعمالهم على القضايا الإنسانية، التربوية والاجتماعية والفكرية، التي من شأنها خلق حراك فكري، للبحث في استراتيجية التغيير نحو الأفضل، وهم: أحمد الجاسم من البحرين، سعود مهنا من فلسطين، كريم عصارة من المغرب، عيسى الجراح من الأردن.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى