
أثارت الانفجارات التي تعرض لها خط الغاز الروسي الذي يمد أوروبا بالغاز الطبيعي مخاوف عالمية جديدة من انطلاق حرب الطاقة بين الدول الكبرى، خاصة بعد اكتشاف 3 تسريبات في خطي أنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 بالقرب من جزيرة بورنهولم الدنماركية في بحر البلطيق، وإعلان العديد من السلطات الأوربية أن الحادث ناتج عن عمل تخريبي متعمد وأن حكومة دولة كبرى تقف وراء ما حدث.
عمل تخريبي
ووفقًا لشبكة (CNN) فقد قال علماء الزلازل السويديون إنهم اكتشفوا انفجارين تحت الماء في منطقة قريبة من خطوط أنابيب نورد ستريم، وأن التقارير الأولية تشير إلى أن هذا الحادث قد يكون عملاً متعمدًا.
وقال وزير النفط والطاقة النرويجي، تاريه أوسلاند، إن المعلومات المتوفرة حول التسريب “تشير إلى أعمال تخريبية”.
فيما قالت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميت فريدريكسن، خلال بيان صحفي، إن الدنمارك تعتبر تسرب خط أنابيب نورد ستريم بمثابة “إجراءات متعمدة”، مؤكدة أنها “لا ترى تهديدًا عسكريًا مباشرًا ضد الدنمارك”.
وعندما سألها أحد المراسلين عما إذا كانت تعتبر الحادث بمثابة إعلان حرب، ردت قائلة “لا”، بينما أكد مكتب وزير الطاقة الدنماركي، دان يورغنسن، أن التسريب لم يكن بسبب حادث “وإنما بسبب انفجارات”. وأضاف أن خطوط الأنابيب المتضررة يتراوح عمقها بين 70 و80 مترًا، ويتوقع أن يستمر تسرب الغاز “أسبوعًا على الأقل”.
فيما قال وزير الخارجية الدنماركي، جيبي كوفود، إن هذه “ساعات حرجة”، داعيًا إلى تعاون دولي وثيق لجمع المعلومات وتقييم الوضع والتعامل معه.
اتهامات متبادلة
تأكيدات العديد من الجهات عن وجود عمل تخريبي متعمد وراء الانفجارات والتسريب أثارت العديد من التساؤلات حول الجهة التي تقف وراء ذلك.
وفي هذا الإطار قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الأسبق، جون برينان، لشبكة CNN إنه يعتقد أن الحادث كان عملاً تخريبياً قامت به روسيا.
وأضاف أن “كل الدلائل تشير إلى نوع من التخريب. خطوط الأنابيب هذه تقع على عمق حوالي 200 قدم أو نحو ذلك من المياه، ولدى روسيا قدرة تحت سطح البحر تجعل من السهل وضع عبوات ناسفة قرب هذه الخطوط”. وأضاف أنه يعتقد أن هذه “إشارة إلى أوروبا بأن روسيا يمكنها الوصول إلى ما وراء حدود أوكرانيا”.
وفي السياق نفسه اتهمت أوكرانيا روسيا بالتسبب في حدوث التسريبات التي حدثت، ووصفت ذلك بأنه “هجوم إرهابي”. وفقًا لموقع “بي بي سي“.
وقال مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، إن الأضرار التي لحقت بخطي “نورد ستريم 1” و “نورد ستريم 2” ترقى إلى “عمل عدواني” تجاه الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن روسيا تريد إثارة الذعر قبل حلول فصل الشتاء، وحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا.
وقال بودولياك في تغريدة نشرها باللغة الإنجليزية: “تسرب الغاز من نورد ستريم 1 ليس أكثر من هجوم إرهابي خططت له روسيا، إنه عمل عدواني تجاه الاتحاد الأوروبي، تريد روسيا زعزعة استقرار الوضع الاقتصادي في أوروبا والتسبب في حالة من الذعر قبل حلول فصل الشتاء”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد اتهم روسيا، في وقت سابق، باللجوء إلى تقليص إمدادات الغاز لابتزاز أوروبا. فيما نفت موسكو تلك الاتهامات، قائلة إن العقوبات المفروضة على روسيا تجعل من المستحيل صيانة البنية التحتية للغاز بشكل صحيح.
في المقابل ألمح رادوسلاف سيكورسكي، وزير الدفاع والخارجية البولندي، إلى مسؤولية الولايات المتحدة عما حدث، حيث نشر تغريدة أرفق بها صورة لفقاعات الغاز في بحر البلطيق وعلق عليها قائلًا: “شكرا لك الولايات المتحدة”.
https://twitter.com/radeksikorski/status/1574800653724966915?s=20&t=jrNJKAqdbR4dc2I5x1K4oQ
ووفقًا لموقع “روسيا اليوم” فقد أعاد سيكورسكي نشر تصريح الرئيس جو بايدن الذي أدلى به في فبراير الماضي، عندما تعهد أمام المستشار الألماني أولاف شولتس، بـ”وضع حد” لـ”نورد ستريم 2″ في حال مهاجمة روسيا لأوكرانيا.
واستنكر مفوض الحكومة البولندية لأمن المجال المعلوماتي ستانيسلاف جارين، تصريحات سيكوركي ووصفها بأنها “دعاية روسية”، و”حملة تشهير ضد بولندا والولايات المتحدة وأوكرانيا توجه اتهاما للغرب بالهجوم على نورد ستريم 1 و2”. واعتبر أن “تأكيد الأكاذيب الروسية” في هذه اللحظة بالذات يهدد أمن بولندا.
وكنت روسيا قد أكدت أن الأعطال في خطوط الأنابيب قد تكون نتيجة أعمال تخريبية وتمثل وضعا غير مسبوق يمس أمن الطاقة في القارة الأوربية بأكملها ويتطلب تحقيقًا عاجلًا في أسباب الحادث.
مخاوف حروب الطاقة
ووفقًا لموقع “الحرة” يمثل الحادث الأخير “جرس إنذار لدول القارة الأوروبية لحماية بنتيها الحيوية من التخريب المتعمد”، كما أن أن التسريبات “تمثل مستوى جديدًا من حرب الطاقة الروسية ضد أوروبا”.
ورغم أن الخطان لا يعملان حاليا، لكنهما يحتويان على الغاز ما تسبب بظهور فقاعات في التسرب الذي رصد على سطح مياه البحر في المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين للسويد والدنمارك.
وتشير بركة المياه الفوارة التي يبلغ عرضها 700 متر في بحر البلطيق والناجمة عن تمزق خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم إلى “كارثة مناخية”.
وقبل وقوع عمليات التسريب بأسابيع، حذرت المخابرات الأمريكية الحكومات الأوروبية من هجمات محتملة على خطوط الأنابيب تحت البحر.
جدير بالذكر أن خطي أنابيب “نورد ستريم 1 و2″، يديرهما تحالف شركات تملك شركة “غازبروم” الحكومية الروسية الغالبية فيه.
ويعد “نورد ستريم 1 “، أكبر خط أنابيب غاز روسي إلى أوروبا من ناحية الكمية التي تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا، ويمتد عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا.
أما “نورد ستريم 2″، فهو خط أنابيب ثان مزدوج بنفس حجم الخط الأول، وتم استكماله في عام 2021 لكن ألمانيا رفضت اعتماد تشغيله بعد أن غزت موسكو أوكرانيا. وتمثل خطوط “نورد ستريم” الناقل الرئيسي للغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا وبولندا ودول أوروبية أخرى.