بوتين يعلن التعبئة لشن عملية عسكرية واسعة ويلوّح باستخدام الأسلحة النووية

في تطور جديد وخطير أيضًا للأزمة الروسية الأوكرانية أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التعبئة الجزئية في الاتحاد الروسي ابتداءً من اليوم الأربعاء، استعدادًا لشن عملية عسكرية واسعة في أوكرانيا، مؤكدًا أنه وقّع مرسومًا رئاسيًا بهذا الشأن، وفق ما نقلته وكالة “تاس” الرسمية الروسية.
كما أكد بوتين تأييده لانضمام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ومقاطعتي خيرسون وزاباروجيه إلى روسيا، محذرًا الغرب من محاولة استهداف روسيا، واكد أن بلاده ستستخدم كل الوسائل لمنع ذلك، بما في ذلك الأسلحة النووية.
تعبئة جزئية
وقال بوتين في كلمة وجهها للشعب الروسي اليوم: “من أجل حماية وطننا، وسيادته ووحدة أراضيه، ولضمان أمن شعبنا وشعوب المناطق المحررة، أرى أنه من الضروري دعم مقترح وزارة الدفاع ورئاسة الأركان بإعلان التعبئة الجزئية في الاتحاد الروسي”.
وأضاف: “التعبئة الجزئية ستشمل فقط أولئك الذين يعتبرون من جيش الاحتياط، وبالطبع أولئك الذين خدموا في القوات المسلحة، وأولئك الذين لديهم خبرة عسكرية واختصاصات ذات صلة”.
وأوضح بوتين أن خط المواجهة مع الجانب الأوكاراني، والممتد الآن إلى أكثر من 1000 كيلومتر، والقصف المستمر للمناطق الحدودية الروسية من قبل الجيش الأوكراني، والهجمات على المناطق التي استولت عليها روسيا تتطلب استدعاء جنود من الاحتياط الذين خدموا بالفعل في الجيش والقيام بترتيبات تدريبهم ليشاركوا في القتال.
وقال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو إنه سيتم استدعاء 300 ألف جندي احتياطي أو ما يزيد قليلا عن واحد في المئة من عدد الأشخاص الذين يمكن حشدهم في البلاد.
عملية عسكرية واسعة
كما أعلن بوتين عن استعداد بلاده لشن عملية عسكرية واسعة في أوكرانيا قائلا: “بعد أن رفض النظام في كييف علنًا الحلول السلمية لأزمة دونباس، بل وأعلن فوق ذلك ادعاءاته بشأن أسلحة نووية، بات من الواضح أنه لا مفر من مرحلة تنفيذ عملية عسكرية على نطاق أوسع في دونباس، مثلما حدث مرتين قبل ذلك”.
وأضاف: “الحل السلمي للنزاع في أوكرانيا الذي استمر منذ عام 2014 لم يناسب الغرب، ولهذا السبب تم رفض التسويات التي تم التوصل إليها في محادثات اسطنبول وتعطيل الاتفاقات بتعليمات مباشرة من الدول الغربية”.
وأوضح أن “جمهوريات دونباس والمناطق الأوكرانية المحررة طلبت من روسيا دعم الاستفتاءات لتقرير مصيرهم، وستبذل موسكو قصارى جهدها لضمان الأمن والسلامة لسكان تلك المناطق، وسندعم القرار بشأن مستقبلهم الذي ستتخذه أغلبية سكان منطقتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وزاباروجيه وخيرسون”.
وكانت المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا في أوكرانيا قد أعلنت أمس الثلاثاء عن خطط لإجراء ما وصف باستفتاءات شعبية عاجلة حول موضوع الانضمام إلى روسيا، وذلك بعد قرابة سبعة أشهر من الغزو الروسي للبلاد.
التلويح بالنووي
وتطرق بوتين في خطابه إلى ما وصفه بالتهديدات الغربية لروسيا قائلًا: “كانت هناك تصريحات في الدول الغربية حول ضرورة تفكك الاتحاد الروسي إلى مجموعة من المناطق والأطراف المتصارعة، كما حدث مع الاتحاد السوفييتي في عام 1991”.
وأضاف: “هدف الغرب هو إضعاف وتقسيم وتدمير بلادنا في نهاية المطاف، وقد أوقفت روسيا دائمًا أولئك الذين يسعون إلى السيطرة على العالم وستفعل ذلك مرة أخرى الآن. كما ستتخذ روسيا خطوات عاجلة للحفاظ على استقلالها.
ووجه بوتين تحذيرًا شديد اللهجة للغرب قائلًا إن “سنستخدم كل الوسائل المتاحة لنا للدفاع عن روسيا وشعبنا”، وذلك في إشارة واضحة إلى لاستخدامه المحتمل للأسلحة النووية.
وأضاف: “هذه ليست خدعة! يمكن لمواطني روسيا التأكد من ضمان وحدة أراضي وطننا واستقلالنا وحريتنا. أولئك الذين يحاولون ابتزازنا بالأسلحة النووية يجب أن يعلموا أن الرياح السائدة يمكن أن تنقلب في اتجاههم”.
وتابع: “يتحدث بعض السياسيين الغربيين عن استخدام الأسلحة النووية ضد روسيا. أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بالإدلاء بمثل هذه التصريحات، أود أن أذكرهم بأن بلادنا لديها أيضًا أسلحة مماثلة، وفي بعض الحالات أسلحة أكثر حداثة من أسلحة حلف شمال الأطلسي. ومن أجل حماية شعبنا وحماية روسيا، سنستخدم بالتأكيد كل الوسائل المتاحة”.
خسائر روسيا
وتأتي تصريحات بوتين بعد أيام على إعلان أوكرانيا عن تحقيق جيشها انتصارات ملموسة على الأرض واستعادة مساحات واسعة من الأراضي التي احتلتها القوات الروسية في مناطق شمال شرقي البلاد، فيما وتوقف التقدم الروسي بأوكرانيا في الأشهر الأخيرة. وفقًا لموقع “بي بي سي“.
وقال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو في تصريحات متلفزة إن 5397 جنديا روسيا قتلوا منذ بدء الصراع، وهو أول تحديث روسي بشأن أعداد الضحايا منذ ما يقرب من 6 أشهر.
ونفى شويغو تأكيدات أوكرانيا وحلفائها بأن روسيا تكبدت خسائر فادحة في حملتها التي استمرت سبعة أشهر، وقال إن 90% من الجنود الروس المصابين عادوا إلى خط المواجهة.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد قالت في أغسطس إنها تعتقد أن ما بين 70 و80 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا، وفي يوليو قدر عدد القتلى في روسيا بنحو 15 ألفا.
ردود فعل دولية
وأثارت تصريحات بوتين ردود فعل دولية عدة، حيث اعتبرت السفيرة الأمريكية لدى أوكرانيا، بريجيت برينك، أن إعلان بوتين، “التعبئة الجزئية” دليل “ضعف وفشل روسي”. وفقًا لشبكة (CNN).
وقالت برينك في تغريدة على تويتر: “الاستفتاء على استقلال المناطق المحتلة والتعبئة دليلان على ضعف وفشل روسيا”، حسب قولها.
وتابعت بالقول: “لن تعترف الولايات المتحدة أبدا بسيطرة روسيا على مناطق أوكرانية قامت موسكو بضمها، وسنواصل الوقوف إلى جانب أوكرانيا مهما كان الظرف”.
فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إن الولايات المتحدة لن تعترف أبدا بالتصويت، واصفا العملية برمتها بأنها “إهانة لمبادئ السيادة وسلامة الأراضي الأوكرانية”.
من جانبه علق وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، على قرار التعبئة الروسي لدعم الحرب قائلًا إنه يظهر فشل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكتب والاس في بيان نشرته وزارة الدفاع البريطانية على تويتر: “لقد أرسل هو ووزير دفاعه عشرات الآلاف من مواطنيهم إلى حتفهم. لديهم سوء تجهيز، وسوء قيادة”.
وأضاف: “لا يمكن لأي قدر من التهديدات والدعاية أن يخفي حقيقة أن أوكرانيا تربح هذه الحرب، وأن المجتمع الدولي متحد وأن روسيا أصبحت منبوذة عالميا”.
واعتبر حلف الناتو أن تصريحات بوتين حول إعلان التعبئة والخطط لإجراء الاستفتاءات في المناطق الأوكرانية تشير إلى تصعيد للحرب.
وانتقد المستشار الألماني، أولاف شولتز، الخطط الروسية للتصويت “الزائف”، بينما وصفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنها “محاكاة ساخرة” للديمقراطية، وناشد الدول المحايدة تغيير موقفها من الحرب، قائلا إن الصمت أو التواطؤ “خطأ تاريخي”.
وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في بيان إن أي استفتاء تخطط له القوات الغازية يتعارض مع القانون الدولي ولن يكون له قوة قانونية.