
يحتفل العالم يوم 15 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للديمقراطية، والذي يعتبر فرصة لاستعراض حالة الديمقراطية في العالم.
وأنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم الدولي في عام 2007، بهدف تعزيز مبادئ الديمقراطية والتمسك بها، ودعت جميع الدول الأعضاء والمنظمات للاحتفال به بطريقة مناسبة تساهم في رفع الوعي العام بالديمقراطية.
وتعيد هذه المناسبة التأكيد على أن الديمقراطية هي قيمة عالمية تستند إلى إرادة الناس التي يتم التعبير عنها بحرية لتحديد أنظمتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومشاركتهم الكاملة في جميع جوانب الحياة.
وكانت أزمة كورونا قد تسببت في ظهور تحديات وتهديدات كبيرة للديمقراطية على مستوى العالم، حيث تراجعت الديمقراطية خلال الثلاث سنوات الماضية أكثر من أي وقت مضى، وتقلصت الحريات المدنية، وتزايد الشك والتضليل والتغليط، بينما توسعت التهديدات لحرية الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام يومًا بعد يوم.
حرية وسائل الإعلام
وفقًا للموقع الرسمي للأمم المتحدة سيركز يوم الديمقراطية هذا العام على أهمية حرية وسائل الإعلام بالنسبة للديمقراطية والسلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
فوسائل الإعلام الحرة والمستقلة والمتعددة والقادرة على تثقيف الجمهور بالأمور ذات الاهتمام العام، هي عنصر أساسي لتحقيق الديمقراطية، وهي التي تُمكّن الجمهور من اتخاذ القرارات المستنيرة ومساءلة الحكومات.
وعندما تتعرض الحريات الإعلامية للتهديد فإن ذلك يتسبب في خنق تدفق المعلومات أو تحريفه أو قطعه تمامًا. ويواجه الصحفيون على نحو متزايد في جميع أنحاء العالم قيودًا على قدراتهم على العمل بحرية فضلا عن مخاطر تأثيرها في حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية على أن الديمقراطية لا يمكن أن تحيا بدون حرية الصحافة وحرية التعبير.
فعاليات 2022
للاحتفال باليوم العالمي للديمقراطية هذا العام، يتعاون مكتب الأمم المتحدة للشراكات مع صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية لاستضافة مناقشة حول أهداف التنمية المستدامة.
وستظهر المناقشة كيف أن صون حرية وسائل الإعلام هو عنصر حاسم في تحقيق الديمقراطية السليمة. وعلاوة على ذلك، ستحث المناقشة على تحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة المعني بالسلام والعدل والمؤسسات القوية.
ويركز الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة على حماية المؤسسات الديمقراطية، بما في ذلك:
– تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، وضمان تكافؤ فرص وصول الجميع إلى العدالة.
– الحد بدرجة كبيرة من الفساد والرشوة بجميع أشكالهما.
– إنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات.
– ضمان اتخاذ القرارات على نحو يستجيب للاحتياجات، ويشمل الجميع، ويضمن مشاركتهم وتمثيلهم على جميع المستويات.
– كفالة وصول الجمهور إلى المعلومات وحماية الحريات الأساسية، وفقاً للتشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية.
تراجع حرية الصحافة
تؤكد منظمة اليونسكو أن 85% من سكان العالم شهدوا تراجعًا في حرية الصحافة في بلادهم خلال السنوات الخمس الماضية.
وتواجه وسائل الإعلام على مستوى العالم بشكل متزايد هجمات على أرض الواقع وعبر الإنترنت، مما يزيد من ممارسات الاحتجاز واستخدام قوانين التشهير ضد الصحفيين، فضلًا عن استخدام قوانين الأمن السيبراني أو القوانين المتصلة بخطاب الكراهية للحد من التعبير على الإنترنت؛ والاستخدام المتزايد للدعاوى القضائية وتقنيات المراقبة؛ لاستهداف تلك الوسائل وإعاقة عملها.
وأظهرت أزمة كورونا كذلك كيف أصبح الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى لوسائل الإعلام لكي تقوم بدورها في جمع المعلومات وتقييم الحقائق ومكافحة التضليل والشائعات، وكذلك أهمية ضمان السلامة والأمن على الإنترنت.
وتتأثر الصحفيات بشكل خاص بكل ذلك التداعيات، فقد وجدت اليونسكو والمركز الدولي للصحفيين أن 73% من إجمالي 714 صحفية في 125 دولة أكدن تعرضهن للعنف عبر الإنترنت أثناء عملهن.
ويومًا بعد يوم، أصبحت محاولات إسكات الصحفيين أكثر جرأة، وهم غالبًا من يدفعون ثمنًا باهظًا. ومنذ عام 2016 حتى نهاية عام 2021، سجلت اليونسكو مقتل 455 صحفيًا أثناء أداء أعمالهم.
وتصادف احتفالية هذا العام باليوم العالمي للديمقراطية مع الذكرى السنوية العاشرة لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب. ولايزال هناك الكثير مما يمكن القيام به لتعزيز وتنفيذ هذه الخطة بوصفها إطارًا للتنسيق بين أصحاب المصلحة المتعددين لحماية الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد حث في رسالته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الحكومات والمنظمات الإعلامية وشركات التكنولوجيا في كل مكان على دعم عمل وسائل الإعلام والقيام بدورها في مواجهة السلطات بالحقائق، وكشف الأكاذيب، وبناء مؤسسات ومجتمعات قوية ومرنة.
معلومات أساسية
يتيح اليوم العالمي للديمقراطية الفرصة لاستعراض حالة الديمقراطية في العالم. فالديمقراطية هي عملية بقدر ما هي هدف، ولا يمكن للديمقراطية أن تتحول إلي حقيقة واقعة يحظي بها الجميع في كل مكان إلا بالمشاركة الكاملة والدعم من قبل المجتمع الدولي والهيئات الحاكمة الوطنية والمجتمع المدني والأفراد.
وحرية التعبير هي حق أصيل من حقوق الإنسان، حيث تنص عليها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إلا أن هناك كثيرون في كافة أنحاء العالم يسعون إلى إعاقة سبل الحصول على تلك الحرية.
وتنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.