حصاد مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية خلال عام 2018
أجرى الحوار: سامح الهادي– أعده للنشر: هارون محمد
تزايدت في الآونة الأخيرة الأوضاع المعيشية الصعبة لملايين من البشر نتيجة الكوارث الطبيعية، والتغيرات المناخية، واندلاع الحروب، وتفاقم الأمر في منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي، مما أدى إلى ارتفاع عدد الدول التي يعيش سكانها تحت خط الفقر.
وكشف تقرير “مؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد”، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع “مبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية”، أن 1.3 مليار شخص في 104 دول يُصنَفون على أنهم تحت خط الفقر، ومن بين هؤلاء 662 مليون طفل دون سن الـ18 عامًا.
من هنا تبرز أهمية دور منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإغاثية في مساعدة الناس على مواجهة هذه الأوضاع الصعبة. ومن بين هذه المؤسسات مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية، التي تقوم بدور هام في مساعدة المحتاجين، وتسعى لتوفير سبل الحياة الأساسية لهم والتخفيف من معاناتهم.
للحديث عن جهود المؤسسة وانجازاتها خلال عام 2018، استضاف الإعلامي سامح الهادي، المدير الإداري لمؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية، الأستاذ علاء أبو رحمة، عبر بث مباشر على صفحة “راديو صوت العرب من أميركا” على الفيس بوك، وذلك من مقر مكتب المؤسسة الذي يثري الجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية، وينقل مساعداتهم، ويتواصل مع مناطق الاحتياج لتقديم الدعم والمساندة.
خبرة إغاثية
* أستاذ علاء، نرجو في البداية أن تعطينا فكرة عن نشأة المؤسسة وطبيعة عملها؟
** مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية هي مؤسسة خيرية إنسانية غير ربحية ذات خبرة كبيرة في العمل الإغاثي والتنموي، تمتد لأكثر من 26 عامًا، فقد تأسست في عام 1992 من قبل المعنيين المهنيين العرب الأميركيين، وتهدف لتوفير المساعدات الإنسانية للشعوب التي تعاني من ظروف صعبة بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين والخلفية الثقافية.
فهناك بعض مواطني الدول النامية تفتقر حياتهم إلى أقل الاحتياجات الأساسية، ولا يملكون لوازم الحياة الطبيعية الموجودة لدينا، فعلى سبيل المثال: ما نعتبره هنا في الولايات المتحدة الأميركية من الكماليات يعتبرونه هم من الأساسيات لديهم.
وعلى مدى السنوات الماضية، كانت مؤسسة الحياة قادرة على توزيع المساعدات الإنسانية ومساعدة الفقراء والمحتاجين في عدد من البلدان مثل أفغانستان، غانا، هايتي، العراق، الأردن، لبنان، باكستان، الأراضي الفلسطينية، سيراليون، سوريا، اليمن، والولايات المتحدة، وغيرها من البلدان.
كما أننا بصدد القيام بعمليات الإغاثة المستعجلة في أماكن الكوارث، ونقوم أيضًا بالمشاريع التنموية لرفع مستوى المعيشة لمساعدة السكان المحليين للاعتماد على أنفسهم، ومجابهة الكوارث التي يمكن أن تحدث. وللأسف كان عام 2018 حافلًا بالكوارث، وقمنا بتغطية عدد كبير من هذه الكوارث سواءً كانت محلية في الولايات المتحدة أو في أكثر من 48 بلد حول العالم.
فريق العمل
* وماذا عن فريق العمل لديكم والذي يقوم بهذا الجهد الكبير الذي نلمسه في أكثر من 40 دولة حول العالم، فكم عدد العاملين في مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية؟
** لدينا في المكتب الرئيسي 18 موظفًا فقط، وقد يبدو فريق العمل صغيرًا في العدد، لكنه كبيرًا في الجهد والعطاء، وأوجه تحية للشباب لجهدهم الجبار الذي يقومون به في الولايات المتحدة، ولا ننسى الجندي المجهول، وهو فريق العمل من العاملين على الأرض الذي يسير أحيانًا على قدميه من 4 إلى 8 ساعات في الصحراء ليقدم المساعدة لقرية أو بلد منكوب أو لشخص معين بحاجة لمساعدة.
كما أن أسلوب تعامل الشباب مع الأشخاص الذين هم بحاجة إلى مساعدة، أسلوب حضاري جدًا. فنحن لا نغلق الباب في وجه أي شخص يطلب المساعدة؛ لأننا مسئولون مسؤولية كاملة عن تبرعات الأخوة المتبرعين التي يعطونها لنا لتقديم المساعدة، ونحن مجرد حلقة وصل بين المتبرع والمحتاج فقط لا غير، وكل ما نتمناه من الناس هو أن يقدموا لنا مساعدات أكثر حتى نصل إلى محتاجين أكثر.
وكما تعلم فإن العمل التطوعي مردوده المادي ضئيل، وليس كافيًا كمقابل للقيام بهذه الوظيفة، لذلك فإن لم تحبها فلن تعمل بها، لكن حتى وإن كان المردود المادي قليل فإن ثواب هذا العمل كبير جدًا، وهذا ما نسعى له جميعًا، سواء المتبرعون أو فريق مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية.
إنجازات في المجال الإغاثي
* حققتم العديد من الإنجازات في المجال الإغاثي خلال عام 2018، هل لك أن تحدثنا عن بعضها؟
** على المستوى المحلي، شهد عام 2018 حدوث بعض الكوارث، ففي الولايات المتحدة قمنا بتلبية نداء الواجب خلال الإعصار الذي حدث في سانت فلورنس وإعصار مايكل، حيث تواجد طاقم مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية على الأرض، من خلال توزيع مياه للشرب، ومواد الإغاثة، والإسعافات الأولية في أماكن التطهير، وكذاك تقديم الوجبات الساخنة، لأن بعض المناطق قطعت عنها الكهرباء والمياه.
* هل كنتم تقومون بهذا الجهد بشكل منفرد، أم كنتم تنسقون مع باقي مؤسسات العمل المدني والإغاثي التي تعمل في نفس المكان؟
** في العمل الإغاثي لا نستطيع أن نعمل بمفردنا طبعًا. فلابد أن يكون لدينا كمية من المتبرعين والمتطوعين، وغالبًا ما يكون المتطوعون من المؤسسات المحلية الموجودة على أرض الكوارث، بحيث يكون لديهم إطلاع أوسع، ويقومون بإرشاد وتوجيه الفريق في توزيع المساعدات لتحقيق أقصى فائدة ممكنة في المناطق الأكثر احتياجًا.
* وماذا عن جهودكم على المستوى الدولي؟
** على المستوى الدولي قمنا خلال شهر رمضان الماضي بتوزيع سلال غذائية على أكثر من 13 ألف عائلة، كما قمنا بعمل أكثر من 28 ألف إفطار للصائمين، بالإضافة إلى مشروع الأضاحي، حيث قمنا بتوزيع حصص الأضاحي المتنوعة لتغطي أكثر من 3 مليون نسمة، في أكثر من 48 دولة حول العالم.
مشاريع تنموية
* تقومون أيضًا بجهود تنموية في العديد من المناطق المحتاجة، أليس كذلك؟
** نعم، ومن هذه المشاريع حفر الآبار في المناطق التي لا تتوافر فيها المياه، وإنشاء مراكز اجتماعية لتنمية الشباب، وإنشاء مراكز عبادة. ونقوم أيضًا بمشروع لتوزيع سماعات الأذن على المحتاجين من ضعاف السمع في بعض الدول النائية، ويقوم بتنفيذ هذا المشروع طاقم طبي يعملون كمتطوعين من أميركا، وقمنا بهذا المشروع للسنة الثالثة على التوالي في الأردن ولبنان وفلسطين.
الأزمة السورية
* لكم أيضًا جهود إغاثة للشعب السوري واللاجئين.. حدثنا عنها.
** نحن من أوائل المؤسسات التي لبت نداء الواجب تجاه الأزمة السورية، سواًء من حيث العمل على الأرض داخل سوريا، أو في مخيمات اللاجئين في الأردن، ولبنان، وتركيا. فقد تبنت مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية تأسيس أول مدرسة للاجئين السوريين، وتتميز بأن جميع المعلمين والإداريين والطلاب فيها هم من اللاجئين من المخيمات الثلاثة الموجودة في منطقة عرسال. كما كانت هذه المدرسة بمثابة نقطة أو مركز للمؤسسة تقوم من خلالها بتوزيع احتياجات اللاجئين السوريين في منطقة عرسال. كما قمنا بنفس العمل في مخيم الأمعري في الأردن، بالإضافة إلى برنامج لتوزيع سماعات الأذن.
* ما قمتم به من إنشاء هذه المدرسة يعتبر نموذجًا متقدمًا وحقيقيًا من حيث فكرة التنمية، فما يتعرض له المجتمع والشعب السوري من أزمة إنسانية سيترك أثرًا كبيرًا على الأجيال القادمة، ومحاولاتكم في توفير سبيل للتعليم لمن فقدوا هذه الفرصة، ولو بشكل مبدئي، هو أمر تشكرون عليه.
دعنا ننتقل إلى منطقة أخرى من المناطق التي تغطيها جهودكم الإغاثية والإنسانية وهي أفريقيا، كيف تعملون هناك في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها الناس؟
** نسعى لتوفير احتياجات الأخوة في أفريقيا، وإن كانت احتياجاتهم غريبة على المجتمع الذي نعيش فيه هنا، كأن نعطي بقرة لعائلة مثلاً، لأن هذه البقرة يمكن أن تعيل عائلة بالكامل، حيث يمكن استعمال حليبها ومشتقاته وتجهيزه وبيعه، كما يمكن استخدامها في أعمال الحقل كالحراثة.
ونحرص في أفريقيا على إنشاء مركز اجتماعي، وهو عبارة عن مدرسة بجانبها مسجد لرعاية الأطفال وأهل المنطقة أو القرية، كما نقوم بحفر الآبار لتوفير المياه للأهالي، ومساعدتهم في تربية المواشي لديهم. وقد قمنا بحفر أكثر من 73 بئرًا خلال عام 2018 في أكثر من 7 أو 8 دول في أفريقيا، وأوروبا الشرقية، وفي أفغانستان.
مساعدات أخرى
* هل تقدمون أشكال أخرى من المساعدات؟
** نعم، فنحن نستقبل تبرعات عينية من مؤسسات كبيرة جدًا، وتتكون هذه التبرعات من أدوية أو معدات طبية أو كتب أو كمبيوترات، وخلال هذا الشهر تم إرسال 7 حاويات من المواد العينية إلى العراق، وكانت جميعها عبارة عن مستلزمات طبية وأثاث مدرسي، و4 حاويات إلى السنغال، و3 حاويات إلى جيبوتي، وتحتوي هذه الحاويات على مساعدات غذائية محفوظة كالأرز مع صلصة تحتوي على البروتينات لتحافظ على البنية الجسدية، وحاوية إلى غانا، و9 حاويات إلى الضفة الغربية في فلسطين، وحاويتين إلى أوغندا، وحاوية إلى لبنان. وفي أميركا وزعنا أثاث مدرسي على بعض المدارس حوالي 24 حاوية.
وفي هذا العام توسعنا في افتتاح مكاتب لنا لكي نتمكن من جمع المزيد من التبرعات سواء المادية أو العينية وكذلك إيصال المساعدات، حيث تم افتتاح مكتب للمؤسسة في مدينة آناهايم بكاليفورنيا لكونها ولاية كبيرة، وبحاجة لمندوب يتواجد هناك لتغطية الساحل الغربي، وكذلك هناك مكتب في مدينة هايتي بالولايات المتحدة.
المساعدات للجميع
* هل تقتصر خدماتكم ومساعداتكم على المسلمين فقط؟
** لا طبعا، فنحن مؤسسة خيرية لا تفرق بين أي دين أو عرق أو لون، فنحن نقدم المساعدات للجميع كخدمة إنسانية مجردة، بغض النظر عن هوية المتلقي. فمثلًا عند توزيعنا الوجبات الغذائية للمحتاجين لا نسأل من أين أنت؟، أو ما هو دينك؟
** افتتحنا مكتبًا في هايتي في الولايات المتحدة لكي يقوم بسد احتياجات أهل المنطقة هناك، أيًا كانوا، خصوصًا عند حدوث الهزة الأرضية في تلك المنطقة، فهذا خير دليل على عدم تفريقنا، فنحن هنا لا نغلق باب مساعدتنا في وجه أي شخص يطلب المساعدة، سواء كان في هايتي أو في أي بلد آخر.
وهذا يؤكد أن الواجهة الإسلامية لمؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية لا تعني بأي حال من الأحوال أن هناك مرجعية تمييز وتفريق بين متلقي الخدمات، فهذه الواجهة الإسلامية فقط تؤكد على الهوية والطبيعة الإنسانية الحقيقية للدين الإسلامي.
معوقات
* أستاذ علاء.. ما هي أهم المعوقات التي تعانون منها في عملكم الإغاثي والإنساني؟
** أهم هذه العوائق هو شُح الموارد المالية، فنحن بحاجة لتمويل دائم. فلدينا الآن في مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية أكثر من 5 آلاف يتيم حول العالم، وهؤلاء إذا توقف تمويلهم أو كفالتهم فسيكون هذا عبئًا كبيرًا جدًا على المؤسسة، وأتمنى من الجميع المبادرة والمساهمة في توفير هذه المساعدات عن طريق التبرع التمويل المالي.
ومن المعوقات التي نواجهها أيضًا العوامل البيئية والصراعات، فقد كنا نود الذهاب إلى غزة وبسبب الوضع الأمني الخطير جدًا لم نستطع، وهناك مناطق مثل اليمن يكون التواجد فيها صعبًا جدًا، لكننا نبذل كل جهد ممكن من جانبنا لإيصال المساعدات إلى هناك.
مشاريع المستقبلية
* وماذا عن مشاريعكم المستقبلية؟
** هناك خطط للعام القادم إن شاء الله لتوسيع عدد المكاتب من أجل تحقيق الانتشار، وحاليًا نحن بصدد افتتاح مكتب في مدينة تلس بولاية تكساس.
وهناك مشاريع موسمية لها وقت معين لا نستطيع الاستغناء عنها، مثل مشروع رمضان، ومشروع الأضاحي، والعودة إلى المدرسة، والإغاثة الشتوية، فكل هذه مشاريع ثابتة، وإذا تعرضنا لكوارث طبيعية سيكون علينا تلبية نداء الواجب، ولدينا أيضًا المواد العينية.
رسالة إغاثية
* نعلم أن التمويل مهم جدًا بالنسبة لكم، وهذه رسالة نوجهها لمتابعينا الأعزاء، فما يقدمونه من دعم هو دائمًا محل تقدير، ولا تستصغروا شيئًا، فمهما بدا لكم ما تتبرعون به قليل، أو اعتقدتم أنه لن يؤثر في شيء، فتأكدوا أنه مهم ويؤثر رغم قلته. قبل أن نختم أستاذ علاء هل تود كلمة لمتابعينا؟
**طبعًا، كل عام وأنتم بخير بمناسبة نهاية العام وموسم الأعياد، وأحب أن أوجه تحية إلى كل من ساهم معنا من مؤسسات وأشخاص خلال الأعوام الـ 26 سنة الماضية منذ أن تأسست مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لمشاهدة الحلقة عبر اليوتيوب :