الراديورمضان

ليلة القدر.. معناها وأثرها وكيف نحييها ونفوز بها؟

أجرى الحوار: سامح الهادي ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

فرصة جديدة للفوز بليلة القدر تستحق أن نحرص عليها، لأنها قد لا تتكرر مرة أخرى، فهي ليلةٌ خير من ألف شهر، ومن أحياها بالطاعة والعبادة وتقبلها الله منه، فكأنما فاز بثواب عبادة وطاعة 83 عامًا، وكان من الفائزين بعفو الله ومغفرته والعتق من النار والفوز بنعيم الجنة.

لقاء هام حول ليلة القدر، وكيفية الاستعداد لها وإحيائها والفوز بها، مع فضيلة الدكتور شادي ظاظا، رئيس فرع الجامعة الإسلامية بديترويت وعضو الهيئة الإسلامية العالمية للعلماء المسلمين، ومؤسس منظمة رحمة الإغاثية حول العالم.

فضل العشر الأواخر
في بداية الحلقة، تحدث الدكتور شادي ظاظا عن فضل العشر الأواخر من شهر رمضان، حيث أن هذه الأيام لها خصوصية وأهمية كبرى عند الله عز وجل، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ”، فكأنها موسم يريد الرسول (ص) منا أن نستثمره، ونجد ونجتهد خلاله في طاعة الله، والإنسان المؤمن يدرك بأن هناك خصوصية وأهمية كبيرة لهذه الأيام.

وأضاف ظاظا أن الإنسان المؤمن العاقل يجب أن يعرف جيدًا سبب وجوده في هذه الحياة، فهو قد خُلِقَ من أجل أن يعبد الله، والدليل قول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، فالإنسان من دون عبادته لله لا معنى لحياته، والعشر الأواخر من رمضان هي أوقات فيها نفحات من الله، ولا يجب على المسلم أن يفوت هذه النفحات.

ولفت ظاظا إلى أن هناك تعريفات عديدة للسعادة والنجاح، ولكن السعادة الحقيقية هي التي يحصلها الإنسان ويحافظ عليها، والسعادة الحقيقية هي ان يتصل الإنسان باله ويحافظ عليها، وفي العشر الأواخر من رمضان يمكن أن تحصل على هذه السعادة عبر ليلة القدر.

موعد ليلة القدر
حول احتفال غالبية المسلمين بليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان، وكيفية حساب العشر الأواخر من رمضان إذا ما اختلفت رؤية الهلال من دولة إلى أخرى، قال د. ظاظا: “إن الله سبحانه وتعالى هو رب المشارق والمغارب، وفي هذا دليل على اختلاف الأزمنة، والله محيط بالزمان والمكان، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم توقيت ليلة القدر، وهو الذي يوفق العبد إليها إن شاء”.

وأشار ظاظا إلى أن ليلة القدر ليست ليلة السابع والعشرين من رمضان، وإنما هي ليلة تأتي للعبد الموصول مع الله طوال العام، وتأتيه في شهر رمضان حين يتجلى الله على قلبه، فهي نتيجة عمل سنة كاملة للإنسان، وهو يُوفق في تلك الليلة كي تفتح أبواب الرحمة أمامه، وهذا هو الإيمان، فهو ليس آني لحظي، وإنما رحلة طوال العمر.

الإنسان.. مُسيّر أم مخيّر؟
حول ما إذا كان الإنسان مُسيّر أم مخيّر في هذه الدنيا، قال الدكتور ظاظا إن الله تعالى يقول في كتابه “بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”، فالله لا يريد أن يُشقي أحدًا، فالله لو أراد أن يعذبنا لعذبنا ولما راجعه في ذلك أحد، ولكنه سبحانه قد تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، وقال تعالى “مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا”.

وأضاف أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من أجل أن يسعده ويطمئنه، وهناك حلاوة وسعادة في معرفة الله والتواصل معه من خلال الأعمال الصالحة المتعددة، فمثل هذه الأعمال هي التي تجعل لحياة الإنسان معنى.

عبادات ليلة القدر
أشار الدكتور ظاظا إلى أن هناك من العبادات التي تعادل الكثير من الثواب، خصوصًا في ليلة القدر والعشر الأواخر من رمضان، قال تعالى “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”، التنزيل هنا كان للقرآن الكريم، لذا على الإنسان أن يعرف حكمة التنزيل، وأن يعي ويعمل بما في هذا الكتاب العظيم، وأن يعرف الخالق، وتستقر عبادته في قلبه بصورة راسخة.

وأشار إلى أن رمضان هو شهر عبادة، وليس شهر ترفيه وتلفزيون ومسلسلات، فيجب الامتناع عن المحرمات والأمور التي تلهي عن العبادة، ففي رمضان لا يكون الامتناع عن الأكل والشرب فقط، بل الامتناع عن كل ما يغضب الله أيضًا من باب أولى، وهذا ينطبق على كل شهور العام، وليس رمضان فقط.

ولفت الدكتور ظاظا إلى وضع الحرية الدينية في ممارسة الشعائر الدينية الإسلامية والأمان الموجود في الولايات المتحدة حاليا، وهو ما يميزها عن غيرها من الدول.

وفي الختام وجّه الدكتور ظاظا رسالة بعدم تفويت رمضان كفرصة عظيمة لنيل الأجر والثواب، خاصةً وأن شهر رمضان يمرّ سريعًا، لذا يجب ألا يزهد الإنسان في الطاعة والعبادات.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى