تقرير: الاحتباس الحراري سيقتل الكثيرين ويهدد الأمن الغذائي في أمريكا الشمالية

ترجمة: فرح صفي الدين – بعد ثلاث سنوات من دراسة أحدث العلوم المناخية، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC)، تقريرًا يفيد بأن آثار الاحتباس الحراري العالمي قد ألقت بظلالها على أمريكا الشمالية لتصبح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، بحسب ما نشرته صحيفة USA TODAY.
كشف التقرير أن التغير المناخي قد يؤدي إلى وفاة المزيد من الأشخاص في أمريكا الشمالية وبعض أجزاء من العالم، خاصة مع تزايد موجات الحر الشديدة والأعاصير والفيضانات. كما يهدد ارتفاع مستوى سطح البحر المجتمعات الساحلية والنظم البيئية.
أكد الخبراء، خلال لجنة مناقشة النتائج التي توصلوا إليها، أن الأضرار المناخية لم تعد تقتصر على المناطق الحارة فحسب. وأن الأمور ستسوء في حال لم يتم اتخاذ إجراءات فورية للتكيف مع انبعاثات الغازات الدفيئة ومعالجتها.
وقالت شيريل هاربر، الأستاذة بكلية الصحة العامة بجامعة ألبرتا الكندية: “بدأت تأثيرات تغير المناخ في أمريكا الشمالية تحدث بشكل أسرع، وستصبح أكثر حدة مما كنا نظن”.
وافقتها راشيل بيزنر كير، أستاذة التنمية العالمية في جامعة كورنيل بنيويورك، الرأي قائلة: “لا أحد بمنأى عن التغيرات المناخية، فكلما زاد الاحترار ستزيد مخاطره، وبالتالي كلما استطعنا تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري كلما قلت حدة آثارها”.
أسهب العلماء في تفاصيل عواقب الطقس الحار وتأثيره السلبي على النظم البيئية وعلى سلامة المواطنين الجسدية والعقلية. لكن الأمل يكمن في الاهتمام بتقديم الحلول الممكنة، فهناك الكثير من الفرص للتخفيف من بعض النتائج الأكثر خطورة.
كما طرحوا البدائل مثل استخدام الأطعمة المنتجة محليًا والوجبات الغذائية النباتية ومحاولة استعادة النظم البيئية التي يمكنها تبريد درجات الحرارة وحجب الكربون عن الغلاف الجوي.
نتائج التقرير
صرح العديد من القائمين على إعداد هذا التقرير إن النتائج الوخيمة للاحتباس انتشرت بصورة أكثر سلبية وبشكل غير مسبوق منذ تشكيل اللجنة الحكومية الدولية في عام 1998.
ومن بين تلك النتائج وأهمها موجات الحر البحرية وزيادة سخونة مياه البحار خاصة على طول ساحل المحيط الأطلسي، والأعاصير القوية، والأمطار الغزيرة والفيضانات وانخفاض حجم ومدى الجليد البحري التي تقتل السلالات المختلفة. علاوة على موت الأشجار بسبب حرائق الغابات والجفاف وغزو الآفات، وانخفاض الإنتاج الزراعي منذ عام 1961.
ووفقًا للصحيفة، أعرب الباحثون عن قلقهم من تفاقم الأمور، مع حدوث تغييرات محتملة دائمة في النظم البيئية وبالتالي تزايد الأضرار الاقتصادية على البنية التحتية والإسكان وتعطيل سبل العيش.
ناهيك عن وجود مخاوف بشأن الأمن الغذائي حيث يمكن أن يؤدي المزيد من الاحترار لتقليل محاصيل القمح والذرة وفول الصويا. كما يتوقع العلماء انخفاض الإنتاج الحيواني وتدهور ظروف الصيد الترفيهي والتجاري.
قال عالم المناخ مايكل أوبنهايمر، وهو محرر أحد فصول التقرير، إن أسوأ النتائج ستقع على الفئات الضعيفة التي لا تمتلك نظام غذائي جيد أو وظائف جيدة أو حتى رأس مال لتحسين منازلهم.
وأضاف: “إن أي نسب من الاحترار في الأجزاء الأكثر دفئًا من البلاد على طول ساحل الخليج والتي تعاني بالفعل من الأعاصير المميتة وارتفاع مستوى سطح البحر، تعني ارتفاع المخاطر التي تودي بحياة عدد أكبر من الأشخاص”.
آليات إبطاء التغيرات المناخية
قال مؤلفو التقرير إننا بحاجة لاتخاذ تدابير حاسمة وسريعة لتجنب الاضطرابات المستقبلية. فمثلًا قالت جورجيا سيلفيرا سيمانز، مسؤولة زراعة الغابات بنيويورك، أنها مرتاحة لوجود بعض البدائل في مقابل الأضرار. وأنها توصلت إليها بحكم عملها في التشجير وأن من شأنها المساعدة في توسيع رقعة المساحات الخضراء والأشجار وتوعية الشباب.
كما يمكن أن تؤدي زراعة نباتات متنوعة بيولوجيًا في حدائق المدينة إلى خفض درجات الحرارة، مع تقليل الفيضانات بتقليص معدل جريان المياه. كما ستعزز هذه الحدائق الراحة العقلية والجسدية للسكان من خلال توفير أماكن للتنزه واللعب.
كما تخطط السيدة سيمانز لاستخدام التقرير لإقناع المسؤولين المنتخبين لاتخاذ خطوات جادة في الوقت المناسب.
واختتمت: “نريد من صانعي السياسات التفكير في مدى خطورة تغير المناخ، وإدراك الدور الذي يمكن أن تلعبه الطبيعة والتنوع البيولوجي في التخفيف من بعض أسوأ جوانب هذا التغير”.
في الوقت نفسه أوضحت مجموعة العمل أن العديد من المدن تحرز تقدمًا ثابتًا ولكنه تدريجيًا بشأن قضية المناخ. لكن أحدهم أشار إلى أن بذل الجهود في أمريكا الشمالية والولايات المتحدة خصوصًا أصبح أكثر إلحاحًا نظرًا لتأخر تنفيذ التدابير المناسبة بسبب المعلومات المضللة حول علم التغير المناخي.
وبحسب الصحيفة، فعلى الرغم من الانقسام حول مدى تصديق الناس للأدلة العلمية، إلا أن إليزابيث غيلمور، أحد الضالعين بالتقرير والأستاذة بجامعة روتغرز، ترى اتفاق العلماء الآن على أشياء أكثر مما يختلفون بشأنها.
وعلقت قائلة: “يؤثر تغير المناخ على حياتنا كلها. فإذا ما تناولنا مثلًا السلامة والأمن البشري بطريقة تظهر ما لدينا من إمكانات، مع تحديد الخطوات الواجب اتخاذها لتوفير احتياجتنا، فسنستطيع قلب موازين الأمور بطريقة إيجابية”.