فن وثقافة

فيلم “لا تتركي أثرا”.. صاحب أعلى تقييم فني بين أفلام العام

عمان – محمود الزواوي

فيلم “لا تتركي أثرا” (Leave No Trace) هو فيلم أميركي درامي من إخراج المخرجة ديبرا جرانيك، التي اشتركت في كتابة السيناريو مع الكاتبة السينمائية آني روزيليني، استنادًا إلى كتاب “التخلي عني”، الذي صدر في العام 2010، وهو من تأليف الكاتب بيتر روك.

تم استقبال الفيلم بثناء كبير من جانب نقاد السينما حول العالم، وسجل معدل 100% في موقع تقييم الأفلام السينمائية الذي يضم أكبر عدد من نقاد السينما الأميركيين، وهو أعلى معدل يسجله أي فيلم من أفلام العام 2018.

عزلة تامة

الشخصيتان الرئيسيتان في فيلم “لا تتركي أثرًا” هما العسكري الأميركي المتقاعد الأب ويل (الممثل بين فوستر)، وابنته توم التي تبلغ من العمر 13 سنة (الممثلة النيوزيلندية توماسين ماكينزي).

ويعاني الأب من مرض اضطراب ما بعد الصدمة، الذي أصيب به خلال خدمته العسكرية في الحرب في العراق. وبعد وفاة زوجة الأب وأم ابنته عاش الأب وابنته في عزلة تامة على مدى عدة سنوات، في غابات صغيرة تقع خارج مدينة بورتلاند بولاية أوريجون الأميركية.

وهناك كان الأب يقوم بتعليم ابنته كيفية التأقلم مع طبيعة الغابات والعيش فيها، وذلك باستثناء دخولهما إلى المدينة لشراء المواد الغذائية الضرورية، حيث يعتمدان في الحصول على المال لشرائها عن طريق بيع الأدوية التي تمنحها القوات المسلحة الأميركية للمحاربين العسكريين المتقاعدين.

خروج إجباري

بمحض الصدفة يتم اكتشاف وجود الأب في الغابة، فيعتقله رجال الأمن هو وابنته توم، ويتم إحالتهما إلى الخدمات الاجتماعية، حيث يتم تقديم الطعام لهما، مع توفير منزل في مزرعة ليقيما فيه.

فيما تلتحق الابنة بإحدى المدارس وتنشئ صداقة مع الأطفال المحليين، إلا أن الأب ويل لا يشعر بالارتياح، ويقرر العودة مع ابنته إلى الغابة، رغم اعتراض الابنة على ذلك، حيث يقيمان هناك في كوخ مهجور.

وعند خروج الأب للبحث عن الطعام ذات يوم يتزحلق ويفقد وعيه، ثم تعثر عليه ابنته، وتستعين بالمارة، الذين يساعدونهما على العودة إلى المنزل الذي كانا يقيمان فيه في المزرعة، حيث يتلقى الأب العناية من ممرض عسكري متقاعد.

وتشعر الابنة بالارتياح لعودتهما إلى منزلهما، لكن الأب يصر على العودة إلى الغابة مرة أخرى وترفض الابنة ذلك. وبعد انتقال الأب إلى الغابة تواصل الابنة الإقامة في المنزل بمفردها. وفي نهاية الفيلم يتعانق الأب وابنته ويفترقان.

علاقة من نوع خاص

تتميز العلاقة بين الأب وابنته في الفيلم بأنها تخلو من الجدل أو المشاحنة، ويسود علاقتهما التفاهم والمسامحة، واغتنام الفرص المشتركة، والتعبير عن عواطفهما باستخدام عيونهما بشكل أساسي.

ويقدّم الفيلم حكاية قد تكون بسيطة في ظاهرها، لكنها في جوهرها غنية بالتفاصيل المُعبّرة، ومليئة بالأفكار التي تكمن ما بين السطور، والتي تحتاج إلى التأمل فيها.

مميزات الفيلم

وفيلم “لا تتركي أثرا” من الأفلام الأميركية المستقلة، ويتميز بقوة الإخراج، وسلاسة السيناريو، والتوازن بين القوة العاطفية والوقع الدرامي القوي، وبين بساطة الحكاية وقوة التشويق، وبراعة التصوير في تقديم العرض البصري الواقعي لمشاهد الفيلم، والتي تم تصوير معظمها وسط الغابات.

كما يتميز بالأداء الواقعي للممثلين، وفي مقدمتهم بطلا الفيلم الممثل بين فوستر، والممثلة الطفلة توماسين ماكينزي. وبذلت المخرجة وكاتبة السيناريو المشاركة ديبرا جرانيك جهودًا كبيرة في اختيار الممثلين المحترفين والهواة لهذا الفيلم، وفي إيجاد المواقع المناسبة لتصوير المشاهد من أجل تحقيق الأجواء الواقعية للفيلم.

ومخرجة الفيلم ديبرا جرانيك فنانة متعددة المواهب، تجمع بين الإخراج السينمائي والإنتاج وكتابة السيناريو والتصوير والمونتاج، وتم ترشيحها خلال مسيرتها السينمائية لحوالي 101 جائزة سينمائية، من بينها جائزة الأوسكار، وفازت بأربع وأربعين جائزة شملت عددًا من جوائز المهرجانات السينمائية.

عرض محدود

اشترك في إنتاج فيلم “لا تتركي أثرًا” 23 من مهندسي وفنيي التصوير وإدارة المعدّات الكهربائية، و12 في الإخراج الفني، و8 في المونتاج، و7 في قسم الصوت، و4 في المؤثرات الخاصة والبصرية، بالإضافة إلى 4 من مساعدي الإخراج.

وتم عرض الفيلم في 9 من دور السينما الأميركية فقط في أسبوعه الافتتاحي، ثم ازداد العدد إلى 361 من دور السينما خلال الأسابيع التالية، وذلك مقارنة بعدد من الأفلام الأميركية التي يتم عرضها في الافتتاح في أكثر من 4000 دار سينما بأمريكا. واقتصرت إيرادات الفيلم على 7 ملايين دولار.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين