فن وثقافة

أمريكا تودع سيدني بواتييه.. أول أمريكي أسود يفوز بالأوسكار

مروة الحمدي ودعت الولايات المتحدة سيدني بواتييه Sidney Poitier، أبرز نجوم هوليوود، ونعى العديد من المسؤولين والمشاهير بواتييه مؤكدين أنه كان ممثلًا رائدًا وملهمًا، خاصة وأنه أول من قام بتغيير النمط التقليدي للممثلين السود على الشاشة، وهو أول ممثل أسود يفوز بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل، وأول ممثل أسود يحقق إيرادات كبيرة في شباك التذاكر.

ووفقًا لوكالة “أسوشيتدبرس“، فقد توفى بواتييه الخميس الماضي بمنزله في لوس أنجلوس، عن عمر 94 عامًا، بحسب ما أعلنته لاتراي رامينج، مديرة الاتصالات لرئيس وزراء جزر البهاما. وقد أصدر صديقه المقرب هاري بيلافونتي بيانا يوم الجمعة يتذكر فيه أوقاتهم وذكرياتهم السعيدة معًا فقال: “لمدة 80 عامًا ضحكنا وبكينا سويًا، واقترفنا العديد من المصائب أيضا.. لقد كان حقًا أخي وشريكي في محاولة جعل هذا العالم أفضل قليلاً. من المؤكد أنه جعل عملي أفضل كثيرًا”.

أما الرئيس الأسبق باراك أوباما فقد نعاه عبر تويتر قائلا: “من خلال أدواره الرائدة وموهبته الفريدة، جسّد سيدني بواتييه الكرامة والاعتزاز، وكشف من خلال أفلامه قوة قربتنا لبعضنا البعض. كما فتح الأبواب لجيل من الممثلين. نرسل أنا وميشيل حبنا لعائلته ومعجبيه”.

فيما قال النجم الكبير مورجان فريمان، الحائز على جائزة الأوسكار، عبر تويتر: “إنه ملهمي ومرشدي وأيضًا صديقي”

أما المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري فقالت عبر انستجرام: “هو صديق وأخ ومحل للثقة ومعلم للحكمة”.

كما وجه عدد من نجوم هوليوود بينهم ووبي غولدبرغ وفيولا ديفيس وتايلر بيري رسائل مؤثرة تشيد بالفنان الراحل الذي أدى دورًا ملهمًا في تاريخ السود في السينما.

وكتبت غولدبرغ عبر تويتر: “مع الحب.. ارقد بسلام سير سيدني بواتييه.. لقد علمتنا كيف نبلغ النجوم”، في إشارة إلى عنوان أحد أشهر أفلام بواتييه بعنوان To sir ..with love

https://twitter.com/WhoopiGoldberg/status/1479478453699330054?s=20

من هو سيدني بواتييه؟

ولد سيدني بواتييه، في ميامي يوم 20 فبراير1927، وهو الابن الأصغر بين سبعة أطفال، وكان والداه من مزارعي الطماطم الذين غالبًا ما يسافرون من وإلى فلوريدا وجزر الباهاما.

ولأنه ولد قبل أوانه بعدة أشهر لم يتوقع والداه أن يعيش، فاستشارت والدته قارئة الكف التي خففت من مخاوفها وطمأنتها بشأنه.

وكان بواتييه قد ذكر هذه الواقعة في تصريحات تليفزيونية له عام 2013 قال فيها: “أمسكت السيدة بيد والدتي وبدأت تتحدث إليها قائلة: “لا تقلقي بشأن ابنك.. سوف ينجو”، وأضاف: “كانت هذه كلماتها؛ قالت: “سوف يمشي مع الملوك”. وفقًا لشبكة CNN.

كبر بواتييه والتحق بالجيش لفترة قصيرة، وعمل في عدد الوظائف الصغيرة أثناء دراسة التمثيل، واجتهد في مهنته المحببة ليصبح لاحقًا نجم المسرح والسينما.

تم ترشيح بواتييه للأوسكار لأول مرة عام 1958 عن دوره في فيلم “المتحدون” The Defiant Ones، وكان ترشيحه لأول مرة لجائزة الأوسكار في حد ذاته إنجازًا تاريخيًا لرجل أسود يرشح للجائزة المرموقة في دور البطولة.

وحصل بواتييه على الأوسكار كأفضل ممثل عن دوره في فيلم “زنابق الحقل” أو (Lilies of the Field)‏ عام 1963، والذي لعب فيه دور عامل يساعد راهبات ألمانيات في بناء كنيسة صغيرة في الصحراء.

ونال بواتييه جائزة الأوسكار الفخرية عام 2002 تقديرًا لـ”أدائه الاستثنائي” على الشاشة الفضية وشخصيته المفعمة بـ”العنفوان والأناقة والذكاء”.

وعلى التلفزيون، جسّد بواتييه شخصيات أيقونية في التاريخ المعاصر، بداية بالزعيم نيلسون مانديلا، أول رئيس أسود في جنوب أفريقيا، ثم  أدى دور أول قاض أسود في المحكمة العليا الأمريكية ثورغود مارشال.

وفي عام 1997، عُيّن بواتييه في منصب شرفي كسفير للبهاما لدى اليابان، كما نال عام 2009 ميدالية الحرية الرئاسية الأمريكية، أعلى مكافأة مدنية في الولايات المتحدة، على يد الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما.

بواتييه والعنصرية

جسد بواتييه قضية التمييز العنصري بصورة منتظمة على الشاشة الكبيرة، حيث مثل في عدة أفلام تناقش هذه القضية مثل “رقعة زرقاء” عام 1965، ثم “حرارة الليل” في العام التالي، الذي أدى فيه دور فيرجيل تيبس، وهو ضابط شرطة أسود يواجه العنصرية أثناء التحقيق في جريمة قتل. وتلاه فيلم “خمن من القادم إلى العشاء”، وفيه لعب دور رجل أسود يذهب لزيارة عائلة خطيبته البيضاء.

وقد كافحت أفلام بواتييه من أجل التوزيع في الجنوب، وكان اختياره للأدوار مقصورًا على ما ستنتجه الاستوديوهات التي يديرها البيض. على سبيل المثال، منعته من معظم الأدوار الرومانسية. لكن أدواره المهمة ساعدت الجماهير في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي على تصور السود ليس فقط كخدم ولكن كأطباء ومعلمين ومحققين.

في الوقت نفسه، كان هو الرجل الأسود الوحيد الذي يقود هوليوود في الستينيات من القرن الماضي، وقد تعرض لتدقيق شديد. وتم الترحيب به في كثير من الأحيان كرمز نبيل لعرقه، وتعرض لانتقادات من بعض السود الذين قالوا إنه خانهم من خلال القيام بأدوار معقمة وقوادة للبيض.

عن هذا الأمر قال بواتييه لأوبرا وينفري في عام 2000: “لقد كانت مسؤولية ضخمة. لقد قبلتها، وعشت بطريقة أظهرت مدى احترامي لتلك المسؤولية. كان علي أن أفعل ذلك. ولكي يأتي الآخرون ورائي، كان هناك أشياء معينة كان علي القيام بها”.

وحول مسيرته الرائدة للمثلين السود قال آمون وارمان من مجلة إمباير لموقع بي بي سي “لقد كان بواتييه رائداً ومؤثراً للغاية، ومهد الطريق للكثيرين في صناعة السينما لترك بصماتهم الخاصة، ومن بينهم دينزل واشنطن، الذي قدم له التحية عندما فاز بجائزة الأوسكار”.

وكان دينزل واشنطن، الذي فاز بجائزة الأوسكار عام 2002 في نفس الليلة التي فاز فيها بواتييه بجائزة الأوسكار الفخرية، قد قال مازحاً: “أربعون عاماً أطارد سيدني والآن يمنحونه الجائزة في نفس الليلة”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين