الراديوطبيبك الخاص

لقاحات كورونا بين الحرية والمسؤولية ونظريات المؤامرة.. أين الحقيقة؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حذر خبراء من انعدام الثقة العامة في اللقاحات، الأمر الذي يعني تراجع العالم خطوة في مجال مكافحة الأمراض المعدية المميتة التي يمكن الوقاية منها،

فقد كشف استطلاع جديد أن أكثر من 4 من كل 10 أمريكيين ليسوا متأكدين أو لا يخططون للحصول على لقاح الأنفلونزا هذا العام، وهو اتجاه مقلق يقول خبراء الصحة العامة إنه قد يؤدي إلى تفاقم موسم أنفلونزا أسوأ من المتوسط.

عن جدل الحرية، والتآمر، ومشاكل التلقيح، استضافت الاعلامية ليلى الحسيني، الدكتور عبدالمجيد قطرنجي، في حلقة جديدة من سلسلة حلقات “حديث العافية”.

يُذكر أن الدكتور عبدالمجيد قطرنجي، هو مؤسس والمدير التنفيذي لمركز قطرنجي لجراحة اليد، وهذه الحلقة تأتيكم من خلال سلسلة حلقات “حديث العافية” التي يساهم من خلالها راديو صوت العرب من أمريكا في نشر الوعي الصحي وتنمية وتعزيز العلاقة بين المريض والطبيب.

الحرية والمسؤولية

* دكتور عبدالمجيد؛ بالرغم من كل هذه الضغوط لحث الناس عالميًا على أخذ اللقاح، فإن البعض لا يزال يرى أن هذه الضغوط ـ إن جازت تسميتها بذلك ـ تتعارض مع الحرية، كما يحذر العلماء من انعدام الثقة في اللقاحات مما يعني تراجع العالم خطوة في مجال مكافحة الأمراض المعدية المميتة التي يمكن الوقاية منها، فكيف ترد على كل ذلك؟

** لا بد للإنسان أن يعرف أن الحرية مرتبطة تمامًا بالمسؤولية، فعندما يحصل الفرد على التلقيح فإنه بذلك يقوم بدوره في نطاق المسؤولية، وهذا لا يتعارض إطلاقًا مع حريته، صحيح أن هذا مرض جديد وليست المعلومات المتوافرة حوله كثيرة، ولكن في نفس الوقت فإن الشخص الرافض للتلقيح يكون سببًا في نقل المرض لإنسان آخر، خاصةً وأن هناك نسبة كبيرة من البشر يتأثرون بشدة بهذا المرض وقد يتوفى بعضهم، والسبب هو انتشار المرض بفعل عدد كبير من الأشخاص الراغبين في التمسك بحريتهم ولو على حساب صحتهم.

لذا فأنا أقول إن للجميع الحق في عدم أخذ اللقاح، ولكن في نفس الوقت عليهم مسؤولية ألا يتسببوا في إصابة الآخرين بالمرض أو نقل الفيروس إليهم، وبالتأكيد هم لن يستطيعوا فعل ذلك إلا إذا أخذوا اللقاح.

* هل أخلاقيًا من المقبول أن تقوم الحكومة الفيدرالية والعديد من الشركات بطرد عدد من الموظفين لأنهم رفضوا تلقي اللقاح؟

** هذا أمر صعب، فأنا كفرد سياسي تهمني كثيرًا مسألة الحقوق الشخصية، ولكن عندما أرى الكثير من المستشفيات ممتلئة بالأشخاص الذي لا يستطيعون التنفس، ولديهم مضاعفات وأعراض أخرى خطيرة، فإن الأمر يكون مختلفًا، فالمرض لايزال ينتشر، ومن الغريب أننا لدينا الحرية في كل شيء، ولكن عندما تأمرنا الحكومة بفعل شيء فإننا نتمسك بقضية الحرية، وإذا ساءت الأمور فإننا ننتقد الحكومة ونتهمها بأنها لم تتحرك لمواجهتها.

* تقصد أن المصلحة العامة تقتضي التلقيح، وكذلك الاقتصاد والتعافي، وتقريبًا كل شيء متعلق بهذا الوباء العالمي، فيجب أن تكون هناك مصلحة عليا يتم تغليبها على الحقوق الفردية، هل هذا صحيح؟

** نعم، بلا شك، فالتصرف الذي قامت به الحكومة عندما أغلقت كل شيء وأوقفت الاقتصاد كان خطأ جدًا، ولكن الملاحظ أن هذا ليس أول وباء أو مرض منتشر يصيب المجتمع، فوالدي أخبرني عن انتشار السل عندما كنت طفلًا صغيرًا في سوريا، وكيف أثرّ ذلك على الاقتصاد وعلى الناس، وقتل الملايين منهم حول العالم، وحتى هنا في أمريكا بعض المشافي بدأت كمراكز لمكافحة وعلاج السل، لذا لا بد أن يكون هناك توازن في هذا الوضع بين حقوق المجتمع وحقوق الفرد.

نظرية المؤامرة

* لو انتقلنا من مسألة الحريات والحقوق إلى نظرية المؤامرة، وهذه هي المعضلة الأساسية هنا في عدم رغبة البعض في أخذ اللقاحات، فالبعض يثير موضوع الموافقة السريعة على اللقاحات، وكون اللقاح لا يعمل ضد السلالات المتحورة من كورونا، أو أنه يغير من الحمض النووي البشري، أو أن اللقاح قد يؤدي إلى الإصابة بكورونا، وكذلك الآثار الجانبية المستقبلية للقاح، وفعالية اللقاح نفسه، كيف ترد على كل هذا؟

** بجملة واحدة يمكن تفنيد كل هذا الكلام؛ هناك أشخاص لن يكونوا معنا على نفس الرأي مهما قلنا وأثبتنا علميًا ضرورة أخذ اللقاحات، لكن بشكل عام فإن الإنسان دائمًا ما يبحث عما يحميه من المرض، مثلًا من الغريب جدًا أن هناك من حصلوا على ملايين الدولارات من وراء تسويق أدوية للنحافة أو تقليل الوزن، بالرغم من أن معظم هذه الأدوية يتم الترويج لها بلا أي دراسة أو سند علمي، وبالرغم من ذلك هناك إقبال غير عادي على هذه الأدوية.

وأنا أصادف أحيانا أشخاصًا يأتون إلينا في المركز يتحدثون عن أدوية اشتروها من على الإنترنت، وهم أنفسهم من يجادلون ضد لقاحات كورونا، وأنا أتعجب من أنهم يثقون في أدوية مجهولة المصدر ومصنوعة من أشياء لا أحد يعرف عنها شيئًا، وفي نفس الوقت لا يثقون في اللقاحات الموثقة طبيًا وعلميًا من الهيئات المسؤولة.

الجرعة المعززة

* نسمع الآن عن الجرعة المعززة، فهل لنا أن نعرف مدة التحصين التي يوفرها اللقاح؟، وبماذا تنصح في هذا الصدد؟

** التلقيح أشبه بعملية تأمين المنزل، إذا وضع الشخص قفلًا على الباب فإن هذا أشبه بجرعة اللقاح الأولى، وإذا وضع قفلًا ثانيًا فهذا أشبه بالجرعة الثانية، وإذا شك في أن اللصوص يمكنهم أن يحفروا حفرة للدخول منها أو الدخول من أي مكان آخر، فيقوم على الفور بغلق الطريق أمامهم، وذلك من خلال ما يشبه الجرعة المعززة وهكذا، فالأقفال وهذه الإجراءات التأمينية من شأنها منع اللصوص، لكنها ليست بالضرورة ستصدهم تمامًا.

المشكلة هنا هي أن الفيروس يتحور مع الوقت ويغيّر من شكله، لذا فإن الجرعات المعززة من شأنها صد التكتيكات الجديدة التي يقوم بها الفيروس من أجل الدخول إلى خلايا الجسم، لذا فإن رحلة البحث عن لقاحات جديدة لم تتوقف أيضًا.

* ما هي المدة التي تنصح بعدها بأخذ اللقاح المعزز، طبعا هناك شروط معينة للجرعة المعززة فهي ليست متاحة للجميع؟

** بين الـ 6 شهور والسنة، وهنا في أمريكا ليس هناك إجبار للناس على أخذ الجرعة المعززة، فالتلقيح الذي تم أخذه لا يزال مفعوله قوي جدًا، فوق الـ 80%، وفي بعض الأحيان لدى بعض الأشخاص فوق الـ 90%.

* أصبح من المعروف الآن أن هناك سلالات أخرى جديدة؛ مثل سلالة دلتا وسلالة مو، فهل أصبح التلقيح يقي من هذه السلالات؟

** الجرعات الأولى من اللقاح لها مفعول حتى ضد دلتا، ولكن سلالة دلتا تحورت وأصبحت “مو”، لذا فإن التلقيح المعزز به معززات لمواجهة هذه السلالة الجديدة.

* من بين من أخذوا اللقاح هناك من بات يعاني من آلام وأحيانا آلام باليد، فلماذا هذا الألم؟

** الأمر بسيط جدًا، يمكن للشخص أن يأخذ البروفين، سواء 400 ملجم أو 600 ملجم، قبل ساعة أو ساعتين من أخذ التلقيح المعزز، فالشخص عندما يأخذ تلقيح معزز أو إضافي يشعر بألم أو بوجع، وذلك لأنه يكون لديه بالفعل المكونات التي تحارب وتقاوم البروتينات الموجودة بالتلقيح، فالشخص يعاني من رد فعل طبيعي ومقصود ضد البروتينات الموجودة في الفيروس.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى