الراديوطبيبك الخاص

هل يضحي الشباب بقدرتهم على الإنجاب من أجل المظهر الجذاب؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

ويتواصل حديثنا المهم مع الدكتور فائق نيكولاس شما، أخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية، عن أهم المشكلات الصحية التي تؤثر على خصوبة الرجال، وأسباب انخفاض هرمون التستوستيرون لدى الشباب.

كما نناقش معه مشكلة خطيرة تتعلق بالشباب الذين يسعون وراء المظهر الجذاب من خلال تعاطي المنشطات البنائية والمكملات الغذائية التي تحرمهم من القدرة على الإنجاب.

الدكتور فائق نيكولاس شما، حاصل على البورد الأمريكي في أمراض العقم، وهو أخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية، ومن أبرز أطباء علاج عقم الإنجاب والتخصيب الاصطناعي (الأنابيب) ليس فقط على مستوى ميشيغان، بل أيضًا على المستويين الوطني والعالمي، وقد ساعدت شهرة “ي في أف- ميشيغان” على توسيع قاعدة المرضى الذين يرغبون بالعلاج تحت إشراف الدكتور شمَّا، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل أيضا في الشرق الأوسط.

معدلات خصوبة الرجال
* دكتور، نعلم تمامًا أن الهدف الأسمى بالنسبة للرجال والنساء هو الإنجاب، وأن يكون لديهم أطفال، لكن ماذا عن نمط الحياة؛ هل يؤثر على خصوبة الرجال؟، وما الذي يؤثر على معدلات الخصوبة بشكل عام؟

** دعيني أولًا أذكر شيئًا كنا قد تحدثنا عنه في حلقة سابقة، قبل شهر تقريبًا، فقد قلنا إنه كلما كبرت المرأة في العمر، فإن ذلك يؤثر على قدرتها على الإنجاب، حيث تقل فرص الحمل، وإذا حملت فإن نسبة الإجهاض تكون أكثر، وإذا أنجبت أطفالًا فإن هؤلاء الأطفال يكونون عرضة للأمراض التكوينية بصورة أكبر، هذا عند النساء، حيث تخسر المرأة حوالي ألف بويضة كل شهر.

أما عند الرجال، فإن العمر له تأثير أيضًا على الإنجاب، فهناك 3 دراسات مشهورة أُجريت خلال الـ 10 سنوات الماضية، قالت إن الرجال فوق سن الأربعين كانت فرصهم في الإنجاب أقل بنسبة 30% ممن هم تحت سن الثلاثين.

وهناك دراسة أخرى حول 8 آلاف حالة ولادة، وجدت أن الفترة الزمنية كي تحمل زوجة الرجل فوق سن الـ45 هي تقريبًا 5 أضعاف الفترة الزمنية لحمل زوجة الرجل إذا كان عمره تحت الـ25.

وهناك دراسة أخرى أجريت على 2000 امرأة، تم تلقيحهن اصطناعيًا، ووجدت أن نسبة النجاح بعد 3 أشهر كانت 25% إذا كان الرجل فوق الـ35، فيما وصلت نسبة النجاح في حدوث الحمل إذا كان عمره تحت الـ35.

إشكالية العمر
* إذن دكتور شمّا، فنقطة العمر حساسة نوعًا ما في موضوع الإنجاب، فالأمر لا يؤثر على النساء وحدهن، لكن هناك من يقول إن الرجل حتى ولو كان بعمر الـ70، وتزوج امرأة في عمر الإنجاب، فإنه يمكن أن ينجب أطفالًا، هل هذا صحيح؟

** العمر يؤثر بالطبع على خصوبة الرجل، ولكن ليس بنفس الصورة كما هو عند النساء، كما أن نسبة الإجهاض عند النساء إذا كان الرجل كبير بالسن تكون أكثر بمرتين، هذا إلى جانب زيادة معدلات الإصابة بالشيزوفرنيا عند الرجال الذين تنجب زوجاتهم وهم في سن ما بعد الأربعين.

ومن الملاحظ أن متوسط عمر الرجال عدما ينجبون طفلهم الأول في الولايات المتحدة هو 31 سنة، وفي ألمانيا 33 سنة، وفي بريطانيا 34 سنة، فعمر الرجل يكون كبير وهو ينجب أول طفل، وبالتالي فإنه يكبر أكثر مع إنجاب الطفل الثاني والثالث.

وبالتالي فإن الرجل كلما كبر في العمر، كلما تأثر سائله المنوي، فحجمه يقل 0.2% كل سنة عن سابقتها، أما نسبة النطف في السائل فإنها تقل بنسبة 0.8% كل سنة، وخلال 20 سنة تقل تقريبًا بنسبة 20%، أما نسبة النطف ذات الشكل الطبيعي فإنها تقل بنسبة 0.5%، أي حوالي 10% خلال 20 سنة.

* لكن ما الذي يحدد صحة الحيوانات المنوية؟

** صحة الحيوانات المنوية لها علاقة بوضع الخصية وقدرتها على إنتاج السائل المنوي، وهذا له علاقة بسلامة الدماغ، لأنه هو الذي يعطي الهرمونات اللازمة للخصية كي تعمل، وفي نفس الوقت لا بد للخصية أن تكون سليمة، فالخصية تنتج الهرمون الذكري والحيوانات المنوية، وبالتالي فإن أي ضرر يصيب الخصية أو الدماغ فإنه يؤثر سلبيًا على قدرة الرجل على إنتاج نطف سليمة وبشكل طبيعي، وهذا يؤثر سلبيًا على قدرته على الإنجاب.

مشكلات الخصوبة
* ننتقل الآن إلى أهم أسباب مشكلات الخصوبة لدى الرجال، ولنتحدث أولًا عن الأمراض التي قد تتسبب في ذلك، ثم ننتقل إلى نمط الحياة.

** من الناحية الطبية؛ كلما كبر الإنسان في العمر فإن قدرته على الإنجاب تتأثر، وذلك بسبب إصابته بنسبة أكبر من الأمراض، مثل: التهابات الخصية والدوالي والسمنة والسكري والضغط وغيرها، هذا إلى جانب أن الشخص كلما كبر في العمر زادت ضغوطه النفسية والعصبية، وهذا بالطبع يؤثر على قدرة عمل الخصيتين، وذلك لأن الدم الذي يذهب للخصيتين يتأثر سلبيًا.

ومن العوامل المؤثرة سلبيًا على الخصوبة أيضًا بعض العادات السيئة، مثل التدخين والكحول، فهما يؤثران على شرايين الجسم بأكمله، وأيضا على الشرايين التي تزود الخصيتين بالدم، كما أنهما يؤثران على النشاط العام للرجل، وأيضا يؤثران على قدرته على الجماع.

* دكتور شمّا؛ ماذا عن تأثير الأدوية؟

** الأدوية لها نوعان؛ أدوية نعطيها نحن الأطباء، وأدوية أخرى قد يأخذها الناس بأنفسهم دون استشارة الطبيب، أو أدوية مخدرة ليسوا في حاجة إليها بالأساس، وإنما يأخذونها من باب الإدمان، مثل الكوكايين، وهذا النوع الأخير يمكن أن يتسبب في حدوث جلطات في الخصيتين، وبالتالي يؤثر على القدرة على الإنجاب، ونفس الشيء بخصوص الهيروين وكذلك الماريجوانا، والتي تؤثر على طبيعة النطف وسرعتها.

* من خلال خبرتك الطويلة؛ ما هي نسبة احتمالية إنجاب شخص مدخن ويتعاطى الكحول، وربما يتعاطى بعض هذه المواد المخدرة الضارة؟

** هناك تقريبا من 60% إلى 70% من المشكلات الصحية الخاصة بالمرضي الذين أقابلهم، تكون عبارة عن مشاكل كان بإمكانهم أن يتفادوها، فـ 66% من الرجال لديهم مشكلة بالسائل المنوي بسبب عادة سيئة أو ما شابه كان بإمكانهم أن يتوقفوا عن ممارستها، وبالتالي كان يمكنهم تفادي حدوث المشكلة الصحية لهم.

ولا يجب أن ننسى مشكلة أخرى متعلقة بالمنشطات والهرمونات التي يتعاطاها بعض الشباب لتكبير عضلاتهم، والتي للأسف تؤثر على الخصية، حيث تؤدي إلى صغر حجمها، ونحن لدينا 3 مليون رجل (أيّ حوالي 3% من الرجال في الولايات المتحدة) يتناولون مثل هذه المنشطات، والشئ العجيب أن هناك 1.6% من النساء يتناولن هذه المنشطات، ولا أعرف السبب وراء ذلك.

هذه المنشطات يتم تناولها بأشكال مختلفة، سواء كحقن أو حبوب عن طريق الفم، ومع الأسف فإن نسبة النطف في السائل تصبح تقريبًا صفر بسببها، وأنا أقابل مرضى يضطرون إلى اللجوء إلى طفل الأنبوب بسبب قلة عدد النطف بشكل كبير جدًا.

توعية ضعيفة
* دكتور؛ هل هذه الدراسات والمعلومات متاحة للجالية العربية الأمريكية؟، أقصد هل هناك اهتمام مثلًا بنشر هذه الدراسات في أوساط شباب الجالية العربية؟، أتحدث هنا عن نشر الوعي حول هذه الأمور، بالتوازي مع سلسلة الحلقات التي نقدمها هنا في إذاعتنا عبر استضافة خبراء وأطباء في مجالات مختلفة.

** أتمنى من كل المستمعين الذين يستمعون إلينا الآن أن يقبلوا نصيحتي بألا يأخذوا هذه المنشطات، وهذه المعلومات موجودة، والأطباء يجب أن يسألوا الشباب ذوي العضلات الضخمة عما فعلوه كي يحصلوا على هذا الشكل، وأن ينصحوهم بالابتعاد عن المنشطات والهرمونات، وأيضًا الأهل يجب أن يكونوا على وعي كامل بهذا الأمر.

وهناك مشكلة أخرى يجب أن نكون على وعي بها، فعندما نبدأ في معالجة هذا الوضع لا يمكن إيقاف التستسرون بشكل مفاجئ، إذ يجب أن يتم إعطاء الشخص دواء آخر بديل أولًا، بحث يزيد نشاط الخصيتين دون أن يؤثر سلبيًا على قدرتهما.

مؤثرات سلبية
* هذا يقودنا إلى سؤال آخر، وهو ما هي أهم أسباب انخفاض نسبة التستسرون لدى فئة الشباب، فمثلًا شاب بعمر ما بين الثلاثين والأربعين، أو ما قبل الـ 30، لماذا ينخفض عنده هذا الهرمون؟

** كل الأمراض التي ذكرناها تؤثر سلبيًا، وكذلك الأدوية التي يأخذها الشخص، وحتى الأدوية التي قد يحصل عليها الشخص بعد استشارة الطبيب، مثل الأدوية التي تمنع تساقط الشعر، وحتى بعض الأدوية التي تعالج الاكتئاب وغيرها.

فقدرة الخصيتين على العمل تقل بسبب هذه الأدوية، لكن يجب ألا ننسى أن هناك بعض الأدوية نكون مضطرين لإعطائها من أجل علاج أمراض أخرى، وكذلك العلاج الكيماوي لعلاج السرطان.

كما أن هناك أشياء أخرى لها علاقة بالتلوث، ونحمد الله أننا هنا بالولايات المتحدة ليست لدينا معدلات مرتفعة من التلوث مثل مناطق أخرى حول العالم، فالتلوث والأشعة ونمط وطبيعة العمل، كلها عوامل تؤثر سلبًا على السائل المنوي وشكل وطبيعة النطف أيضًا.

* ماذا عن ارتداء الملابس الضيقة، أو الحمامات الساخنة، أو استخدام الأجهزة اليومية مثل الكمبيوتر، كيف يمكن لهذه الأشياء أن تؤثر على الخصوبة؟

** الحمامات الساخنة ليست بها مشكلة، لكن بشرط ألا تطول المدة بشكل أكثر من اللازم، فالساونا والحمامات الساخنة قد تضر إذا طالت المدة بشكل كبير.

أما بالنسبة للملابس الضيقة.. فبالطبع كلما كانت الملابس أوسع فهذا يكون أفضل، ولا يجب أن ننسى أن الخصيتين موجودتين خارج الجسم لأن الحرارة بالخارج أقل بدرجتين من الحرارة داخل الجسم، وفي حالة ارتداء الملابس الضيقة، فإننا نقربهما من درجة حرارة الجسم.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى