فضل يوم عرفة وصومه.. وأفضل الأدعية والأعمال المستحبة فيه

اليوم هو يوم عرفة، أفضل أيام الله، وهو خير يوم طلعت فيه الشمس كما روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويوافق يوم عرفة هذا العام الاثنين 19 يوليو، وهو يبدأ من بعد مغرب اليوم الثامن من ذي الحجة، وينتهي بنفرة الحجيج من جبل عرفات، في اليوم التاسع.

ومع شروق هذا اليوم، توافدت جموع حجاج بيت الله الحرام، إلى صعيد جبل عرفات الطاهر، ليشهدوا الوقفة الكبرى، ويقضوا الركن الأعظم من أركان الحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “الْحَجُّ عَرَفَةُ”.

ويقول الأستاذ الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، المشرف العام على الرواق الأزهري، إن يوم عرفة هو من أعظم أيام السنة عند المسلمين على الإطلاق؛ لما خصَّه الله بكثيرٍ من الفضائل على سائر أيام السنة وأنه هو خير يوم طلعت عليه الشمس. وفقًا لموقع الأزهر الشريف.

وحثَّ الدكتور فؤاد على صيام هذا اليوم واغتنام أوقاته، حيثُ يُستحبّ للمسلم في يوم عرفة أن يُكثر من الأعمال الصالحة؛ ليدرك فضل ذلك اليوم وليُضاعف له في الأجر، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم”صيامُ يومِ عرفةَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه والسنةَ التي بعده”، موضِّحًا أن المقصود بتكفير الذنوب في الحديث مشروطٌ بترك الكبائر لقوله تعالى (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا).

سبب التسمية

وكشف الشيخ إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، سبب تسمية يوم عرفة بهذا الاسم، قائلًا إن يوم عرفة سمي بهذا الاسم على أغلب الروايات لأن سيدنا آدم والسيدة حواء نزلا من الجنة متفرقين، وبدأ آدم يبحث عن حواء حتى التقاها مرة أخرى على صعيد عرفات الطاهر وهذا أشهر ما ورد في سبب التسمية.

وأضاف أن هناك أسماء كثيرة ليوم عرفة، حيث يعرف بأنه يوم الجائزة ويوم المنح ويوم العطاء ويوم الغفران، وهو ما يدل على عظمة المسمى، ويؤكد لنا جميعًا أن رحمة الله قريبة من المحسنين وأن الله سبحانه وتعالى أراد للمسلمين الخير في هذا اليوم.

فضل يوم عرفة

ليوم عرفة فضل عظيم، وهو من أفضل الأيام؛ وهو هو خيُر يوم طلعت فيه الشمس، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة).

وأيضا من فضائله منها أنه يومُ إكمال الدين وإتمامِ النعمة على هذه الأمة، فبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.

ومـن فضائل يوم عرفة أنه يومُ عيدٍ لأهل الإسلام، كما قال ذلك عمر بن الخطاب وعبد اللّه بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال ابن عباس: (نزلـت في يوم عيد، في يوم جمعة، ويوم عرفة)، وقـال عمـر: (كلاهمـا بحمد الله لـنا عيـدا، وهو عيـد لأهـلِ الموقف خاصة، ومن فضائله أيضا أنه يوم مغفرةِ الذنوب والتجاوزِ عنها، والعتقِ من النار ، ففي صـحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثرُ من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة.

صوم يوم عرفة

وصوم يوم عرفة لغير الحاج سنَّة مؤكدة؛ حيث صامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثَّ عليه، وقد اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج.

ووفقًا لدار الإفتاء المصرية فقد وردت أحاديث عدة تبين هذا الفضل؛ ففي “صحيح مسلم” عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». ومعنى الحديث أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب السنة الماضية، ويَحُول بين صائمه وبين الذنوب في السنة الآتية بإذن الله.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصوم التسع الأُوَل من ذي الحجة؛ فروى أبو داود وغيره عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ، وَالْخَمِيسَ”.

وروى النسائي عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: “أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: صِيَامَ عَاشُورَاءَ، وَالْعَشْرَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ”.

وأما صوم يوم عرفة بخصوصه فمستحب لغير الحاجِّ، ويكره صيامه للحاجِّ إن كان يضعفه الصومُ عن الوقوف والدعاء؛ جاء في “تحفة الفقهاء” (1/ 343): [وَأما صَوْم يَوْم عَرَفَة فِي حق الْحَاج: فَإِن كَانَ يُضعفهُ عَن الْوُقُوف بِعَرَفَة ويخل بالدعوات فَإِن الْمُسْتَحبَّ لَهُ أَن يتْرك الصَّوْم؛ لِأَن صَوْم يَوْم عَرَفَة يُوجد فِي غير هَذِه السَّنة، فَأَما الْوُقُوف بِعَرَفَة فَيكون فِي حق عَامَّة النَّاس فِي سنة وَاحِدَة، وَأما إِذا كَانَ لَا يُخَالف الضعْف فَلَا بَأْس بِهِ، وَأما فِي حق غير الْحَاج فَهُوَ مُسْتَحبٌّ؛ لِأَن لَهُ فَضِيلَة على عَامَّة الْأَيَّام] اهـ.

وجاء في “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (2/ 79): [وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ: فَفِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ مُسْتَحَبٌّ؛ لِكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالنَّدْبِ إلَى صَوْمِهِ، وَلِأَنَّ لَهُ فَضِيلَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْحَاجِّ إنْ كَانَ لَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقُرْبَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُضْعِفُهُ عَنْ ذَلِكَ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ] اهـ.

وجاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير “بلغة السالك لأقرب المسالك” (1/ 691): [(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ)، وَكُرِهَ لِحَاجٍّ؛ أَيْ لِأَنَّ الْفِطْرَ يُقَوِّيهِ عَلَى الْوُقُوفِ بِهَا] اهـ.

والحكمة في كراهة صوم يوم عرفة للحاج، قيل: لأنه يضعفه عن الوقوف والدعاء، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزواره. وقال الشافعية: ويسن فطره للمسافر والمريض مطلقًا، وقالوا: يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلًا؛ لفقد العلة.

وذهب الحنفية إلى استحبابه للحاج -أيضًا- إذا لم يُضعِفه عن الوقوف بعرفات ولم يخلَّ بالدعوات، فلو أضعفه كُره له الصوم. والمسلم الذي لا يصوم يوم عرفه لا يوجد عليه كفارة، إلا أنه من السنة أن يصوم المسلم هذا اليوم وأن يُكثر من العمل الصالح به. وفقًا لدار الإفتاء المصرية

دعاء يوم عرفة

للدعاء يوم عرفة شأن عظيم، ويقول الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر إن يوم عرفة يستحب فيه الدعاء والإكثار من الذكر والتكبير والعمل الصالح، فالله سبحانه وتعالى يتنزل في يوم عرفة ويستمع إلى دعاء الناس ويغفر لهم.

وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أفضلُ الدعاء دعاء يومِ عرفةَ»، وأوضح الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء يوم عرفة، فالحديث الذي روي عنه إنه قال: خيرُ الدُعاءِ يوم عرفةَ وخير ما قلت أنا والنَبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِ شيءٍ قدير”.

وكانت دار الإفتاء المصرية قد تلقت سؤالا نصه كالتالي: «هل من دعاء ليوم عرفة؟ وما أفضل الأعمال في هذا اليوم؟»، وأجاب محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأن أفضل دعاء يوم عرفة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».

وأضاف شلبي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال «ما من يوم أكثر أن يعتق فيه عتقاء من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنوا فيباهي بهم الملائكة سبحانه وتعالى» ولهذا يُعتبر يوم عرفة يوم عظيم.

وينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء، وعلى الحاج أن يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين في هذا اليوم العظيم، يسأل ربه فإنه حري بالإجابة، ويكثر من الحمد لله، يثني على الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا من أسباب الإجابة.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يدعو ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “عجل هذا” ثم قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي– صلى الله عليه وسلم– ثم يدعو بما شاء فدل ذلك على أن البدء بالحمد والثناء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أسباب الإجابة.

وينبغي الإلحاح في الدعاء، فهو من أسباب الإجابة، كذلك رفع اليدين، فالرسول عليه الصلاة والسلام رفع يديه في دعاء يوم عرفة، فيستحب للحاج في يوم عرفة الإكثار من الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا.

أفضل الأعمال في يوم عرفة

بعد الصوم والدعاء هناك العديد الأعمال المستحبة في يوم عرفة ومنها التهليل والتحميد والتكبير، ووفقًا لما نقلته صحيفة “البيان” عن علماء الدين فإن أعظم الذكر بعد تلاوة القرآن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام أعظم عند الله العمل فيهن من أيام العشر، أكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير”.

وهناك نوعان من التكبير: التكبير المطلق ويكون في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق، وأما التكبير المقيد فيكون في أدبار الصلوات المفروضة من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

المشروع للحاج أن يلبي من حين إحرامه إلى أن يرمي جمـرة العقـبة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: غدونا مع رسـول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكـبر، والتكـبير المقيد للحج يبدأ من صلاة الظهر يوم النحر إلى صـلاة العصـر آخر أيام التشريق.

وأما غير الحاج فيبدأ من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ودليل مشروعية التكبير قوله تعالى: “وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ” وقوله: “وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ”، ولفعل الصحابة رضي الله عنهم.

الابتعاد عن المحرمات

للظفر بفضل هذا اليوم العظيم، يجب حفظ الحواس عن المحرمات، ففي مسند الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يوم عرفة، هذا يومُ من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له”.

قد كان سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان حريصين أشدَ الحرص على استغلال هذا اليوم العظيم -يوم عرفة- والإفادةِ منه.

الإكثار من الأعمال الصالحة

ويستحب الإكثار من الأعمال الصالحة في هذا اليوم من صلاة نفل وصدقة وذكر وصلة رحم وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغيرها في أيام عشر ذي الحجة عموماً، وفي يوم عرفة على وجه الخصوص.

ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه البخاري، فيجب شغل هذا اليوم بما هو جدير به من الأعمال الصـالحة.

تعليق
Exit mobile version